مدارات
مدارات
مدارات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مدارات


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 حول ديوان المغربي بن يونس ماجن

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فوزي الديماسي
روائي و ناقد



عدد المساهمات : 30
تاريخ التسجيل : 13/02/2009

حول ديوان المغربي بن يونس ماجن Empty
مُساهمةموضوع: حول ديوان المغربي بن يونس ماجن   حول ديوان المغربي بن يونس ماجن Empty14/2/2009, 13:36

مع ديوان المغربى بن يونس ماجن “هم الآن يكنسون الرذاذ”
فوزي الديماسي / تونس
جريدة العرب
30/07/2005



الطفولة والغربة فى الديوان توأمان، والتيه والجوع فى القصائد متوائمان، الطفولة حمامة جريحة، مضرجة فى حلمها الغائب على الدوام، والشارع على اتساعه ضيق، تلوك ضفافه الشاحبة القحط والرذيلة، شارع لا كالشوارع فى ذئبويته، يشرع أبوابه النخرة والملطخة بالخطيئة الأبدية لأطفال فقدوا طفولتهم المسبية.
برد المنفي، وبرد التيه، وبرد الغدر، يزفون مجتمعين على صهوة المكر للطفولة يتمها، ويخيطون للشوارع مشرديها، ويؤسسون لحديث البراءة المهدورة، أطفال لا يشبهون الأزهار وفى عمرها يخبطون فى الأنياب المتربصة بحلمهم الوليد خبط عشواء، يرتقون ما تبقي، من نواميس شمس فقدت عذريتها على عتبات المنافى المتلبسة بالمخالب، والظلمة من حولهم تعانق الحلكة فى طقوس عشقية.
الطفولة الذبيحة أو هكذا جعلتها إرادة الذئاب، ترتجف من تحت أقدامها البراءة الرميم تلعق دمعتها الهاربة. الطفولة والغربة توأمان، والدمعة واللقمة غائبان، والبسمة والمستقر حد الإعياء فى الشوارع مغلولان، والأسوار أنثى أسلمت فتنتها للسكاكين والأنياب والمخالب والعفونة، فقر وقفر، جدران وأسوار، عواء وأنين وضياع ، كل شيء ينذر بالخيبة، ويدعو لليباب، وسماسرة بنى الجلدة صبّوا على ابتسامة رضيع صوت عذاب، والأطفال التائهون … التائهون على ضفة جثة الحبور المتعفّن يقلّبون بكارة أحلامهم المنفية كنسر فقد للتوّ فحولته، وسمل الذئب براءته بأصابعه الشوكية الناسلة من مدن النار والعار، المدن الراقصة على إيقاع الخيانة، الرافلة أطفالها فى رقصة الديك المذبوح الطفل الذى ينفض غبار الدروب المكتظة بزحام المتاهات فى ليالى الحرمان المشتعلة وتحت كابوس المدينة العتيقة ينتظر بين أسوار الجدار طالما اشتاقت عيناه دمعة تشق غمام الضباب و تعكر ملح القهر فى دهاليز العمر يختمر الصبا .
يا زمان القهر بالأندلس، يا زمان القدس، يا زمان العراق، يا زمان الهزيمة متى صبحه، أقيام السراب موعده، أم أنّ الليل الأليل حلّ بالمكان ولا رحيل له، هكذا ترنّمت دمعة الطفل الشريد، هكذا غنّت الضاد المنفية فى زمن احترف فلسفة الأكل و النهش.
أيها الطفل الفتيّ الجالس على قارعة الطريق وفى يديك عصفور أسود مكسور الجناحين كل الأقنعة حولك أصبحت مزيفة كل الدروب من حولك موصدة، كل المدن من حولك تتغنج وتتعطر كل صباح للقاء الذئاب المفترسة على مشارف الجرح العربى النازف، ما أبشع الذاكرة، تلك التى أسقطت من دفاترها “العمّريّة/ذى قار/خيبر” وتركتك أيها الطفل يزمّلك البرد، والليل بمخالبه يمشّط دموعك، ويؤنسك المنفى فى منفاك فى زمن أتقن المشى وراء الجنائز، فى زمن آمن بالنهش دينا وديدنا فى زمن الصمت البائس، زمن التتار والمغول و الخرفان المطأطئة على الدوام.
هذا زمن القطيع والخيول الأسيرة التى كانت فيما مضى تروض الظلال أمّا الآن فأصبحت تطارد رياحا عديمة الاتجاه .
كل مناخات الديوان تنبئ بالسقوط، وكل كلماته تحوى الانحدار، والنفس الشعرى يحكى الدمار ويحاكى الانهيار، وجمال الجملة مكر مفر لا يكاد على درجة من الجمالية يستقر، و لعل عدم استقرار الجمالية مأتاه عاطفة الشاعر الجياشة، ونفسيته المهزوزة إزاء واقع الأمة، فتراه يراوح بين التصريح والتلميح، والسطر الشعرى يتأرجح بين الإنشائية و التقريرية، والصورة محكومة بقانون المد والجزر، فتارة تظفر بصورة تجتثّك من صمتك، وطورا تقف إزاء صورة باهتة لا تتجاوز لحظة الخطابية التعبوية، ولحماسة الشاعر القومية دور فى صبغ القصائد بنفس مباشرتى يفقد القصيدة رونقها فى بعض منعطفاتها، ويعكر صفو انسيابيتها على غرار
زنزانتى فى الريح
وجرافات شارون
تدق جدارى
فالموقف السياسى هنا لم يصغه الشاعر صياغة فنية، صياغة تجعل من النص نصا إنسانيا لايرتبط بزمن معين، فيحمل بذلك على القول الخالد، والتقريرية التى لم تكن فى ديوان “هم الآن يكنسون الرذاذ” موجودة بكثافة حرمت جزءا من أسطر الديوان من جمال التغنّج الفني، وصوت بن يونس ماجن صوت واثق وله أسلوبه المتميّز شريطة الابتعاد عن تناول الأشياء تناولا مباشرا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
حول ديوان المغربي بن يونس ماجن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مدارات :: مدارات نقدية :: مدار النقد-
انتقل الى: