#2
تغطية لنشاط ثقافي
تحت عنوان"لقاء مع أدب المهجر"، تم ضرب موعد مع الروائي المغربي " علي أفيلال" الذي يعيش متنقلا بين الدار البيضاء(المغرب)، وباريس(فرنسا).
اللقاء كان مساء الخميس 17/07/ 2008 على الساعة الثالثة بعد الزوال بالمركب الثقافي سيدي بليوط بالدار البيضاء تحت إشراف جمعية" بهية فنون".
الروائي المغربي" علي أفيلال"،رجل بلغ من العمر 73 سنة،عصامي بشكل يستغرب له كل من سمع حكايته عن أميته التي صاحبته حتى بلغ سن 24 سنة من عمره، وهو اليوم يقول بأن أجمل رواية لم يكتبها بعد.
علي أفيلال الروائي يمتهن حرفة الحلاقة،ومن داخل صالونه خرجت نصوصه الروائية، يقول في مستهل حديثه خلال اللقاء:" أرى اليوم حلما لي يتحقق، وهو جلوسي أمام ثلة من الأدباء والشعراء يتدارسون رواياتي".
تميزت القاعة بحضور عينة من محترفي الكتابة على اختلاف أنماطها،وقد افتتح الجلسة الأديب " سهمي سعيد"، الذي أعطى الكلمة لرئيسة جمعية" بهية فنون" المبدعة المقتدرة بهية/ التي رحبت بالحاضرين وتناولت في تدخلها الظروف التي جعلتها تختار اللقاء مع الأديب المتميز، لتقريبه لمن لا يعرفه بعد، رغم كونه أصدر لحد الآن 20 رواية، وتعد مخطوطاته أكثر من هذا الحجم، له عضوية ب"اتحاد كتاب المغرب"، وترجمت لعض أعماله للغات عالمية.
بعدها أعطيت الكلمة للنقاد: سليم الفائدة، عبد الله لحميمة،سهمي سعيد، هــري عبد الرحيم، والشاعرة مالكة عسال، وبين التدخلات قدم الأستاذ" إدريس سيدهم" صديق الروائي الحميم، شهادة في حق الأديب الذي تربطه به علاقة إنسانية تجدرت لتغدو حميمية، وقد لاحظنا هذا من خلال تعاملهما ذاك التعامل المفقود بين صديقين قطعا أشواطا من العمر كله إخلاص وصداقة وصدق...
وشنف أسماع الحاضرين عازف العود المميز" عزيز الداوني" الذي جاءت نقراته على أوتار العود لتزركش أجواء المكان ألحانا أصاخت لها آذان الحاضرين لما تميزت به من دقة في النقر، واحترافية في العزف.
وعن المداخلات، فقد تناول عبد الله لحميمة جانب" التفاعل الجمالي بين المبنى والمتن الحكائي" من خلال المجموعة القصصية " تراب الأرض".
وتدخل "سهمي سعيد" ليتطرق لقراءة في رواية " رباعيات الدمع ،أو نساء باكيات"، حيث تناول ثلاثة جوانب :
- الشكل السردي وبدأه من خلال العنوان المتشظي،حيث أن للقارئ الاختيار بين عنوانين، وهو ما يحيل على 4 نساء باكيات وحكاياتهن، وهناك أيضا عناوين صغرى تستفز القاريء.
-الحصائص الأسلوبية التي امتازت بتعدد الشخصيات، ومن تمة تعدد التيمات والمواضيع، وكذا التعدد على مستوى اللغة والأسلوب والإحتفال بالحوار والحوار الداخلي.
- المضمون حيث تنقسم الرواية إلى روايات، فكل شخصية داخل الرواية تخلق رواية لوحدها، لتتوحد التيمات حول" الظلم والطغيان"اللذان تمارسهما طبقة الأغنياء على حساب طبقة الضعفاء.
وتطرقت مداخلة الأستاذ"هــري عبدالرحيم" إلى إبراز ثلاث تيمات مستوحاة من " أفعى في الصدر"، وخلص إلى:
- تيمة الهجرة التي تُعد المنقذ السحري لشريحة واسعة من البشر.
-تيمة وضعية العمال، حيث يزيح الكاتب الستار عن وضعية العمال الصعبة داخل المعامل مكان هضم الحقوق وانعدام شروط العمل الإنسانية.
تيمة المرأة التي تسكن جوانح الكاتب، حيث يقف على كل أحوالها بدءاً من معاناتها مع تعسف الرجل، مرورا بتصوير إخلاصها وعاطفية مشاعرها، إلى مهاجمتها حين تقلب عليه المواجع، فيصفها بالأفعى التي تبث سمومها في كل مكان.
وكانت مداخلة الناقد "سليم الفائدة" حول ‘إحدى روايات الكاتب قيمة،حيث سبر أغوارها بتقنية وأدوات نقدية متميزة جعلت من الرواية ورشة لتوالد القراءات المتعددة.
وتدخلت الشاعرة" مالكة عسال" لتسلط الأضواء على بعض الجوانب من حياة الكاتب غير المكشوفة.
وتخللت المداخلات قراءات للكاتب تارة، وتبيان وجهة نظره حول رواية ما، مما جعل اللقاء يتصف بالتفرد من حيث كونه جمع بين الكاتب والناقد من جهة، وبينهما وبين من شهد ميلاد أحداث بعض الروايات من جهة أخرى.
وكان للسينما حضور في اللقاء من خلال كاتب السيناريو" محمد حاي" الذي كانت مداخلته جد مفيدة، حول الأسباب الحقيقية التي تجعل السينما المغربية لا تتجه للرواية المغربية، وأول هذه الأسباب هو المنتج الذي غالبا ما يكون أجنبيا يرفض كل عمل مغربي جاد، ويكتفي بل ويشجع الأعمال التي تصور المجتمع المغربي بغير صورته الحقيقية .
واقترح الأستاذ "هــري عبدالرحيم" في الأخير لقاء مفتوحا مع الروائي "علي أفيلال" للإنصات له بعدما كان اليوم هو المنصتُ. ورحب الأدباء بالفكرة التي ستستفز الكاتب ليتحدث عن عالمه الذي صنعه من خلال عصاميته،ليحطم رقما قياسيا في التأليف/، ويجعل الغربيين يهتمون يكتاباته، إذ جعلوا بعضها في مقررات دراسية وأخرى ترجمت ، وبعضها اشتعل عليه السينمائيون.
وإلى لقاء آخر مع " علي أفيلال"الروائي الذي لم يلج أبواب المدرسة فكتب أجود النصوص، وقرأ لعباقرة الأدب العالمي والعربي بلغتين رغم أميته.
هــري عبدالرحيم 17/07/2008
__________________