حوارالشهر مع الشاعر و الروائي المتألّق عبدالحميد شوقي

بين مرارة الموت و لذّة الكتابة تنبثق * الموت في رابينة*

لهاثا عاصفا

... يصل بكاء " نانة " الكاملة ، متفرّدا و متوحّدا في مرارته ... كأنّه عويل ذئب جائع في بريّة جليديّة ... لا أستطيع رؤيتها، لا أجرؤ على النّظرإليها... لكن هالتها تنقضّ عليّ ، تحاصرني و تكتسح حدود جسدي ... جدائل عجوز متناثرة و متهدّلة ... جدائل قليلة بفعل الشّيخوخة بين احمرار وابيضاض الشّيب ... أنفها ناتئ و شامخ في تقاطيع وجهها... تتّسع وجنتاها جانب الأنف ، ثمّ تبدآن في الضّيق و هما تنحدران ناحية الفم إلى أسفل الذّقن ...لم تنل السّنوات من جمالها البدويّ ... عجوز في هيئة مهرة ، متحفّزة ... كان لا بدّ لي أن أبدأ من هنا ...لماذا ؟ عجوز في هيئة مهرة ، متحفّزة ...هي هذه الجملة بالذّات من أخذت بناصية قلمي و جرّتني إلى دهشتها ، عجوز / مهرة ...الحنكة و العنفوان / التّآكل بفعل الزّمن و الجموح ... و من غيره يستطيع جمع المتناقضات في سلّة واحدة ، إنّه عبدالحميد شوقي
بدأ شاعرا و لن أقول انتهى روائيا ، لأنّه مثلي تماما مازال يراوح بين هذا و ذاك ... هو الشعر يتلبّس به بقوة في نصّه هذا " الموت في رابينة " هي حكايةالتفاصيل الصغيرة ، و هو يحاول جمع شتات ذاكرة دمويّة منذ سبعة عشر عاما هو الدّارس للفلسفة و الممارس لها ، يتعثّر في فلسفة الحياة و تدمى عيناه و ينفطر قلبه ... أمّه " الكاملة" بقامتها الفارعة و حضورها الجاد و التاريخي ...
تبكي و تندب و تعول... تلك المرأة الأسطوريّة التي ربّتنا جميعا ، أحبّتنا و ضربتنا و عانقتنا و لعنتنا جميعا ... مزيج من القوّة و العطف... امتلاء في برّية خالية حضور المرأة طاغ في هذه الأجزاء الثلاثة من الرواية المذكورة ...المرأة " الفحلة" ... الموت ، الحبّ ، تراجيديا كاملة ل " نانة الكاملة" من تيفلت إلى فاس إلى ... يقول عبد الحميد : الموت في رابينة هي العمل الذي أعتبره يقرّبني أكثر إلى الرّوائيين لأنه عمل عاش معي على امتداد سبعة عشر سنة و مازلت إلى حد الآن أكابد كتابته ... في حوزته المخطوطات التالية :
شعر : عناوين لأنكسارات ما
سيادات بامتداد الوهم
رواية: خراب الحلم
الموت في رابينة

أوّل محاولة لدخول مجاهل الرواية كانت و هو مازال في السابعة عشر من عمره هو الأمتلاء بالحرف و هي المكابدة الأدبيّة التي تخلق من هذا الشاب حينها مشاكسا لجرجي زيدان في محاولته " المصير" … هي البداوة و الفتوّة و الأنفة ما حاول تجسيدها في تلك المغازلات الأولى للحرف و سنة 87 كتب " خراب" الحلم و التي يعتبرها كتابة روائية متخلّصة من رواسب التقليد …لتنقلنا رواية " الموت في رابينة" إلى تخوم كتابة التفاصيل الصغيرة و الحكي المفعم بالتراجيديا …لقد همست لنفسي : " البركة فيك" في لحظة الذّروة و أجابتني :" ان شالله فداك" هي المدينة تأكل عشّاقها و لا تفتح لهم سوى قلب جليديّ كالح …هي تفتح زنازينها و أقبيتها الصفراء و جروحها و تغلق على أحلامهم أبوابها السّبعة و ترمي بمفاتيحها في قاع البحر… هو الموت يكتسحني باردا ، فاترا ، أو حارّا كالهريسة العربي ، حارقا و النسوة يتلبّسن بي و علي يرقد رقدته الملكيّة الأخيرة ممسكا بوهم الحقيقة أو حقيقة الوهم و أبراهيم يبتلع اللحظة الدّامعة و يكابر و نانة " الكاملة" بكلّ عنفوان الأنثى البدويّة تحترف الموت مع كلّ جسد تودعه لأمّه الأولى … هناك نصوص تعاش و لا تقرأ و هذا أحدها … هذا ما رسمته حين قراءتي لجزء من أجزاء الرواية … و هذا ما جعلني أرتمي في حالة عشق للنّص و لفواصله …و من غير شاعر روائي و لن أقول روائي شاعر ، من يقدر على خلق كلّ هذه العوالم السّحريّة ؟ و من غير عبدالحميد شوقي تحديدا يصنع هذه المرارة الحلوة … انصهار كامل بين الموت و الحلم …أحبتي هو ذا أمامكم عار إلآ من الموت في رابينة ، فلا تتركوا له منفذا للخلاص من أسئلتكم التي ستفتح لنا أبوابا على معرفة عوالم هذا الروائي الذي يصرّ على أنه مازال يقترب من عالم الروائيين و هو " غارق فيه لشوشتو" كما يقول المثل التونسيّ …
و ليكن حوارنا على قدر نبلنا على قول عبدالحميد شوقي …

ْ

مرحبا بالأديب العزيز عبد الحميد شوقي كأول ضيف على مدار الحوار الأدبي
اودفي البداية أن أشكر ادارة مدارات وخصوصا الأستاذة فتحية الهاشمي والأستاذ محمد منير
على مبادرتهما في تخصيص هذا المدار الحواري حتى نتقرب أكثر من مبدعي هذا المنتدى و
الذي والحمد لله يزخر بأقلام جادة ووازنة كضيفنا اليوم الأديب الأستاذ عبد الحميد شوقي صاحب
الحنكة والعنفوان والذي استطاع ان يجمع في كتاباته جميع المتناقضات في سلة واحدة كما جاء
في مقدمة الأستاذة القديرة الأديبة فتحية الهاشمي مما يظهر تميز ضيفنا لهذا الشهر

الأستاذ عبد الحميد شوقي عادة ما تبتدأ الحوارات بالتعرف على الضيف وسؤالي لن يخرج عن القاعدة
ولكنني اطرحة بصيغة أخرى ولما اطرح السؤال بهذه الكيفية انما اطرحة على دارس للفلسفة وممارس
لها كما جاء في المقدمة وقبل طرح السؤال اتمنى ان يتسع صدرك لأ سئلة الاخوة
سؤالي هو / عبد الحميد شوقي وكتاباته عنصران انصهرا ليشكلا حقيقة واحدة وهي الاديب عبد الحميد
شوقي فمن شكل هذا الانصهار هل عبد الحميد شوقي ام كتاباته ؟ وماهودور عبد الحميد الطفل وعبد الحميد

الشاب قي هذا الانصهار؟ وبصيغة اخرى من صنع الآخر هل الأديب ام الكتابة ؟

وشكرا مسبقا على سعة الصدر واتمنى ان اكون قد وفقت في طرح سؤالي

تقديري واحترامي لشخصك استاذي

ارحب أولا بالأخ المبدع عبد الحميد شوقي في منتدى الحوارات الشهرية

و اشكر الأخت المبدعة فتحية الهاشمي على مجهودها المتميز في مدارات

ارحب بك اخي كما قلت اولا

و لي عودة للحوار ان شاء الله

مودتي

..

موضوع: رد 23/6/2008, 16:27

صديقي عبد الحميد

و أنا أتجوّل مع " نانة الكاملة" مدّة تزيد عن السبعة عشر حولا ، كنت أبحث عن الروائي من

خلالها ، و سينطلق سؤالي من حيث انطلقت أنت من " الموت في رابينة" ، سبعة عشر سنة

ألا تكفي لأن تجعلك تعيد كتابتها سبعة عشر مرّة ؟ ألا تحسّ أنّ الرّوائيّ كبر أكثر من أحداث

الرواية ؟ هي فعلا أسئلة حارقة صديقي تلحّ عليّ كي أطرحها و كي أعلم أجوبتها ...

ألم تشعر بالنّدم لكتابتك جزئيّات ما في " الموت في رابينة " بشكل لا ترضى عليه ، بعد هذه

العشرة ؟ يعني الزمن عامل أساسي و مهم في الكتابة و قد لا أرضى على ما كتبته قبلا و أتمنى

لو عدت لصياغته بشكل مغاير ، هذا ما قصدته من أسئلتي صديقي و السيل آت ، لا تخف

كنعلم كل دقيقة و صغيرة في هذه الرواية التي علينا أن نعيشها فعلا و لا نقرأها ...

شكرا لك لقبولك الحوار و ألف شكر لمحمد منير الذي أتاح لنا هذه الفرصة بانشائه هذا الركن

و شكرا لكل الأحبة الذين سيشاكسونك أخي ، و أنت فاتحة الحوارات و سيأتي دور البقية واحدا

واحدا ...

عدد المساهمات : 93 تاريخ التسجيل : 05/02/2008

صديقي الشاعر
وأنا أغرق في تفاصيل أجزاء روايتك في مدارات تنتابني نفس الحال عندما أطالع قصائدك. نفس الطعم ونفس ذلك الشيء المبهم والغامض الذي يستحيل علي الإمساك بتلابيبه. تفهمني ويفهمني كل مهووس بالإبداع. شيء أقرب إلى مغص في البطن لكنه لذيذ حد الجنون.
قلت لك في تعقيبي على أجزاء روايتك أنت تكتب نصا واحدا. لا يهمني إن كانت روايتك ابتدأت منذ سبعة عشر عاما أو أكثر أو أقل من ذلك. هل أنت مع الفكرة القائلة بأن الرواية جنس يختزل كل الأجناس الإبداعية الأخرى؟ أم ترى بأن الشعر هو ذلك الخيط الناظم لكل أشكال الإبداع الأدبي وأجناسه؟

موضوع: رد 5/7/2008, 21:52

الصديق حسن بواريق
أنا في غاية الأسف وأعتذر عن هذا التأخر في الرد فلولا الأخت فتحية التي نبهتني للأمر لاعتبرت أن الحوار يتم من خلال الركن المخصص لنشر الرواية وليس من خلال الركن المخصص للحوار الأدبي .. معذرة لك ولبقية الأصدقاء ..
صديقي الكريم لا أستطيع بالضبط أن أحسم فيمن صنع الآخر هل أنا أم كتاباتي لأن الأمر عبارة عن ظاهرة فنية على درجة عالية من التعقيد فلولا كياباتب لما كان لاسمي من مبرر ولكن لولاي أنا كشخص حقيقي لما تحققت كتاباتي .. أما المسألة الأخرى المتعلقة بالميدع الطفل والمبدع الناضج فهي كذلك تمتلك نفس التعقيد لكني أعتقد أن كل مبدع يعدم الطفل داخله يعدم كل معين للإبداع .. إن الطفولة بعالمها وصورها وانسياباتها وحنينها تمثل الشجر دائم الاخضرار الذي ينقد عمر المبدع من الجفاف .. لقد استفدت كثيرا من الدرس البليغ الذي قدمه الشاعر العظيم رينر ماريا ريلكه للشاعر الشاب حين دعاه للالتفات إلى أعماق الأعماق حيث يرقد الطفل داخل المبدع وآنذاك يمكنه إنقاذ نفسه من الرتابة والتكرار والاختناق..

موضوع: رد 5/7/2008, 21:54

الصديق محمد منير
ألف شكر لترحيبك وسعة صدرك وكرمك الفكري البالغ .. أتمنى أن يستمر حوارنا أطول وأعمق .. محبتي ..

موضوع: رد 5/7/2008, 22:01

صديقتي فتحية
أنا خجل منك فاقبلي اعتذاري .. هو عامل السن كما قلت متندرة معي وأنا أقبل دعابتك الجميلة .. صديقتي .. نعم كبر الروائي وكبرت رؤيته للأحداث لكني لم أمسسها بل تركتها كما هي .. الندم الوحيد هو أنني لم أنشر الرواية في حينها أو طيلة هذه السنوات لكن الأمر ليس كله بيدي .. نعم صديقتي لا يوجد عمل نموذجي ونهائي وكامل البناء بل هناك أجزاء لم أرض عنها ولكني تركتها باعتبارها تابعة لإيقاع الأحداث التي تتصاعد وتخفت ..لكن الحقيقة الوحيدة التي تحيرني وهو أنني لو قيض لي أن أكتب الرواية الآن لما كتبته بنفس الوجدان .. ربما لأن الرؤية الموغلة في الوعي الصاحي والعالم قد تفسد عفوية الإبداع .. ربما .. ربما .

موضوع: رد 5/7/2008, 22:08

صديقي الجميل عبد الهادي
لن أمل من شكرك ..وأنت تترصدني مثل نجمة مفتقدة .. صديقي إذا أردت الصدق أعتقد أن الرواية هي الجنس الحداثي بامتياز الذي يلائم عصرنا والذي ربما يختصر كل الأجناس لأنه يمنح الكاتب مساحة أكبر من حرية التعبير والبناء والرؤية .. أما الشعر فيظل لحظة قبض على فسحة متمنعة على القبض وهو يلائم الفردية أكثر من الجمعية .. لكن الأمر يظل رهين ميل شخصي للمبدع وقدرته على التفوق هنا أو هناك ..لكن الرواية التي تفتقد الحس الشاعري تظل مهددة بالرتابة التقريرية والواقعية الفجة .. وهذا وجرد رأي شخصي فقط .. محبتي ..

موضوع: رد 16/7/2008, 12:37

صديقي عبدالحميد ، هو ليس سؤالا موجها بالتحديد لك و لكن ، ربما لنا كلّنا ، هل فعلا المثقف العربي مثقف ؟ و هل فعلا الروائيون و الشعراء و الكتّاب بصفة عامة يبحثون فعلا عن الكلمة؟
أخي عبدالحميد ، ماهو زاد الروائي الحقيقي كي يخلق عالما روائيا متفرّدا إلى حدّ ما ؟
هل الرواية الآن تكفي فعلا لاحتواء كلّ هذا الكمّ من الخيبات و الإرهاصات السياسية و الإجتماعية و الفكريّة على الخصوص ...
صدقني أحيانا أتمنى لو أستنبط لغة أخرى و جنسا أدبيا أو لاجنس أبدا كي يستوعب ما أشعر به فعلا ...
هل الأدب هو هذه الإفرازات ، اعذرني على الكلمة لما يعتمل في أنفسنا و كأننا مراهقون ؟
يبدو أن الرواية فعلا ، وصلت إلى حدّ من النضج لا يستطيع استيعابه المراهقون الأدباء ، ربما ..
هو بعض الهذيان الثقافي صببته كما جاء دون ترتيب و لا توضيب ، لعلّني أفرّج عن نفسي قليلا.
العفو أخي عبدالحميد و أنا واثقة أنها نفس أسئلتك الحارقة ، تقريبا ، ما خطته أصابعي هنا .

موضوع: رد 17/7/2008, 19:53

صديقتي فنحية

سؤالك يدل على حرقة امرأة مؤرقة بعالم المثقفين وهو سؤالنا جميعا الذي نطرحه بكيفيات مختلفة ولكن الجوهر هو هو . أعتقد وهذه قناعة راسخة لدي أن الرواية هي ديوان القرن العشرين والجنس الأكثر ملاءمة لتعقيدات العصر كما كانت الأسطورة الجنس الملائم لبساطة الزمن القديم والشعر للعصور الوسطى . ولا أعتقد أن في الأمر سرا لوصف عدة الروائي . إنها الثقافة العالمة بالدرجة الأولى فالوعي الفكري والثقافي هو ما يميز الروائي عن الراوي في الحلقات الشعبية .ثم النخراط في تاريخ الرواية فلا أعتقد أن روائيا لم يقرأ تاريخ الرواية ليس بمعناه النقدي ولكن بمعناه الإنتاجي الإبداعي أي ما أنتجه الروائيون في الغرب وأمريكا وآسيا والمشرق وحتي في افريقيا بتجاربها المتميزة. إن الضحالة تأتي من استسهال الكتابة والاعتقاد بأن الاختباء وراء التجديد أو تفجير اللغة أو الأجناس العابرة للتصنيف يعصم الكاتب من كل مسؤولية . نعم ما زلت أعتقد أن في العالم العربي مثقفين وروائيين كبارا غير أن سرعة العصر وفتنة التكنولوجيا الرقمية أثرت سلبا على الذوق العام لأن المتلقي لم يعد قادرا على التجريد وعلى التلقي الواعي وعلى استبطان الأشياء وهذه ليست مسؤولية العصر بقدر ما مسؤولية الأفراد فكما تعرفين أن الدول المتقدمة ما تزال تصرف أموالا باهظة على الفن الراقي من موسيقى ورسم كما أن المثقفين الكبار يذهبون لسماع الموسيقى الكلاسيكية لساعات طويلة دون اعتبار أن ذلم يتناقض وسرعة العصر.إن الكتابة مسؤولية وصنعة وفكر وثقافة وذوق وحس سليم وهذه كلها قيم بدأت تداس بكل استهتار من طرف بعض الأدعياء الذين يجدون من يقتح لهم باب التنطع والغرور .. وأعتقد أن للحوار بقية .محبتي ..

العزيز عبد الحميد شوقي , سعيد بمصافحتك مرة ثانية في هذا الحوار
أسئلتي اليوم هي أسئلة عادة ما تطرح على جل الكتاب وأود أن أعرف
رأي الأديب عبد الحميد شوقي
- ماذا تعني الكتابة الأدبية بالنسبة لك ؟ و اين تجد نفسك أكثر في الرواية
أم الشعر ؟
- ما هو في نظرك الحد الفاصل بين القصة والرواية ؟
- هل استطاع النشر الالكتروني أن يساهم في تطوير الابداع بشكل عام ؟
وهل استطاع أن يحجب دور الكتاب والمطبوعات الورقية رغم المتعة التي
يجدها القارئ في هاته الأخيرة ؟
أخي العزيز لاضفاء بعض المرح على هذا الحوار استسمحك في
طرح سؤالين :
* هل للأستاذ عبد الحميد شوقي طقوسا خاصة عند الكتابة ؟
* ماهو أطرف موقف أدبي حصل معك سواء أثناء الكتابة أو أثناء مشاركاتك
في الملتقيات الأدبية ؟
أشكرك أخي العزيز على سعة صدرك

الأديب عبد الحميد شوقي:
هل تقبل مني بعض الأسئلة الفضولية؟:
*الكتابة رسالة نروم بها تغيير واقع قصد تحسينه،فما المناول التي تستعملها وأنت تكتب بهذا المفهوم؟
* الكاتب يتوجه لشريحة معينة بكلماته، فما نوع القاريء المفترض للكاتب عبد الحميد؟
*الكتابة تأريخ وتدوين لليومي وللمعيش،فهل بهذا المفهوم نحن نكتب؟
تحية لسعة صدرك.

موضوع: رد 22/7/2008, 23:01

الأخ حسن بواريق
ألف شكر لاهتماك النبيل بالحوار ولأسئلتك العميقة التي سأحاول الإجابة عنها قدر المستطاع :
* ماذا تعني الكتابة بالنسبة لي ؟ سبق للشاعر الألماني رينر ماريا ريلكه أن ووجه بهذا السؤال من طرف أحد الشعراء المبتدئين فكان جوابه : لا معنى لحياتي دون شعر إما أن أكون شاعرا وإما لا حياة .. نفس الموقف : كل حياتي متوقفة في أدق تفاصيلها بالكتابة لا يمكنني أن أتصور نفسي إلا داخل الكتابة ويوم اتوقف عن الكتابة سيتوقف كل شيء ذلم ما عشته لأكثر من ثلاثة عقود من الكتابة .. وأنا شاعر بالدرجة الأولة قبل أن أكون روائيا ولكن شغفي بالرواية بالأعمال الروائية لا يمكن وصفه نهائيا لهذا ستجد ان الرواية التي نتحاور حولها الآن لم تتنازل عن كينونة الشعر التي تأصلت في رؤاي..
*أعتقد أن الحد الفاصل بين القصة والرواية هو ان عالم القصة محدود إلة حد ما حول البطل الوحيد والحدث الوحيد والزمان الأحادي .. أما الرواية فتمتاز بالبولوفونيا أو تعدد الأصوات:أبطال .. أحداث ..حكايات متناسلة .. أزمنة متداخلة .. وأقدار لا يستطيع المتلقي توقع أفقها .. إنها باختصار عالم معقد يعكس تعقيد الواقع وقدرة الروائي على البناء ..
*أعتقد أن النشر الإلكتروني ساهم بشكل كبير في تطوير الإبداع لأنه فتح المجال أمام أقلام ظل النشر الورقي يحاصرها انطلاقا من مفهوم المبدع المشهور الذي يتحول إلى مؤسسة تحجب ما دونها لكن الآن الكل سولسية والشباب يتحورون مع الكبار غير أن النشر الإلكتروني لا يمكن بأي حال أن يحجب دور الكتاب والمطبوعات الورقية لأن الكتاب يمنحك الاستقلالية والحرية فهو يرافقك إلى الحديقة والعمل وغرفة النوم ومقصورات القطار والرحلات الطبيعية إنه دائما إلى جانبك يعيدك إلى صفاء الروح كلما تعقدت أحداث اليوم .. ولا يمكنني أن أتصور أنني حامل يوميا حاسوبي المحمول مثلما أحمل الكتاب ..
*طقوس الكتابة : أفضل الكتابة بالليل أو في الصباح قبل الفطور عندما يكون الكل نائما ولكنني أكتب كذلك في أوقات تستحيل معها الكتابة مثل أوقات مراقبة امتحانات الباكالوريا أو فروض المراقبة المستمرة فكي أتغلب على رتابة المراقبة أجدني منهمكا في الكتابة وغالبا ما أكتب أشياء جيدة تحت مثل هذه الضغوطات .. عدا ذلك فالكتابة بالنسبة لي طقس عادي حيث لا أتطلب سوى أن تكون الغرفة مرتبة والمكتب مرتب ولا وجود للفوضى ..
*لم يحدث لي موقف أدبي طريف لكني أتذكر انني في إحدى الأمسيات الشعرية لم أنتبه إلى أنني لم أحضر القصيدة التي سألقي فضطررت إلى الاستعانة بالذاكرة والارتجال والقدرة على مواجهة الطوارئ التي تعلمتها من الفصل الدراسي ..

موضوع: رد 22/7/2008, 23:18

الصديق هري عبد الرحيم
شكرا لما أبديته من اهتمام بمحاورتي والتواصل معي عبر أسئلة تطرح هموم الكتابة..
* نعم أتفق معك على أن الكتابة هي محاولة لتغيير الواقع غير أني أتعتقد أن مفهوم التغيير عند الكاتب يختلف عنه عند رجل السياسة مثلا فهذا الأخير يروم إحداث تغيير فعلى يتعلق بالحياة المادية والمعشية للفاعلين الاجتماعيين بيد أن الكاتب لا يروم سوى شيء واحد وهو تغيير حساسية الناس ةعلاقتهم الجمالية والمميتافيزيقية بالوجود والحياة كلها لأن غاية المتابة هي إنتاج الجمال ومن خلال الجمال تتغير رؤية الناس للأشياء والعالم والتفاصيل الصغيرة ولا عجب أن البلاد المتقدمة تهتم بالدخول الأدبي أيما اهتمام مثلما تهتم بالدخول المدرسي والرياضي والسياسي لأنها ترى أن وضعية الكاتب كسادن للجمال لا تقل عن وضعية الأخرين .. ولهذا تجد الجمال المحمّل في الكتاب في كل مكان .. في عيادة الطبيب والمحطات والمصايف والشوارع والطوابير .. نحن فقط الذين ننكر ذلك ..
*أنا أسعى إلى قارئ مثقف وواع وعاشق للجمال وقادر على إقامة حوار نقدي مع الكتاب لأنني أتخوف من أنصاف القراء الذي يؤلهون الكتاب أن يستهترون به .. ولعلك صدمت بالأرقام المقدمة عن حجم مطبوعاتنا مقارنة مع إسبانيا مثلا .. في هذه الحال كيف يمكن ان ننشء قارئا والكتاب يمثل عدو طلبتنا اللذوذ ؟
*الكتابة ليست مجرد تدوين لليومي والمعيش بل هي تأريخ للذاكرة وصيانة للثقافة والمخيال الجمعي من التلاشي .. ماذا كانت تساوي اليونان لولا كتابها العظام ؟ ماذا كانت تساوي روسيا القيصرية دون تولستوي ودوستويفسكي وبوشكين ؟ والعرب دون المتنبي وغيره ؟ عظمة الكاتب هي في أن يرقى إلى هذا المستوى من الفكر الكوني الذي يجعله يكتب كما لو كان مسؤولا أمام العالم بأكمله ..تحياتي

» مبروك الاشراف للأديب المميز عبدالحميد شوقي
» في تكريم الشاعر عبد الحميد شوقي
» التجربة الشعرية عند الشاعر عبد الحميد شوقي
» سوالف لقصيدة و عمش الكتبة .إلى الشاعر الجميل عبد الحميد شوقي
» الشاعر المغربي عبد الحميد شوقي يسجل ورقيا إصداره الأول كنت أهيئ صمت الانتظار