لطالما تساءلت عن كنه هذا الحزن الساكن أعماقي المختزن في ظلال العيون ، المختزل ببوح الصوت ، يغرق روحي في لجته
ومتاهات الضياع ،يتعبني ،يؤرق مضجعي ، ويجعلني دائمة البحث عن سر هذا الكون ومن نكون فيه ؟وكيف نسير ؟ وما اتجاهنا؟
وأراود الحلم المستحيل بعالم غير ذي العالم وحياة غير ذي الحياة عالم بلا صراع ولا حقد ولا كره ولا شرور.
فالكون تجلى صانعه ، خلق بالحب ونظم سيره بالحب وما هذه النجوم البراقة الا اشعاعة حب ، وما الطير والزهر والمطر والارض والحب والنوى الا من بديع صنع الخالق بمحبة هدية للإنسان ، يصلي بلهفة وحنين ويسجد لرب العالمين .
فأتساءل؛ كيف تاه البشر وكيف ضلوا؟ وكيف اساؤوا للمفاهيم؟وكيف ضاع منهم نبراس الكون وخريطته وكيف اغتربت الأرواح عن فلسفة خالقها ؟فتعذبت وشقيت بأغلال تشدها لليأس والقنوط ؟ وأمامهم النور جلياً.
ثم يأتينا البشير ، وكأننا للمرة الأولى سلكنا طريق الحق ، للمرة الأولى وكأنه الميلاد والفجر الجديد ، ونفتح لأرواحنا صفحات بيضاء
طاهرة نقية ، كوجه وليد للتو ، نزل برحمة الله.
لا نحقد على أحد ، والبشر حولنا أحباب ، نصفي القلب ولا نخشى الكره ، فيسمو القلب شيئاً فشيئاً ، وتنتفي الجاذبية فيطفو الجسد وتعلو الروح فلامكان للضغائن ، ولا مكان لعبادة الهوى
وندرج مدارج الإحسان ويصمت البوح ويترقرق الدمع ويغسل القلب وتنير بصائرنا شمس الحق ، وتبتهج الأرواح بطلب الهدى لا تصرفها صروف الدنيا عن مبتغاها.
وتحلق عالياً في ملكوت الله الحق.
فسلام لروح اهتدت لطريق حبيبها.
همس الشوق