مدارات
مدارات
مدارات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مدارات


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 الموت في رابينة ..رواية لعبد الحميد شوقي

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
عبد الحميد شوقي
مشرف
عبد الحميد شوقي


عدد المساهمات : 87
تاريخ التسجيل : 01/02/2008
العمر : 63

الموت في رابينة ..رواية لعبد الحميد شوقي Empty
مُساهمةموضوع: الموت في رابينة ..رواية لعبد الحميد شوقي   الموت في رابينة ..رواية لعبد الحميد شوقي Empty20/6/2008, 22:28




عبد الحميد شوقي











المـــــوت فــــي رابــــينــــة






رواية



1

اغتيال علي غريب



بحزن حارق..أقف أمامه ذاهلا ومنجرحا..تطفر الدموع من عيني وأحاول أن أثبت نفسي في حقيقة اللحظة..في صلابة الواقع المنفلت لكي أفهم وأدرك شيئا..و "هو" هنا أمامي صامت..محايد..ساكن إلى الأبد.. عيناه شاخصتان في أفق مجهول وخيط من الدم المتخثر مرسوم بين حدود فمه وحنكه ويمتد جامدا إلى عنقه..يده اليمنى متصلبة وآثار الإرهاق والعرق بادية بوضوح عليها..فيما انثنت يده اليسرى قابضة على أمعائه المتناثرة خارج بطنه..وفي هيئة دفاعية هجومية تقوست رجله اليسرى على شاكلة حرف النصر مقلوبا بينما تمددت رجله اليمنى طويلا طويلا كأنها تمد الرجل اليسرى بقوة ضافية عن طريق الهجوم والارتداد..تصل قطرات الدموع يدي المتشابكتين في ذهول حارقة وجامحة..وأنا أحاول أن أغمض عيني كي أنفي نفسي خارج المأساة..و "هو" هناك..بكل تفاصيله..بكل حضوره..بكل قامته..بكل صخبه..يعيدني إلى دموية اللحظة..بقع الدم متناثرة على عشب المكان المنسحق من أثر العراك والصراع..وغير بعيد عن الحيز الفاجع ارتمت إحدى فردتي حذائه ملطخة بالوحل واخضرار العشب وعليها آثار زبد البلل ..الفردة الأخرى ملتصقة تماما برجله اليمنى..حمراء ..متخثرة وقد انفتحت مقدمتها بشكل واضح.. وتصلني ضحكته الساخرة من فتحة ضرسه الورائية المخلوعة..وشفتاه منفرجتان تماما.. أكان يضحك أم هي علامات الصراع الطويل والإجهاد..علامات الساعة الأخيرة والرعب من حقيقة النهاية..؟! هي أمامي الآن منتشرة على محياه الموحل..ابتسامة ملغزة وفاقدة للمعنى الآدمي ..خصلات شعره المخملي متبرجة بشكل مدلل فوق جبينه مغطية عينه اليمنى ناسجة ذوقه الرفيع القائم على فوضى الهندام..لا..لا.. لم يكن يضحك ..لم يكن يبتسم.. كان يبكي عندما أدرك حقيقة نهايته ..كان يبكي بمرارة ..هو الذي عشق الدنيا حد الجنون .. لكنه في لحظة كبرياء جريح ربما حول دموعه الدنيوية إلى بسمة لا تجد معنى لها في حياة الناس على هذه الأرض..بين الحين والحين يتناهى إلى سمعي نحيب ما ..عويل متقطع ..حشرجات صوت آدمي أدمته السنوات ..أرفع بصري ببطء شديد كأنني أستكشف هذا المكان الغريب لأول مرة ..أجدها غير بعيدة عني ..أمه "الكاملة" بقامتها الفارعة وحضورها الحاد ووجهها التاريخي ..تبكي وتعول وتندب ..تلك المرأة الأسطورية التي ربتنا جميعا ..أحبتنا وضربتنا وعانقتنا ولعنتنا جميعا ..مزيج من القوة والعطف ..امتلاء في برية خالية ..هالة مجرة مظلمة سحيقة ..ألتفت قليلا نحوها ..واقفة بكل سنواتها الطويلة أمام الموت في هذه اللحظة العدمية ..لا أستطيع رؤية ملامح وجهها ودموعها الإنسانية وخطوط الندب في وجهها ..أكتشف الفضاء الجنائزي شيئا فشيئا ..هناك عين مهجورة وساقية قديمة البناء تشقق صهريجها وقلت مياهها من أثر الجفاف الذي عصف بالبلاد في السنوات الأخيرة .. بعض أشجار الكالبتوس متناثرة في الطرف الآخر من المكان وممتدة في صف يلتوي نحو منطقة لا ترى ..أشواك ..أوحال ..أقمشة مهترئة ..أحجار معدنية متفرقة فوق السهل الضيق الذي يقع في منحدر المدينة عند نهاية البنايات ..ثم تأخذ الصورة في الاتضاح وكأنها خارجة من عدسة هلامية .. نساء متشحات بالكآبة والرعب ..أكتشف منهن أمي وأختي الحامل ..أصعق لمرأى أختي ..ذابلة حتى الاصفرار .. غارت عيناها في محجريهما ..يبقع الكلف طول وجنتيها .. كانت الصدمة أشد قساوة من حقيقة الموت نفسها كرحيل وغياب .. عندما سافر إليها أخي بالأمس لكي يخبرها بالمأساة لم تتحمل وهي تحت ثقل الحمل وانهارت بضع لحظات قبل أن يدركوها بالإسعافات الأولية ..في بطنها بذرة للحياة ستأخذ مكان الراحل ..ولكن الحياة ليست مجرد تعاقب للكائنات البشرية ..إنها أفراد بلحمهم ودمهم يموتون ..ببصماتهم الخاصة وملامحهم الفريدة وأشواقهم المتوحدة ..أفراد يموتون ليكون لدورة الحياة معنى..آه ..!..غير بعيد عن أختي تأتيني صورة بنات عمي .. سحيقات في سمرة الموت ..يشهقن دون توقف ويبكين بمرارة حارقة ..لقد أعاد الموت إليهن ذكرى الرجل الطيب الذي مات منذ خمسة عشر يوما فقط ..عمي محمد والدهن ..أو الأجدان شاف كما يحلو لنا أن نناديه في العائلة.. مات عمي عن كبرياء فروسي ونخوة رجولية ..أذكرها تلك اللحظة الكئيبة الناشجة بدموع لا تنهمر ..جاءتني الأخبار وأنا في فاس .. في فضاء الكلية المتحرك الحزين الجميل الصاخب ..كلمة بسيطة قالها أحد الأصدقاء العائدين من رابينة .."لقد مات عمك..!" ..وجاء الصمت كاسحا كالأعاصير ..ثقيلا كالرزء ..مات الرجل الطيب ..لقد هزمه السرطان في نهاية المطاف ..وتنهال الذكريات من مخيلة سحيقة ..فتن عهد السيبة ..سجون الألمان في الحرب الكونية الثانية ..أدغال الهند الصينية بكمائنها وفخاخها وجثثها المعلقة على الأشجار ..الضياع في جيش الاستقلال المغربي ..أية حياة ..؟! وهو دائما هنا ..بحضوره الفذ ..بهالته المتوهجة ..بوجهه الرجولي ذي الندوب التاريخية ..ندوب جذري قديم ..ندوب بارود ..ندوب معارك بعيدة ..ندوب كرم لا ينتهي ..صامت دائما ..كلماته القليلة حكمة ناطقة ..لا أصدق أن هذا الرجل الوقور المهيب كان سيد اللذة والفتنة والليالي الحمراء ..نساء وخمور وأغان مرساوية قديمة تشق أحراش الشاوية الخضراء وأحزان البحارة في مراسي الدار البيضاء ..وهو هنا ..دائما هنا ..تجده في مكان ما .. في زاوية ما .. حتى في شغاف القلب تجده ..في الحافلة من فاس إلى رابينة أتأمل عبثية الوجود ..كنت قد قضيت ليلة بيضاء ..لأول مرة في حياتي أدخن مخدرا حتى الغيبوبة ..في الجلسة اللذوية أحدهم قال لي : " لا تبتئس ..لست محترفا ..إنما تنحي المبادئ لبعض الوقت ريثما تمر المحنة ..! " ..لم يكن يهمني الموقف أو المبادئ أو التخدير ..كنت أمام الموت مباشرة ..ما تم فيما بعد كان أقسى من الرزء ..عماتي وبنات عمي وأمي وأخواتي وكل العائلة في استقبالي ..كانوا ينتظروني أنا بعد مرور أسبوع على دفن عمي ..عويل .. صراخ ..نشيج ..بكاء ..عناقات جنائزية طقوسية ..والدموع لا تأتي ..كنت أخفي عيني ..ثم فجأة في أحضان كبرى عماتي انفجرت بكل طاقات الحزن والكآبة المتقدة في جوانحي ..دموع حارة مثل أمطار رابينة .. وفي الليل التقيته عندما عدت إلى البيت ..التقيت علي ..هادئا كان في حزنه ..تائها كان بعينيه الثاقبتين ..ركبنا سيارته ..وفي الخلاء خارج المدينة كنا نشرب ..وكنت أبكي ..صار للحزن إيقاع دافئ بفعل الخمرة ..بعد ثلاثة عشر عاما من موت أختي فتيحة ..ها هو الموت يداهمنا ثانية ..كنت صغيرا عند موت أختي ..ولم يكن للموت من معنى سوى الفراق المر ..أما الآن وأنا شاب فإن الموت يصبح قدرا مأساويا ينهش خلايانا ويترصدنا كل حين ..كان علي يحدثني عن عمي ..كانت كلماته حزينة وهادئة وذات حنين فياض ..لم يكن يحدثني عن حياة عمي وتاريخه ..كان يدخلني إلى تفاصيل الإنسان الراقد بداخل عمي ..عن ذلك الشبح الآخر من شخصية عمي والذي كان متواريا خلف أغلال المظاهر ..تهتاج الخمرة في هذا الخلاء الليلي الكئيب ..لكن لست أدري لماذا انتابني فجأة إحساس غامض بغرابة كلمات علي ..كأنه كان يتكلم عن شيء ما ..عن شيء آخر ..وخيل إلي كأنه كان يقرأ في موت عمي قدرا ما ..أفقا ما .. أذكر تساؤلاته في الغد وهو يحادث أمه الكاملة عن والده الذي توفي منذ اثنين وثلاثين عاما ..وتركه هو في شهره السادس ..آه .. تضحك نانة الكاملة ..هكذا كنا نناديها في العائلة ..كان حمادي راهب اللذة الذي لا يقهر ..كان يبحث عن الكلمة الحلوة ..والنكات الماجنة .. ويركض خلف المغنى الراقص ..ويحب النساء كثيرا ..كان دائما يقول لنا : " إذا مت فادفنوني في قبر تمر به طرق المقبرة لكي تلمسني النسوة ويقبلنني ويسقين قبري بتأوهاتهن الأنثوية .." .. تتأوه نانة الكاملة وتتابع .." لم يكن يدري أنه سيموت قريبا ..مات عبثا ..دون سبب عضوي ..دون مرض ..دون سابق إنذار ..فقط وجدته هادئا في فراشه ..ناديته وناديته ولم يجب ..وعندما حركته كان باردا وجميلا وضاحكا كعادته ..وفي عينيه أثر للذة لم تشبع ..آه ..آه ..! ..يضحك علي ويفرك يديه لكي لا يعطي للجو كل أبعاده المأساوية .." شيطان هذا الوالد ..أحبه لأنني مثله أعشق النساء واللذة ..لماذا تلومينني على ذلك ..؟ ما ذنبي إذا كان الوالد قد أورثني ذلك ..؟ ..أسمعت يا نصر ..؟! " ويلتفت إلي .." أسمعت ..كان شقيا وشيطانا وماجنا ذلك الوالد ..! " ..ولم نلتق طوال يومين ..ولم أكن أعلم أنني أسمع آخر كلماته وأننا لن نلتقي أبدا ..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبد الحميد شوقي
مشرف
عبد الحميد شوقي


عدد المساهمات : 87
تاريخ التسجيل : 01/02/2008
العمر : 63

الموت في رابينة ..رواية لعبد الحميد شوقي Empty
مُساهمةموضوع: الموت في رابينة-2 عبد الحميد شوقي   الموت في رابينة ..رواية لعبد الحميد شوقي Empty20/6/2008, 22:31

أرفع بصري وأتابع دورة النظر .. في وسط المشهد تصعقني الجثة ..وأهرب بعيني بعيدا بعيدا عن فظاعة الحادثة ..لكن شيئا ما يعيدني إلى الجثة ..تحت الذقن خط نصف دائري مرسوم فوق الحنجرة تماما ..خط أحمر كامد .. آه ..إنه أثر الذبح ..كان واضحا أن القاتل ذبح ضحيته بعد قتلها ..يبدو ذلك من خلال شكل خط الذبح .لا وجود لالتواءات تدل على صراع بين الطرفين ..وحتى اليد لا توجد قرب موطن الذبح كعلامة على الإحساس بالألم .. بل كانت قابضة أسفل الصرة على الأمعاء ..من أعماق الناس المتحلقين حول الجثة تأتيني عينان كسيرتان وذابلتان ..لكن الوجه قاس في كبريائه وغضبه ..عينان محمرتان بفعل بكاء ناري ملتهب .. كانتا عيني أخي الأصغر إبراهيم ..لا يتحرك ..لا يتأوه ..لا يزيغ ببصره .. فقط كان ينظر شابكا يديه أمامه ..لقد عاد هذا الصباح من مكناس حيث يتابع دراسته ..أخبرناه ببرقية بسيطة اختزلت كل الفاجعة .." مات علي ..تعال ..! " ..أعرف ما يحترق بداخله ..لا أحد منا أحب علي مثلما أحبه إبراهيم ..ولا احد أحب إبراهيم مثلما أحبه علي ..بينهما خط حب جارف لا يرى وكأنهما قلبان لجسد واحد ..أو جسدان لقلب واحد ..أخذه علي في أسفاره الطويلة وفي مغامراته العديدة ..علمه الحب والصيد والقتال والسباحة والقوة والطيبوبة ..كان يرى فيه صورة مستعادة من ذلك الجد الأكبر إبراهيم الذي يملأ حكايات سلالتنا ويحضر في الغاب أطفالنا وفروسية أعمامنا و آبائنا ..كانا يحملان نفس الاسم ..أكان ذلك بفعل الصدفة ..؟! ..لكن حسب الصورة التي رسمناها جميعا لذلك الجد البعيد فقد كان بين الإبراهيمين تشابه كبير إلى حد الحلول والاتحاد ..وتقتحمني عيناه بشراسة في هذا المشهد المناحي ..رأسه معصوبة بشريط أبيض ..هو ألم الرأس ..أعرف أن إبراهيم ينوء بوجع الرأس عندما يفرط في البكاء ..قاس هو الغياب العبثي ..هو يفكر الآن في موت علي فقط أكثر مما يفكر في الانتقام له ..الانتقام وضاعة إنسانية ..لكن الموت في هذه اللحظة فظاعة رهيبة ..انشطار لقلب يتعدد في جسدين معذبين ..جسد علي وجسد إبراهيم ..لماذا لا يغطون الجثة ..؟ هكذا يتساءل أخي ربما الآن ..على الشرطة أن تلتقط لها صورا من كل الزوايا .. صورا لكل الأطراف ..وللمناطق القاتلة بالدرجة الأولى .. يتنقلون هنا وهناك ..يقيسون وضعية الجثة وموقعها بالنسبة لآثار الأقدام المرسومة على وحل العشب المتكسر ..حركات عصبية ..دخانات سجائر ..وبدايات أسئلة أولى على درب التحقيق البوليسي ..يبدو من خلال آثار الأقدام أنه كان هناك أكثر من شخصين .. لم يكن القاتل والمقتول وحدهما ..كان معهما ثلاثة أشخاص أو أكثر ..من بعيد يأتيني صوته واثقا وعميقا .." في إحدى مغامراتي كانوا أكثر من أربعة صعاليك أحاطوا بي ..ترصدوا خطواتي في إحدى الأسواق التي اشتغلت بها وتعقبوني لنزع نقودي ..كنت وسطهم وحيدا أعزل ..وكانوا ضواري شرسة ..في أعينهم نيران العتاة الرعاع الذين لا يحملون في دمهم سوى كريات النهب والخراب والقتل ..وفي لحظة انتفاضة مارقة كتحد للموت المحدق كنت بعيدا عنهم وكانوا يطاردوني عدوا ..كيف أمكنني الخروج من دائرة الحصار وحلقة الموت ..؟ لست ادري ..كنت دائما على موعد مع الخطر وكانت أحاسيسي تنقذني في النهاية كأنها نبوءات إشراقية وقرون استشعار ..!!" .. ويضيع في أعماقي صوته الناشج .. تتتابع البكاءات في أصوات متهدجة ..شهقات كائنات مفجوعة أثكلها الزمان ..يصل بكاء نانة الكاملة متفردا ومتوحدا في مرارته ..كأنه عويل ذئب جائع في برية جليدية ..لا أستطيع رؤيتها ..لا أجرؤ على النظر إليها ..لكن هالتها تنقض علي .. تحاصرني وتكتسح حدود جسدي ..جدائل عجوز متناثرة ومتهدلة ..جدائل قليلة بفعل الشيخوخة ..بين الاحمرار وابيضاض الشيب ..أنفها ناتئ وشامخ في تقاطيع وجهها ..تتسع وجنتاها جانب الأنف ثم تبدآن في الضيق وهما تنحدران ناحية الفم إلى أسفل الذقن ..لم تنل السنوات السحيقة وعوادي الزمان من جمالها البدوي ..عجوز في هيئة مهرة متحفزة ..لكنها اليوم لا تستطيع صبرا على موت علي ..هي التي وارت بأيديها جثامين أولاد وبنات خرجوا من صلبها ..وشيعت جنازات أزواج عرفتهم في حياتها المديدة .. كان الموت دائما بجانبها ..ولد معها ..شب معها ..وصاحبها في أسفار البدو الطويلة ..رأته بعينيها وهي طفلة أيام الحروب الأهلية واقتتالات القبائل الزمورية ..تحسست معاوله في الأوبئة الفتاكة التي كانت تحصد قبائل بأكملها ..حملته معها في ليالي البرد والجوع وهي تسافر مع الرحل إلى مناطق نائية بحثا عن الماء والكلأ أو هروبا من شبح الحرب وغارات القبائل المعادية ..كان الموت نسيجها وهواءها وخبزها اليومي ..وفي كل مرة كانت تخرج ظافرة منتصرة ..وتزداد انتصابا وشموخا وبهاء ..لكنها اليوم تقف مولولة نادبة كأنها تصدم بالموت لأول مرة ..يتواصل عويلها ويتقاطع مع نحيب النائحات ..أخوات علي ..أخواتي ..بنات عمي .. عماتي ..جارات قريبات .. نسوة جلبهن البكاء فقط ..ذكرهن بحبيب ميت ..صديقات عرفهن في حياته ..وتتشابك أصوات النحيب في هذا العراء الأسود ..فقط أصوات نساء ..لا صوت رجولي واحد ..الرجال يبكون في هدوء ..يبكون داخل القلب ..ثم يحتد العويل مع قساوة الغياب ..بدأت الشرطة تسحب الغطاء فوق الجثة ..ربما تكون هذه آخر مرة نرى فيها هذا الوجه المنسحق المعذب المرهق العنيف ..كوجه إله إفريقي أو عراف بوذي ..أتذكر ذلك المنسحق الآخر ..أخي إبراهيم ..من سحاب الذاكرة يأتي وجهه طفوليا ..كانوا يغسلون جثثها وقد منعوا الصغار من الاقتراب من غرفة التغسيل ..وهو هنا وهناك ..ينط ويزحف ويدفع بكل شراسة وقوة ..كنت أنا متكئا بذراعي إلى نافذة الفناء أتأمل هذا المشهد الجنائزي وأراقب إبراهيم ..أحقا ماتت فتيحة الملاك البريء الذي لم يشتعل سوى ست سنوات وانطفأ في ليلة باردة ..لقد أسلمت روحها لقدر ورم خبيث في جمجمة الرأس ..؟؟ ورأيته يتسلل إلى مرقد الجثة المسجاة ..ألقى عليها آخر نظرة وانسحب ذاهلا عن العالم ..بعد دقائق أخرجوها ..قطعة صغيرة من قماش أبيض يحملها فقيه بين يديه ..هذا هو كل أختي ..وفي لحظة خبل ماج الكون وانهارت روافع الوجود عندما غادروا المنزل في اتجاه المقبرة ..وكان إبراهيم يشهق ويصرخ وقد تهدج صوته ..ضمته امرأة مجهولة إلى صدرها وغاب في روائحها الإنسانية ..كان الموت أقسى من كل شيء ..أن يغيب الوجه الأليف بكل تقاطيعه وحركاته عنك ..هذه هي الفظاعة ..وأفظع منها أن ننبذه نهائيا ونخفيه تحت التراب ..غطوا الجثة تماما وبدأ رجال الشرطة يدفعون الناس ..برقت الأضواء اللامعة لسيارة الشرطة ولسيارة الوقاية المدنية ..ستختفي الجثة نهائيا ..أكيد أنهم سيحملونها إلى المشرحة لتحديد أسباب الوفاة بصفة شرعية ورسمية ..سيشوهونها ثانية ..آه ما أقسى هذا العذاب الإنساني ..! لكن ماذا حدث ..؟! كيف تمت الجريمة ولماذا قتل علي ..؟! ومن قتله ..؟! كيف انهزم الفارس الكئيب وانتهى هذه النهاية الفاجعة ..؟!ومن بعيد تأتي رابينة دبقة.. تأتي لزجة..تحمل رياحا زنخة..رياح مأتم أسطوري ومناحات طقوسية..أتحسسها وهي تغشى مسامي عفنة ثقيلة وكريهة.. ها هي قد كشفت عن وجهها الإجرامي أخيرا.. هو الذي أحبها وعشقها..حملها في نبضه..هتف بها في ملاعب كرة القدم في المدن الأخرى..لهج بها في ترحالاته..في سجونه العديدة..حفر اسمها في كل حيطان الفضاءات التي جابها.. ولم يكن يطلب منها سوى أن تأوي يتم أصله الأول وتحضن اغتراب جده البعيد البعيد..وأن يستحق فيها شمسه وخطى قدميه وموته..كان يجدها دافئة في بذاءات المومسات وعري الأزقة الفقيرة
وتبلل الأكواخ المهترئة..كانت تشرق في كل ليل..تتوهج في كل انكسار..ويدندن بها ألحانا تتلجلج بين ضلوعه وأحراش قلبه المعذب..رابينة النفي والكأس والمطر واللحن..رابينة الجسد العاري والكلمات البسيطة وزخات الحزن الهادئ المخمور.. شهد ولادتها العسيرة وانتقالها الموجع من مضارب الخيام إلى منازل الإسمنت.. من الطرقات المظلمة الموحلة إلى الشوارع الإسفلتية المضاءة..ورأى أول تجعيدة على محياها الغض البسيط.. لكنها كانت تكبر في كل دقيقة جميلة وفاتنة ومخيفة..كانت الأخاديد الآسنة تختفي شيئا فشيئا..وانقرضت فجأة جماعات بشرية كانت تسكن في الهوامش والأحواز ولم يلتفت إليها أحد..كان يناضل ضد التآكل والانقراض..
تزعق أبواق سيارة الوقاية المدنية..تلمع في الفضاء أضواؤها وقحة وكئيبة..يطارد رجال الشرطة الناس ويفرقونهم..يأتي الغياب كاسحا وجارفا كجوف مغارة موحشة..اختفى شبحه وهالته وحضوره ولم يتبق منه غير بقع دم متخثر وعشب منسحق وأوحال يابسة..كان ينشد لها جراحاته وانكساراته..وكان يراها صنجا نحاسيا يعزف عليه مواويل لصبايا القلب السائحات في الخيال..ورابينة ما رحبت به يوما..وما استطابت مغناه وحماقاته وتجوالاته الليلية..كانت تقتل فيه الطفل الشقي المشاغب كل يوم ولا تفتح له إلا قلبا جليديا كالحا وقاسيا..كان يراها تفتح ذراعيها لقتلة الأشواق والدفء..أليفي الصفقات السرية والمؤامرات الليلية..ذات مساء مطري وبارد ولدته رابينة على قارعة طريق موحلة وتركته فوق رصيف قذر وهربت بعيدا.. ولكنه لم يحمل في دمه جراثيم للحقد والثأر..فقط أحبها حد الجنون..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبد الحميد شوقي
مشرف
عبد الحميد شوقي


عدد المساهمات : 87
تاريخ التسجيل : 01/02/2008
العمر : 63

الموت في رابينة ..رواية لعبد الحميد شوقي Empty
مُساهمةموضوع: الموت في رابينة-3 عبد الحميد شوقي   الموت في رابينة ..رواية لعبد الحميد شوقي Empty20/6/2008, 22:32

يداي في جيبي..والطريق شاردة إمامي..تتناثر أصوات المناحات في آفاق رابينة..وتضيع سيارة الوقاية المدنية.. في منعطف ما ..تشتعل عيناه ألما وكآبة..ولا يبرح مكانه..أتقدم نحو أخي إبراهيم..مرتعشا أجده..حارقا وملتهبا..أطوق منكبيه وأريح رأسه فوق صدري..يسح سحابا من الدموع..يرفض أن يتكلم..هذا الكائن المتوحد الآتي من عتمات السلالة الشريدة لا يتكلم إلا قليلا..أسحبه بهدوء ونمضي طرقات نادبة ومبللة..لن يأتوا بجثمان علي إلا في المساء..عليهم أن ينقلوه إلى المستشفى الإقليمي من أجل التشريح..سيكون علينا أن نقبل الحقيقة الفاجعة عندما يتوجهون به إلى المقبرة..من بعيد تبدو منازل رابينة أسيانة وكسيرة..يلف المدينة رذاذ ناعم..كنت دائما أفتتن بمطر رابينة الشبقي..كان يستيقظ في أعماقي بعثا حقيقيا..بعثا للأشياء وتجديدا لأشكال الوجود..وكان يسكنني كشهوة مؤجلة تماما مثل علي..في فاس بالكلية لا أطيق المكوث أكثر من شهر ثم أعود..دائما أعود ليلا في ستيام العاشرة..أضع حقيبتي وأسلم سريعا على الأسرة وأقذف بنفسي في الشوارع المظلمة المطيرة..ألف حول عنقي شالا سميكا وأزر معطفي الصوفي بعناية وأتيه..أحادث الغبطة..أكلم السحر والدهشة..لماذا تبدو رابينة جميلة وفاتنة تحت هذا المطر الحليم..؟! لست أدري..وعندما أتعب..ادخل إلى أنوال ..مقهى ليلي صغير ودافئ..أجد بعضا الأصدقاء ..طلبة يذاكرون ..موظفون مصابون بالأرق ..معطلون يسبحون في قساوة اللحظة..ندلاء لا يتكلفون الحب..بائعو سجائر بالتقسيط يقفون خلف زجاج المقهى يتابعون تهاطل المطر ..أدخنة السجائر..روائح قهوة سوداء..قهوة نصفية ..شاي منعنع..ورائحة خمر تأتي من الجناح العلوي للمقهى.. أحتسي قهوتي النصفية بلذة ..أحب أن أتذوق فيها البن أكثر من الحليب ولذلك لا أضع فيها أكثر من قطعتي سكر..وأدخن سيجارتي الشقراء بنهم..غالبا ما أجد إبراهيم في انتظاري.. يعرف مدى حبي للمطر والليل والبرد والقهوة وجلسات الدفء .. وحتى عندما لا أجده لا يلبث أن يلحق بي .. دائما يترك لي الوقت الكافي للقيام بصوفيتي المطرية بين الحواري الضيقة النائمة .. دائما نتحدث عن مطر رابينة .. عن ليل رابينة .. عن دفئها الغامر .. لكن الصمت كان يسودنا كثيرا .. ونغرق في تأملات سحيقة لا يعكرها سوى صديق يأخذ مقعده معنا ليسلم علي ويسألني عن موعد المنحة وأحوال الدراسة وأجواء النضال الطلابي ..ولا أتعب من رابينة .. بعينين أسيانتين أنظر إلى الأشياء .. أحولها من خرسها وجماديتها وأتواصل معها ..أجد المعنى في كوامنها وأغتبط مثل صوفي واصل .. يجذبني إبراهيم من ذراعي برفق .. نودع الأصدقاء وننصرف صامتين تحت مطر رابينة الأليف ..
لم يأتوا بجثمانه في المساء .. قضى الليل بمبردات مستودع الأموات .. ورابينة هذا المساء مناحة قاسية .. مرثية مرعبة .. كأنما أصيب العالم بشرخ وانهالت من جراحاته دماءات سوداء .. زرقاء .. حمراء .. في الحي تعانقني وجوه واجمة .. ملامح ذابلة .. قسمات كسيرة .. انتشر الخبر بسرعة البرق وكان له وقع الصاعقة .. لقد قتل علي غريب .. ذبح ..اغتيل ..أودت به حماقاته في نهاية المطاف ..هذا فرد آخر من سلالة آل غريب يموت ويضيع في شفق القدر المحتوم ..وكأنما كتب على آل غريب ألا يعرفوا السلام أبدا في هذه الأرض .. ومن رماد التاريخ البعيد .. يجيئني وجه ذلك الجد الأكبر الذي زرع سلالتنا في هذه الأحراش النائية ..يجيئني صامتا ومعدما بوجه معذب ومرهق ..يجلس فوق رابية صغيرة ويتأمل في تقلبات الطبيعة مصير السلالة كلها .. في مساء الغد امتدت الجنازة المهيبة قرونا وقلوبا وأزمنة مروعة ..يشق الحفارون حفرة في الأرض وينتظرون الشاحنة الرمادية التي تسير على مهل حاملة جثمان علي ومغلقة على جروحاته وتشوهاته في تابوت خشبي عادي ..النساء على أسوار المقبرة لا يستطعن الاقتراب من مكان الدفن ..الرجال يهمهمون .. جماعات تتطوع لإنزال الجثمان وتهيئة القبر وجلب الماء وخلط الطين ..جماعات تصلي .. جماعات تبكي .. وجماعات تنظر إلى الأشواك المسيجة للمقبرة وتحاول البحث عن آثار قبر ضائع .. وفي لحظة الإنزال يجثو أصدقاء علي على ركبهم ويقبلون الصندوق .. في المقل دموع الفراق ..دموع الحب ..دموع الوفاء ..دموع الاحتراق والغياب الأبدي .. وتنغلق الحفرة نهائيا .. من أسوار المقبرة يشهق العالم ببكاء النسوة المفجوعات .. وتختفي الشمس نهائيا خلف تلال رابينة السمراء .. ويرقد علي في حجرة الظلام الأزلية ..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فتحية الهاشمي
الادارة و التنسيق
فتحية الهاشمي


عدد المساهمات : 1899
تاريخ التسجيل : 23/01/2008

الموت في رابينة ..رواية لعبد الحميد شوقي Empty
مُساهمةموضوع: رد   الموت في رابينة ..رواية لعبد الحميد شوقي Empty21/6/2008, 19:09

الرائع حدّ البكاء

عبدالحميد شوقي

هو علي يفتح جرحه على كلماتي فتورق من جديد

هي نانة الكاملة بكل كمالها و عنفوانها تزهر من شجر الحزن ، شامخة ، أبيّة

هي الرواية بتفاصيلها الصغير ، تشمخ في وجه الدّمع ...

صديقي ، ها أنا أعيش مع نانة الكاملة ، المرة تلو المرة و ما كل مرة مثل سابقتها

شكرا على كل هذا البذخ اللغوي ...

ها أنا أعيش تفاصيل الرواية الباكية و أعيش ...

مرحبا بك صديقي بيننا و أنا جد واثقة أن من يقرأ هذه الأجزاء سيسقط فيما سقطت فيه

و لن يخرج من عشق " نانة الكاملة" ...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبد الحميد شوقي
مشرف
عبد الحميد شوقي


عدد المساهمات : 87
تاريخ التسجيل : 01/02/2008
العمر : 63

الموت في رابينة ..رواية لعبد الحميد شوقي Empty
مُساهمةموضوع: رد   الموت في رابينة ..رواية لعبد الحميد شوقي Empty22/6/2008, 22:14

الغالية فتحية
لقد جعلتني أعشق روايتي من جديد بعد أن انقطعت عن كتابتها زمنا طويلا .. شكرا لكرمك الإنساني الحليم .. وها نحن نتواجد ثانية من أجل حوار متجدد .. محبتي وتقديري ..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حسن بواريق
الاشراف العام
حسن بواريق


عدد المساهمات : 801
تاريخ التسجيل : 12/02/2008
العمر : 70

الموت في رابينة ..رواية لعبد الحميد شوقي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموت في رابينة ..رواية لعبد الحميد شوقي   الموت في رابينة ..رواية لعبد الحميد شوقي Empty23/6/2008, 11:38




الأخ الكريم عبد الحميد شوقي
أسجل مروري للتحية
وأنا أقرأ الرواية , شدتني التغاصيل الدقيقة لسردك وانتقلت بي الى حيث
المكان والزمان وكأنني اعيش فعلا هاته التفاصيل
لحد الحزن لحزنك و حزن ابراهيم.
راااااااااااااااااااااااااااااااائع اخي cheers cheers
دام لك الألق
مودتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبد الهادي الفحيلي




عدد المساهمات : 93
تاريخ التسجيل : 05/02/2008

الموت في رابينة ..رواية لعبد الحميد شوقي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموت في رابينة ..رواية لعبد الحميد شوقي   الموت في رابينة ..رواية لعبد الحميد شوقي Empty23/6/2008, 23:11

منذ متى لم أقرأ شيئا جعلني أغضب بهذه الصورة التي أنا عليها الآن؟؟؟ لا أدري تماما!!!
صديقي؛ كلمات بعثت بها إلي العزيزة فتحية أعادت إلي بعض رشدي الإنساني وها هي هذه الأجزاء من روايتك تنتشلني من حالة السهو التي انتابتني هذه الايام.
سي شوقي: ما حكاية هذا الموت؟ بل ما حكاية رابينة؟!
وأنا أقرأ أبصر درويش والسياب وإليوت وعبد الرحمن منيف وكافكا ولوركا ... نعم حتى لوركا ومن لم يعجبه كلامي فليذهب إلى الجحيم. لا أتكلم عن النص الغائب هنا وتلك الترهات النقدية التي تتبجح بالتناص وما لست ادري. أناأتكلم عن ذلك العمق في الإبداع. هناك نصوص تحس أنها تكتبك, تؤرخ لمأساتك الشخصية, تجعلك تكتشف أن الماساة واحدة, فقط تأخذ أشكالا وصورا متعددة لكن الجوهر واحد. نعم صديقي أنت تكتب نصا يمتد من الشعر إلى هذه الرواية التي ابتدأت قوية عنيفة بلون الدم حتى ليخيل للمرء أنها ستتعب لتستحيل واهنة ولن يجد كاتبها ما يسود تلك الصفحات التي تفرد عذريتها وتدعو لانتهاكها.لكنها استمرت بنفس القوة بل أكثر. أنت تكتب نصا واحدا منذ أول كلمة خطتها يمينك ذات نص ينوح حتى آخر حرف هنا -من لم يعجبه كلامي فلي.....- حتى هذه الرواية -كما أعتقد- هي قصيدة تتخذ شكلا ملحميا.
ترى ما حكاية ذلك الاسم : علي غريب؟ أشم رائحة التاريخ تعبق بقوة.سيجد هواة النبش تحت غطاء الكلمات ما ينشغلون به.
قد يكون القتيل هنا هو السارد!!؟؟ ربما. أنا قلت في البداية أن هذا النص جعلني أغضب. لأنه ببساطة جعلني أتمرغ في وحل مأساتي.
أخي عبد الحميد أنت تؤرخ لمأساتنا وتكتب بشكل أحبذه كثيرا في التأليف. شكرا لك وعذرا لأني أخط هذه الحروف وأنا أرتعد غضبا. أنتظر الآتي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبد الحميد شوقي
مشرف
عبد الحميد شوقي


عدد المساهمات : 87
تاريخ التسجيل : 01/02/2008
العمر : 63

الموت في رابينة ..رواية لعبد الحميد شوقي Empty
مُساهمةموضوع: رد   الموت في رابينة ..رواية لعبد الحميد شوقي Empty24/6/2008, 21:33

الفاضل حسن بواريق
أحييك بما يليق بالكبار وأرحب بقراءتك لما كتبت .. أرجو أن يتيح لنا هذا الحوار فسحة للإفصاح عن شواغلنا الفنية .دمت مبدعا ..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبد الحميد شوقي
مشرف
عبد الحميد شوقي


عدد المساهمات : 87
تاريخ التسجيل : 01/02/2008
العمر : 63

الموت في رابينة ..رواية لعبد الحميد شوقي Empty
مُساهمةموضوع: رد   الموت في رابينة ..رواية لعبد الحميد شوقي Empty24/6/2008, 21:47

صديقي عبد الهادي
لا أذكر متى قلت لك إن تعاليقك على نصوصي تجعلني أخجل من نبل شموخك الإنساني .. وها أنت الآن تؤكد نفس الانطباع .. أحسست بصدق قراءتك ووهج تفاعلك مع الموت الجاثم على الفصضل الأول من الرواية بل إنك رفعتني لمصاف الكبار وها فخر لي لا أستحقه لأنني مجرد كاتب مغمور .. ماذا أقول لك ؟ لقد احتفظت بهذا النص زمنا طويلا في مكتبي حتى جاءت الفرصة الرقمية التي جعلتني أعود إليه والفضل يرجع للرائعة فتحية الهاشمي التي أحست بمناحة الكتابة .. لا أستطيع أن أقول هل علي غريب هو السارد أو هل هو شخص آخر .. سأحتفظ ببعض أسرار الرواية إلى حين .. كل ما أستطيع أن أقوله هو أن مشهد الموت واسم علي غريب وبلدة رابينة .. كل ذلك يمثل مأساة عشت مادتها بدمي وفداحة مواجعي ولكنني غيرت في الأشياء بما يليق بالعمل الروائي .. لكن العمق يقوم على لقطة مأساوية حقيقية عشتها فعليا بموت أحد أقربائي موتا تراجيديا .. ربما سيتيح لنا الحوار على امتداد الشهر أن نعمق في كثير من الأمور المتعلقة بالكتابة والتجربة الروائية .. لن أنسى أبدا أن تعاليق على قصائدي السابقة مثلت لحظات إشراق سحبتني خلفها لمواصلة الكتابة والنشر الرقمي .. تحياتي ..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الموت في رابينة ..رواية لعبد الحميد شوقي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الموت في رابينة- الفصل الثاني -عبد الحميد شوقي
» حين تلبس المأساة رداء الجمال (دراسة في رواية الموت في رابينة الجززء الاول )
» حفل توقيع ثمة أشياء صغيرة تحدث لعبد الحميد الغرباوي
» في تكريم الشاعر عبد الحميد شوقي
» صور من حفل توقيع رواية " غرب المتوسط " لعبد العزيز جدير

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مدارات :: مدارات سردية :: مدار الرواية-
انتقل الى: