الشيخ سيدي احمد بن يوسف الراشدي
-شخصية صوفية من القرن العاشر هجري -
*سيد أحمد بن يوسف:الاسم الشعبي المتناول عند عامة الناس و إسمه الكامل:أبو العباس أحمد بن يوسف الراشدي نشأة ، لانه ولد بقلعة بني راشد بجبال بني شقران جنوب شرق مدينة معسكر في أواسط القرن الخامس عشر من سنة (1435)، و سمي المريني نسبا الى عائلة الزناتية ، التي ينتمي إليها ة التي بدورها جاءت من مراكش لقيد بجوار قبائل" الهوارة" التي كانت تتمتع بشهرة كبيرة بغرب المغرب الاوسط . و سمي أيضا بالملياني نسبة لوفاته بمدينة مليانة سنة (1626م)الموافق ل:931هجري .
تخرج أحمد بن يوسف من مدرسة السنوسية بمدينة تلمسان نسبة الى شيخها و مدرسها: الشيخ محمد السنوسي ، ذلك في أواخر القرن التاسع الهجري .و شغفا منه
الى طلب العلم إرتحل الى مدينة بجاية أين تتلمذ على يد شيخه الفاضل " أحمد زروق البرنوصي " الذي كان بمثابة مرشده الروحي و منشده الى الطريقة الشاذلية .أين تعلم تعاليم الاسلام و الطريقة الصوفية .
ثم رجع الى موطنه الى : قلعة بني راشد التي تزوج فيها مرارا بنسائه التالي أسماءهن : عائشة و خديجة و كليلة و لالة سنتي .و أقام فيها زاويته ب"رأس الماء"،
حيث إلتفت حوله جموع غفيرة من الموردين اللائي تحمسوا لاتباع طريقته . و قد بلغ عددهم 80 ألف مورد أي تلميذ في القرن العاشر الهجري .
فقد أصبحت زاويته مركز إشعاع ديني واسع حتى قيل عنها كمركب سيدنا نوح عليه السلام: من دخلها فقد سلم من كل سوء . الامر الذي شجعه على تأسيس طريقته اليوسفية في الجزائر و في المغرب الاقصى .
و قيل أن الله جل عليه بعلم الظاهر و الباطن ، ودعى الله عز جلاله في دعائه الى تحقيق ثلاثة أمور أستوفاها في ليلة واحدة و هي : أن يبلغ العلم دون مشقة و بلغة فوق مبلغ الرجال و رؤية الرسول صلى الله عليه و سلم في اليقضة لا في المنام .
بيد أن أتباع الشيخ إظطهدوا و تعرضوا للمضايقة في المغرب الاقصى و الجزائر من الزيانيين الذين خافوا من إتساع نفوذ الشيخ أحمد بن يوسف ، أين أمر السلطان بقتله و كان عامل "وهران قائد الهوارة قد أمر الشيخ بالرحيل . وقد فعل ليقيم زاويته ب "هليل "
بين قبائل بني أردو غير أنهم رفضوا إقامته وسطهم فقال ساعتها فيهم : " شوشوا علينا
يشوش الله عليهم من البر و البحر "... فلم ينقضي الا قليل أيام حتى أخذ الاسبان مدينة "وهران" و أخذ الاتراك مدينة:" تلمسان "الواقعتين غرب الجزائر .
و قد زاد الخلاف تشددا بين الشيخ سيد أحمد بن يوسف و الدولة الزيانية بعد أن هز كيان الدولة الزيانية مع أتباعه الذين كان يحضر بمعيتهم التجمعات التي كان يحضرها "برأس الماء و مدينة وهران و تلمسان بعد الطغيان الذي ساد البلاد و هتك بالعباد، مما إضطر الملك أبو عبد الله والملك(1505-1512) أبو حمو (1512-1528)الى وضعه تحت نفوذهما ، حيث سجن على أيديهما للعزم على إغتياله و حرقه . و لان الشيخ الجليل صاحب كرمات من عند الله سبحانه و تعالى لم تلسعه النار و ما أحرقته قط و خرج منها سالما غانما مرفوعا ، و أعاد الشيخ سيد أحمد بن يوسف رفع دعاءه المستجاب عليهم بتخريب ملكهم من جديد .
و قد برز دور الشيخ سيد أحمد بن يوسف من جديد في هذه الفترة مؤديا دوره السياسي ، حيث ربط إتصالاته مع العثمانيين قبل :1517و خاصة مع القائدين الاخوين : خير الدين بربروس و بابا عروج الذين إلتقايا الشيخ سرا بغرب الجزائر بمدينة مستغانم و إتفاقا معه في عدة امور منها : محاربة الاسبان، و قد دام تحالفهما التزاما طيلة العهد العثماني . و قد نال سيد احمد بن يوسف جلل الكرم من القائد خير الدين بربروس في عدة مناسبات بارسال هدايا ثمينة باركه الشيخ عليها كثيرا . كما إعترف بولده " محمد بن مرزوقة خليفة لوالده في رئاسة الطريقة الشاذلية و نشر دعوتها التي دامت الى نهاية العهد التركي بالجزائر .
توفي الشيخ الجليل سيد احمد بن يوسف عند خروجه من مدينة تلمسان متوجها نحو الشرق الجزائري الذي لم يصله .أين مات بضواحي قرية كانت تسمى بالخربة قديما و سميت حديثا بالعامرة بسهل شلف الاعلى التابعة إقليميا الى ولاية عين الدفلى في شهر صفر 931هجري25/1524. و حملت جثته على ظهر بغلته التي تابعت السير الى أن توقفت بأحد أحياء مدينة مليانة النتواجدة على سفح جبل زكار .أين كان مثواه الاخير ،حيث دفن هناك و دفنت الى جانبه بغلته و كذلك أقبرت معه خادمته لالة بغورة هذا بوصية منه أن يدفن حيث تبرك بغلته.
و قد بني له ضريح الى جانب زاوية لدراسة أصول القرأن الكريم و حفظه و مسجد للصلاة بأمر من باي وهران "محمد الكبير بن عثمان "في أواسط القرن الثامن عشر .أي في العهد العثماني سنة 1774.
و ضريح الشيخ سيد أحمد بن يوسف يعد مركزا شعائريا يدخل في عديد العادات
و التقاليد مدينة مليانة و ضواحيها .منها زيارة الضريح قصد التبرك و الدعاء . ومن العادات الاجتماعية التي ما تزال تمارس الى يومنا : صلاة الجنازة بما أن الضريح مجاورالى المسجد المقسم في بناءه الى قسمين : قسم بني في الهعد العثماني و قسم بني في العهد الفرنسي . أما من العادات الشرعية الممارسة أداء القسم و من العادات الدينية القائمة أحفال الاختتان و الاحتفال بالمولد النبوي الشريف الذي يأخذ سيرة تقليدية رائعة ، تتمثل في صناعة منارة كبيرة منورة بالشموع يضعون بداخلها الحلوى للاطفال ، يحملها الرجال و يجلون بها: شوارع مدينة مليانة ليحط بهم الركب الى ضريح سيد أحمد بن يوسف ،أين تكون التهاليل الدينية بذكر الله و الصلاة على النبي الحبيب .
فضلا على الركبان الموسمية التي تعتبر من أقدم العادات الشعبية المتوارثة و التي تقام سنويا ، تكريما و تبركا بالولي الصالح و من أهمها :
ركب بني فرح و الذي فيه قصة تؤجل الى مقال أخر ...
و تذكر بعض الكتب التارخية أن عائلة الامير عبد القادر كانت تقطن في ضريح سيد أحمد بن يوسف أثناء غيابه و إنشغاله بشؤون الحرب ، رغم امتلاكه بمدينة مليانة منزلا يعود الى العهد العثماني ما يزال قائما كمعلم أثري بالمدينة الى جانب معالم تركها الامير عبد القادر بمليانة .
و للشيخ سيد أحمد بن يوسف الذي يقيد ضمن أسماء الاولياء الصالحين الذين نالوا شعبية واسعة في شمال إفريقيا ،إذ له كرمات عدة و مجموعة من الاقوال المأثورة و أقوال حول البلدان و المدن التي حط الرحال بها ، حيث كان يترك في كل مدينة أثره في مقولة تعني المدينة و أهلها نذكر منها : مدينة البليدة التي قال فيها :
البليدة الوريدة ، و فعلا تعرف مدينة البليدة بمدينة الورود .
و قد سخط سيد أحمد بن يوسف ايضا على مدن قد نزل فيها .و قد قال في مليانة :
لك يا مليانة وفر من الماء و الشجر سكانك ظلام يسود نساءك ويستعبد رجالك
و قد نال الشيخ سيد أحمد بن يوسف بالغ الاهتمام الكثير من المؤرخين و الكتاب الذين جمعوا أقواله و سيرته الدينية و السياسية منهم : الكاتب الفرنسي " روني باسي" في مجلة أقوال سيد أحمد بن يوسف صدر في سنة1890.
كما ترك فضيلة الشيخ الولي الصالح مجموعة من المؤلفات نذكر منها كتابه الاول :
رسالة الرقص و التصفيق و الذكر في الاسواق ، و الذي ما يزال يحفظ في الخزانة الملكية في الرباط بالمغرب . كما كتب عنه أبرز تلاميذته و أحسنهم : محمد
الصباغ القلعي كتاب تحت عنوان : بستان الازهار و معدن الانوار و زمزم الابرار في ذكر سيد أحمد بن يوسف في النسب و الدار . تكلم فيه عن حياة شيخه منذ الولادة الى حياته الصوفية . و كتب عنه أيضا الحاج موسى في كتابه : ربح التجارة فاض في مليانة ، و الاستاذ محمد الحفناوي في كتابه : تعريف الخلف برجال السلف.
أشواق شايشي