"الهوى المصري في المخيلة المغربية" اصدار محمد مشبال

عن منشورات مجلة بلاغات، المتخصصة في تحليل الخطاب، صد ر للباحث و الأكاديمي محمد مشبال، أستاذ البلاغة والنقد ورئيس وحدة البحث و التكوين " بلاغة النص النثري" بكلية الآداب و العلوم الإنسانية، جامعة عبدا لملك السعدي بتطوان كتاب جديد يحمل عنوان "الهوى المصري في المخيلة المغربية". و هو كتاب ينضاف نوعيا إلى سلسلة الكتب التي أصدرها الباحث مؤخرا، والتي تتأسس في منطلقها النظري على خلفية تشغيل مفاهيم رحبة للبلاغة يفرزها التعاطي المتحرر مع الإمكانات الهائلة التي تتيحها مختلف الأجناس و الأنواع والنصوص الأدبية.
و تأتي أهمية الكتاب ،الذي يقع في 180 صفحة من الحجم المتوسط، من كونه يبحث عن جدارة انتسابه للبلاغة وهو يشغل تجريبيا كفاياته التحليلية على مجموعة من النصوص الإبداعية..... فالبلاغة ماثلة في النصوص، بل إنها مكون طبيعي في أشكال التواصل الإنساني .
الكتاب هو قراءات في النموذج السردي المغربي من خلال ثلاثة روايات تمثل ثلاثة أجيال تتنوع في زوايا نظرها الإبداعية .....وهدا في حد ذاته أمر مهم لفهم تطور التاريخ المغربي، و الشخصية المغربية و التحولات المصرية . و النصوص هي :
ـ "القاهرة تبوح بأسرارها" لعبدا لكريم غلاب .
ـ "مثل صيف لن يتكرر" لمحمد برادة .
ـ "المصري" لمحمد أنقار
و من خلال تتبع دينامية التحليل البلاغي الذي قدمه الدكتور مشبال للروايات الثلاث، والحرص الشديد على البحث في ارتباط البنيات الدلالية للنصوص بالسياقات العامة للحياة، و السياقات المخصوصة للشخوص، ما يكشف عن الاتجاه الذي ما يفتأ الدكتور مشبال يدعو إليه في محاضراته داخل الجامعة و خارجها.
إن الأمر يتعلق بمدرسة مغربية في النقد الأدبي منشغلة بتطوير مفهوم الصورة ومجالها ليتحرر من إطاره النصي كما تبلور في البلاغة الجامدة منطلقا ليعانق تداعياته في الحياة. و بهدا المعنى التثويري للمفاهيم البلاغية يصبح النقد تتميما لمهمة الإبداع في تأسيس شعرية النص الأدبي لا تعتيما له.
إن تودوروف في كتابه الأخير " الأدب ي خطر" وهو يرفع مؤشر الخطر الذي بات يحدق بالأعمال الإبداعية جراء إغراقها في تباعدها عن سياق الحياة لم يكن في الحقيقة إلا تعزيزا واستكمالا لمواقف نقدية عربية سابقة يعتبر تيار تطوان ، الذي يطلق صوته حاليا محمد أنقار ومحمد مشبال و طلبتهما في كل أنحاء المغرب ، أحد تجلياتها.
إن الدكتور محمد مشبال في هدا الكتاب يؤسس لملمحه الخاص في تجربته النقدية، فهو لا يقتحم المستويات الفنية في البنية النصية للعمل الإبداعي إلا بما هي بنيات دلالية ذات وظائف اجتماعية و تاريخية.
إن الكون النصي المشتغل في روايات محمد برادة و محمد أنقار و عبدا لكريم غلاب بزخمه الجمالي الهائل لا يفهم إلا بما هو دلالات لغوية عن الكيفية التي تشتغل بها الشخصية في الواقع و الحياة.

عبدالإله المويسي
كاتب مغربي