خرج التنسيون عن صمتهم بعد سبات الكلام طال أمده سنين تجمل إلى صبر أيوب ، على كل قمع للحريات و غشم و دكتاتورية و نظام ثابت سبقه نظام ثابت غير بطريقة تعسفية سادها دهاء الساسة و السياسيون أمام ضعف من سبقهم إلى التفرد في الحكم .
و كان الحكم واحدا و ثان في تونس ، و لم يتغير لولا أن أحرق " البوعزيزي " جثته فداءا لصرخة التنسيون التي خرجت الى العيان ، و الذين لبوا حرق البوعزيزي و ثاروا ملبين النداء .
و إنتشر الخبر الانتفاظة مع لمح البصر عبر وسائل الإعلام المكتوبة و المرئية ، و التي عززت جندها الاعلامي لأول حدث ثائر بالدولة المسالمة " تونس " الخضراء " ذلك منذ عهد الاستقلال من الاستعمار الفرنسي ، مشتتة بعض إعلامييها الأخرين عبر دول عربية أخرى توقع الاعلام العربي و محلليه السياسيين أن يلهب " البوعزيزي شرارة إنتفاضته كما ألهبها على صراط " الشابي : مؤكدا حرق جثته على كلمة : " لابد " أن يستجيب القدر-إن أراد الشعب يوما الحياة . و ثار الاردن و ثارت الجزائر مرة على غرار المرات و إنتهج مصري نهج البوعزيزي في حرق نفسه كاتما الشعب المصري ثورته التي أكيد ستقوم يوما على رفضه الفاضح للنظام الجمهوري لرئاسة: محمد حسني مبارك ، الذي يسعى إلى تحويل النظام الجمهوري الى نظام الوراثي فلا يخرج عن العائلة المباركية .
كما توقع البعض الاخر إنتفاظة الشعب المغربي أيضا على حكمه الملكي ... إذن لنقول أن البوعزيزي قد ألهب ناره لكل الشعوب العربية الصامتة على نظامها الواحد الصامد أمام أي هزة سياسية و مهما كانت درجة قوتها أكيد ستكون فاشلة اللهم إلا إذا أصبحت شعبية . أو كانت ثورة بين كلاب السياسة و سياسيوها ، كما هو الشأن القائم أمس بالجزائر و الذي أثاره : سعيد سعدي زعيم حزب التجمع من أجل الثقافة و الديمقراطية . الوجه الطامع علنا منذ خروج الجزائريون عن رفضهم لمبدأ الحزب الواحد و الذهاب الى التعددية الحزبية -إلى علو سئدة الحكم بالجزائر .
هو حلم اليقضة عند سعيد سعدي الحزب الجبان و المشاكس من بين الاحزاب السياسية التي يبزغ نور وجودها إلا في المناسبات الشرعية و الغير شرعية ، و نيتها الجلية: إشعال فتيل النار بحجة التغيير .
كان الحكم الجزائري الذي لا تخفى عنه عين أن يخرج الطفيليون مثل سعيد سعدي الى الميدان في محاولة فاشلة في إبراز وجه مشبوه عن صورة الجزائر النظيفة في حكمها و في سياستها الحكيمة حسب ما يراه الحزب العتيد و بعض القصر الاميون عن معرفة حقيقة ما هم فيه ، مفضلين الصمت عن الكلام أن لا يذهب ابناءهم أو ابناء ابناءهم او احفادهم الى منفى السجن ، و تفتح الدولة من جديد ملفا جديدا للمفقودين .
السلطة الحاكمة في الجزائر لم تتغير بدورها ، فهي تؤكد وجودها الراسخ تحت لواء الدستور و قرار الشعب الذي أراد عهدة ثالثة ، حسب ما أمرت به السلطة الحاكمة عبر قناتها الوحيدة ، بعدما جعلت من الاقلام الاعلامية التي كانت في زمن اللاحكم تبوق بما تشاء عن السلطة و نهجها ذلك حسب ما تدفع به من كان يمسك بزمامها قبل أن يحكم في زمامه هو الاخر من طرف السلطة الحاكمة بالجزائر و التي لم تخرج أبدا من الحزب الواحد رغم التعددية الحزبية .
هكذا أجاد الحكماء السياسيون سيطرتهم على كل حكم يخالف حكم سلطتهم و بدأو ذلك بأكبر سلطة يعرفون قيمتها الفتاكة أكثر من قوة الجيش ، و جعلوا منها سلطة أمعية تكتب عن ما يجري في مجاري محاكمها .
السلطة الجزائرية حذرت بيوم شعبها من أي تجمع غير مسرح به لتفادي تدخل القواة الامنية و لتجنب إظهار الجزائر بصورة لا تليق بمقامها ، بيد أن "معزة " سعيد سعدي بقيت على طائفتها الخارجة عن النظام ضاربا قرارات الدولة عرض حائط مقر حزبه المشاكس ،مصرا على الخروج مع مناضليه الى شوارع العاصمة ملفتا كامرات الاعلام العربية و الدولية . غير أبه بما سيتعرض إليه مناضلي حزبه الذين يبرر مواقفهم بموقف الشجعان .
و لكن ما يثيرني اليوم من الحكومة الجزائرية و سياسة النظام الحاكم للجزائر التي إستطاعت منذ الاستقلال الامساك العصيم بمثاق العهد الثابت للحكم و عدم خروجه عن نطاق حزب"الافلان"العتيد ، رغم التعددية الحزبية التي سمح بها ، إصماتا منه لصرغة الشعب الغاضبة سنة 1988 ضد النظام الحاكم الواحد و التنديد بالتعددية الحزبية و تغيير نظام الحكم . و لأن الجزائريون خسروا أرواح أبنائهم الذي إتبعوا نظام حزب الجبهة الاسلامية للانقاذ المنحلة ، و التي إستطاع الحم الجزائري حلها و منع كل من يفتح حزب تحت إسم الاسلام و راح الحزب حماس الحزب الموازي للجبهة الاسلامية للانقاض فك رومزه لاجل البقاء بالتنحي عن ألف الاسلام و جعله "حمس" عوض "حماس" و ها قد ضم ساعده المصلحي الى حزب جبهة التحرير الوطني ليضمن هو الاخر وجوده في سئدة الحكم بطريقة غير مباشرة ، و هو من يدعم السلطة المدعية في تطبيفق الدستور في عهد الرئيس القائم : عبد العزيز بوتفليقة : إلى أن قيام رئيس الجمهورية الجزائرية الشعبية الديمقراطية "كلاما " لا يتعدى العهدتين فقط ، و ها هو قد تعدى حكمه العهدتين الى عهدة ثالثة مع إبراز الليونة في البقاء الى عهدة رابعة فعهدة أزلية لا يخرج عنها النظام البوتفليقي إلا بفراق الموت و هو من فرض في الانتخابات السابقة أنه لن يعتلي كرسي الرئاسة إلا بتسجيل أعلى نسبة إنتخاب . ذلك أمام صمت السلطة الرابعة التي باعت أقلامها للسلطة الحاكمة مقابل الصمت . فاتحا مسمة القناة الجزائرية الوحيدة في البوح بما يراد التصريح به أو ما يخاف الشعب أن يعرفه خارج حدوده الاعلامية الغير خرساء ، و التي طالها أيضا صوت الظام الحاكم بنصيحة الصمت و القصد ييتوجه الى قناة الجزير الفضائية بمنعها من التشويش على الجزائر و أذهان الجزائريين .
فكيف اليوم هذا النظام العملاق المسيطر داخل و خارج حدوده الجغرافية و السياسية حضورا و فعلا العجز أمام حل حزب يريد فعلا الهلاك للشعب الجزائري ، لماذا الدولة الجزائرية لا تسكت عواء سعيد سعدي مثلما أسكتت عواء المدعين للصحافة و الجلوس على سئدة السلطة الرابعة ،و تركه يتنفس فقط بين حين و أخر و كأنه يفلت من بين يديها ؟ .
أم أنها تصنع منه طعم إصطياد بطريقة شرعية تفتي للحكم الثابت مواصلة دربه في تزعم سئدة الحكم فلا يخرج عن النظام البوتفليقي أو على النظام الافلاني ؟