مدارات
مدارات
مدارات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مدارات


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 حديث السفينتين : سيرة ولاد الجهنمي

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
جبران الشداني

جبران الشداني


عدد المساهمات : 28
تاريخ التسجيل : 06/02/2008

حديث السفينتين : سيرة ولاد الجهنمي Empty
مُساهمةموضوع: حديث السفينتين : سيرة ولاد الجهنمي   حديث السفينتين : سيرة ولاد الجهنمي Empty6/5/2008, 19:35

جاء في مخطوط – حديث السفينتين – لكاتبه المجهول ، أن ولاد الجهنمي دعا الملاك امارئيل الى حفلة عشاء سرية ، في كوخه الذي بناه لنفسه في الجزر البعيدة، و كانت زوجته كلثوم قد هجرته ، أو اختطفتها الالهة و هي نائمة بجواره كما جاء في سيرة أخرى ، و نرى ان سير ولاد تختلف في وقائعها اختلافا كبيرا منذ هروبه من الجنة ، و فقدان الملاك لدرعه بعد سقوطه من السماء ، كما رأينا في الجزء الأول ( 1) ، و لا أنكر بأنها في اغلبها روايات ضالة ، انزاحت عن طريق الحقيقة ، في تقصي أخبار الأقدمين و دياناتهم ، و أنها حكت خرافات عمياء يندى لها الجبين ،عن الهة غريبة ، شهوانية و أنانية ، مرعبة و كذابة و مضلة ، و كلها أضغاث أصنام اختلقتها عقول الرواة ، لما أرادوه من الهاء العباد عن اتباع نهج الصالحين الأبرار ، و الاخلاص في العبادة لرب العزة الواحد القهار ، و قد ترددت طويلا في نقل خلاصة هذا المخطوط الذي عثرنا عليه و نحن نبحث عما افترضت السير الأولى أنه درع الملاك الذهبية، لما رأيته من تضارب في الخبر بين قاص و قاص ، و لما اكتشفته من تزييف مبين ، في العبارة و الفكرة و المقصد .
غير أن المؤرخ محكوم في منهجه بتجرد مهنته قبل انتماء عقيدته ، و علمه موجب لاستعراض المذاهب جميعا و ان كان منها ما يخالف رؤيته ، وقد قالوا قديما أن ناقل الكفر غير كافر ، و هذه حجتي الوحيدة التي أدافع بها عن غرضي من كتابة هذه السيرة .
ادعى الكاتب ، أن علماء تلك البلاد أخبروه بأن الاله "مدراس " )2(، أرسل "فان" ، الى اهل الجزر البعيدة ، بعدما سقطت في قبضة الهراطقة ، و صار الملائكة الخارجون عن سطوته أقرب الى العثور مرة أخرى على الدرع العجيبة ، و ادعى ائمتهم ، أنه فكر بارسال طوفان يغرقهم جميعا قبل الوصول اليها ، و أن أهل ذلك الزمان - و العهدة على الراوي - لم يبنوا سفينة واحدة للنجاة من الطوفان ، و انما بنوا سفينتين ....
خلال ذلك العشاء السري ، الذي حضره امارائيل مع عدد من اصدقائه ملثما ، مخافة سطوة حرس السلطان ، قال ولاد لأصحابه :
- رايت البارحة في منامي ، أني اغرق في بحر متلاطم الأمواج ، فمرت سفينة عظيمة بجواري أبت أن تقذف الي بحبال النجاة ، و قد حاولت التعلق بها فرماني ربانها من عل بسهم اخترق كبدي ، و جاءني بعد ذلك رجل غريب ، لم أره من قبل ، و لا أكاد أتذكر ملامحه ، و أنا جثة هامدة في أعماق المحيط ، فحملني و سار بها الى شاطئ لم يبلغه أحد من قبل ، و هناك احسست و كأن الحياة تعود الي فجأة ، أو ربما يكون قد نفخ في فمي ، فأشعلت في أنفاسه الحارة جذوة الحياة بعد أن كنت جاوزت خط اللاعودة . فحدثني عن رجل ذي علم ، تضيع أسراره الروحانية بعد زمن ، و ذكر لي أنه سيمنحني خريطة بحر الموت التي تقودني الى الدرع التي يخشاها الاله، ان رحلت الى غرب الجزر البعيدة ، فقلت و قد غلبتني الدهشة ، و فيم تنفعني هذه الخريطة و أنا في صحراء قاحلة لا موج فيها و لا تقطعها غير جمال الرحل من الزنوج ، قال لي أن رجلا نبيا سيظهر في هذا الزمان ، و أنه سيبني سفينة في الصحراء قبل مجيء طوفان يغرق كل من اختلف معه في الرأي ، أو ناقضه في العبادة ، فان شئت ان تكون من الناجين أنت وأهلك ، فليس لك من سبيل غير الخريطة .
قال الملاك :
- ان أحاديث الطوفان وردت في الكتب الأولى )3(، و قد حكى رزبوس نفسه مرة بأنه رمى مئات السفن من قبل في قعر الجحيم ، بأمر من "مدراس" نفسه ، و ارى ان سفينتك لن تكون أكبر من سفينة هذا الرجل ، هذا ان صدقت رؤياك ، و انا اعرف بأن ارض الجزر البعيدة قد صارت مأوى للملائكة المشردين ، و للهراطقة و الملحدين من البشر ، و ان السماء تعد أمرا لانهاء هذه الفوضى الاثمة ، قبل أن تفلت الامور من بين يديها ، لذلك لا أنصحك باتباع طريق الظن ، لأن قدرة الاله ستلحقك أينما كنت ، لقد عاهدت نفسي سيدي منذ طردتني الصاعقة من الفردوس ، أن لا أعصي لك أمرا ، فقد كنت أقرب مؤمني الجنة الى قلبي ، و أنا أخدمك مع أعواني ان عزمت على بناء هذا الفلك و رسمت لنا صورته..ولو أني لا أعرف طريقا لملاقاة هذا الشيخ . .
أقام ولاد ورشة سفينته أمام هيكل السفينة الاولى ،و دار بينه و بين "فان" حوار شيق سنورده لاحقا ، فتعجب الناس و قالوا ، مابال هذا الرجل يغامر بصنع بمركب ثان ، وقد أيقن بقدوم الطوفان ، و عرف أن "مدراس" لم يبارك غير سفينة واحدة ، قال ولاد : أني أدعوكم لتخلصوا أنفسكم من محن الحساب و العقاب ، فلنرحل مع امارائيل بحثا عن الدرع الذهبية التي لا تقدر عليها صواعق السماء ، و هي مدفونة في ثرى ارض تقع بعد بحر الموت ، لم يطأها أحد من قبل ، فمن أراد الخلاص لنفسه و أهله اليوم فليركب السفينة الاولى ، و من اراد الخلاص الأبدي من كل الهة البشر ..فليركب سفينتي، فحضر أعوان الشرطة و اقتادوه الى السجن ، و هناك رأى في زنزانته ، الشيخ الذي حدثه به الغريب في المنام ، حينها أدرك أن رؤياه لم تكن أضغاث أحلام ، فقال للشيخ :
- كأنني اعرفك و لا أعرفك ..فمن تكون ..
قال الشيخ :
- دعك من اسمي و نسبي ، فقد سماني حراس الزنزانة باسماء كثيرة ، و لن يتسع صدرك لحقيقة أمري ان انا أخبرتك ، و اخبرني عن غرضك من انشاء السفينة الثانية ، و سر جرأتك التي فاقت كل الحدود .
قال ولاد:
- لقد حلمت باني أتعلم النجارة منك ، و قد وعيت بأن سفينة واحدة لن تسع كل البشر و ان وسعهم الايمان، فلكل منا قصة مختلفة مع الاله ، منا من يهابه و يخشاه و يطلب رضاه ، و منا من يريد ان يحيا في ارض بعيدة لا تطالها يداه ، لقد رأيت بأن البشر في كل عصر يكبرون أكثر ، فيحصل بينهم و بينه ما يحصل بين الاب و ابنه ، من صلة حب يتلوها التمرد ثم يتبعها العصيان فالصراع ، و ارى ان الاله قد غلبه حبه لأبنائه ، فلم يتبين بعد أنهم بدونه قد يحيون أفضل .
قال الشيخ ، و قد أصابه حزن كبير:
- اني اعرف طريق هذه الأرض التي لا يبلغها اعوان الاله ، وهي في أقصى هذا الدنيا ، و قد لا يعرفها سواي ، فما رأيك لو تحملني معك الى حيث تذهب ..و اني اخلصك من هذه الزنزانة بتعويذة سحرية، و أعلمك صناعة مركب عظيم لم ير الانس و لا الجان مثله .
قال ولاد :
- يبدو أنك اوتيت من العلم مبلغا عظيما . فهل تخبرني يا سيدي تأويل حلمي ؟
قال الشيخ :
- نعم ، لكن هل تعدني بأنك ستقص حقيقة تأويل حلمك على أهلك و اصحابك ممن سيرحلون معك ساعة نقترب من أرض الدرع الذهبية ، انك ان صدقت في وعدك صدقت في وعدي و حملتك بسلام الى حيث تريد ؟
..............
صار الرجلان في جو عاصف الامطار الى السفينة ، و كان أتباع ولاد كل من رفض الركوب في سفينة فان ، ينتظرون عودته بقلوب تنبض رجاء و رهبة ، و ما ان لاح شبحا الرجلين ، حتى فتحا أبواب الفلك العظيم الذي بناه امارائيل و اعوانه ، فدخل ولاد مكتئبا ، صامتا لا يلتفت لأحد ، ركب ظهر السفينة ، و نظر اصحابه لأصحاب السفينو الاولى ، فسال الدمع ، و علت أكف راسمة اشارات الوداع و الدعاء بالنجاة .
سارت السفينة أكثر من سنتين ، حتى اقتربوا من أرض نائية لم يسكنها أحد من قبل ، و اذاك طلب الشيخ من ولاد أن يفي بوعده ، فقال ولاد مخاطبا قومه و الدمع يتفجر من عينيه ..:
حلمت بأني وصلت لشاطى حر لا ألهة تحرسه ، و رأيت رجلا صديقا قادني من موت محقق الى هذه الأرض ، فألهمني الطريق الى الحياة, ظننت أنني أحمل في سفينتي كل من حاكمهم البشر في اساطيرهم و أديانهم ..و نسيت ..أني بهذا سأحمل بيننا رجلا أخر ، رافقنا كل هذه الرحلة .
و أشار بأصبعه الى الشيخ صارخا :
- مدراس .



هوامش
----------------------
1- رابط الجزء الأول : هنـــا
2- يعتقد أن الكاتب يتحدث عن ديانات عرفتها بقاع نائية من أرض الرومان ، و لا نعرف ان كان ولاد العربي الأصل قد اعتنق هذه الديانة قديما أم أنه كان توحيديا ضالا، فالاله الاسطوري مدراس قد يعني الاله الروماني Mithras و الذي يشبه في كثير من تفاصيل حياته مسيح النصارى نفسه ، و هنا نرى ان التقابل بين الاسطورة و الديانات التوحيدية قد يكون عرضيا في النص ، موضوعيا في التاريخ .
3- اذا اعتبرنا بأن الطوفان لم يكن حدثا اسطوريا ، و انما حقيقة واقعية ، فطبيعي أن يرسخ في اذهان الكثيرين ممن عايشوا أثاره العظيمة ، و طبيعي أن تتعدد الروايات بشأنه بتعدد اللغات و الأعراق ، بما أنه حدث كوني حسب النص نفسه ، حتى أن البعض من الدارسين المغامرين قد يعتبر اسطورة اطلانتيد رواية أخرى للحدث نفسه .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبد الهادي الفحيلي




عدد المساهمات : 93
تاريخ التسجيل : 05/02/2008

حديث السفينتين : سيرة ولاد الجهنمي Empty
مُساهمةموضوع: رد على الموضوع   حديث السفينتين : سيرة ولاد الجهنمي Empty7/5/2008, 17:17

أخي جبران
شكرا جزيلا.
أسجل مروري.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
حديث السفينتين : سيرة ولاد الجهنمي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سيرة جدار
» كأس حديث
» حديث مع صديقي البحر ..
» حديث الأعين
» حديث لعينيك

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مدارات :: مدارات سردية :: مدار القصة-
انتقل الى: