علي مفتاح شاعر
عدد المساهمات : 17 تاريخ التسجيل : 11/10/2009 العمر : 60 الموقع : http://nizarco64.maktoobblog.com/
| موضوع: قصيدة آش طرا يا سنطرا للزجال محمد عزيز بن سعد قراءة عاشقة 21/11/2010, 01:37 | |
| آش طرا يا سنطرا ؟ الحي الذي يحيا فينا بحثا عن المعنى
آش طرا يا سنطرا ؟ قصيدة من مجموع القصائد التسعة التي تؤثث فضاء الجرح الساخر حد الألم لديوان "لمداد ليل و المعاني كمرة " لزجال اختار قسرا السفر في جراحنا ،و التي أدمت قلبه قبل قلمه ،و وضعتنا ،نحن الذين تقاسمنا معه لحظة السفر في هذا الجرح و حوله ،موضع الشريك في الجرح ،أي ذلك التواطؤ المعلن للشاعر مع متلقيه لتقاسم لحظة بكاء آسر ،بكاء جماعي شعري ،يسخر اولا من تباكينا السلبي و من سلبية تفاعلنا مع كل ما راكمته العين من مشاهد ،هي اكيد شاهدة على وقع فواجعنا ،التي تتعدد بتعدد حضور الآخر ،الذي سترسمه ريشة " شاعر كاريان سانطرال " حسب مد اللون الاحمر الفاقع|الدم ،و جزر أحيائنا التي ستتحول الى دهاليز نسخت جميعها على مقاسات حجرات الاستنطاق ب" درب مولاي الشريف " ،لقد اندس "زجال الحي "خلسة كي يحيا فينا ،و يحيي فينا واقعا تقاسمناه ألما و ما تزال تراكماته و رواسبه الموجعة عنوانا لهوية جراحنا و الذي لن يزول ،سوى بإزالة أطلال جراحاتنا ،و استئصال خبث أورامه التي تشهد لنا و علينا . القصيدة التي بين ايدينا " آش طرا يا سنطرا ؟ " جاء عنوانها بصيغة الاستفهام ،كما أن تركيبته الفونولوجية جاءت مدوية الوقع و الإيقاع ،تتقاسمه أحرفا " الطاء مربوطة بالراء " تحدث رنينا عند سماعها ،و تركيبة الحرفان تحيل على عبارة متداولة في عاميتنا ،ألا و هي عبارة " الطَرّ " كأن نقول : " ضرب الطر " أي افراغ لشحنة عدوانية داخلية ، و بقدر ما أن السؤال مباشر ،بقدر ما أنه يفتح باب التوليد الدلالي و التداولي لاستنباط اسئلة أخرى فرعية ، قد تساعد على تلمس الجوهر العام للسؤال ،فعندما نستهل عبارة ما في الدارجة ب " آش " كأن أقول مثلا : " آش قلت ـ آش بغيت ..."فإن العبارة تفيد الاستفهام ،و يقابلها في اللغة العربية " ماذا " ،فقد ارتأى " زجال كريان سنطرال " ان يستهل قصيدته بسؤال يتركب من عدة مفاتيح دلالية قد تساعد على الفهم و تلمس جوهره و كذا الكامن وراءه ،هناك أولا كلمة "آش" ثم فعل "طرا" و الذي جاء منسوبا للماضي ،و يلي هذا الفعل حرف نداء " يا " ثم اسم " سنطرا " فعلامة الاستفهام . لنبدأ أولا بفعل " طرا " و الذي يحيل على تساؤل ضمني حول ما وقع في مكان بعينه و الذي هو " سنطرا " ،فالسؤال في علاقته بفعل "طرا" يدل دلالة ضمنية أن أمورا طرأت و وقعت ،لكن السؤال هنا في تحديده لمخاطبه ربطه بحرف نداء "يا " أي ان سؤاله موجه الى " سنطرا " تحديدا ،ف"سنطرا " هي المكان و هي المخاطب في نفس الوقت ،فلو غيرنا مثلا حرف النداء بحرف الجر " في " ،سنصبح أمام سؤال بصيغة دلالية مغايرة ،و كأن الشاعر يتساءل فقط عما وقع في مكان معين ،لكنه ارتأى أن يساءل و يتساءل مخاطبا المكان نفسه حول ما وقع بداخله .فالاسئلة الضمنية التي يمكن أن نولدها من السؤال |العنوان و التي كما قلت قد تساعدنا أكثر في تلمس جوهره :ماذا وقع في سنطرا ؟ ما موقع سنطرا على الخارطة النفسية و الوجدانية للشاعر حتى يتمثلها مخاطبة ؟ و صيغة السؤال لا تحدد لنا تصنيفا تقييميا لما وقع في " سنطرا " ،فهل ما وقع كان انعكاسه سلبيا على سنطرا أم إيجابيا ؟ سيما و ان قراءة أولية للعنوان تحيلنا على عبارة في أصلها الدارجي غالبا ما تعطي تقييما ايجابيا لفعل المخاطب ،فعندما أقول مثلا :" آش طرا و جرا حتى فقت بكري ـ آش طرا و جرا حتى جيتي ف الوقت " فتقييم فعل المخاطب هنا تقييما ايجابيا مقارنة مع ربطنا لفعله الآني بفعله أو أفعاله السابقة .فالعنوان|السؤال هو تساؤل للأنا الشاعرة حول ما وقع لها كذات شاعرة في مكان بعينه ،أي "سانطرا"،و في نفس الآن هو دعوة ضمنية للمتلقي كي يحاول الاجابة عن سؤاله هذا ،ثم مشاركته في تلمس تفاعل و انفعال هذه الذات الشاعرة في علاقتها بالمحيط الذي أفرز سؤالها المحوري ،و الذي يلخص حجم الأثر النفسي لذات حائرة ،و متسائلة ،و ذلك لأننا غالبا عندما يستعصى علينا فهم و استيعاب الواقع بكل مكوناته و تأثيراته سواءا النفسية أو الاجتماعية ،فإننا نلجأ مكرهين لتحويل صدمات المتغيرات السلبية التي تداهمنا الى أسئلة كترجمة و تقييم فعلي لغوي يعبر عن الدهشة التي خلفتها مجموع الصور للمشهد المتفاعل معه ،أسئلة تحمل في طياتها أجوبة عديدة سنصادفها و نحن نشارك هذه الأنا سفرها الشعري الزجلي و هي تجوب ربوع ذواتنا و واقعنا . فأول عبارة تصادفنا في هذا السفر الزجلي تعكس الى أبعد الحدود تلك الحيرة التي عبرت عنها الانا الشاعرة في تقييمها للمشهد المعاش و هي تطرح سؤالها ، ثم دهشتها التي تتجلى في إمكانية إيجاد المعنى الحقيقي الذي قد يترجم ترجمة حقيقية للمشهد و انعكاساته " شلا معاني ف الخاطر ـ و فين الكلمة لي تقولكم " ،أي أن هناك سيلا متراكما من المعاني داخل هذه النفس الشاعرة " شلا" نسجتها حول الوضع الاعتباري النفسي للمتلقي ،و الذي ورد هنا بصيغة الجمع "تكولكم " ،إلا أنها لا تجد الكلمة المناسبة التي قد ترسم بها رسما موضوعيا و حقيقيا هذا المتلقي الطرف الفاعل و المنفعل في المشهد كله .إلا أن عسر استخراج هذه المعاني من جحرها الداخلي النفسي "الخاطر" ،و ترجمتها الى كلمة تقييمية للمشهد، سيدفع هذه الأنا الشاعرة مرغمة الى تليين هذا العسر في معانقة " شلا معاني " ،و عندما نقول مرغمة ،أي انها ستنساق لاإراديا الى الافصاح و التعبير عن مجموع تلك المعاني الدفينة " سبقني لمداد عل الورقة يتكاطر " ،لنصبح بعد ذلك أمام مشهد تسابقي معبر عنه ضمنيا و علنيا "سبقني "بين استعصاء ترجمة المعاني الى كلمة |كلمات من جهة و بين الانصياع اللاإرادي للكتابة "لمداد" ،بحيث أن هذه الأنا المدفوعة قسرا الى استخراج معانيها ،ستجد نفسها مرغمة على الإقرار "كريت" بكل حرف كي تتناسل الحروف فيما بينها ،فتعطينا كلمات تكون هي المرآة التي ستعكس ما بداخل هذه النفس من "شلا معاني" ،فدموعنا نحن الطرف المشارك في المشهد ،هي التي ستفضح سلبية موقف هذه الأنا ،فتدفعها مرغمة على أن " تگولنا " ،أي تصف حالتنا وفق تصورها الشعري و الانساني . فتبتدئ هذه الأنا الشاعرة سفرها بتحديد المعطى الزمني لمشهد ما وقع ل " سنطرا" ،و بصورة قاتمة ،مظلمة ،مأساوية ،و حزينة كذلك، ستحدد ملامح هذا المشهد ،تستهله بكلمة تلخص المأساة و الجرح الغائر "كية " ،انه الألم الذي يصاحب الحزن ،انه وجع السنين التي تشابهت و تناسلت فيما بينها كي تعطينا أعواما و أياما مظلمة "كية لعوام آليام ـ ليل كحل من شعرنا مظلام ـ و نهار بيض من شيب روسنا " ،فقتامة المشهد من تشابه ايامه الحزينة ،المشعة ألما و جرحا ،فالشَّعر الأسود و الشيب الأبيض ،وجهان لعملة الجرح و رتابة و سوداوية الأيام " ليل كحل من شعرنا مظلام ـ و نهار بيض من شيب روسنا " ،انها الدوامة التي تدور بنا و كيفما اشتهت و حسب الايقاعات التي يمليها ضرب الدوامة ،و كيف و نحن من "نجرناها بيدينا" ،فهل يحق لنا و الوضع كذلك ان نأتي اليوم و نطلب من " السايس " بأن يرفق بنا " تكايس علينا " . و يستمر " زجال سنطرا " في تحديد ملامح المشهد وفق منهجية البحث عن إجابة شافية للسؤال |العنوان "آش طرا يا سنطرا ؟" فتتساقط الأجوبة إتباعا ،لترصد لنا معالم ما وقع و يقع ،ترصد لنا و للزجال نفسه حقيقة مشهد المأساة و مأساة المشهد ،و لعل افعال " تظلمنا ـ تركنا ـ ترسنا " تلخص الشعور و الاحساس بالمرارة ،يختزل و يلخص سوداوية واقع يتقاسمه الشاعر ،بحكم الانتماء للمكان ،و بحكم علاقة التفاعل و الانفعال مع محيطه العام ،"تظلمنا ، و لا من دزا لينا عار " ،فصيغة النفي المتضمنة في العبارة " لا من " تدل دلالة ضمنية على أن واقع " سنطرا " واقع منفعل بالظلم ،و الذي لم يتمكن أي كان من ابعاده و إسقاطه عنها ،فإذا نظرنا مليا الى الافعال الثلاثة التي بين ايدينا "تظلمنا ـ تركنا ـ ترسنا " نجد أن الأنا الشاعرة تراعي تسلسل انعكاس الانفعالات السلبية ،فالظلم هو أمرّ ما يمكن أن يحس به الانسان و قد كان فعل " دز العار " هو المقابل الفعلي و الحركي الايجابي كرد فعل على الفعل الأول أي فعل "تظلمنا "،ثم في الدرجة الثانية يأتي فعل "تركنا " تعبيرا عن الضعف و قلة الحيلة ،فوقع هذا الفعل الثاني هو أقل مرارة مقارنة بالفعل الأول ،لكنه نتاج حتمي لفعل الظلم ،و أما الفعل الثالث " ترسنا " فإنه يعبر عن قمة الخنوع و الاستسلام لواقع فرض على المستلب تأدية قناطير من همه ثمنا للتبعية و الخنوع والاستيلاب "ترسنا و زرضنا من همنا قنطار " ،و كتقييم لهذا الخنوع ،و كرد فعل لهذا الاستيلاب ،تكتب الأنا الشاعرة الخلاصة الحتمية ،و التي كانت عبارة عن كلمة وحيدة فقط بل أكثر من هذا فإنها تفرد لها سطرا بكامله تعبيرا عن خيبة أمل دفينة ،تعبيرا عن مرارة امتزجت بتقييم لحصيلة سلبية لكل الاختيارت ،إنها الخلاصة الحكيمة لواقع الاستيلاب اللاإرادي ،انها كلمة " سَّرْنا " ،التي جاءت بصيغة الجمع ،جمع يتقاسم في بنياته و مكوناته المتخيلة كل أشكال الغبن و الحنق من إفرازات واقع مختل ، فهل كانت كلمة "سرنا " و ما يتعلق بها من إحساس تلخيصا لواقع نحن من ساهم في رسم ملامحه البائسة ؟ فكلمة " سرنا " تلخص الى أبعد حد إدانتنا و مشاركتنا الفعلية ،سواءا كانت مشاركة مباشرة أو غير مباشرة ،أي عبر التزام الحياد و الصمت السلبي ." سرنا " يقابلها فعل " نستحق " ،و الفعل يقال غالبا للتعبير عن حصيلة سوء الاختيار ،و الذي يجد الانسان نفسه مرغما على حصاد سوء اختياراته .فعل " سرنا " يعبر تعبيرا ضمنيا على المواطنة السلبية التي لا تتفاعل إيجابيا مع واقعها ،و أكيد أن الأبيات التي ستأتي بعد فعل " سرنا " تؤكد ما ذهبنا اليه " تعاندنا عل الشطحة ف الدروج ـ ما حنا محسوبين عل الدار ـ ما حنا معدودين من مالين الدار " ،انه الإقصاء الاختياري و الإرادي ،إنه التهميش الطوعي ،إنها قمة السلبية ،فعندما نتنافس فقط على الرقص ،و قد كان اختيار الأنا الشاعرة ل "الشطحة ف الدروج " اختيارا يعبر ضمنيا عن سوء اختياراتنا ،سواءا فيما يتعلق برمزية الانشغال "الشطحة " ثم المكان |الموقف " ف الدروج " ،إننا أمام اغتراب داخلي ،نحن الذين اخترنا أبجدياته . و ارتباطا دائما بفعل " سرنا " تواصل الأنا الشاعرة سفرها الموجع حد السخرية و الساخر حد الألم ،و بوضع نفسي أقرب الى المازوخية "حتى من الكي ـ برا عليه جلدي " ،تصورنا و تصور لنا مشاهدنا و نحن مسافرون في الألم الذي اختارنا كعنوان لهويته ،و قد اختارت لنا هذه المرة صورة مقارنة ،مقارنة يختل فيها التوازن بين صورتين متناقضتين " ليلة السلطان " و " زنك الكاريان " ليلة السلطان و ما يصاحبها من فرح و مسرة و بذخ و ميسرة ، و " زنك الكاريان " و ما التصق به من عذابات يومية تتكرر بتكرار العيش فيها و بها و حولها ،و لعل عبارة " من كثرة ما تحركنا " تلخص الى أي حد قد يتعايش المرء مرغما مع مآسيه اليومية ،تلخص كذلك سلبية تفاعلنا مع واقعنا المر ،سيما و ان الصورة الاخرى المقارنة " ليلة السلطان " وردت في السياق كي تعكس ضمنيا الفارق بين صورة "نموذجية " و أخرى " هامشية "أي مقارنة في أشكال و طرائق العيش ،و هذه المقارنة المختلة التوازن هي التي ستدفع ب"زجال سنطرا" الى التساؤل حول ما إذا كان الفرق بين الصورتين أملته ظروف مناخية و جغرافية ،حتى أن مجموع الأسئلة المطروحة ،كانت أقرب الى "الهذيان المعقلن" منها الى تلمس حقيقة المشهد ،انه الهذيان الساخر ،و قد ارتأى أن يقسمه الى ثالوث يمتزج فيه الواقعي بالمتخيل الغيبي ،هناك من جهة البحر و الشتاء ثم الحي|نحن ،فوقفة تأملية في الأبعاد المتخيلة لهذه الأسئلة "واش الحي هو اللي بعيد عل لبحر ؟ـ و لى الشتا ـ هي اللي ما بقاتش باغا تصب عليه ؟ ـ ماشي بعيد نكونوا احنا ـ اللي ما جيناش ف ايام الشتا ؟ " تدفعنا لإيجاد رابط منطقي بين أركان هذا الثالوث ،لماذا اختارت هذه الأنا البحر و ربطته بالبعد الجغرافي في علاقته ب " حنا " ؟ثم لماذا جعلت للشتاء أياما ،لم يكتب لنا نحن أن نعيش في هذه الأيام ؟ فالبحر و الشتاء رمزان للخير باعتبار مكونها المادي الذي هو الماء ،انه رمز للحياة ،و انطلاقا من هذا الطرح ،يمكننا ان نعيد صياغة هذه الأسئلة وفق هذا التصور : " واش الحي هو اللي بعيد عل الحياة ؟ـ و لى الحياة ـ هي اللي ما بقاتش باغا تصب عليه ـ ماشي بعيد نكونوا احنا ـ لي ما جيناش ف ايام الحياة؟".و انطلاقا من هنا يمكن أن نعطي تفسيرا لماذا أقسم "حلف الجفاف عل لكصب ـ و حلفت السما لابقات تصب ـ عل كود كاريان القبلة " ،لقد أقسمت الحياة أن تخاصمنا ،أقسمت بأغلظ أيمانها على أن يبقى واقعنا |حياتنا حسب المشهد السلبي الذي يلخصه فعل " سَّرْنَا " ،أقسمت الحياة أن تغير وجهتها و تغض طرف عينها عن " كاريان القبلة " . و يواصل "زجال سنطرا " رسم خارطة للبؤس المطل علينا من أحياء و دروب "سنطرا" ليفتح لنا "جوج قواس"، يتنقل و هو العارف و المتمكن من أسماء دروب من اختاروا قسرا الانتماء الى deuxieme dévision ،إنهما قوسان متناقضان ،يلتقيان فقط في الانتماء لحي واحد ، "قوس يديك للسينما شريف ـ و قوس يديك لدرب مولاي شريف " فسينما شريف هي من المعالم التاريخية ،و قد كانت المتنفس الوحيد لساكنة "درب مولاي الشريف " الى جانب "سينما السعادة "،و تتواجد "سينما شريف " بدرب مولاي الشريف ، إلا أن "زجال سنطرا" ارتأى ان يفرد و يخصص لها قوسا ،يقابله القوس الآخر ،أي قوس "درب مولاي الشريف " ،و هو قوس يتناقض كليا و القوس الأول ،إنه القوس السوداوي الرمز ،إنه المعتقل السري الذي كان ترجمة حرفية لتفاعلنا السلبي مع واقعنا ،و أكيد أن فعل " سَّرْنَا " يلخص ضمنيا و ظاهريا تواجد هذا القوس المظلم ،فسلبية تفاعلنا مع الواقع " تعاندنا عل الشطحة ف الدروج " ثم لكوننا " تظلمنا ـ تركنا ـ ترسنا " كان واقعيا ان نجني ثمار سلبية زراعتنا ،و "نستحق" "سرنا" .اذن فضريبة الانتماء ل لا يمكن أن تفرز لنا سوى خارطة بقوسين متناقضين ،deuxieme dévision إنها دروبنا التي تشهد لنا و علينا .دروب نسجنا لها ثوبا على مقاس جراحاتنا .دروب هي شاهدة على هروبنا منا إلينا ،هروب من واقع الجرح الى واقع تجرع مرارة هذا الجرح الذي لازمنا كلما خرجنا من قوس و دخلنا الى قوس آخر " بالله يا دروبنا ـ يا الشاهدة عل هروبنا ـ انت فصلت كروبنا ـ و حنا لبسناها توبنا " .فكل هذا الجرح الآسر "مكتوبنا " كتمناه بداخلنا "زميناه" ،لكن قمنا بترجمته الى الكتابة|الهروب ،فدروبنا الشاهدة على هروبنا إلينا ،بتقاسيم وجهها المتجهم ،و الذي ما إن تنظر الى طميها المبلط بجراحاتنا ،حتى ينتابك الحنين الى المنفى القسري ،المنفى الإنطوائي ،إنه منفى الكتابة كرد فعل إيجابي لنقل كل الصور الملتقطة عبر سفرنا اليومي فينا و في دروبنا ،فليس للأجيال القادمة حق محاسبتنا "ما عند الجيل الطالع ف حيوطنا ـ فاش يلومنا " لقد كتمنا الجرح"ايه زميناه " مكرهين ،لكن حولناه الى كتابة ،و لعل الانا الشاعرة تحاول هنا ان تضع لنا مقارنة تقييمية لتفاعل الجيل الذي تنتمي اليه مقارنة مع " الجيل الطالع " في علاقتهما معا بواقع العيش في "سنطرا " ،و كأنها تخاطب هذا " الجيل الطالع " و تصف له ظروف و ملامح الانتساب الى هوية " اولاد سنطرا " ،هناك أولا الظروف الأمنية الخانقة ،و التي كانت لا تمنح ل " جيل اولاد سنطرا " الحق في الكلام " كانت الواشمة تدي عل الدي ـ و كانت الناس غشيمة يا وعدي " ،و لقب "الواشمة " كان يختصر الحصار الخانق لجيل بكامله ،سيارة بخطيها الاحمر و الاخضر و كأنها وجه امرأة شمطاء ،و قد زينته بوشم، تجوب الدروب تقتلع في تنقلها كل كلمة و تجتث شجرة الحرية من جذورها ،كانت تترصد للحروف قبل أصحابها ،" تدي عل الدي "و ذلك لأن "الناس غشيمة يا وعدي " كما " كان الزمان يبزدي " ،و هنا و تحت ظل هذه الصورة القاتمة و الموجعة ،تدخل الأنا الشاعرة طرفا منفعلا كي تعبر عن ضعفها و قلة حيلتها بقولها "كان لقفل ـ و الساروت ماشي عندي".و هنا نتساءل مع "زجال سنطرا" لماذا جاء "القفل" مصاحبا ل "الساروت"؟ مع العلم أن هذا الاخير في علاقته بالوضع المتردي القائم يمثل الحل و الانفراج انه الاداة التي ستفتح الباب الموصد ،نحو أفق أرحب و أريح ،لكن القفل ينحصر دوره في عملية الإغلاق ،فلقد أدرج الشاعر هنا القفل متمنيا لو يستطيع بواسطته أن يغلق و يوصد الباب على هذا الواقع المتردي ،و في المقابل يفتح ب"الساروت " باب الحرية ،نحو تغيير هذا الواقع الذي يتمناه سجينا ،و قد أحكم الاغلاق عليه ب "قفل ماشي عندي " . و من جهة أخرى ،كان أتراب الحي"التكدة كدي" اي التي سنها من سن "زجال سنطرا "منشغلة و قد استهواها النظر الى ذلك النسيج |اللعبة التي استولت لها على مساحتها النفسية لعبة حيكت في غفلة عنهم "تشوف فمنجج تحلك ... ـ كان مسدي " و الموقف يحيلنا ضمنيا على سلبية التفاعل مع الواقع أولا ،ثم كذلك مع اللعبة السالبة لإرادة الحركة أو التغيير ،أي تغيير هذه اللعبة |الآلة |"المنجج" في حركيتها السالبة للعين و للعقل و للإرادة كذلك . و تواصل الأنا الشاعرة استقراء ألوان الصورة ،تغازل ألوانها ،تنفض الغبار عن الإطار ،كي ينجلي وجه "سنطرا" الحي ،الحي بتاريخه الذي صارع طويلا كي يبقى حيا ،هو "سنطرا ـ الحي "،و فرضية التواجد ضمن الأحياء تقتضي الاعتراف للحي بالحياة ،و أن يُقدم الحي على الميت " حي ـ ياك كلتوا الحي ـ اولى من الميت "،إن الحديث هنا يتعلق في جوهره بالحي |الموقف ،سنطرا الحالمة التي أبدعت و نسجت من مخيلتها أجمل لوحة ،لوحة ملحمية ،حيث أخذ وجه السلطان مكانه في قلب القمر " كانت الكمرة لوحتو ـ و رسم فيها بدمو سلطان " انها اللوحة التي تنساب ألوانها أحاسيس،تعبر بصدق عن انتماء "أولاد سنطرا " الى هوية منحوها أعمارهم و الى آخر قطرة من دمهم ،عسى أن يأتي يوم و تعبر بهم الى ضفة الاعتراف بالوفاء ،فإذا كان الحي|سانطرا ،الحي بمواقفه البطولية و بوفائه لكل قضايا هويته ،التي أصبحت واقعه اليومي ،بل حتى خياله و حلمه الأبدي الذي سيترجمه الى لوحة رسمها بألوان يختصر طيفها الحب و الوفاء و العهد الأزلي و الأبدي ،فإننا و في مقابل ذلك ،نجد أن هذا الحي و في علاقته دائما بالصورة و الرسم ،سيرسم "قلبو حموم عل القزدير " ،إنها خيبة أمل دفينة من واقع فُرض عليه بحد قانون التهميش و الاقصاء ،لتتساءل "سنطرا" بلسان شاعرها حول ثلاثة محاور أساسية ،تهم واقعها ،و أكيد أن الاجابات الممكنة و المتخيلة هي التي حددت مقاييس ألوان لوحة سيتم رسمها بألوان لا لون لها ،إنها لوحة قلب مرسوم "حموم عل القزدير " ،تساؤلات تلخص ضمنيا تباعد العلاقة المتخيلة ما بين اللوحة الاولى التي كانت "سنطرا" |الحي هو من رسمها "رسم فيها بدمو سلطان" " و ما بين اللوحة الثانية "يرسم قلبو حموم عل القزدير" ،فاللوحة الأولى هي تفاعل ايجابي مع واقع أملته ضرورة حب وفيّ حد الوهم ،و أما اللوحة الثانية فهي انفعال سلبي جاء كرد فعل على خيبة أمل من غياب جدلية الأخذ و العطاء ،و لعل الأسئلة الثلاث تلخص الى حد كبير هذا الغياب "فين هناه ـ شكون غواه ـ شكون بلاه " ،فاللوحتان معا هما الخلاصة الضمنية و الدلالية ل "سنطرا"ـ الواقع و "سنطرا" الانسان . "واش طرا يا سنطرا " ؟ عندما يجهض الحلم بداخلك يا سانطرا الحالمة ،عندما ترسمين لوحاتك بألوان من دمك الأحمر ،عندما تبحثين عن المعنى الحقيقي لواقع لا معنى له " آش هاذ المكتوب ـ و الحرف بلا معنى ـ سية و ذنوب "،عندما تسافرين مرغمة الى بقاع نفسك ،كي تعيشي غربة الكتابة القسرية ،إنها الكتابة العالمة و الواعية بمعنى الاغتراب في الحرف المشاكس ،انها اللغة عندما تناور ،و لا تطلب مهلة أو هدنة لترتيب الخيال أو الأحرف ،إنه الواقع عندما يطلب حق اللجوء الشعري من مملكة القصيدة ،يحفر خندقه باحثا عن دفء لصبية يخيطون بصبرهم لباسا يوقيهم برودة الاقصاء "و ها العار ـ يدفاو الصبيان ـ بفرجية الصبر " ،تسقط الكلمات اتباعا ،تعلن اللغة تعنتها الخفي و المعلن ،و حتى الكلمة ،أخذت مكانها على الخندق نفسه ،خندق الصبر الذي يصارع من أجل حفنة من الصبر قد يجود في صباح يوم جديد ،حيث الكلمة ظلت هي الكلمة ،صامدة و صبورة ،صعدت الى الأعالي باحثة عن المعنى ،لكنها أبدا و دوما لن تحيد عن سطر خندقها "و الكلمة هي الكلمة ـ تحازت لحروف الصبر ـ وقفت ف راس المعنى ـ و ما فات السطر " . قصيدة "آش طرا يا سنطرا؟" لزجالنا المتألق محمد عزيز بن سعد متعة لا حد لها ،أتيت اليها و في عيني صورة "الحي |سنطرا " بدواويره و أسماء دروبه ،و بعض أسماء شخصياته البارزة و التي رغم الفقر و التهميش ، لمعت و أعطت من دمها ،لكن عندما دخلت هذا البيت الزجلي انتابني الاحساس على أن سنطرا |الحي ستبقى حية بمن عاش و سيعيش وسط دروبها من درب مولاي شريف الى "كاريان اولاد هرس " .شكرا لانك منحتني تأشيرة مرور لواقع ما جرى و يجري ل"سنطرا" .قراءتي هذه هي مجرد قراءة عاشقة لقصيدتك المعشوقة و الممتعة ،قراءة حاولت من خلالها البحث عن المعنى الكامن خلف النص ،أتمنى صادقا أن تكون قراءتي المتواضعة هذه قد عكست بصدق القيمة الجمالية الراقية للقصيدة . محبتي و تقديري علي مفتاح
| |
|