مدارات المدير العام
عدد المساهمات : 134 تاريخ التسجيل : 18/01/2008
| موضوع: محمد منير كائن بحري مصلوب وسط الصحراء 1/4/2011, 23:08 | |
|
محمد منير كائن بحري مصلوب وسط الصحراء كلّما هممت بالنقش يخونني و البياض
بقلم : فتحية الهاشمي ( تونس ) مازال للبياض حكايته معه .. ما يزال يلهو بكريات الثّلج. هي افران الشفيفة كغيمة صيف تستدرجه بل تستدرج الفنان فيه و الرّسّام كي يخاتل هدوءها و استكانتها للخضرة و يفتض بياضها بعدسته و يغازل مكامن السحر و الفتنة فيها ، إذا هو البياض و هو المهووس بالمكان و الألوان و الطبيعة يستدرج سليمان الحكيم فيه كي يورثه اللغة فتفهمه الطبيعة و يتكلمان نفس السحر ، لا أدري لمَ حضرتني افران بالذات و لا أعلم لمَ حملني البياض و الماء للحديث عن الرسام الخلاّق و الخزاف الذي من أنامله تولد الألوان و بكفه تتشكل الأشياء ، إذا للرسام الخزّاف خلقه و خليقته ، و لآسفي ولمغارة علي بابا التي يهرب اليها كي يشكل عوالمه الخزفية فيها و يشرب من مائها أو من حكمة أجداده فيها كلّما أحسّ بجفاف في الرّوح … ما أشقاه الماء و النهر يمرغ وجهه في صدر بحر لا يشبع رمله يقول محمد منير : أنا كائن بحريّ يسكنه الترحال و تحاصره الجبال كلما انتفض هاربا صوب البحر أعشق البياض و أجد لذتي في فضّ بكارته بالسواد الساكن يدي و أن أمارس عليه شبقية فواصلي و أن أجعل منه سرير أحلامي الغير منتهية فلا أستطيع إلآ أن أبوح أن محمد منير كائن بحري مصلوب وسط الصحراء … إذا هي الصفرة الخانقة أو الامتداد للجبال والعلو و هذا أيضا لا يعني سوى الاختناق و الحدّ من الحرية و التحرك و التحليق و الرّؤية ، إذا لا يمكن للرسام و الشاعر و الخلاق الذي ينهض في داخله لحظة ولادة القصيدة و الشكل الخزفي و اللوحة إلآ أن يبحر في الزرقة اللازوردية اللامحدودة للرؤية و الحلم ، إذا هو البحر ، هو الانطلاق ، هي الحرية و اللاقيد و هو الماء أصل كل شيء و منه خلق كلّ شيء ، فالكائن البحري فيه يبحث عن عوالم للخلق و الولادة و هنا يكمن سر محمد منير الذي يؤمن بالاستقلالية حدّ الفداحة لكنه وفي و صدوق رغم ذلك حدّ التهوّر أيضا … الاستقلالية و الوفاء وجهان متضادان قد يوقعاه أحيانا في مشاكل لا يسعى اليها البتة لكنه قد ينجو منها بطيبوبته المعهودة مع أضرار طفيفة … يحمل الشاعر في دواخله رساما و نحاتا و بحارا و ربما هذا يعود لمكان ميلاده كازا التي يعود اليها مفتونا ، عاشقا ، محبا، مأخوذا بسحرها كلما حرقه شوقه ، مازالت المدن تسكنه و تلونه بسحرها و تحمله على جناح زرقتها نورسا لا يرتاح الا على صخرة نائية في الزرقة الباذخة المدن التي آوتني أخيرا تجمعت في كفي نبض قصيدة اللغة هي نبض الشاعر فيه و اللغة أنثى و الأنثى تأخذ حيّزا فاتنا ، متقلبا في ذاكرة الشاعر و تلون حاضره أيضا ، الأنثى بمفهومها الشامل ، هي المرأة ، هي اللغة، هي القصيدة التي تسكنه و تشكله ، نعم هي تشكله و تخلق منه ذاك الرسام و النحات و الكائن اللغوي بامتياز ، هي الحرية ، هي القضية ، محمد منير يحمل ولاء لنفسه و لأصدقائه و لكلمته و لمدنه و لعروبته ، هو كتلة من الشعور بالمسؤولية و المحبّة للجميع ، حتى أعداءه ان وجدوا… الفجر و الليل يلعبان الغميضة و الحلم على شط اللعبة يحترق يظل الليل عالم محمد منير دون منازع ، هو الكائن الرقمي الذي يشده العالم الالكتروني فينغمس فيه و يبحر ممتطيا فأرته و موغلا في اقتناص اللحظات حتى أنه ينسى نفسه و ما حوله ، هو الباحث عن التطور و المتجدد ، و هو المتحرك في ذاك العالم الغريب العجيب و تبقى مدارات مداره الرقمي الذي دخله مغامرا فأغرم به و هو يتعامل معها تماما كما يتعامل مع أنثاه ، يحنو عليها حينا و يزينها و يبهرجها و يجدد عهده بها فتغدو كل دنياه ولكنه يعود ليلقي بها للفراغ حينا اخر و ينزوي في طفولته التي لم تغادره أبدا يلهو بكرياته الثلجية أو الطينية أو يلهو بأحلامه موليا ظهره للدنيا ولها ، ممتطيا الموج، فيكون هو البحر المهادن ، الغاضب ، الحالم ، المتجاوز لكل الشطان و الباحث دوما عن البياض و عن الضفة النائية... لا تقربيني وحدي أستطيع أن أطوي موج الحرف و أكتب على الشط أني منك تخلّصت أني الان حرّ إذا هو محمد منير حرّ حرّ يبقى البحر و الزرقة والشطّ و الموسيقى محطات متتالية وليست الأخيرة في بحثه عن الحرية فمازالت المجموعات المغربية من جيل جيلالة الى لرصاد الى الحياني تلون ليله و زرقته و مازالت ماجدة الرومي و معلومة بنت الميداح و غيرها من الأصوات التي تصنع حلمه و تخلق لحظته المواتية للانطلاق نحوه في اكتشافات متعدية للعادي في دواخله ...هو محمد منير الانسان و الفنان و الطفل الرجل او الرجل الطفل في محاولة للغوص في ذاته قد أكون نجحت في ذلك و قد يعيدني مرة أخرى الى النقطة الصفر فأعيد كتابته من جديد فهو متحرك و متجدد بتجدد الفصول و ممتد بامتداد البحر ووافر و رحب كالمدى...
فتحية الهاشمي روائية وشاعرة تونس 2011
| |
|