مدارات
مدارات
مدارات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مدارات


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 قصة : الشيخ يتصابى

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
بوعزة الفرحان
عضو
بوعزة الفرحان


عدد المساهمات : 61
تاريخ التسجيل : 01/09/2008

قصة : الشيخ يتصابى Empty
مُساهمةموضوع: قصة : الشيخ يتصابى   قصة : الشيخ يتصابى Empty18/11/2008, 19:50

الشيخ يتصابـــــى؟
الرقص الصاخب يقلق الجيران، إيقاع العيطة المرساوية تحمله الرياح إلى الأحياء المجاورة.. يستيقظ الأطفال من نومهم قسراً من عنف " الجذبة " العصرية.. انقضى الثلث الأول من الليل والجذبة قائمة..تتمايل الأجساد في عنف.. تحاول أن تساير إيقاع النغم الشعبي ..الكل في حركة، في نشوة غير محدودة .. والزمن ينفلت منهم على مهل...؟
انبلج الصبح...وجاء النور يزحزح الظلام...يطرده إلى أبعد نقطة في الكون.. انفجرت الطفولة في جسم الكهولة.. فخرج الشيخ المتصابي وهو يحاول الانفلات من جاذبية الأرض...جلس بجانب ريـم ذات الجسم الفوار..
العروس ترتبك وتبتسم ابتسامة الخجل.. تتأمل الوجه الجديد..وتختـلس النظر إليه من حين إلى آخر... سيارة "مرسديس" تنتظر الإشارة للانطلاق.وسائقها يغافله النوم أحيانا.. لكنه لا يطول فيه . و لا يتزحزح من أمام مقودها...
تنتهي جذبة العصر... يتفرق الناس.. يركب الشيخ المتصابي السيارة. والسائق يتعسف على المحرك.. يختصر الطريق...السيارة تأكل الحصى بعجلاتها...والخوف يدغدغ قلب الشيخ المتصابي... لحظات .. توقـفت السيارة دفعة واحدة ...
الصبية ريم تتخاصر معه رغما عنها، والعطر يدوخ المكان.. دلـفا إلى موطن الأجساد...جلس على حافة السرير. والألوان الحمراء تداعب الجدران...طلاؤها وردي..غطاء السرير وردي...الورود البيضاء في المزهرية تتنافس..أريج من يصل إلى أبعد نقطة في المكان..؟
تزحزح المتصابي كأنه يريد الوقوف... توارى بنصف جسمه العلوي ليتكئ على يديه خلف ظهره... وهو يسرح عينيه في اللحم المتماوج..يتنهد..يعيد النفس.. يكتمه..يقتله في بعض الأحيان...حاول أن يستأسد النفس.. أن يفجر الصبا..فهو مستعد أن يحضن اللذة بكلتا يديه.. كان دائما يردد أمام القوم :
ـ "بنات اليوم جميلات وفاتنات ..منذ أن غادرت أم الأولاد الدنيا. وأنا ألهث خفية بين أجساد النساء .. كفى سرقة للذة ..صبـية صغيرة ويأتي الممات ..ولم لا ..؟"
تذوق الشاي فوجده دافئا ومنعشا .مذاقه متميز .. ريم تشرب على مهل ثم تضع الكأس...ترمقه في حذر...يبتسم لها بصعوبة ..لكن الابتسامة لا تستقيم على شفتيه... قال فى نفسه :ربما أخطأت الهدف؟
هجمت عليه غفوة من النوم ،أغرقته في كوابيس مرعبة .. ريم لم تستطع صبراً.. نامت بجانبه والنار تأكلها من الداخل...؟ سطعت الشمس.. أشعتها تتجسس عليهما عبر ستـائر النافذة .. دقت الساعة الثامنة صباحاً.. قفز الرجل من مكانه.. جلس وسوى ملابسه.. أحس أن عطباً ماحل بالبدن.. هي لا تعرف .. ولكن هو أدرى بنفسه.. !
أطال النظر في الثوب الشفاف.. بخفة نادرة ارتمي بجسده فوق السرير..استـفزته الأعضاء الحساسة.. فبدأ يجزل لها المديح مجاناً.. و يقرأ الجسد على مهل .. فتيقن أن الصفقة غير مربحة.. عبثـاً يصارع الوقت في كبرياء. والوقت ينفلت منه.. صدمة قوية.. وحيرة تعتصر ذهنه... اسودّت نفسه.. وانكسرت الحياة بين يديه ..
ريم فتاة جميلة ورخيصة.. لا تعرف من قبض ثمنها. هي لم تلمس درهماً واحداً.. ما تعرفه أن الدراهم اندست خفية في يد أبيها.. وتمت الصفقة بسرعة... !
رددت ريم في نفسها:
ـ هذا قدري.. ! لم أختر فارسي... ! سمعت مرارا أبي يقول: " لا عيب في الرجال... العيب في فراغ الجيب " ها أنا..؟ ومن أنا ..؟ لا أدري ..؟
الشيخ المتصابي يقف مرة أخرى.. يجلس.. يتمدد.. يضع يديه مبسوطتين بين رأسه والوسادة..يدخر الأنفاس للحظة القاسية...انتظر...وانتظر... يترقب حمى الارتعاش... يترصد حرارة الجسم... لم يستسلم أبداً..
اللحظة تأسره .. أخذ ينبش الذاكرة على مهل . وانساب يتذكر... يحفز الذاكرة... ويحكي مع نفسه قصص الأيام البالية.. ! ذاكرته تخزن خطايا عديدة ... تراكمت مع الأيام وكبرت ...فأصبحت سهلة للإنفجار من جديد...
شريط مركبة الرغبات يمر لقطة لقطة.. بالأمس القريب .. كان الرجل يتحدى موجة الأصولية الدينية والقمع الأخلاقي.. إطار سيارته لازال ملوثـاً بالخطيئة..بدون حياء يفرش الجريدة اليومية..يقرأ الجسد عليها، يعبث بالعضلات مدة من الزمن.. يهاجم الزهرة بكل شهوة نادرة.. فتسقط بين يديه...ذابلة...فانية...ورقات نقدية تدس في يد الجسد العابر..! يقول لها : "الأب يبـــــــاع في الصيدليات "*
انتصبت ريم أمامه وهى ترمقه من تحت الجفون...لباسه يخفي جسداً بالياً.. لأول مرة تحاول أن تتطلع إلى ما خلف اللباس...ترسمه بريشة الفنان المبتدىء... فتيقنت أن الطلاء يخفي شقـاً من الزمن القديم ... والتجاعيد تحصي عدد السنين...
عرق بارد ينسكب من كل جسمه .. وينسكب من داخل إبطيه بحدة .. طرح السؤال على نفسه .. سكت.. لوى رأسه بين ركبتيه كعنقود ذابل في الدوالي .. لا يعرف الإجابة.. هو أدرى بجسمه...؟ ريم هي الأخرى لا تعرف.. ولا تدري ما حدث..؟ وماذا سيحدث غــــــــــــداً..؟
------------------
* من شعر نزار قباني


[center]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
بنعيسى الحاجي
المدير العام
بنعيسى الحاجي


عدد المساهمات : 1140
تاريخ التسجيل : 14/07/2008

قصة : الشيخ يتصابى Empty
مُساهمةموضوع: رد   قصة : الشيخ يتصابى Empty22/11/2008, 23:21

أخي بوعزة الفرحان الأستاذ الفاضل
حياك الله
القصة جميلة جدا وجماليتها رسمت في معانيها العميقة الدالة على المقاصد الاجتماعية المزعجة دون اعتبار راحة الغير الراغب في وقت يذوب فيه إرهاقه حيث الاستيلاء المفروض دون ترخيص من راحة الآخر.. كعصفورة في كف طفل يضمها تذوق حياض الموت والطفل يلعب ..
النص السردي البليغ الأهمية يحمل المتلقي عبر فقراته الى يوميات انسانية تختزل تفاوت الذاكرة المتنكرة لواقع خاطئ تراكم مع الأيام ،حيث أصبح قابل للهيجان في كل حين لإطفاء المتعة النائمة في خلايا الزمن البعيد ...
تحيتي الفنية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصة : الشيخ يتصابى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أغاني الشيخ امام
» دور ياكلام .. الشيخ امام
» في الذّكرى 13 لرحيل الشيخ إمام
» من اروع ما قال الشيخ عايض القرني في ام المؤمنين عائشة رضي اللله عنها
» الحضارة والأدب_____ الدكتور عادل طالب الشيخ حمادي القيسي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مدارات :: مدارات سردية :: مدار القصة-
انتقل الى: