مدارات
مدارات
مدارات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مدارات


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 ديوان " حديث البلاد " للتونسي سالم المساهلي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فوزي الديماسي
روائي و ناقد



عدد المساهمات : 30
تاريخ التسجيل : 13/02/2009

ديوان " حديث البلاد " للتونسي سالم المساهلي Empty
مُساهمةموضوع: ديوان " حديث البلاد " للتونسي سالم المساهلي   ديوان " حديث البلاد " للتونسي سالم المساهلي Empty14/2/2009, 12:52

ديوان " حديث البلاد " للتونسي سالم المساهلي

فوزي الديماسي / تونس
جريدة العرب


” حديث البلاد ” أو حديث الألم و الأمل يراوح مكانه بين دفتي الديوان ، فتارة تلوح الشمس و أخرى يسربل الظلام كلّ المكان ، ليل و نار على فؤاد الشاعر يتناوبان كتناوب التجديد و التقليد على طرق النظم في الديوان ، قصيد تقليدي معتّق و آخر حر منمّق في ألم القول صنوين لا متنافرين ، و الخيط الرابط بينهما فلسطين و العراق و الأهل و الصحب و الخلاّن ، و تأتي القصائد على شكل صرخة أو على شكل فرحة يحدوها النور البعيد و يسيّجها الظلام العتيد بسياج من توجّع و تفجّع و حديد ، هكذا هي النفس الشاعرة منقسمة بين الشروق و الغروب ، تنفخ في الأرواح روح التمرد و تسائل عن جبين الأفق الوضّاء الدروب .
” نعم قد تستبد بالشاعر حالات شجن نبيل مردها اليأس و التشاؤم لعمق الجرح و فداحة المصاب لكنه مع ذلك يستلهم من عشقه الجميل و حزنه النبيل غدا باسما يتحسس صباحه على شفاه المتنبي و محمود درويش و في وجه محمد الدرة و إيمان حجو على حد تعبير الأستاذ عبد العزيز شبيل .
وتلوح القضايا الموضوعية على امتداد الديوان صنو القمر ، و نفس الشاعر فيه أي في الديوان و لحظة تناولها أي قضايا أمته الثخينة مثلها كمثل البحر في مده و جزره ، حينا مقداما لا يأبه بالخطوب ، و أحيانا في ألمه متسّمرا كجلمود صخر يشده الإعياء إلى أسفل دركات الانهيار
سفر على قلق الرؤى
و يد تلــوّح لليبــــاب
لغة يخالجها التوهـّج
مفعما بالارتياب

فجلّ القصائد ترشح بالشجن و الأسى و الأنين و السقوط ، و نستشف ذلك من خلال القوافي الممزوجة بياء المد الموسوم بنفس حزين ، و كأن مأتاها جملة الخطوب والانكسارات المتناوبة على الأمة ، و بالتالي المزلزلة لكيان الشاعر و سكينته و الزاجة به في دوامة العبرات المسافرة في أشجانه على لوح اللوعة بحثا عن اليوم البديل

أمّ اللغات تضعضعت أركاني
و تبعثر الإيقاع في ألحاني
تتمزق الألفاظ صلب عبارتي و العيّ يعقد عبرتي و لساني
أرق على حــق الفــؤاد يهدنـــي
و يسيل ماء الصبر من شرياني
تترقرق الأوجاع بين جوانحــي
و النار تأكل مهجتي و جنانــي
إلاّ أنّ الديوان الموغل صراحة في بكائية طللية مصدرها خفوت نار القرى و تزامن الحلوكة مع السقوط ، لا يخلو من إشارات الفرح و الإشارات النورانية ، فالفجر دين الشاعر و ديدنه به يبشر الأرض و التاريخ و الأهل ، ” و أيّ قيمة للشعر إن لم ينر الحوالك و لم يكشف لك نازف الجرح، ويزرع في ذاتك باسم الأمل و يعبّد لك سالك الطرق و الدروب ؟” كما أشار إلى ذلك الأستاذ شبيل في مقدمة الديوان .
فديوان ” حديث البلاد ” ليل يتعقّبه فجر، فليس الشعر هنا لهوا أو بكاء على الأطلال أو انطواء على نفس مضرجة في همومها الذاتية و الموضوعية في مجمل الديوان ، بل هو كشف و تعرية و بارقة أمل تعتلي فيها الكلمات سنم الأشعة الذهبية و الصبح الوليد و بأصواتها الصاخبة المنطلقة النور و النصر تستوقف و تستزيد ، لا تقفز على آلامها و لا تتجاهلها بل من عمق الجرح الموضوعي المتلبس بالجرح الذاتي تزفّ النفس الشاعرة للدروب الأفراح بكلمات مخضّبة بالشمس و الغد الشريد
و سترجع الأيام رغم جموحـها
و يعود طلع البشــر للــولـــدان
و يفيض عشق الرافدين بيـادرا
تغني موسم الحرمـــــان
هذا نشيد الروح يطفح وجـــده
يشدو هواك بألف لســـــــــــان
هذا انعتاق الوصل من سكراته
أعياه داء الحبس و الكتمـــــــــان
فالديوان بقديم نظمه و حديثه يداعب الغد بأنامل متجذّرة في واقع الشاعر الوطني
و القومي يحكيه و يحاكيه و يشرع للقابعين في جفن الردى سبل الإعتاق من أغلال السقوط و القنوط فيه ، و يدعو إلى فجر قريب ، فلا انخراط و لا تفريط في أفراحه و أتراحه على مذهب المؤمنين بقضايا أمتهم ، و على مذهب الحالمين بالفجر الوليد تأتي كلماته ، و يمكن أن نلحظ ذلك من خلال عديد القرائن المنثورة بين دفتي الديوان هنا
و هناك من قبيل ” و أطلق جناحك ” و ” العرس موعدنا ” و ” يا زهرة الفؤاد هبّي كي نوليه ” و ” و يقد من منفاه رايات الفداء ” .
فالقرائن اللفظية الطافحة بالأمل تدلل على عمق إيمان الشاعر بالغد وعمق حبه للأهل
و الثرى و رفضه للقانطين ، و للراقصين رقصة الذئاب طمعا على جثة الأمة لحظة الدعة و السكينة، و الهاربين لحظة تكون الأمة في حاجة إلى سواعدها
ما أكثر الشجعان يوم خطابة
لكنهم في البأس كالأضغــان
” حديث البلاد ” لسالم المساهلي حديث نازف حالم في آن ، يتجاذبه مناخان مناخ الحبور و مناخ الديجور، و بين المناخين تينع كلمات الروح الإنتصارية المستقدمة لمناقب الأمس حثّا للخلف في غير تبجيل أو تحنيط للماضي التليد ، فالديوان ما هو بحديث الروح الجريحة للروح الثخينة ، و ما سمة الكلمات التقوقع و البكاء و الانطواء ، و ما هو بحديث اللهو و الزينة و الشطحات ، و إنما هو قول في عمق الراهن يبحث عن لحظة الشروق الهاربة مستقدما في ذلك لحظات منصرمة عزيزة على قلب الأمة فيها عاشت مشاهد من الغنم و النصر و الفخار، و قد حضرت الخيل و الصهيل و الصحارى و الحسام فتسمع لقصائده على إجهادها النفسي قعقعة الفوز و قرع الحسام للخذلان و الإسترجاع في الديوان يقوم مقام مقارنة بين الأمس و اليوم دفعا للنائمين على مذهب الجبرية .
” حديث البلاد ” بشير و نذير يشرع الأفق الورديّ على مصراعيه و يزرع الابتسام و الأمل في كل حبة تراب



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ديوان " حديث البلاد " للتونسي سالم المساهلي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ديوان " جينيف ... التيه الآخر " للأمازيغية مليكة مزان
» ديوان " يؤنثني مرتين " للشاعرة التونسية آمال موسى
» شعرية الصمت وبلاغة البوح الشعري في ديوان" كنت أهيئ صمت الانتظار"
» ديوان " دمعة " للمغربية مالكة عسال
» قراءة في ديوان " الشاهد الذي لم يمتّ لثورية حمدون.

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مدارات :: مدارات نقدية :: مدار النقد-
انتقل الى: