د. تيسير الناشف
عدد المساهمات : 45 تاريخ التسجيل : 01/02/2008
| موضوع: الحضور العربي في أفريقيا والحاجة إلى تعزيزه 30/5/2011, 20:55 | |
| الحضور العربي في أفريقيا والحاجة إلى تعزيزه د. تيسير الناشف* منذ عقود ما فتئت دول فاعلة تنشط في كل أنحاء العالم، ونشاط هذه الدول، النابع من رؤيتها لمصالحها وأهدافها، جزء من استراتيجية عسكرية واقتصادية وسياسية عالمية قديمة غير متغيرة. ويندرج في هذه الاستراتيجية اهتمام تلك الدول بالعمق الأفريقي الذي يتكون من دول منها إثيوبيا وكينيا ونيجيريا. وأفريقيا محل صراع بين دول عظمى ومنها في المقام الأول الصين والولايات المتحدة وفرنسا. وهذه القارة، التي تقع فيها دول عربية وإسلامية كبيرة، هي القارة الإسلامية الوحيدة في العالم. وفي أفريقيا قدر من الفراغ السياسي وهي غنية بثروات كثيرة غير مستثمرة أو غير مستثمرة بما فيه الكفاية من قبيل الذهب والكوبالت واليورانيوم والبترول. ونجحت بعض الدول غير الأفريقية في شغل قدر كبير من هذا الفراغ وتريد هذه الدول أن يكون لها دور هام فيها. ولتحقيق تلك الدول لأهدافها تسعى باستمرار بنجاح إلى إقامة وتعزيز التعاون الاقتصادي والأمني والمائي بينها وبين الدول الأفريقية. وتجلى الاهتمام الأجنبي وما يزال يتجلى في ابرام اتفاقات بينها وبين دول أفريقية على بيع الأسلحة وإقامة العلاقات التجارية والثقافية وتبادل الزيارات بين الرسميين من الجانبين. وفي إطار تلك الاستراتيجية تولي تلك الدول غير الأفريقية الاهتمام لتوثيق العلاقات بالدول المطلة على منابع نهر النيل والدول التي يمر نهر النيل فيها بغية ممارسة التأثير على تلك الدول الأفريقية بالاتجاه الذي يخدم أغراض الدول غير الأفريقية. وبعض تلك الدول، التي تعي الأهمية القصوى لمياه النيل في حياة مصر، تريد إضعاف مركز مصر في بلدان حوض النيل. وللعرب شعوبا ودولا حقوق تجب معرفتها والمحافظة عليها، وإذا لم تجر المحافظة على تلك الحقوق فسيُشطَب العرب من الخريطة السياسية العالمية. وللدول العربية مصالح حيوية متبادلة. ويتجلى تبادل المصالح الحيوية هذا في القول إن إضعاف مصر يعني إضعاف سائر العرب. وعلى الرغم من وجود عشرات الملايين من العرب والناطقين بالعربية في أفريقيا فإنهم لم يبدوا مبالاة كافية بالقارة الأفريقية والقضايا الأفريقية وأضاعوا فرصا كثيرة فيها. ولم يساعد العرب الأفارقة ما فيه الكفاية. إنهم ينظرون إلى الشمال ولا ينظرون ما فيه الكفاية إلى الجنوب. وعلى الرغم من حيوية نهر النيل بالنسبة إلى مصر والسودان ومن وجود قضايا لم تسوّ بعد بين مصر وبعض دول منبع النيل، فإن انعدام قدر كاف من المبالاة بقضايا الشعوب الأفريقية سهل على دول معينة اختراق القارة الأفريقية. المصالح المتبادلة بين الشعوب الأفريقية والشعوب العربية تتطلب تعزيز الوعي بحيوية توثيق العلاقات بين الشعوب العربية والشعوب الأفريقية وتتطلب أيضا تقديم المساعدة للشعوب الأفريقية التي تعاني من الفقر المدقع وسوء التغذية والأمراض المتفشية. أين رأس المال العربي في أفريقيا؟ ولماذا لا يدعم رأس المال العربي أفريقيا التي أدت دورا هاما جدا في التاريخ العربي والإسلامي؟ وقد يكونون غافلين عن أهمية العلاقات القائمة أو التي ينبغي أن تكون قائمة بينهم وبين الأفارقة. هذه القضايا لا تشغل مكانا سليما في سياسات الدول العربية على الرغم من القرب الجغرافي والتماثل الثقافي والديني والمصالح الاقتصادية الكثيرة القائمة بينها. وأفريقيا يمكن أن تكون السند الحقيقي للعرب، ويمكن أن يحقق إسناد متبادل بين الأفارقة والعرب. أحيانا كثيرة تتجاهل الدول العربية قضايا الأمة. وحينما تنجح دولة غير عربية في قضية من تلك القضايا تبدأ تلك الدول بالكلام. يجب هجر هذه العادة، وقرن واجب العمل بالعمل والتحرك. ويجب اتخاذ سياسة قوية وإبداء الإصرار على التمسك بالسياسة. ومن الطيب والسليم أن قام رئيس الحكومة المصرية السيد عصام شرف مؤخرا بزيارة السودان الذي يمر نهر النيل فيه. ومن شأن تعزيز العلاقات بين مصر والسودان أن يعود بالمنفعة الاستراتيجية عليهما في مجالات منها حماية حقوقهما في مياه النيل. ولشُح المياه والتصحر وتزايد استهلاك المياه تزداد المياه أهمية. وستنشب حروب المياه في أجزاء مختلفة من العالم، وعلى وجه الخصوص منطقة شمال أفريقيا وجنوب غرب آسيا التي يقل فيها هطول الأمطار. ومن الطيب أن يقوم رئيس الوزراء المصري بزيارة لدول منبع نهر النيل وللدول التي يمر نهر النيل فيها لمناقشة وتنسيق وتعزيز العلاقات بين مصر وتلك الدول فيما يتعلق بتقاسم مياه النيل. تحاول دول أجنبية تطويق دول حوض النيل: كينيا وأوغندا والسودان وتقييد يدَي مصر وتقليل نصيب مصر من مياه النيل. وتظرا إلى ذلك فمن الضروري أن تتوخى مصر وسائر العرب اليقظة حيال هذه الرغبة.· الأمم المتحدة، نيويورك. | |
|