مدارات
مدارات
مدارات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مدارات


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 " بيني و بينـَكَ " قصة لفيصل الزوايدي ( تونس )

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
فيصل الزوايدي




عدد المساهمات : 63
تاريخ التسجيل : 04/02/2008

" بيني و  بينـَكَ  "  قصة  لفيصل  الزوايدي  (  تونس ) Empty
مُساهمةموضوع: " بيني و بينـَكَ " قصة لفيصل الزوايدي ( تونس )   " بيني و  بينـَكَ  "  قصة  لفيصل  الزوايدي  (  تونس ) Empty4/2/2008, 11:50

بيني و بينكَ ..


هذا الذي بيني و بينكَ في العمرِ لحظَة ..
هذا الذي بيني و بينكَ أغنيةٌ حزينةٌ بصمتٍ حزين ..
وأنا بيني و بيني .. أجلسُ وحيدًا في زاويةِ غرفةٍ باردةٍ، أجلسُ على مقعدٍ قاسية أطرافُه ، و تفوحُ رائحةُ الخَدَرِ ، وأنينٌ حادٌّ بينَ أُذنَيَّ.. صريرُ خفَقَانِ القلبِ يطغى على أصواتٍ باهتةٍ تنبعثُ من حيثُ لا أدري.. يسكنُ في النَّفسِ صوتٌ سألَني يومًا : إلى أين ؟ و هَذي المرافئُ تتجاذَبُني .. و أنا وحيدٌ في زاويةِ الغرفةِ .. يقتربُ رجلٌ في أناقةٍ مبتَذَلَةٍ، ينظرُ إلَـيَّ بعينَينِ ثَقيلَتَيْ الأجفَانِ ، و يسألُني بصوتِ حَجَرٍ مُتنَاثِرٍ : أنتَ السَّيد ..؟
أجبتُ مضطَرِبًا: أنا هُوَ، لعلِّي أنا ..

لم يأبَه لاضطِرابي فأَشَارَ إلى مَمَرٍّ مُظلمٍ بعضَ الشَّيء : إنّهم يريدونَ رُؤيتَكَ .. أَزَّ في الرأسِ صوتٌ مُوجِعٌ و اضطربَت دقاتُ القلبِ بتسارُعِها نحوَ ..آخرِ المَمَرِّ.. و تَزاحَمت الهواجسُ ثقيلةً كالهزيمةِ .. هل وُلَدَ الصبيُّ المنتَظَرُ منذ السِّنين أم ماتَت الأمُّ ؟ كيف اقـترنا تلك اللحظةَ بداخِلي ؟ كيف اقتربَ الموتُ مِنَ الحياةِ ذلك الاقترابَ ؟ هربتُ بـهَواجِسي إلى الوجهِ الباهتِ أمامي ، هَمَمتُ بسُؤالِهِ : ولادةٌ أم موتٌ ؟ لكنَّ الوجهَ الباردَ الجاف الذي لا ينبئُ بشيءٍ رَدَّني عنِ السُّؤالِ .. ملَّ الرجلُ صمتي فأردفَ بصوتٍ يكتمُ ثورةً : إنهم بانتظاركَ ، تَفضل من هُنا .. قَرعُ حِذائي على الأرضِ ينهالُ على رأسي و أنا أتبعُ الرجلَ .. تحركَت أشباحٌ حَولي و أحسستُ ببعضِ الصدماتِ و كلماتٌ تُقالُ ، لعلّها اعتذارٌ أو سخطٌ .. مَن يهتم ؟ أيُّ معنى لأيِّ قولٍ أمامَ الولادةِ أو الموتِ ؟؟ باحتدادٍ حدَّثَنا الطبيبُ قبلَ أشهرٍ و هـو يحذِّرُنا مِن خَطَرِ الحَملِ .. تُرَى هل أرسلَ القدرُ يومَها ذاكَ الطبيبَ ينذِرُنا بِـما نَخشاه الآن ؟ هل يـمكِنُ أن يغتالَ ذاك الصبيُّ أمَّهُ ؟ هل تنطلقُ حياتُه بمَوتِها ؟ أم يموتُ لتَحيا...؟

أحسستُ أنَّ آخرَ الممرِّ هو آخر الكَونِ .. و أنا لم أَعُد أعلمُ أَيْني .. لا أدري كيفَ التقطت عينَاي الكليلتانِ لافتةً تشيرُ إلى غرفَةِ الوِفَياتِ .. حائطٌ بناه عاملٌ لا يُدرِكُ ما يفعلُ .. يفصلُ به بينَ الحياةِ و الموتِ .. و أنا لا أزال أسيرُ ، كأنَّ الطريقَ لا تنتَهي و لكن فجأةً وصلنَا أمام بابٍ مُوارَبٍ قليلا .. أشارَ الرجلُ بلامُبالاةٍ إلى الغرفةِ و قَالَ : إنهم هُنا .. و لكن هل يمكنُ ذلكَ حقًّا : أن يُوجِّهَكَ رجلٌ لا تعرفُ حتّى اسمَهُ و لا يهتم بمعرِفَتِكَ .. أن يُوَجِّهَك إلى .. حيثُ الحياة أو الموت .. وقفتُ برهةً أخشى الدخولَ .. أصَختُ السمعَ .. ما الذي أصابَ حواسي لحظَتَها ؟ يرتَفِعُ الوجيبُ و أخشى من سُؤالٍ جَديدٍ .. سُرعانَ ما زَعزَعَني : هل تُقدِّمُ الممرضةُ إلـيَّ لفافةً بيضاءَ و تقولُ بحُنُوٍّ مُصطَنَعٍ : أَبشِر إنَّه الصبي الذي انتظَرتَه .. ها قد جَاءَ .. أم يُوجِّهُني الطبيبُ بنظراتٍ نحوَ لُفافَةٍ بيضاءَ أيضًا و يقولُ بتعاطفٍ لا أُدركُ صِدقَه مِن زَيفه : لقد حذَّرتُكم قبلَ أشهرٍ ، و لم نستَطِع فِعلَ شيءٍ لها .. خشيتُ أن أدفعَ البابَ .. بابٌ صَنَعَهُ نَجَّارٌ و هو يتابعُ بِبَصَرِهِ النَّهِمِ فتياتِ الحَيِّ .. صنَعَهُ يوماً و لم يُدرِك أبدًا ما الذي يُمكِنُ أن يُخفي وراءَهُ .. أسمعُ هَمهَماتٍ مِن داخِلِ الغُرفَةِ .. تداخَلت مَعَ صَرخَاتٍ مِن داخِلي .. هل أقتحمُ الغرفةَ ؟ هل أهربُ ؟ إلى أين ..؟

أنينُ النَّفسِ المُوجِعُ يُطبِقُ على أنفاسي فأُحِسُّ ضيقًا هائلا .. الخوفُ أحيانًا يدفَعُنا إلى نَفسِ الفِعلِ الذي نَقومُ به بدافعِ الشَّجاعةِ .. تَمتدُّ يدي نحوَ قبضةِ البابِ فِضيةِ اللَّونِ، يخترقُ مَسمَعي صريرٌ حادٌّ لن أنسَاه .. تتخلّى اليدُ عن تلكَ القبضةِ المبتعِدَةِ إلى داخل الغرفةِ .. ينفَتِحُ البابُ كأنَّ غيري قامَ بِفتحِهِ .. لم تَقَع عينَاي على أحدٍ .. فقـط ظهرت زاويةُ السَّريرِ الحديديِّ و الجزءُ السُّفلي مِن سُترةٍ طِبيةٍ بيضاءَ ..أحسستُ حركاتٍ فـي الأجسادِ تلتفتُ تستطلع مَنِ القادمُ .. بِبَقيـةٍ مِن قُدرَةٍ و عزمٍ تقدَّمتُ خُطوتَينِ داخلَ الغرفَةِ و تضخُّمٌ مخيفٌ بصَدري كأنّي سأنفجرُ .. توسطتُ المكانَ و نظرتُ أمامي : أذهَلَني كلُّ ذلكَ البياضُ .. بياضٌ شديدٌ ناصعٌ ، تمامًا مثلَ السَّوادِ .

فيصل الزوايدي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد منير
مؤسس
محمد منير


عدد المساهمات : 1898
تاريخ التسجيل : 23/01/2008
العمر : 59

" بيني و  بينـَكَ  "  قصة  لفيصل  الزوايدي  (  تونس ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: " بيني و بينـَكَ " قصة لفيصل الزوايدي ( تونس )   " بيني و  بينـَكَ  "  قصة  لفيصل  الزوايدي  (  تونس ) Empty5/2/2008, 17:04


مرحبا بك اخي فيصل في مدارات

و مرحبا بنقشك البهي

مع كل التقدير و الاحترام
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فتحية الهاشمي
الادارة و التنسيق
فتحية الهاشمي


عدد المساهمات : 1899
تاريخ التسجيل : 23/01/2008

" بيني و  بينـَكَ  "  قصة  لفيصل  الزوايدي  (  تونس ) Empty
مُساهمةموضوع: رد   " بيني و  بينـَكَ  "  قصة  لفيصل  الزوايدي  (  تونس ) Empty11/2/2008, 14:07

مرحبا أخي فيصل

جميلة هذه الأنسيابية و هذا الحديث بينك و بينك

استمتعت بالقراءة lol!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فيصل الزوايدي




عدد المساهمات : 63
تاريخ التسجيل : 04/02/2008

" بيني و  بينـَكَ  "  قصة  لفيصل  الزوايدي  (  تونس ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: " بيني و بينـَكَ " قصة لفيصل الزوايدي ( تونس )   " بيني و  بينـَكَ  "  قصة  لفيصل  الزوايدي  (  تونس ) Empty16/2/2008, 16:42

محمد منير كتب:


مرحبا بك اخي فيصل في مدارات



و مرحبا بنقشك البهي



مع كل التقدير و الاحترام

أخي محمد منير شكرا للحفاوة و للمشاعر الطيبة
دمت في خير
مع الود
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فيصل الزوايدي




عدد المساهمات : 63
تاريخ التسجيل : 04/02/2008

" بيني و  بينـَكَ  "  قصة  لفيصل  الزوايدي  (  تونس ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: " بيني و بينـَكَ " قصة لفيصل الزوايدي ( تونس )   " بيني و  بينـَكَ  "  قصة  لفيصل  الزوايدي  (  تونس ) Empty16/2/2008, 16:45

فتحية الهاشمي كتب:
مرحبا أخي فيصل

جميلة هذه الأنسيابية و هذا الحديث بينك و بينك

استمتعت بالقراءة lol!

أخت تحية شكرا للحفاوة و اسعدني رأيك في القصة و استمتاعك بها
دمت في خير
مع الود
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
" بيني و بينـَكَ " قصة لفيصل الزوايدي ( تونس )
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» "يـَـدان " قصة قصيرة جدا لفيصل الزوايدي (تونس)
» " الجدار الأحمر؟ " قصة لفيصل الزوايدي ( تونس )
» " الغروب " قصة لفيصل الزوايدي (تونس)
» " الرحيل.. " قصة لفيصل الزوايدي ( تونس )
» الاصدار الثاني لفيصل الزوايدي " قلعة الأرض "

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مدارات :: مدارات سردية :: مدار القصة-
انتقل الى: