حقوق الإنسان لا تقبل التجزئة
د. تيسير الناشف
الإنسان من خير ما أبدعه الخالق القدير المبدع، وبالتالي للشخص الإنسان قيمة مجيدة. وينبع من ذلك وجوب احترام هذه القيمة وتعزيز احترامها.
ولأن الإنسان من خير ما أبدعه الخالق فإن حقوق الإنسان من أجلّ الحقوق. ومن الواجب بالتالي تحقيق هذه الحقوق وإعمالها واتخاذ خطوات إيجابية وشاملة وفعالة من أجل تشجيعها وحمايتها على مختلف المستويات. ومن هذه الحقوق حقوق مادية ومعنوية وسياسية ومدنية تتضمن حقوق الإنسان وحقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق المعوقين في الاندماج في المجتمع وحق الإنسان في التنمية والحق في الحماية والحق في التمتع بالكرامة الإنسانية والحق في الحياة والحق في الإعراب عن الرأي والحق في التحرر من الفاقة والحق في توفير حد أدنى من الرفاهة المادية والمعنوية والحق في التعلم واكتساب المعرفة وغيرها من الحقوق الكثيرة.
وحقوق الإنسان هذه غير قابلة للتجزئة. إن مفهوم الحق غير قابل للتجزئة. هذا المفهوم لا يقبل تحقيق أنصاف الحقوق. الحق إما أن يكون قائما أو أن يكون غير قائم، وإما أن يكون محققا أو أن يكون غير محقق. لا يوجد نصف حق أو تحقيق نصف حق.
وحقوق الانسان عالمية بمعنى أن للبشر كافة، بغض النظر عن ألوان بشرتهم وألوان عيونهم وشعورهم ولغاتهم وأجناسهم وقومياتهم وثقافاتهم ودياناتهم وعاداتهم ومعتقداتهم وبلادهم وقاراتهم وحالتهم المادية والمدنية، حقوقا للإنسان. ومصدر عالمية حقوق الإنسان هو أن البشر كلهم ينتمون إلى جنس واحد، هو الجنس البشري. وهم ودائع روح واحدة هي الروح البشرية، وهم مخلوقات خالق واحد. وبالتالي فإنهم متساوون في مصدر الخلق.
وبالتالي لا يتمشى مفهوما الانتقائية والكيل بمكيالين مع عالمية حقوق الانسان. فقصر إعمال هذه الحقوق على فئات بشرية أو شعوب معينة دون غيرها يعني عدم عالمية هذه الحقوق. وإتاحة التمتع بحقوق الإنسان لبعض الفئات البشرية أو الشعوب وحرمان فئات وشعوب أخرى منها ومن التمتع بها، أي الكيل بمكيالين، يعنيان النيل من عالمية هذه الحقوق. فهذه العالمية تتناقض طبعا مع الكيل بمكيالين.
وثمة صلة لا تنفصم بين حقوق الإنسان والديمقراطية. للإنسان حقوق سياسية كما تشير مجموعة الحقوق التي أوردناها ومنها الحق في التمتع بالحرية وبالعدالة والحق في التعبير عن الرأي. ولا يتسنى تحقيق هذه الحقوق السياسية دون إشاعة الديمقراطية، مما يبين الصلة العضوية بين حقوق الإنسان والديمقراطية.
وتقوم صلة لا تنفصم أيضا بين حقوق الإنسان والتنمية. فحقوق الإنسان مثل الحق في الحياة والحق في توفير حد أدنى من الرفاهة المادية وحق المعوقين في الاندماج في حياة المجتمع حقوق لا تحقق إلا بتحقيق النمو والتنمية.
وتقوم أيضا صلة لا تنفصم عراها بين تحقيق حقوق الإنسان والانسجام داخل المجتمع. فحماية المجموعات الأشد تعرضا للأذى والأضعف في المجتمع مثل النساء والأطفال والمعوقين والأقليات القومية أو الدينية أو اللغوية من حقوق الإنسان وهي نفسها أيضا حقوق من شأن تحقيقها أن يؤدي إلى الاستقرار السياسي والاجتماعي وإلى الانسجام داخل المجتمع.
وتوجد تحديات جسيمة تواجه ضمان احترام حقوق الإنسان لمئات الملايين من البشر في مختلف ارجاء المعمورة في جميع القارات. ومن مسؤولية الدولة والشعب والمجتمع الدولي العمل منأاجل حماية هذه الحقوق.