مدارات
مدارات
مدارات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مدارات


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 الموت في رابينة- الفصل الثاني -عبد الحميد شوقي

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
عبد الحميد شوقي
مشرف
عبد الحميد شوقي


عدد المساهمات : 87
تاريخ التسجيل : 01/02/2008
العمر : 63

الموت في رابينة- الفصل الثاني -عبد الحميد شوقي Empty
مُساهمةموضوع: الموت في رابينة- الفصل الثاني -عبد الحميد شوقي   الموت في رابينة- الفصل الثاني -عبد الحميد شوقي Empty26/6/2008, 16:44


-2-

حكايات عمتي فريالة



من أحراش سحيقة ومن زمن بعيد يأتي وجهه خرافيا .. تتداخل فيه السمات والملامح..يسكن الأساطير و ألعاب الأطفال .. يسكن الذاكرة والتاريخ .. الحاج إبراهيم غريب ..ذلك الجد الأكبر الذي تروي الحكايات أنه الأب البعيد الذي زرع سلالتنا في قبائل زمور .. أي كائن أسطوري هو ..أي اسم وهمي هو .. ومن منحه هذا اللقب الموحي " غريب " ..؟! تحت ظلام ليلة شاردة جاء من مكان ما هناك .. من مكان ضائع بين مضارب سايس وتخوم القبائل المكناسية .. هكذا تفترض الروايات وهي تتحدث عن الأصل الأول .. اقتحم قبائل زمور المغلقة على نخوتها وبربريتها وأوشامها .. وحيدا جاء .. صغيرا وغريبا ..جاء منفيا أو أسيرا أو هاربا من وباء ما أو ثأر ما أو إبادة جماعية ما أو حرب ما .. أو ربما جاء هكذا من لامكان لأن على الإنسان أن يجيء ويرحل يوما ما ليبذر دمه ووجهه و ملامحه وكرومه وأغانيه وموته في مكان ما .. في فسحة ما .. ومن إبراهيم إلى علي لم تعرف سلالة الغريب سوى النفي والقلق و الموت ..
عند موت السلطان العلوي إسماعيل وبعد تفكك قوته الضاربة عقب انتفاضة جيش البخاري .. كان الرصاص يلعلع في وديان البراري الموحشة ويصل حدود القلب وشغاف النفس ..كانت الأسطورة تنهار .. فها هو السلطان المهيب الموغل في مجد السراديب المظلمة والسجون الأرضية والذي عاصر الملك الشمس .. وعبأ أسرى البرتقيز في حجرات الأرض المظلمة .. وفي متاهات " حبس قارا " الرابض في لاشعور مكناس .. ها هو ذا السلطان يموت أخيرا .. ويترك مجده على حراب الجيش المستعبد وسيوف الرقيق الذي أقسم على الكتاب وتربى صفحات صحيح البخاري .. كانت القبائل تستعيد حيوية فتوتها وتجدد كينونتها في الغارات والحروب .. وإبراهيم الجد الأكبر هناك .. والموت يقترب مع اشتداد الحرب الأهلية وما يرافقها من إبادات ..بنادق الرق ورماح العبودية وغل المستضعفين .. وكانت مكناس عاصمة للدم ولطاقات الأحقاد و الثارات و الضغائن .. ودقت ساعة الرحيل .. تقول فريالة عمة أبي التي لا تريد أن تموت .. جاء الحاج إبراهيم مسعيا ( أي أسيرا ) .. مستعبدا وكان صغيرا لا يتجاوز الثانية أو الثالثة عشرة من عمره.. كنت أسمع أبي وهو يحكي .. وكنت أختبئ في أحضان جدي عمر غريب وهو يجلس في صدر الخيمة الفسيحة المخصصة للرجال و كان بحكي لرجال القبيلة الآخرين عن أبيه وحياته .. وكيف جاء أسيرا إلى قبائل زمور القريبة من قبائل بني حسن العربية .. وتسترد عمة أبي أنفاسها كأنها وراء ماض لا ينفك عن الانزياح وتجري وراء حكاية توغل في الوهم شيئا فشيئا .. وأقفز أنا ملتصقا بها وفي وجداني حريق الفتى الذي يومض أمامه نور خاطف في مغارة معتمة .. عمتي فريالة .. ماذا تقصدين برجال القبيلة الآخرين ..؟! وأعرف أن مزورفة إلا المزورفيون و لا وجود لأغراب فيها .. وتتنهد عمة أبي وفي لثتها ترقص السنوات الطويلة ..لثة خربة وعارية من الأسنان .. فيما بعد سأعرف أن الإنسان يمكن أن يقاوم
الزمان وأن يصارعه ولكنه لا يستطيع هزمه .. ويبرق في عينيها ذلك الانكسار الغائر الذي يحمله آل غريب ..آه يا ولدي ..أقصد أهل مزورفة الأصليين أما أبناء الحاج إبراهيم غريب فهم مجرد أغراب دخلاء منغلقين على لونهم الخاص وبشرتهم الخاصة وحزنهم الخاص .. وأحاول أن أفهم ..كان صليل السيوف يصل إلى مشارف القبيلة ووقع خيول جامحة يهدد سلام الأرض.. غبار .. وجوه كالحة .. بواريد .. أصوات ترعب حنايا الأشياء .. والأساطير تنهار لتقوم أساطير جديدة .. هي اللعنة البشرية الأبدية .. السلطة والدم.. ثم فجأة .. لا شيء .. مجرد عماء وهباء وسديم .. وإبراهيم الصغير ( هل كان هذا اسمه الحقيقي ؟ ) يزحف خلف جلاديه في متاهة السر والخناسة .. وتغيم الحكاية في عيون عمتي فريالة وينفلت الأصل .. كيف جاء الحاج إبراهيم غريب ؟ وكيف أسر وبيع في مزادات الخناسين ؟ وما اسم قبيلته وعائلته ؟ .. لا شيء .. لاشيء .. ! ويرتسم وجه ذلك البطريك طفلا و شيخا وفاتحا و أسيرا و محاربا غامضا .. فيما بعد ستصعقني أبعاد النفي والتيه المرسومة على قسمات آل غريب ..في عيون علي كان دائما يرقد سؤال خانق و سحيق .. سؤال حائر يحمل انكسارات حنين ما و ضياع ما .. ولم أدرك أبدا لماذا كانت السلالة تتوارث هذا السؤال المنكسر .. لكن في حكي عمتي فريالة التي لا تموت كانت بدايات الفهم ترتسم بشكل مبهم أمامي.. لم يحمل إبراهيم الأكبر معه أسره ولقبه وملامحه وكرومه .. بل حمل معه لعنة التيه الأبدية .. يوقف ابن عمي المهدي أخ علي عمتي فريالة ويطلب منها أن تعيد قولا ما أو سردا ما أو مشهدا ما أو حدثا ما.. وهو يحمل دفترا طويلا يسجل فيه التواريخ التي تذكرها العمة.. والمهدي مولع إلى حد الهوس بتاريخ العائلة و ضبط شجرتها و أصلها ومكان نزوح الجد الأول.. وتعيد العمة التواريخ بطريقتها الشعبية الخاصة .. كان جدك يافعا حين استوطن الخزازنة بين القبائل البربرية .. ويجتهد المهدي في ضبط هذا التاريخ الشعبي وترجمته إلى التحقيب الأكاديمي المعروف .. كانت العمة تشير إلى انتقال قبيلة الخزازنة الشهيرة من جبال الأطلس واستقرارها في منطقة زمور محدثة اهتزازات دموية رهيبة .. كان ذلك في عهد أحد السلاطين المغمورين الذين ظهروا إبان الحرب الأهلية التي أعقبت وفاة السلطان إسماعيل .. وتحكي الروايات أن هذه القبيلة أجرت بواريدها وسيوفها وفوارسها للسلطة المتفككة واكتسحت العشائر البربرية الزمورية لقمع الانتفاضات والفتن .. ويشير إلي المهدي أن أتأكد من أن شريط التسجيل لا يزال يعمل في المسجلة .. إنه دقيق إلى درجة الجنون .. يخيل إليك و أنت تراه يكتب و يوثق ويسجل ويدون سرديات عمتي فريالة أنه يدون ذاكرة تاريخية مهددة بالزوال والانقراض .. يقبل المهدي العمة فريالة على رأسها و يطلب منها ألا تسكت أبدا .. كان يرى عمرها الشائخ ويحس أنها مهددة بالخرف والهذيان في كل حين .. لكن عمتي فريالة التي لم تسقط أمام الموت لن تسقط أمام الخبل و الهبل .. قولي عمتي .. من أين جاء الحاج إبراهيم بالضبط وكيف أمكنه دخول عشائر مزورفة و الاندماج فيها إلى حد التوريث .. ؟! و تحكي و تحكي وتظل حكاياتها غامضة وساذجة .. كان غلاما أمينا ونبيها وجميلا .. و لذلك قبلوه بينهم.. نعم عمتي .. قبلوه بينهم .. ولكن كيف أمكنه أن يتزوج منهم و أن يرث معهم و أن يحصل على أرض شاسعة منهم و أن يذهب إلى الحج وهو مجرد عبد أسير ..؟! و لا تجيب العمة .. و في عينيها يتوهج ذلك الانكسار التاريخي .. ربما لم تفكر مطلقا في هذه الأسئلة الآثمة .. وربما أحست بانجراح عميق في كرامتها وهي تسمع عن أسر واستعباد أب جدها .. و لا تستطيع سوى أن تردد ما سمعته من جدها و أبيها عن خصال و أمانة و فروسية الحاج إبراهيم غريب .. وعلى إيقاعات البواريد والرصاص في الأحراش و الأودية والقرى القريبة و النائية .. كان الغلام يسير مغلولا في صف طويل من الأسرى الحفاة العراة الجوعى .. ربما كانت الحرب الأهلية في سنواتها الأخيرة .. ولن الغلام فتح عينيه على عالم رمادي .. الخراب والبؤس والدم في كل مكان .. جاء فرسان ملثمون و فرسان ملتحون و فرسان متعبون من القبائل
البعيدة و عاثوا فسادا في الديار .. وهو لا يذكر شيئا .. فقط رأى أدخنة تتصاعد هناك من روابي سايس السمراء .. ثم اختفت المضارب نهائيا .. و غام مرج طفولته و مزار آبائه الذين لا يعرفهم .. وانزوت تلك الرؤيا البعيدة السحيقة عميقا في لاشعوره و دمه .. و حملها معه إلى معاصر زمور و سهول ذراها الصفراء الذهبية ..نحن سلالة ملوك نزحوا من الشرق .. كان يقول علي عندما يكون في حالة إشراق و صفاء ذهني .. هل ترى يا نصر هذه السحن والملامح الكبريائية ؟ لا يمكن أن تكون سحن بدو و لامح أعراب .. نحن نحمل الإمارة و الملك في نظراتنا .. ! ويقفز نحوي يغمره فرح طفولي .. يشد على منكبي ويصوب عيونه الأميرية في عيوني .. كأنه يحاول إيقاظ الفارس الملكي الراقد فيها .شيء ما كان يجذبه إلي عندما أحدثه عن الشعر و الفلسفة و التاريخ .. و رغم أنه لم ينل حظا كبيرا من التعليم فقد كانت ثقافته العامة تسمو به حتى فوق خريجي المدارس و الجامعات .. ويرمي تأملاته في انكسار هذه العائلة التي أرهقها الضياع و القلق و الفرح .. كان يتمثل الدقائق و يسبح في اللحظات و لا يفكر في الغد كأنه كان يهرب من قدر ما .. ومن ضياع إلى ضياع .. من زقاق على زقاق ..من سجن إلى سجن .. من بؤس إلى بؤس .. كان دائما يجد دماء ملاكية في عروقه وملامح أميرية في وجهه .. حتى في أقصى درجات السقوط كان يجد ذاتا متعالية على ابتذال اليومي و سذاجة الناس .. آه يل سلالة الغريب .. يا قدري .. كم أنت قاسية ..! لماذا لا أجد السلام في الانتماء إليك .. ؟ و لماذا أحملك في جلدي كالوباء و القيء المؤجل .. ؟؟! و تضيع عذاباته في لانهائية الحياة السائلة .. وفي سوق ما بيع الغلام .. بيع العبد الأبيض و انمحى أصلنا إلى الأبد و توقف كل تاريخ العائلة عند حدود هذا النفي الأول ..قبل الحاج إبراهيم غريب يصفر الخواء و العدم كاسحا بياض مواجعنا و أشواقنا .. و دخل الغلام يرطن بلهجة غريبة بين قبائل زمور البربرية ..لم يفقد لغته الأولى و لم ينس الكلمات الأمومية التي تعلمها في مضاربه ..شاءت الأقدار أن أن يتربى بين أحضان إحدى القبائل المستعربة الثلاث المتناثرة داخا الامتداد البربري الزموري .. و ظل لغز هذه القبائل المستعربة محيرا إلى الآن .. فمن حيث اللغة تبدو أنها نازحة و دخيلة .. و لكن كيف قاومت الذوبان .. ؟! كيف احتفظت بلغتها و عاداتها العربية ..؟! بل وكيف تفادت السقوط في الرطانة والكلام الهجين بين العربية و البربرية..؟! في حين تبربرت القبائل الأخرى النازحة مثل الخزازنة و المواريد. كانت مزورفة متاخمة للخزازنة .. و كانتا تشتركان في إقامة موسم الولي سيدي العربي البوهالي .. وكانتا تختلطان في كل شيء .. في شغل مركض الفروسية واقتسام أموال الضريح و الإشراف على إدارتها .. ولكن على أرض الواقع الاجتماعي كان الموسم محفلا لألوان متنوعة من الطقوس الاجتماعية .. من رقصات أحيدوس البربرية إلى رقصات الهيت العربية ..من خلاخيل البربريات ذات الأهداب اللامعة والزنارات الأطلسية المنمقة إلى تنورات العربيات العادية الساترة للمفاتن ذات الأوان الغامقة .. من رزات البربر فاقعة الألوان إلى رزات العرب الشرقاوية البيضاء .. من جلاليب البربر الفاخرة إلى خناجر العرب المنسدلة فوق الخصر .. وظل كل طقس في مكانه متجاورا مع الطقس الآخر في سلام دون صراع أو امتزاج أو ذوبان ..سيشغل هذا السؤال طويلا بال المهدي وهو يحاول أن يرسم الخطوات الأولى لوضع تاريخ العائلة على مشرحة الفهم العقلاني كما سيشغلني أنا كذلك طوال حياتي .. عندما اقتحم إبراهيم غريب عالمه الجديد لم تكن المعالم على هذه الصورة الواضحة ولم يستقر كل طرف في مكانه التاريخي و الوجداني الذي ارتضاه لنفسه .. كانت حرب الثلاثين سنة التي أعقبت وفاة السلطان إسماعيل تشارف على نهايتها .. ولكن الأحقاد ظلت متوقدة و متوهجة .. و كان على كل قبيل أن يستقوي بماضيه و تراثه رغم أن الصراع لم يكن صراع هوية يقدر ما كان صراع سلطة ولكنه كان يتخفى وراء مظاهر قبلية متعصبة .. ولمعت في الفضاءات الزمورية بواريد الخزازنة الوالغة في الدماء و المذابح و المجازر .. أكانوا مرتزقة أم كانوا قبيلا يدافع عن حقه في الوجود .. ؟! لا يستطيع حتى التاريخ نفسه أن يحسم في الأمر .. لكن الدم سال في البطاح و الأودية والسهول .. ورددت تلال زمور حشرجات الموتى و أصداء البواريد الحاقدة .. و توسعت الخزازنة على حساب أراض مجاورة و اكتسحت قبائل ضعيفة و نحتت لها اسما للرهبة والخوف .. و كان على القبيلة الكبيرة المجاورة لها أن تستقوي بماضيها و ثقافتها لتواجه زحف الخزازنة ..و هكذا حافظت مزورفة على لكنتها وغربتها وطقوسها العربية ..وامتدت الحروب طويلا بين القبيلتين .. ولكن عندما لم يحسم الصراع ..و عندما أحستا بخطر الإبادة و الانقراض أقامتا هدنة عمرت طويلا رغم بعض الخروقات الطفيفة المتولدة عن بعض اللحظات العصيبة ..وولد موسم الولي سيدي العربي البوهالي شاهدا على هذا السلام المقدس .. وكان اعترافا باستقلالية الطرفين وحتمية حسن الجوار .. ومع السلام ولدت عادات اجتماعية جديدة .. عادات الطوايط التي تعني الروابط المقدسة بين قبيلتين تمنع الحروب و التزاوج بينهما لأن العلاقة ارتفعت إلى حدود القرابة الدموية .. ولم قرابة " الطوايط " سوى ارتفاع بالسلام المطلوب إلى مرتبة تضمن له عدم القابلية للنقض والانتهاك .. ومع مرور الزمان أصبح من المحرمات التي يمنع ارتكابها كالزنا وأكل الخنزير وشرب الخمر ..كان مسترقا في حياته .. ولكن الكبرياء وحرية الروح لم يفارقا أعماقه .. تقول عمة أبي فريالة .. الحرية لا تلد إلا الحرية .. انظروا هل ترون أحدا من آل غريب منحطا وساقطا ورقيعا ..أنهم الفخذ الوحيد الذي وصل إلى تقلد مناصب مخزنية ونيل شهادات تعليمية لم ينلها أحد من المزورفيين .. ولم تبالغ عمتي فريالة .. كان آل غريب هم العائلة الوحيدة التي تجاوز أبناؤها حدود الدراسة في كتاب البادية ومدرستها الابتدائية .. وخرقوا عادة الاكتفاء بالفلاحة كمورد للعيش .. و تسلقوا دواليب السلطة والوظائف الحكومية .. فيما بعد عندما عصف الجفاف الأكبر بالبلاد واضطرتهم الظروف القاسية إلى الهجرة نحو المدينة مرة أخرى كما هاجروا قديما .. وعندما فتح الحاج إبراهيم عينيه بعد طول المسير وعذاب الأسر .. كان فردا من أفراد قبيلة مزورفة .. كان مزورفيا حقيقيا لا يختلف عن أهل العشيرة الأصليين إلا في بياض بشرته وسورة الحزن الطافية على ملامحه ...[/color
][/size]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فتحية الهاشمي
الادارة و التنسيق
فتحية الهاشمي


عدد المساهمات : 1899
تاريخ التسجيل : 23/01/2008

الموت في رابينة- الفصل الثاني -عبد الحميد شوقي Empty
مُساهمةموضوع: رد   الموت في رابينة- الفصل الثاني -عبد الحميد شوقي Empty18/7/2008, 13:54

الحرّية لا تلد الآ الحرّية

سلم فمك عمتي فريالة

هو السحر بعينه ما قمت به هنا أخي عبدالحميد و أنا أغوص في قبائل و عشائر و أتابع خطّ سير الحكي عند العمّة

و أتاخم مضارب القوم ...

و المهدي يسجل و يسجل ...

فعلا خانتني الكلمات و انا أحس كل هذا الخدر اللذيذ و أنا أجلس مفتونة بين عمتي فريالة و المهدي .

العلّه ابراهيم الغريب يورّثني غربته و عنفوانه فأنسج شجرة عائلتي ، اسمل اسما ...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبد الحميد شوقي
مشرف
عبد الحميد شوقي


عدد المساهمات : 87
تاريخ التسجيل : 01/02/2008
العمر : 63

الموت في رابينة- الفصل الثاني -عبد الحميد شوقي Empty
مُساهمةموضوع: رد   الموت في رابينة- الفصل الثاني -عبد الحميد شوقي Empty20/7/2008, 21:15

ربما كان البحث عن الحرية هو ما دفع آل غريب كلهم غلى التميز داخل المضارب الزمورية الجديدة وربما هو ما جعل أفرادهم يتجاوزون حدود البداوة نحو تسلق مراتب المجد في المدينة أو في الوظائف المخزنية وربما كان عشق أنا كواحد منهم للحرية هو ما دفعني للكتابة بهذه الطريقة .. أنت كل يوم يا فتحية تزدادين شموخا في عيني بقدرتك على استبطان خبايا الخيايا في الرواية التي تبدو أكثر التصاقا بشجرة عائلية محددة اكثر مما هي عالم روائي من ورق .. تحياتي ..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سليمي السرايري
مشرفة
سليمي السرايري


عدد المساهمات : 247
تاريخ التسجيل : 08/07/2008

الموت في رابينة- الفصل الثاني -عبد الحميد شوقي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموت في رابينة- الفصل الثاني -عبد الحميد شوقي   الموت في رابينة- الفصل الثاني -عبد الحميد شوقي Empty16/2/2009, 19:12

عبد الحميد شوقي
-2-

حكايات عمتي فريالة


من أحراش سحيقة ومن زمن بعيد يأتي وجهه خرافيا .. تتداخل فيه السمات والملامح..يسكن الأساطير و ألعاب الأطفال .. يسكن الذاكرة والتاريخ .. الحاج إبراهيم غريب ..ذلك الجد الأكبر الذي تروي الحكايات أنه الأب البعيد الذي زرع سلالتنا في قبائل زمور .. أي كائن أسطوري هو ..أي اسم وهمي هو .. ومن منحه هذا اللقب الموحي " غريب " ..؟! تحت ظلام ليلة شاردة جاء من مكان ما هناك .. من مكان ضائع بين مضارب سايس وتخوم القبائل المكناسية .. هكذا تفترض الروايات وهي تتحدث عن الأصل الأول .. اقتحم قبائل زمور المغلقة على نخوتها وبربريتها وأوشامها .. وحيدا جاء .. صغيرا وغريبا ..جاء منفيا أو أسيرا أو هاربا من وباء ما أو ثأر ما أو إبادة جماعية ما أو حرب ما .. أو ربما جاء هكذا من لامكان لأن على الإنسان أن يجيء ويرحل يوما ما ليبذر دمه ووجهه و ملامحه وكرومه وأغانيه وموته في مكان ما .. في فسحة ما .. ومن إبراهيم إلى علي لم تعرف سلالة الغريب سوى النفي والقلق و الموت ..
عند موت السلطان العلوي إسماعيل وبعد تفكك قوته الضاربة عقب انتفاضة جيش البخاري .. كان الرصاص يلعلع في وديان البراري الموحشة ويصل حدود القلب وشغاف النفس ..كانت الأسطورة تنهار .. فها هو السلطان المهيب الموغل في مجد السراديب المظلمة والسجون الأرضية والذي عاصر الملك الشمس .. وعبأ أسرى البرتقيز في حجرات الأرض المظلمة .. وفي متاهات " حبس قارا " الرابض في لاشعور مكناس .. ها هو ذا السلطان يموت أخيرا .. ويترك مجده على حراب الجيش المستعبد وسيوف الرقيق الذي أقسم على الكتاب وتربى صفحات صحيح البخاري .. كانت القبائل تستعيد حيوية فتوتها وتجدد كينونتها في الغارات والحروب .. وإبراهيم الجد الأكبر هناك .. والموت يقترب مع اشتداد الحرب الأهلية وما يرافقها من إبادات ..بنادق الرق ورماح العبودية وغل المستضعفين .. وكانت مكناس عاصمة للدم ولطاقات الأحقاد و الثارات و الضغائن .. ودقت ساعة الرحيل .. تقول فريالة عمة أبي التي لا تريد أن تموت .. جاء الحاج إبراهيم مسعيا ( أي أسيرا ) .. مستعبدا وكان صغيرا لا يتجاوز الثانية أو الثالثة عشرة من عمره.. كنت أسمع أبي وهو يحكي .. وكنت أختبئ في أحضان جدي عمر غريب وهو يجلس في صدر الخيمة الفسيحة المخصصة للرجال و كان بحكي لرجال القبيلة الآخرين عن أبيه وحياته .. وكيف جاء أسيرا إلى قبائل زمور القريبة من قبائل بني حسن العربية .. وتسترد عمة أبي أنفاسها كأنها وراء ماض لا ينفك عن الانزياح وتجري وراء حكاية توغل في الوهم شيئا فشيئا .. وأقفز أنا ملتصقا بها وفي وجداني حريق الفتى الذي يومض أمامه نور خاطف في مغارة معتمة .. عمتي فريالة .. ماذا تقصدين برجال القبيلة الآخرين ..؟! وأعرف أن مزورفة إلا المزورفيون و لا وجود لأغراب فيها .. وتتنهد عمة أبي وفي لثتها ترقص السنوات الطويلة ..لثة خربة وعارية من الأسنان .. فيما بعد سأعرف أن الإنسان يمكن أن يقاوم
الزمان وأن يصارعه ولكنه لا يستطيع هزمه .. ويبرق في عينيها ذلك الانكسار الغائر الذي يحمله آل غريب ..آه يا ولدي ..أقصد أهل مزورفة الأصليين أما أبناء الحاج إبراهيم غريب فهم مجرد أغراب دخلاء منغلقين على لونهم الخاص وبشرتهم الخاصة وحزنهم الخاص .. وأحاول أن أفهم ..كان صليل السيوف يصل إلى مشارف القبيلة ووقع خيول جامحة يهدد سلام الأرض.. غبار .. وجوه كالحة .. بواريد .. أصوات ترعب حنايا الأشياء .. والأساطير تنهار لتقوم أساطير جديدة .. هي اللعنة البشرية الأبدية .. السلطة والدم.. ثم فجأة .. لا شيء .. مجرد عماء وهباء وسديم .. وإبراهيم الصغير ( هل كان هذا اسمه الحقيقي ؟ ) يزحف خلف جلاديه في متاهة السر والخناسة .. وتغيم الحكاية في عيون عمتي فريالة وينفلت الأصل .. كيف جاء الحاج إبراهيم غريب ؟ وكيف أسر وبيع في مزادات الخناسين ؟ وما اسم قبيلته وعائلته ؟ .. لا شيء .. لاشيء .. ! ويرتسم وجه ذلك البطريك طفلا و شيخا وفاتحا و أسيرا و محاربا غامضا .. فيما بعد ستصعقني أبعاد النفي والتيه المرسومة على قسمات آل غريب ..في عيون علي كان دائما يرقد سؤال خانق و سحيق .. سؤال حائر يحمل انكسارات حنين ما و ضياع ما .. ولم أدرك أبدا لماذا كانت السلالة تتوارث هذا السؤال المنكسر .. لكن في حكي عمتي فريالة التي لا تموت كانت بدايات الفهم ترتسم بشكل مبهم أمامي.. لم يحمل إبراهيم الأكبر معه أسره ولقبه وملامحه وكرومه .. بل حمل معه لعنة التيه الأبدية .. يوقف ابن عمي المهدي أخ علي عمتي فريالة ويطلب منها أن تعيد قولا ما أو سردا ما أو مشهدا ما أو حدثا ما.. وهو يحمل دفترا طويلا يسجل فيه التواريخ التي تذكرها العمة.. والمهدي مولع إلى حد الهوس بتاريخ العائلة و ضبط شجرتها و أصلها ومكان نزوح الجد الأول.. وتعيد العمة التواريخ بطريقتها الشعبية الخاصة .. كان جدك يافعا حين استوطن الخزازنة بين القبائل البربرية .. ويجتهد المهدي في ضبط هذا التاريخ الشعبي وترجمته إلى التحقيب الأكاديمي المعروف .. كانت العمة تشير إلى انتقال قبيلة الخزازنة الشهيرة من جبال الأطلس واستقرارها في منطقة زمور محدثة اهتزازات دموية رهيبة .. كان ذلك في عهد أحد السلاطين المغمورين الذين ظهروا إبان الحرب الأهلية التي أعقبت وفاة السلطان إسماعيل .. وتحكي الروايات أن هذه القبيلة أجرت بواريدها وسيوفها وفوارسها للسلطة المتفككة واكتسحت العشائر البربرية الزمورية لقمع الانتفاضات والفتن .. ويشير إلي المهدي أن أتأكد من أن شريط التسجيل لا يزال يعمل في المسجلة .. إنه دقيق إلى درجة الجنون .. يخيل إليك و أنت تراه يكتب و يوثق ويسجل ويدون سرديات عمتي فريالة أنه يدون ذاكرة تاريخية مهددة بالزوال والانقراض .. يقبل المهدي العمة فريالة على رأسها و يطلب منها ألا تسكت أبدا .. كان يرى عمرها الشائخ ويحس أنها مهددة بالخرف والهذيان في كل حين .. لكن عمتي فريالة التي لم تسقط أمام الموت لن تسقط أمام الخبل و الهبل .. قولي عمتي .. من أين جاء الحاج إبراهيم بالضبط وكيف أمكنه دخول عشائر مزورفة و الاندماج فيها إلى حد التوريث .. ؟! و تحكي و تحكي وتظل حكاياتها غامضة وساذجة .. كان غلاما أمينا ونبيها وجميلا .. و لذلك قبلوه بينهم.. نعم عمتي .. قبلوه بينهم .. ولكن كيف أمكنه أن يتزوج منهم و أن يرث معهم و أن يحصل على أرض شاسعة منهم و أن يذهب إلى الحج وهو مجرد عبد أسير ..؟! و لا تجيب العمة .. و في عينيها يتوهج ذلك الانكسار التاريخي .. ربما لم تفكر مطلقا في هذه الأسئلة الآثمة .. وربما أحست بانجراح عميق في كرامتها وهي تسمع عن أسر واستعباد أب جدها .. و لا تستطيع سوى أن تردد ما سمعته من جدها و أبيها عن خصال و أمانة و فروسية الحاج إبراهيم غريب .. وعلى إيقاعات البواريد والرصاص في الأحراش و الأودية والقرى القريبة و النائية .. كان الغلام يسير مغلولا في صف طويل من الأسرى الحفاة العراة الجوعى .. ربما كانت الحرب الأهلية في سنواتها الأخيرة .. ولن الغلام فتح عينيه على عالم رمادي .. الخراب والبؤس والدم في كل مكان .. جاء فرسان ملثمون و فرسان ملتحون و فرسان متعبون من القبائل
البعيدة و عاثوا فسادا في الديار .. وهو لا يذكر شيئا .. فقط رأى أدخنة تتصاعد هناك من روابي سايس السمراء .. ثم اختفت المضارب نهائيا .. و غام مرج طفولته و مزار آبائه الذين لا يعرفهم .. وانزوت تلك الرؤيا البعيدة السحيقة عميقا في لاشعوره و دمه .. و حملها معه إلى معاصر زمور و سهول ذراها الصفراء الذهبية ..نحن سلالة ملوك نزحوا من الشرق .. كان يقول علي عندما يكون في حالة إشراق و صفاء ذهني .. هل ترى يا نصر هذه السحن والملامح الكبريائية ؟ لا يمكن أن تكون سحن بدو و لامح أعراب .. نحن نحمل الإمارة و الملك في نظراتنا .. ! ويقفز نحوي يغمره فرح طفولي .. يشد على منكبي ويصوب عيونه الأميرية في عيوني .. كأنه يحاول إيقاظ الفارس الملكي الراقد فيها .شيء ما كان يجذبه إلي عندما أحدثه عن الشعر و الفلسفة و التاريخ .. و رغم أنه لم ينل حظا كبيرا من التعليم فقد كانت ثقافته العامة تسمو به حتى فوق خريجي المدارس و الجامعات .. ويرمي تأملاته في انكسار هذه العائلة التي أرهقها الضياع و القلق و الفرح .. كان يتمثل الدقائق و يسبح في اللحظات و لا يفكر في الغد كأنه كان يهرب من قدر ما .. ومن ضياع إلى ضياع .. من زقاق على زقاق ..من سجن إلى سجن .. من بؤس إلى بؤس .. كان دائما يجد دماء ملاكية في عروقه وملامح أميرية في وجهه .. حتى في أقصى درجات السقوط كان يجد ذاتا متعالية على ابتذال اليومي و سذاجة الناس .. آه يل سلالة الغريب .. يا قدري .. كم أنت قاسية ..! لماذا لا أجد السلام في الانتماء إليك .. ؟ و لماذا أحملك في جلدي كالوباء و القيء المؤجل .. ؟؟! و تضيع عذاباته في لانهائية الحياة السائلة .. وفي سوق ما بيع الغلام .. بيع العبد الأبيض و انمحى أصلنا إلى الأبد و توقف كل تاريخ العائلة عند حدود هذا النفي الأول ..قبل الحاج إبراهيم غريب يصفر الخواء و العدم كاسحا بياض مواجعنا و أشواقنا .. و دخل الغلام يرطن بلهجة غريبة بين قبائل زمور البربرية ..لم يفقد لغته الأولى و لم ينس الكلمات الأمومية التي تعلمها في مضاربه ..شاءت الأقدار أن أن يتربى بين أحضان إحدى القبائل المستعربة الثلاث المتناثرة داخا الامتداد البربري الزموري .. و ظل لغز هذه القبائل المستعربة محيرا إلى الآن .. فمن حيث اللغة تبدو أنها نازحة و دخيلة .. و لكن كيف قاومت الذوبان .. ؟! كيف احتفظت بلغتها و عاداتها العربية ..؟! بل وكيف تفادت السقوط في الرطانة والكلام الهجين بين العربية و البربرية..؟! في حين تبربرت القبائل الأخرى النازحة مثل الخزازنة و المواريد. كانت مزورفة متاخمة للخزازنة .. و كانتا تشتركان في إقامة موسم الولي سيدي العربي البوهالي .. وكانتا تختلطان في كل شيء .. في شغل مركض الفروسية واقتسام أموال الضريح و الإشراف على إدارتها .. ولكن على أرض الواقع الاجتماعي كان الموسم محفلا لألوان متنوعة من الطقوس الاجتماعية .. من رقصات أحيدوس البربرية إلى رقصات الهيت العربية ..من خلاخيل البربريات ذات الأهداب اللامعة والزنارات الأطلسية المنمقة إلى تنورات العربيات العادية الساترة للمفاتن ذات الأوان الغامقة .. من رزات البربر فاقعة الألوان إلى رزات العرب الشرقاوية البيضاء .. من جلاليب البربر الفاخرة إلى خناجر العرب المنسدلة فوق الخصر .. وظل كل طقس في مكانه متجاورا مع الطقس الآخر في سلام دون صراع أو امتزاج أو ذوبان ..سيشغل هذا السؤال طويلا بال المهدي وهو يحاول أن يرسم الخطوات الأولى لوضع تاريخ العائلة على مشرحة الفهم العقلاني كما سيشغلني أنا كذلك طوال حياتي .. عندما اقتحم إبراهيم غريب عالمه الجديد لم تكن المعالم على هذه الصورة الواضحة ولم يستقر كل طرف في مكانه التاريخي و الوجداني الذي ارتضاه لنفسه .. كانت حرب الثلاثين سنة التي أعقبت وفاة السلطان إسماعيل تشارف على نهايتها .. ولكن الأحقاد ظلت متوقدة و متوهجة .. و كان على كل قبيل أن يستقوي بماضيه و تراثه رغم أن الصراع لم يكن صراع هوية يقدر ما كان صراع سلطة ولكنه كان يتخفى وراء مظاهر قبلية متعصبة .. ولمعت في الفضاءات الزمورية بواريد الخزازنة الوالغة في الدماء و المذابح و المجازر .. أكانوا مرتزقة أم كانوا قبيلا يدافع عن حقه في الوجود .. ؟! لا يستطيع حتى التاريخ نفسه أن يحسم في الأمر .. لكن الدم سال في البطاح و الأودية والسهول .. ورددت تلال زمور حشرجات الموتى و أصداء البواريد الحاقدة .. و توسعت الخزازنة على حساب أراض مجاورة و اكتسحت قبائل ضعيفة و نحتت لها اسما للرهبة والخوف .. و كان على القبيلة الكبيرة المجاورة لها أن تستقوي بماضيها و ثقافتها لتواجه زحف الخزازنة ..و هكذا حافظت مزورفة على لكنتها وغربتها وطقوسها العربية ..وامتدت الحروب طويلا بين القبيلتين .. ولكن عندما لم يحسم الصراع ..و عندما أحستا بخطر الإبادة و الانقراض أقامتا هدنة عمرت طويلا رغم بعض الخروقات الطفيفة المتولدة عن بعض اللحظات العصيبة ..وولد موسم الولي سيدي العربي البوهالي شاهدا على هذا السلام المقدس .. وكان اعترافا باستقلالية الطرفين وحتمية حسن الجوار .. ومع السلام ولدت عادات اجتماعية جديدة .. عادات الطوايط التي تعني الروابط المقدسة بين قبيلتين تمنع الحروب و التزاوج بينهما لأن العلاقة ارتفعت إلى حدود القرابة الدموية .. ولم قرابة " الطوايط " سوى ارتفاع بالسلام المطلوب إلى مرتبة تضمن له عدم القابلية للنقض والانتهاك .. ومع مرور الزمان أصبح من المحرمات التي يمنع ارتكابها كالزنا وأكل الخنزير وشرب الخمر ..كان مسترقا في حياته .. ولكن الكبرياء وحرية الروح لم يفارقا أعماقه .. تقول عمة أبي فريالة .. الحرية لا تلد إلا الحرية .. انظروا هل ترون أحدا من آل غريب منحطا وساقطا ورقيعا ..أنهم الفخذ الوحيد الذي وصل إلى تقلد مناصب مخزنية ونيل شهادات تعليمية لم ينلها أحد من المزورفيين .. ولم تبالغ عمتي فريالة .. كان آل غريب هم العائلة الوحيدة التي تجاوز أبناؤها حدود الدراسة في كتاب البادية ومدرستها الابتدائية .. وخرقوا عادة الاكتفاء بالفلاحة كمورد للعيش .. و تسلقوا دواليب السلطة والوظائف الحكومية .. فيما بعد عندما عصف الجفاف الأكبر بالبلاد واضطرتهم الظروف القاسية إلى الهجرة نحو المدينة مرة أخرى كما هاجروا قديما .. وعندما فتح الحاج إبراهيم عينيه بعد طول المسير وعذاب الأسر .. كان فردا من أفراد قبيلة مزورفة .. كان مزورفيا حقيقيا لا يختلف عن أهل العشيرة الأصليين إلا في بياض بشرته وسورة الحزن الطافية على ملامحه ...


أعدت تعديل الخط حتى يتسنى لى

قراءتها باهتمام

ودون ان تتعب العيون.

اعدك اني سأردّ عليها قريبا.

شكرا على هذه الرواية

إذن الى اللقاء القريب في رد قريب.

محبــــــــتي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبد الحميد شوقي
مشرف
عبد الحميد شوقي


عدد المساهمات : 87
تاريخ التسجيل : 01/02/2008
العمر : 63

الموت في رابينة- الفصل الثاني -عبد الحميد شوقي Empty
مُساهمةموضوع: رد   الموت في رابينة- الفصل الثاني -عبد الحميد شوقي Empty6/3/2009, 14:29

الأخت سليمي


أعتذر بشدة عن تأخري في الرد عليك ...شكرا على الاهتمام والمتابعة...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فتحية الهاشمي
الادارة و التنسيق
فتحية الهاشمي


عدد المساهمات : 1899
تاريخ التسجيل : 23/01/2008

الموت في رابينة- الفصل الثاني -عبد الحميد شوقي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموت في رابينة- الفصل الثاني -عبد الحميد شوقي   الموت في رابينة- الفصل الثاني -عبد الحميد شوقي Empty6/3/2009, 18:53

هزّني الشوق إلى رابينة و إناثها و شيوخ عشائرها ان صح القول و ما كدت ألمح

اسمك أمامي على اللوحة حتّى هتفت " الحمدالله على سلامة" يا باعث الروح في رابينة

لعلّ المضارب شدتك أو لعلها العمة فريالة أو نانة الكاملة من دعتك فلبيت النداء

فعلا هناك كتابات تستصرخ ذاكرتنا ، فنمشي مغمضي العيون ، فقط هي أصابعنا من

تخيط الحكاية أو تجذب الخيط فيتبعنا الحكي مثل " كبة الصوف" حتى نتوه فيه

أو نتعثر فيه فنسقط في بواطننا ...

نعم يا عبدالحميد هي حكاية من ألف حكاية في ذاكرتك أو ذاكرتي ، كم نانة الكاملة

تهدهدنا بصوتها المتكلف للقسوة ، الساري بين ضلوعنا كهسيس الماء

كم أحتاج نانة الكاملة ، الان بالذات كي أرتق بها ذاكرتي

ألف مرحى يا عبدالحميد

لا تغب عنا

فعلا مدارات تحتاجك كي نؤثث للحلم و الحبّ فيها

ستزهر نانة الكاملة من بين جنباتها
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الموت في رابينة- الفصل الثاني -عبد الحميد شوقي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الموت في رابينة ..رواية لعبد الحميد شوقي
» في تكريم الشاعر عبد الحميد شوقي
» حين تلبس المأساة رداء الجمال (دراسة في رواية الموت في رابينة الجززء الاول )
» التجربة الشعرية عند الشاعر عبد الحميد شوقي
» لنرحب بالاخ العزيز عبد الحميد شوقي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مدارات :: مدارات سردية :: مدار الرواية-
انتقل الى: