مدارات
مدارات
مدارات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مدارات


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 مقدمة " أريج قرطاج " منشورات البيت الجزائر 2007

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فوزي الديماسي
روائي و ناقد



عدد المساهمات : 30
تاريخ التسجيل : 13/02/2009

مقدمة " أريج قرطاج " منشورات البيت الجزائر 2007 Empty
مُساهمةموضوع: مقدمة " أريج قرطاج " منشورات البيت الجزائر 2007   مقدمة " أريج قرطاج " منشورات البيت الجزائر 2007 Empty13/2/2009, 18:05

أريج قرطاج / شعريات تونسية
فوزي الديماسي / تونس
مقدمة :
ليس من غايات الشعر تبليغ معرفة أو تقديم استدلال، أو البرهنة على فكرة أو تفسير ظاهرة مّا …. الشعر هو حلم مكتوب، و لكن ليس الحلم الذي نحلمه أثناء النوم، هو حلم اليقظة(1)، وليس الشعر ظاهرة انزياح لغويّ ومنطقيّ فحسب كما هو ذائع في الدراسات البنيوية أو تكريسا لفنون بلاغية، وإنّما هو حدث آخر…هو اكتشاف متواصل للعالم لأنه لا ينحصر في وصف المكشوف والمعلن، وإقرار ما تمّ وقوعه بل يتجاوز ذلك إلى ترشيح الشاعر كي يجمع بين علامات الآلهة وصوت الشعب(2). الشعر فضاء يتضايف فيه المقدس والمدنّس، والمعلن والمخفيّ، والممكن والمستحيل والترابي والهلاميّ، والجميل والقبيح، والمعقول واللامعقول، يتداخل فيه الذاتي والموضوعيّ، وتتقاطع فيه الأزمنة وتنصهر، مطيّته في ذلك زاد لغويّ متقلّب ومتحرك ينشد الشاعر من خلاله لحظة شعرية متفردة، فعلها في المتلقّي كفعل السحر في الناس، و ديدنه فوق ذلك الرسم بالكلمات على حد تعبير الشاعر نزار قباني والشعر من حيث طبيعته مصدر غواية لا ترد.. لا ينتج كما يردد النقاد دلالات، وإنما رموزا، والرمز مبدئيّا يقاوم كل شرح وإيضاح، فهو على حد تعبير ـ هيجل ـ يظلّ دون حل تامّ، لهذا يبقى مهما طوحت بنا سبل البحث محتفظا ببقية من سرّ تندّ عن إدراكنا فالرمز إذن دلالة مؤجلة فهو لا يقول المعنى، وإنما يعدنا به، ولا يجلو السر وإنما يكتفي بالتلويح إليه، لهذا نخطئ التقدير إذا اعتبرنا النصّ مجموعة من الكتابات المتضايفة، يكفي أن نكشف عن رديف كلماته (3).. إنه ـ أي الشعر- كما السراب في الهجير، لغة أنيقة زلال، ومعان مترامية الأطراف، شموس، متمنّعة، زئبقية الهوى لا تأتي أكلها كلّ حين، هذا ما يكون به الشعر شعرا وهكذا نعتقد. و من هذه الزاوية التي كنّا بصدد رصد معالمها سنتعامل مع المدونة الشعرية التونسية الحديثة التي سنتخيّر منها الأسماء على أسس ثلاثة، هي مطيتنا مجتمعة في رحلة الإختيار وهذه الأسس هي: - التراكم - الجودة - الحضور I – التراكم: لا يمكن بأيّ حال من الأحوال الحكم لشاعر أو عليه، ولمّا تكتمل تجربته وتتحدد ملامحها، فبيت شعريّ أو قصيدة أو ديوان يتيم لا يقوم بشكل من الأشكال شاهدا على شاعرية شخص مّا، ولا يثبت بالتالي رسوخ قدمه وتمكّنه من ذلك الفنّ ليلحق بزمرة الشعراء، إذ للتراكم دور في تذليل صعوبة تسمية الأشياء بمسمّياتها ، و رصد ملامح الهويّة النصّيّة لمبدع مّا ، و بالتالي حمله على هذا الفرع من فروع الفنّ دون غيره . Ii – الجودة: ونقصد بها تمكن الشاعر من لغة الضاد بدءا ، إذ عديد من الدواوين الشعرية اليوم على امتداد الوطن العربي تحمل بين دفتيها مجازر صرفية ونحوية وتركيبيّة، كما نعني بالجودة كذلك تمكن الشاعر من فنّ النظم من حيث التكثيف والإختزال والتلميح والإتيان بصور شعرية تحيل على الفرادة والتفرد والإبداع، إذ بين الشعر والهذيان خيط فاصل واصل، وبين فنّ النظم وطرق تصريف الخطاب اليوميّ مسافات بعيدة ودروب عنيدة، وكم من كتابة لا تمتّ للشعر بصلة بل لم تبلغ درجة النثريّة حتّى، وتجد صاحبها يضعها في خانة الشعر، ويظهر ذلك جليّا في باب قصيدة النثر. و تظهر الجودة جليّة المعالم كذلك في كيفية تصريف القول الشعريّ بعيدا عن حديث التقليد الاتباع لنصوص شعرية سابقة جرت على الألسن مجرى الأمثال من جنس نصوصنا التراثية العلامات و نصوص المعاصرين الروّاد Iii – الحضور: ثالث الأسس التي مثلت أثافي اختيارنا لأسماء شعرية دون أخرى ما أسميناه بالحضور ونقصد به الوجود الفاعل على الساحة الشعرية الحديثة ولم نقل المعاصرة لأننا لو عدنا لكلّ الشعراء التونسيين المعاصرين فلن نحصيهم عددا ولو حرصنا، ولن نحيط بهم الإحاطة الجامعة والشاملة، ولذلك سنقتصر في عملنا هذا على الشعراء الأحياء والفاعلين ” هنا والآن ” ، ولكي نجنّب عملنا مزالق السقوط في مهاوي التعسف والإقصاء سنعمل على رصد الملامح العامة والمشتركة لكلّ فرع من فروع الشعر الثلاثة أو أنواعه تحديدا، وسنكتفي ببعض الأمثلة الناضجة والدالة والعاكسة في الآن نفسه لفسيفسائية المشهد الشعري التونسي، ثمّ لكي نضمن من وراء ذلك عدم السقوط في التكرار والاجترار ومحاذاة النعل بالنعل مع من سبقونا في إنشاء مدونات تعنى بالشعراء التونسيين وسيرهم الذاتية وشعرهم على غرار مدونة ” أبناء قوس قزح ” للشاعر المنصف الوهايبي الصادرة عن وزارة الثقافة والسياحة اليمنية عام 2004. والراهن الشعري التونسي شأنه في ذلك شأن كل المشاهد في البلاد العربية في احتضانه لجنس الشعر ممثلا في فروعه الثلاثة ونعني بها العمودي وشعر التفعيلة وقصيدة النثر ، وقد تعددت الأسماء في هذا الباب وذاك ، وقد حاولت مجتمعة أن تقطع مع القديم وتمسك بناصية الحداثة وتنخرط في راهنها بعيدا عن حديث الاتباع والتقليد ، ولكن ما تزال ملامح الحداثة في القصيدة التونسية محدودة وقاصرة إذا ما قيست بملامحها في القصائد المكتوبة في بعض أقطار المشرق العربي ( سوريا … لبنان … العراق … ) ، والتغيير الذي اعترى شكل القصيدة في هذه الربوع يكاد يقف عند التجديد في الشكل العروضي (الأوزان والإيقاعات)، ولم يقترب بعد من مجال اللغة وما يتصل بها من تشكيلات بلاغية مغايرة للتشكيل المجازي القديم الذي يتعامل مع الصورة الشعرية كزينة وصفية وتوشية ظاهرة لا تدخل في صميم البناء الفنّي للقصيدة ولا تتدفق من نفس المنبع الذي تخرج منه الصورة الكليّة أو البناء الفنّي المتكامل (4)، و نجد هذا بكثافة في جلّ أعمال محمد الغزّي المرصعة بمناخات الصوفية الأولى والمنمّقة بمعجمها اللغويّ، وكذلك أعمال جمال الصليعي التي لا تزال وفيّة لروح موروثها الشعري القوميّ مبنى وصورة رغم أنها قد حققت التجاوز في المضامين والأغراض المتعارف عليها في الشعر العمودي ، و يمكن أن يقوم ديوانه الموسوم ب ” وادي النمل ” دليلا على صحة ما ذهبنا إليه في هذا الباب ، ونفس الشيء نعثر عليه في قصائد جميلة الماجري رغم أنّها عملت على تجاوز سنن الأوّلين من حيث الأغراض فبدا ديوانها الثاني ” ديوان النساء ” نفسا جديدا في باب المضامين حيث كانت قصائدها صدى لحياة المرأة خلف جدران المنازل و وراء أبواب المقاصير وكذلك عبد الله مالك القاسمي الذي لم يشذّ عن قاعدة الوفاء للموزون حيث لا يزال الجهاز البلاغيّ القديم جاثما على صدور قصائده ودواوينه ، ولأنّ التفكير بالموروث ضرب من الحلول المتبادل بين الماضي والحاضر فقد يلجأ الشاعر كما سنرى في كثير من النماذج إلى إطراح بنية الإشارة وتجريدها من هوامشها والقناعة منها بمجرد الباعث الذي تنهض عليه أو الغاية الكامنة وراءها بوصفها أهم ما يعنى به الشاعر في تلك الحالة، ومن ثمّ يصبح استغلال الإشارة التراثية نوعا من “الاستلهام” نحس به من خلال نسيج القصيدة وسياقها، كما تتطور وظيفتها بحيث تغدو خلفية وجدانية وفكرية للعمل الشعريّ (5)، وقد سارعلى هذا الدرب شعراء كثيرون على غرار جمال الصليعي، و عادل المعيزي ومحمد الهادي الجزيري وخاصة في ديوانه الأخير”أرتيميديا”، كما اتسقت جماليات النص لديهم من المتون الإبداعية والنقدية لبعض رموز الحداثة العربية من أمثال أنسي الحاج وأدونيس ومحمد الماغوط، بالإضافة إلى امتياحهم من معين التجارب العالمية نتيجة اطِّلاعهم على كثير من هذه التجارب في الآداب الحية على تنوّعها(6)، و نذكر على سبيل الذكر لا الحصر يوسف رزوقة وحافظ محفوظ ومحمد علي اليوسفي وعبد الفتاح بن حمودة و آدم فتحي …. ، كما أن هذا الشعر لا يزال في نماذج كثيرة منه بوحا أو استرسالا إنشائيّا على “أنا” الشاعر (7) كما هو شأن دواوين آمال موسى و نذكر بالخصوص ديوانها الأول ” أنثى الماء ” رغم أن شعراء قصيدة النثر حاولوا القطع مع الخطاب الشفويّ بكل تمظهراته القائمة على مراعاة العلاقة بين المنشد والسامع والحال أن للوزن وللموسيقى وللإنشاد دورا خطيرا في شدّ السامع، والكتابة لدى عبد الفتاح بن حمودة وآمال موسى ومحمد الخالدي و محمد علي اليو سفي هي النص المكتوب كتابة خالصة ( كتابة متحررة من الإكراهات الفنيّة والاعتبارات الجمالية المتعارفة هي كتابات تلقائية أو “عشوائية ” تتميّز بنوع من الانزياح اللغويّ والاسترسال الخيالي الذي لا منطق له ولا رقابة عليه من العقل (9)، وخاصة لدى الشاعر عبد الفتاح بن حمودة الذي يتعامل مع متقبّل قارئ لا متقبّل سامع، حيث أصبح التنضيد الأفقيّ والرأسيّ، كما أصبحت إشارات الفصل والوصل بين السطور وعلامات الترقيم ومساحات الفراغ والأقواس ورموز التنصيص، أصبح كل ذلك بالغ الأثر في إنجاز الهيكل الإشاري للنص، وبالتالي في إحداث محصوله الشعريّ (10)، وأصبح بذلك التوزيع البصري للقصيد أسّا من أسس العملية الشعرية و عاملا من عوامل إنشائها ، و نجد في عديد الأعمال صدى لتغيّر الأدوار في عملية التلقّي إذ احتلّت العين مكان الأذن في عمليّة التقبّل في قصائد محمد الخالدي و آدم فتحي … حيث بات معمار القصيد لديه شكلا من أشكال الشعرية و متنا من متون القول الرامز و القول الراغب معا عبر آليات عديدة تجاوزت دائرة الكلمة لتنفتح على دوائر أخرى تتصل بفنون الشكل . ولقد أجهد الشعراء في تونس أنفسهم في مواكبة تيّارالتجديد في البناء الخارجي للقصيدة على غرار عبد الفتاح بن حمودة وآمال موسى وآدم فتحي وحياة الرايس وعادل المعيزي ومحمد الهادي الجزيري و عبد الدّائم السلامي و كمال بوعجيلة… ونجحوا، وأجهدوا أنفسهم في كتابة القصيدة القومية والقصيدة الباحثة عن الحرية والمواجهة للقمع على غرار جمال الصليعي والمولدي فروج وعبد الله مالك القاسمي ومحمد علي الهاني و الصغير أولاد أحمد … ونجحوا أيضا، لكن النضال الإبداعي لم يطرق بعد أبواب اللغة من أجل بناء عالم جماليّ تتحول معه القصيدة إلى كيان روحيّ شفاف يستوعب قدرة الشاعر على الخروج من المناخات المألوفة والتعابير المستهلكة(11)، إذ المدونة الشعرية التونسية في جلّ ردهاتها ما تزال وفيّة طوعا أو كرها لتراثنا الشعري القومي بشقيه القديم والجديد، ومازالت تحتكم إلى مضامين مستهلكة شعريّا من الماء إلى الماء، وبالتالي لم تحدث نقلة كوبرنيكية شعرية كما هو الشأن لبعض أصوات المشرق العربي على غرار عز الدين المناصرة وأدونيس وأنسي الحاج ومحمد الماغوط و بول شاوول ، ولكن تبقى بذور التميّز قائمة حيث ما تزال عديد التجارب الشعرية تتحسّس طريقها نحو إنشاء قصيدة ” محليّة ” خالصة تتّسم بثنائية الانفتاح و التجاوز بغية الخروج على الناس بصوت شعريّ يتوسّل بالإنيّة الشعرية الناسلة من حنجرة أبي القاسم الشابي و المنحدرة من روافد متعدّدة منها المحليّ و منها القوميّ و منها الكونيّ ، و للغد فعله في تثبيت هذا أو ذاك .
فوزي الديماسي منشورات جمعية البيت الجزائرية 2007
الهوامش: 1
- دراسة في الشعر: رجاة العتيري : مجلة الحياة الثقافية العدد 92 فيفري 1998 ص 38 .
2- ماهية الشعر في قراءة هايدجر : مصطفى الكيلاني : مجلة المسار عدد 2 شتاء 1998 ص 90-91.
3- “احتفاليات” شمس النظير أو احتفاء الشعر بالشعر : محمد الغزّي : مجلة المسار عدد 17 أوت 1993 ص 79.
4- تلاقي الأطياف : عبد العزيز المقالح : دار التنوير للطباعة و النشر 1987 ص 229 .
5- مقدمة معجم البابطين : محمد فتوح أحمد : مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري- ط -i 1995 ص 67 .
6- نفس المصدر : ص 63
7- أبناء قوس قزح : منصف الوهايبي : إصدارات وزارة الثقافة و السياحة / صنعاء 2004 ص 5 .
8- نفس المصدر ص 35.
9- نفس المصدر ص 46.
10- مقدمة معجم البابطين : محمد فتوح أحمد : مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري- ط -i 1995 ص 65 .
11- تلاقي الأطياف : عبد العزيز المقالح : دار التنوير للطباعة و النشر 1987 ص 229 .
*هذه المقدمة نشرت في كتابي عن الشعر التونسي بعنوان "أريج قرطاج " المنشور في الجزائر الشقيقة 2007 و بطلب من وزارة الثقافة الجزائرية بمناسبة الجزائر عاصمة للثقافة العربية 2007 و جهة النشر " جمعية البيت / الجزائر "
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مقدمة " أريج قرطاج " منشورات البيت الجزائر 2007
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ديوان " يؤنثني مرتين " للشاعرة التونسية آمال موسى
» هجرة آل البيت
» رواية " غوايات شيطانية " للروائي الفلسطيني محمود شاهين
» رواية "جراح الروح و الجسد " للمغربيّة مليكة مستظرف
» ديوان " جينيف ... التيه الآخر " للأمازيغية مليكة مزان

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مدارات :: مدارات نقدية :: مدار النقد-
انتقل الى: