مدارات
مدارات
مدارات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مدارات


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 فهم الماضي وقراءته

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
د. تيسير الناشف




عدد المساهمات : 45
تاريخ التسجيل : 01/02/2008

فهم الماضي وقراءته Empty
مُساهمةموضوع: فهم الماضي وقراءته   فهم الماضي وقراءته Empty4/5/2008, 11:09

فهم الماضي وقراءته
د. تيسير الناشف
ثمة قراءات مختلفة للنصوص. والبيانات المكتوبة والشفوية والحالات والوقائع كلها يمكن أن تعتبر نصوصا. والقراءة تقوم على الفهم. ويتكون الفهم من مكونين أو حيزين: الحيز الموضوعي الذي يتضمن عناصر منها العنصر المعرفي والعنصر الواقعي والحيز الذاتي الذي يتضمن عناصر منها العنصر الأيديولوجي. وثمة في نفس الوقت وعي ولاوعي بالحيز الذاتي والحيز الموضوعي في الفهم الذي تستند القراءة إليه. ولا مفر من وجود ذينك الحيزين على الرغم من اختلافهما قوة أو ضعفا في الفهم. وفي فهم القارئ يتسع أو يضيق الحيز الموضوعي والحيز الذاتي، مما يؤدي إلى اختلاف القراءة.
والظروف والحاجات الإجتماعية والثقافية والنفسية الفردية والعامة والبيئة الفردية والعامة المسيطرة أو المهددة أو القامعة أو الإنسانية أو المادية أو الخلقية والمسافة الزمانية والمكانية والنفسية هي التي تحدد حجم الحيز الموضوعي والحيز الذاتي في الفهم. وبالتالي فإن القراءات تختلف بعضها عن بعض في مدى دقة قراءة الواقع الذي وقع في مدة زمنية معينة.
والواقع يمكن أن يكون ماضيا أو حاضرا. وكلما تعزز فهمنا للواقع ازدادت قراءتنا للنص صحة، وبالعكس، أي كلما زادت صعوبة الفهم قلت صحة قراءتنا للنص. كلما كان الحيز الموضوعي في الفهم أكبر كان الحيز الذاتي أصغر، ما يؤدي إلى فهم أقرب وبالتالي قراءة أصح لما وقع في مدة زمنية محددة. ومن الطيب والسليم تاريخيا إيلاء الأولوية للقراءة الأصح من غيرها للأحداث والتطورات في الأوقات الأخيرة والغابرة.
وكل المواضيع تقريبا يحدد فهمها مزيج من المكون الموضوعي والمكون الذاتي. فمواضيع من قبيل الماضي والتراث والتاريخ والثقافة والاجتماع والسياسة يحدد فهمها هذان المكونان. وما دام فهم مواضيع يحدده هذان المكونان فإن القراءات لتلك المواضيع مختلفة. ومعرفة المرء أن الفهم يتكون من المكونين الموضوعي والذاتي تجعل من الإحتمال الأكبر أن تكون قراءته الموضوعية للماضي أصح وأن تكون موضوعية قراءته للماضي أكبر.
ولعل من الغني عن البيان أن بياننا هذا لا يعني أنه لم يحدث واقع في الماضي. الماضي شهد واقعا، ولكن فهمنا القائم على العنصرين الذاتي والموضوعي يعيق أو يشوش الفهم الدقيق للواقع الذي حصل في وقت من الأوقات.
وكل جيل كان له حاضره الذي كان له فيه فهمه الموضوعي والذاتي. كما أن لدينا حاضرا لنا فيه فهم موضوعي وذاتي فالجيل السابق لنا مباشرة كان له حاضر كان له فيه فهم موضوعي وذاتي.
والقارئ، الذي يندرج في فهمه المكون الموضوعي والمكون الذاتي، يحتمل أن يضع مواضيع معينة في قالب يتفق مع فهمه. فمثلا، يحتمل أن يقوم القارئ عن وعي أو بدون وعي بتناول معطيات الماضي على نحو يتسق مع فهمه، ويمكن أن يتجلى هذا الإتساق في إعادته لترتيب تلك المعطيات وفي الانتقاء منها وفي وضعه سلمه لأولويات تلك المعطيات من حيث دراستها وأثرها وأهميتها.
وبالنظر الى وجود المكونين المذكورين في الفهم وإلى المسافة الزمنية والعاطفية بين الحاضر والماضي وإلى العوامل الثقافية والنفسية والبيولوجية العديدة المؤثرة في فكر الإنسان وفهمه وموقفه فلا بد من أن يكون للحاضر أثر في تحديد فهم الماضي والتراث وفي تحديد الموقف منهما.
وبالنظر إلى أن للواقع الحاضر أثرا في قراءة البشر للماضي فإنهم يسهمون في فهمهم له. ففهم الماضي يتضمن ليس فقط الواقع الذي وقع فعلا في وقت ماض أو أوقات ماضية ولكن أيضا المكون الذاتي الأيديولوجي. قراءتنا للماضي تستند الى فهمنا لما وقع قبل سنة أو عقد أو قرن أو قرون.
وكلما زاد القارئ من تقليل إقحام نفسه على نحو عاطفي في معطيات الماضي زاد حضور العنصر الموضوعي في فهمه، ما من شأنه أن يؤدي إلى القراءة الأصح للماضي.
وإذا تعزز لدى القارئ العنصر الذاتي الأيديولوجي وطغى على العنصر الموضوعي في الفهم تحول القارئ إلى مقروء. وبدلا من أن تكون القراءة وسيلة لمعرفة معطيات الماضي تصبح وسيلة لقراءة القارئ لنفسه.
يبين هذا العرض أن الحاضر والماضي متصلان الواحد منهما بالآخر وأنه لا فكاك للواحد منهما عن الآخر.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فهم الماضي وقراءته
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مدارات :: مدارات متفرقة :: مدار المقالات-
انتقل الى: