شكرا ... ونسألكم الرحيل
يمكن للإنسان –أي إنسان- أن يطلب مشورة أي إنسان آخر على سطح هذا الكوكب على وفق ما يراه أو ما يلتمسه في شخصية الإنسان الأخر وعلى وفق تلك المشورة المطلوبة ونتائجها ودوافعها . كما يمكن لأي إنسان أيضا أن يتصرف وفق مشاوراته مع الآخرين أو مع ذاته ! لكن بالسخط أو بالرضا ،،بالعقل أو بالعاطفة ،، بالعنف أو بالسلم . على الإنسان –أي إنسان- أن يتحمل مسؤولية قراراته المتخذة والأفعال المتمخضة عنها – العواقب .. سلبية كانت أو إيجابية - وهذا ما يتطلبه المنطق. أن يقوم إنسان ما بتحمل عواقب قرارات ونتائج أفعال إنسان – أي إنسان آخر- فهذا انتهاك للعدالة الإنسانية و اعتداء سافر على المنطق إن الحقيقة التي يمكن أن تقال إننا لو فعلنا ما فعل الآخرون – عربا كانوا أم لا – من تغيير أصيل لم يختلط بالتدخلات ، لكان أجدى لنا مما حصل ويحصل يوميا . أما الحقيقة التي لا تقال .... فان خلاصنا لو تم بأيدينا من طاغيتنا وخلائفه الجدد كان سيعود علينا بكلفة أقل واختصار للوقت والجهد واقتصاد في وقود سيارات المحتلين الصناديد ودباباتهم وعجلاتهم الغادية والرائحة ، بدون أي فائدة تذكر. غيرنا دفع ثمنا زهيدا بل لا يذكر في مقابل حرية وطن ... لا تقدر بثمن . الحرية التي فقدناها ... بدون ثمن ! ماذا تعني أرواح شباب ،سبعين أو يزيدون من بين سبعين أو ثمانين مليونا ؟ وكيف يمكن أن يقارن حجم الدماء التي تسيل يوميا ولا تجد لها حاقنا هنا ،، ببضع سويعات من الاضطرابات هناك. المبرر الوحيد الذي قد يكون مقبولاً بالنسبة للمتابع لمسلسل أحداثنا المرير ... هو أننا قد مر ت علينا فترة من الصمت ..المرير أيضاً. لم نكن نستطيع بها أن نتفوه بأي شيء حتى أن أحدنا ليذهب الى خارج بلاده ليقلع ضرسه إذ إنه غير قادر على فتح فمه هناك حسب النكتة الشهيرة . لكن من يعرفنا جيداً – وهم قلة في هذه الدنيا – يدركون تماماً بأننا لم نتعلم الصمت مطلقاً ... ! فكل حياتنا صياح وصراخ وصخب وخطب ... و إزعاج لنا .. ولغيرنا !! لم نتعلم أو نتعود السكوت ..على مر تاريخنا مطلقاً .. فنحن إذ نفرح نقلب الدنيا رأساً على عقب مجبرين كل من يعرفنا ومن لا يعرفنا على الهرج والهوسة قسراً. وإذا ما أصابنا الهم والحزن أقمنا الدنيا ولم نقعدها ... غاصبين من الجميع ساعات هناءهم ولحظات راحتهم . نقول لك ياعزيزي المحتل الظريف ... بأن ذلك منهاج نسير عليه وبالتالي فمن غير المألوف أن يتم الخروج على هذا المنهاج وكسر حاجز الصخب . اعلم ..بأن لامجال للصمت عندنا .. فإذا تخلصنا من الصياح لن نجد أيامنا الصامتة بدونه ذات طعم يذكر أو نكهة تعيننا على قضاء ساعاتها .. لا أعرف ماذا يريد جندي أحمق يأتي من بلاد بعيدة يتخلى عن مسكراته وعاهرا ته و مخدراته وحيواناته المدللة وحياته التافهة التي لا يعرف بها أباً محدداً أو أسرة معرفة ... ليأتي لبلاد صعبة المراس مثل بلادنا .. وناس مثلنا ؟ نحن لسنا على أتفاق مع الواقع ... ولن نتفق مطلقا ً معه نحن بحاجة دائمة ومستمرة إلى أن نكون خارجين على قانون الحياة .. نحن بحاجة إلى حقيقة تكون بعيدة عنا ... كي نتشبث بها... وتخرجنا من الوحل الذي نحن فيه. لكل واحد أو لكل جماعة طريقة خاصة .. لكنا كلنا نحتج ونعارض .. ونرفض .. ونتمرد ونحاول تغيير الواقع .. ولو حتى بالكلام .. قدر ما نستطيع. وأن نثور على أي شيء ولأجل أي شيء ...وربما لأجل لاشيء..! الكل يتململ غيظاً من نفسه بلا سبب ... وحتى لو كان هناك سبب فهو كافٍ لأهانه الذات إذ نحن أكثر شعوب الدنيا لوماً وإيلاماً لأنفسهم .. وحين يتراكم اللوم وأسبابه ..تتزاحم الأعذار... وتضعف العقول .. وتختزل الحكمة . حتى نجد أنفسنا أننا نستسلم للواقع – بصمت هذه المرة – دون أن يكلف أحد نفسه بطلب ذلك منا . ولهذا ولكل ذلك وما إلى ذلك لا نريد واقعاً مقعقعاً ... لا نريد زمانا يجثم على صدورنا بلا أمل للرحيل ... لا نريد زائر ثقيل لا يكتفي بشرب شاينا ... ونفطنا فقط
لو كان الاحتلال سيفيد أبناء وطني شيئا وإن كان يسيرا لكنت أمسكت بتلابيبه مقبلا من أستطيع من مجنداته متوسلا بأن يدوسون على أضلعي بدلا من تراب بلادي لكي يبقوا ويتحملوا تموزه وغباره ومزاج أهله كيما يكملوا مسيرة البناء والأعمار الظافرة ولكي يمدوا أياديهم الخيرة إلى أبنائه البررة بالمحبة والسلام .... لكنهم – ويا لحسرة الشعوب القابعة تحت أقدام الطغاة – طغاة أكثر من أذنابهم . قد يمكن للإنسان –أي إنسان – أن يطلب مشورة أي إنسان آخر على سطح هذا الكوكب ... ما عدا أن تكون مشورة فاشلة مغلفة بالدماء ومزدانة بالأسى . نرجو أن يكون (جيمس) قد فهم ما تعنيه كل تلك الآهات العراقية التي تصدر على شكل أنفاس يومية . كما نرجو أن يدع (جاسم)وبجانبه (أزاد)وربما يمكن ل(أُميد) أيضا أن يتولى زمام الأمور في بلاد العجائب ، فأن احتاجوا إلى مشورة ، فلعلها تأتيهم من السماء فذلك ليس بغريب على بلاد الأنبياء والأولياء .