الملتقى الثاني لأدباء الأنترنت بتونس
شهادات ـ نصوص ـ توصيات ـ لوحات ـ صور
سُوف عبيد
تطلّعا إلى آفاق أرحب للتعريف بأدبنا وربطا للصلة بين مختلف الأدباء وتوقا إلى
تطوير الهاجس الإبداعي نحو الأحسن على ودأبا على الاِهتمام بالعمل الثقافي
باِعتباره من أهم سبل إرساء الإنسانية، التأم الملتقى الثاني لأدباء الأنترنت الذي
نظمته المندوبية الجهوية للثقافة والمحافظة على التراث بولاية بنعروس بتونس يومي
الجمعة و السبت 29
و 30 ماي2010 بالمكتبة الجهوية حسب المنهاج التالي
_
درع الملتقى لموقع -إنانا – و شهادة تكريم لمديره الشاعر مراد العمدوني
_
السيد فائز عياد والي بنعروس يسلم درع الملتقى
وشهادة تكريم للأديب محمد علي اليوسفي
بين الظهور والتخفّي
محمد علي اليوسفي
1
القلم والطابعة
بدأت بكتابة هذه الكلمة على الحاسوب، لكنني تراجعت منذ السطر الأول، وعدت الى
الكتابة بالقلم… على الورقة. لماذا؟ بكل بساطة : لأنني تذكرت بأن الطابعة تعاني من
خلل
فهل هذه صورة عن ازدواجيتنا، نحن الجيل المخضرم؟ نعود الى أوراقنا القديمة،
إلى عشّنا الآمن، عندما تخذلنا التقنية التي فاجأت كهولتنا؟
2
عثّة الكتب وفايروس النت
ليست تلك النقطة الوحيدة التي تجعلنا كذلك؛ أي مراوحين بين الواقعي والافتراضي
مكتبتي أمامي… أراها… لا أظن أن هناك حريقا يهددها. بعض الحشرات اللامرئية
تفعل فعلها في صمت، الضوء يفعل فعله… والزمن ايضا
بعضها يصفرُّ، بعضها ينفش غلافه. لكنها في أمان : فالحرائق لا تندلع كل يوم
والحاسوب أمامي أيضا
فيه الكثير من الكتب والقصائد والروايات والترجمات والوثائق. وأنا لا أثق به
كما أثق بمكتبتي وكتبي وأقلامي
عثة الكتب رحيمة، بطيئة، صامتة… والضوء رحيم
فايروس النت قاتل، وحاسم في القتل. ولا بد من التفكير في البدائل الاحتياطية
الدفاعية أمام أي هجوم: من التخزين في الأقراص الممغنطة أو في النت، وصولا الى
البريد الألكتروني
3
الظهور والتخفي
لا أسعى كثيرا الى الحضور الإعلامي، الضوء الآخر الذي تصفرُّ منه الكتب، لأنني
مقتنع بسكينة داخلية هي الحضن الآمن للكتابة
ومازالت الكتابة، كما ورثتها عنّي، فعلا صامتا، منعزلا، حييًّا، يخشى أي عين
مراقبة، إلا إذا كانت عين الله، الخفية، الصامتة والرحيمة. عين الله التي تُمهل…
على الأقل
إذًا كيف أخرج الى النت، وهو الصراخ الحقيقيّ، وإنْ كان في شكلٍ افتراضي صامت؟
عندما بدأتُ التجربة، حسبت أنني سأنطلق فيها كما ينطلق أي كاتب شاهرا نرجسيته
بهذا القدر، وبذاك أيضا: انظروا وتمعنوا، هذا أنا، هذه كتبي، هذه كتاباتي
الجميع يفعلون ذلك
قلت كيف أستتر أكثر؟ فجمعت ثقافات العالم ووسّدتها مدونتي( الكرمة). هكذا صرت
حبة رمل متخفية وراء موسيقات العالم ومكتباته المقروءة والمسموعة والمرئية
عليك أن تبحث عني جليا، متخفيا : حبة رمل في مدونتي
ذلك ما فعلته أيضا في المنبر الآخر الزاحف على عصرنا: الفايس بوك. هذا أنا،
هذه كتبي، هذه كتاباتي؟
قلت: كيف أستتر أكثر، فلا أخاطبك كل يوم بقصائدي ومقالاتي، كي تذيّلها مجامِلا
أو محرَجا، أو مقتنعا، بـ: رائع، قمة الإبداع، شكرا…الخ
قلت كيف أاستتر أكثر؟
فجمعت ثقافات العالم، بما فيها ثقافات الأقليات بالخصوص، وموسيقاه، وكتبه،
وصوره
وخبأت قصيدة أو قصيدتين، ترجمة أو ترجمتين، خلف تلك الأضواء والأصوات والصور
التي باتت عالمية الآن؛ بأربعة عشر ألف معجب يزدادون كل يوم
لكن… من أنا في كل ذلك؟
حبة رمل مترددة، بين الموج واليابسة
يخيل إليّ أنني مهدّد دائما، بالحركة، بالرقابة، بالحجب وبالوقت
ويخيل إليّ دائما أنني أشبه الساكن في بيت جيرانه
كل ذلك لا يلغي بهجة ما… عندما يخرج الافتراضيّ، بهيًّا، إلى لقاء واقعي،
محمَّلا بمفاجآت تفرح وتسعد… تماما مثلما أراكم اليوم، أو أرى بعضكم على الأقل؛
بعضكم الذي كان، قبيل هذا اللقاء الواقعي، مجرد احتمال افتراضي
الأديب إبراهيم الدرغوثي يلقي شهادته
لنا أن نفخر بعالم جديدة نقول فيه للشيء كن فيكون.
الم كما عالم الأساطير حين كان الإنسان يسخّر الجن والعفاريت لقضاء مآربه
فيمتثلون لأمره صاغرين.
ولكن وقتها ما كان كل من يرغب في تسخير الجن قادرا على ذلك.
وأنى له أن يقدر لأن عالم الشهادة ذاك مسيّج بالسحر الأسود ومحكوم بجبروت
التمائم ومن يقدر على تحريكها فوق الرمل.
أما اليوم فقد انفتحت أبواب ذلك العالم على مصراعيها للكبير والصغير والدّاب
على الحصير من بني آدم. الكل سواء أمام مفاتيح آلة سحرية تنقاد لمن يفك رموز
حروفها وشفرات المراسلة من خلالها.
تكتب ما تشاء على واجهة الجهاز البلورية، وتضغط على زر فيصل مكتوبك إلى بقاع
العالم البعيدة، وأصقاعها القصية قبل أن يرتد لك طرفك.
ألم يقل جن سليمان لنبي الله مثل هذا القول وهو يحدثه عن عرش بلقيس في بلاد
سبأ.
وأنا أقول: إن إنسان اليوم صار قادرا على تسخير جنّ العلم لأنه امتلك قدرات
تفوق قدرات ساحر ألف ليلة وليلة.
صار في امكانه تحريك عالم عجيب وآلة أعجب. تفتح لك أبواب مكتبات الدنيا فتختار
منها ما تشاء.
تتصفح كتبها مجانا وتقرأ من معاجمها ما لا يخطر على بالك في كل الفنون، ولا
تتعب.
تمّر بك الساعات وأنت منبهر، ويمّر الزمان وأنت ساه عنه أمام جهاز تطلب منه
فيمتشل لأوامرك، وتدعوه فيستجيب لكل رغباتك وشهواتك. وتسخّره فيقول ها أنا ذا...
إلى أن يناديك النّوم أن أفق أيها الغاوي فديك الصباح قد نادى، وأذّن مؤذّن الفجر.
يا اللّه، كل هذا يحدث في بضع سنين والعلم يتلاعب بنا ويهدينا أجمل ما وصلت
إليه تكنولوجيا الاتصالات الحديثة.
عالم أغرب من الخيال لو قيل لنا أنه سيكون قبل ربع قرن فقط من الآن لكذّبنا
قائله ونعتناه بالجنون ثم تولينا عنه ساخرين.
اكتشفت هذا العالم وأنا على أبواب الخمسين، فقلت ما قال عربي قديم حين سمع
بالدعوة المحمدية فآمن بها وصدق:
- ليتني كنت فيها جدعة.
وأنا أقول ما قال ذاك الذّي آمن بالدين الجديد وقد آمنت مثله، ولكن بسحر
الشبكة العنكبوتية التي غزت الدنيا فلم تبق ولم تذر:
- ليتني كنت فيها جدعة.
لأنني صرت أعتقد جازما، وأنا على يقين تام، بأن الإنترنت سيحدث ثورة
عارمة في ميدان الاتصال عامة و بين الأدباء خاصة لإيصال انتاجاتهم الأدبية
إلى كل بقاع العالم بما فيها كل أجزاء الوطن العربي من مغربه إلى مشرقه. هذا
العالم الممتد في الزمان والمكان، المتشوق إلى معرفة ما يبدع كتابه وقد صار شبه
يائس من قراءة قصصه ورواياتهم وأشعارهم ونقدهم لما أغلقت في وجه الباحث عنها أبواب
الحدود حتى صار المنتوج الأدبي القادم من بلاد العرب أندر من الكبريت الأحمر، ولكن
الأنترنيت حطمت الأقفال وأشرعت وجه السماء في وحوه الجميع. وهناك منذ الآن بوادر
تبشر بكل خير . فما يمكن لكاتب أن يبلعه من الشهرة خارج وطنه في عمر كامل قد يحدث
في سنوات قليلة إذا كان هذا الكاتب على دراية بتسويق إنتاجه الأدبي على "
النت " خاصة إذا كان هذا الأدب يتوفر على أسباب التفوق والنبوغ . لأنه يمكنك
بضغطة واحدة من السبابة على جهاز البث في هذه الآلة العجيبة أن تبعث بنصوصك القصصية
والشعرية والنقدية إلى كل بقاع الأرض . فيطوف نصك عند القراء العرب وفي كل أصقاع
الدنيا بدون حواجز جمركية ولا رقابة تفتش بين الأسطر عن المقبول والمرفوض مما يكتب
المبدع العربي وغيره . وهكذا، يستطيع الكاتب أن يسوق إنتاجه كما يشاء وأن يستغل
هذا المنفذ الواسع إلى الحرية التي قد تضيق عليه في بلده أو في البلدان
العربية الأخرى التي ترفع عاليا سيف الرقابة على كل ما لا يتماشى مع خطها السياسي
والديني .
إن الإنترنت هي الوسيلة التي ستخلق هذا التواصل الذي عجزنا عن تحقيقه بشرط أن
تصبح في متناول الأغلبية ممن يحسنون القراءة والكتابة. هؤلاء الذين أصبحوا اليوم
في عداد الأميين ما داموا غير قادرين على استغلال هذا العلم الجديد السابح فوق
ذرات الأثير.
ولعل المنتديات الأدبية الضاجة بالنشر الإلكتروني والجرائد النتية المنفتحة
على الجديد مما يبدع الكتاب العرب خير مبشر بهذا العالم الأدبي الجديد الذي خرج من
قمقم الساحر فأبدع سحرا حلالا في مذاق العسل المصفى.
ولكن كل هذا لا يجعلنا ننسى أن كل شيء إذا بلغ حده انقلب إلى ضده. فليس كل ما
ينشر على صفحات الأنترنيت مما يدعي أصحابه أنه أدبا، هو كذلك بالفعل والقوة.
قد يكون بالقوة التي سهلها الولوج لدنيا الكتابة والنشر هناك ولكن الشرط الآخر
مطلوب ، والغربلة واجبة حتى يستقيم الأعوج ويستجيب لشروط الإبداع
الأرانب لا تبكي موتاه
قصة قصيرة
ابراهيم درغوثي
اليوم الأول
في الصباح باكرا :
في غفلة من الشمس ، غادرت الأرانب الجحر .
أولا ، خرج الأرنب الأسود ، الشرس ، المرقط بالأبيض .
اندفع من باب الجحر المحفور بعناية تحت زيتونة ، في جانب الوادي . قفز عاليا ،
وغاب وراء الهضبة .
تبعه الأرنب الرصاصي وجلا . تشمم وجه الهواء الطري . عطس . التفت يمنة . التفت
يسرة ، وغاب وسط الدغل .
جاء الأرنب البني ثالثا . وقف برهة في باب الجحر . هز رأسه ، وسلم على الشمس
الكبيرة ، وقفز وراء الأرنب الرصاصي .
في المساء :
والشمس الثقيلة تختفي وراء الجبل ، أطل الأرنب الأسود من وراء صخرة ، ثم خفيفا
قفز داخل الجحر . بعد دقيقة وصل ، وصل الرصاصي فطنا يقظان النظرة ، إلا أن خطوه
كان ثقيلا بعض الشيء . دس رأسه في باب الجحر ،، وغاب في الظلام .
قفز الأرنب البني كالطيف وراء الرصاصي .
وهدأت الحركة أمام جحر الأرانب .
بعد ثلاثة أيام :
صباحا :
كان الأرنب الأسود أول من أطل من الباب .
جاء بعده الرصاصي .
ثم البني .
حين وصلت الشمس صرة السماء ، انهمر الرصاص على الأرانب .
وأظلم وجه السماء .
مساء :
قفز الأرنب الأسود داخل الجحر .
بعد دقيقة لحق به البني مهزوز الخطو ، يكاد يخطئ الباب .
بعد أسبوع :
في المساء الساكن كمقبرة مهجورة ، عاد الأرنب الأسود وحيدا إلى الجحر
بعد عشرة أيام
غابت الشمس الذابلة ، ولم يطرق باب الجحر طارق .
بعد أسبوعين :
صباحا :
أطل من باب الجحر أرنب أسود مرقط بالأبيض .
جاء وراءه أرنب رصاصي .
ثم تبعهما البني .
تشممت الأرانب العشب النابت أمام الجحر ، ولحست الطل من على الأزهار التي
استيقظت لتوها ، ثم قفزت ، وغابت وراء الهضبة .
كانت الأرانب الثلاثة صغيرة .أكبر بقليل من فأر المنزل .
نطت خفيفة هنا وهناك داخل الحقل الفسيح . ثم ، وكأن تعب الدنيا كلها حط عليها
، فاقتربت من بعضها ، ونامت تحت ظل شجرة زيتون .
في المساء :
عادت الأرانب إلى الجحر .
دخل الأرنب الأسود أولا ،
ثم تبعه الرصاصي ،
فالبني .
وهبط الليل على الربوة . وازدان وجه السماء بنور القمر .
dargouthibahi@yahoo.frwww.arab-ewriters.com/darghothi/************************
شهادة الأديبة حفيظة قارة بيبان
بـيـن أضـواء الأنـتـرنـت... و ظـلـماتـي
حفيظة قاره بيبان
(بنت البحر)
«الانترنيت قاتلة الوحدة» يقول باولو كويهلو.
هل كنت أسعى إلى قتل وحدتي، حين قررت
دخول عالم الأنترنيت و التعامل مع التقنيات الحديثة ؟
أم كان الطيران عاليا و بعيدا، بنصّي الأدبي، هو دافعي
الأوّل لاختياري التحدي و الإبحار في العالم العنكبوتي الجديد ؟
كانت الكلمة جناحي للرحيل.
و لكن في زمن العولمة، أصبحت الكلمة ذاتها في حاجة إلى
أجنحة للرحيل.
هكذا، قرّرت يوما الطيران و تجاوز الأسوار إلى العالم
الافتراضي.
أعترف أنّ توقي الدائم للتجاوز و كسر الحدود، ما كان
كافيا، لدخول عالم الانترنيت لولا قلبين كبيرين كانا مساعديّ و محرّضيّ بنبضهما
المتوقّد الدافع :
* القلب النابض بمحبّة المعرفة : ابنتي الّتي
قادتني إلى التقنية الحديثة، و فتحت لي العالم الجديد.
* القلب الفياض الحيوية و العطاء : الكاتب التونسي
المهاجر كمال العيادي، صاحب الموقع المتميّز دروب، و صديق كلّ المبدعين. هذا
الإنسان الحيوي النشيط الّذي ظلّ يراسلني – بعد اتصاله بنصّي الأوّل على الأنترنيت
– مشجّعا، داعيا لإرسال نصوصي - قديمة كانت أو جديدة – لنشرها في «دروب» المجلّة
الّتي يريدها، مع رفاقه، منارة حقيقية للإبداع العربي المتميّز.
هكذا وجدتني، أخرج من «دروب فراري» (روايتي) إلى دروب
انطلاقي إلى العالم الافتراضي. عالم تسقط فيه الحدود، و يخاتل الزمن.
عالم أصبح يمطرني دعوات و رسائل و أخبارا، حالما تضيء
شاشة حاسوبي و ينفتح صندوق بريدي أو تطلّ صفحتي على الفايسبوك.
.... و لكن !
هذه الشاشة الضوئية الّتي تساهم في إطلاق نصّي، و تفتح
لي نوافذ – لا تعدّ – على الآخرين، تربكني.
و هذه النوافذ الّتي أفتحها أو تفتحني، يقلقني ضوؤها
أحيانا، إذ يخترق حميميتي. يقتحم هدوئي، إذ يطلق أحيانا بصورة مباغتة، و بنقرة
واحدة، ركنا في الزاوية السفلى، يطلّ منه وجه صديق فايسبوكي داعيا للحوار...
ألاّ يحتاج الكاتب إلى قدر من العتمة
بقدر ما يحتاج إلى الضوء ؟
هكذا، أجدني أغلق بوابة الرحيل في الشبكة. أطفئ ضوئي...
أغلق عليّ صدفتي، و في ظلماتي، على صفحاتي الورقية، يعود يكتب قبس الروح، متوحّدا.
ألهذا، فضّل الروائي الأمريكي الكبير
بول أوستر أن يكتب نصّه على آلته الكاتبة، متخليّا عن التكنولوجيا الحديثة، و إن
كان لا يعترف بذلك ؟
أهي رغبة الكاتب، الإنسان المبدع،
الساكنة أعماقة، و الّتي قد تبدو و قد تختفي، في وحدته و حميميته الخلاّقة، مع ورق
طيّع، مستجيب لكلّ نزق الكاتب و تقلّباته، وفيّ و حافظ للنصّ البدائي الأوّل
بأخطائه و تشطيباته، و الّذي قد يكون أجمل من النصّ النظيف الأخير الّذي تقدّمه
لنا شاشة الحاسوب؟
«الأوراق ضرورية للتأمّل من النصّ».
يقول أمبرتو إيكو في حوار صحفي، مضيفا : «هل تتخيّلين
شخصا يقرأ الكوميديا الإلهية على شاشة كمبيوتر؟... يا للهول !... و ماذا عن الكتب
الّتي نحبّ قراءتها في السرير قبل النوم ؟ أو تلك الّتي يحلو لنا تصفّحها في حضن
كرسيّنا الهزّاز ؟» و مع ذلك، يكتب إيكو على الأوراق، على الدفاتر، بالقلم، و على
الحاسوب، حسب ما تمليه التجربة و المزاج.
نعم !
العالم بين يدي... يضيئني...
يمنحني متعة عبور كلّ المحيطات و القارات في لحظات...
يشعل شوقا قديما متجدّدا للطيران إلى عالم بلا حواجز و لا أسوار. يستجيب لإرضاء
الغرور الإنساني، بالقدرة و التفوّق.
و لكن، بين أضواء الانترنيت و ظلماتي، يمسكني قلقي.
«الانترنيت قاتلة الوحدة» يقول باولو كويهلو.
و لكنّي، لا أريد قتل وحدتي !... أخشى على عزلتي !
سريعا، أسدل ستائري.. أدعو بعض العتمة.
* أهي جاهلية الروح و توحشّها ؟
* أم هي رغبة المبدع الساكنة الأعماق في تفرّده و
حميميته بعيدا عن الأضواء المتشابكة الباهرة ؟
* أم هو انفصام الذات الإنسانية المعاصرة ؟
و مع ذلك سأترك الآن ورقي و قلمي، و
حميميتي. أرفع جناحيّ المضيئين و أعود بنصّي المكتمل على الشبكة أحلّق و أطير من
جديد.
شهادة الأديب محسن العوني
المواقع الإلكترونية:
ورشات كتابة وقراءة وواجهة حضارية
محسن العوني
المواقع الإلكترونية ورشات ومخابر حقيقية تسمح للكاتب بتطوير كتابته وأسلوبه
وتقنياته كما تسمح للقارئ بأن يطوّر ذائقته ورؤيتة ويوسّع أفقه الفكري واهتمامه..
بفضل التواصل والتفاعل الذي تتيحه هذه المواقع من خلال النشر والتعليق والرد
وتبادل الخبرات ومدّ الجسور حتى صار بإمكان الكاتب والقارئ أن يحقق من التطوّر
ويراكم من الخبرة في أشهر قليلة ما كان يأخذ منه سنوات وعقود قبل تدشينه عالم
النشر الإلكتروني.. نفعنا الله ببركاته..
المواقع الإلكترونية واجهة حضارية تسمح لمن يحسن توظيفها تقديم نفسه وثقافة
بلاده والتواصل مع كوكبة جيّدة من الكرام الكاتبين (الكرام الراقنين) وإنشاء
صداقات فكرية ومدّ جسور ثقافية وخوض أجمل مغامرة.. مغامرة القراءة والتبادل والنقاش
المنفتح على الأفق وتربية الأمل في الغد الأفضل على طريقة ميخائيل نعيمة :"خذ
من غدك زادا ليومك".
شهادة حق لابد منها ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله.. الشاعر الكبير الأستاذ
العزيز سوف عبيد مثل أروع همزة وصل بيني وبين عالم النشر الإلكتروني.. فقد هداني
وأهداني ورافقني إليه أجمل مرافقه.. أذكر ذلك الصباح النديّ في مدينة رادس
الياسمين الضاحية الجميلة عندما اقتادني بودّه ولطفه وذوقه الرّفيع إلى محلّ
الأنترنت المقابل لمحطة القطار.. قطار التقدّم والحداثة والنشر الإلكتروني..
الشاعر الكبير سوف عبيد يستحق التكريم في هذا الملتقى فهو رائد وفاعل في توجيه
ومرافقة الأدباء والمبدعين لتدشين عالم رحب وجميل ورائع هو عالم النشر
الإلكتروني.. فله مني شخصيا خالص الشكر والعرفان وأقول له :"مثلك يشد إلى فوق
ويحبّب في الإنسان والأوطان"..
تحية متجدّدة لجميع القائمين والمنظمين لملتقى الأدباء الشبّان في دورته
الثانية وأرجو لهم التوفيق والسّداد.
*******************
أحلام الجدّ
محسن العوني
الإهداء : إلى الشاعر الكبير الأستاذ سوف عبيد.. مرافقا إلى النشر
الإلكتروني و رائدا..
حالم رائع...هكذا كان جدّي.. يدمن الأحلام حتى وهو يحرث الأرض وجبينه يتفصّد
عرقا تحت شمس أيلول الحارقة..كان في ليالي الصيف المقمرة يستلقي على ظهره في باحة
المنزل ويمدّ ذراعيه يمينا وشمالا.. وينادينا بأسمائنا نحن أحفاده ويدعونا أن
نتوسّد زنديه القويين المعروقين ثم يسألنا : أو تدرون لماذا طلبت منكم أن تجلسوا
منّي هذه الجلسة؟.. فتلتمع عيوننا فضولا وحيرة..
ويتابع وكأنه علم سلفا أننا لن نهتدي إلى الإجابة مهما
اجتهدنا في البحث وخمّنا قائلا: إني أريد أن أطير بكم نحو أحلامي البعيدة حينما
تتسلّل إلى صدري حرارة قلوبكم الغضّة..آه يا أحبابي كم أودّ لو تصبحون بالعشرات
فتتوسّدون زنديّ يمينا وشمالا عندها سوف أطعن الموت في مقتل وأقول :فزت وربّ
الكعبة..!؟ ثم يضمّنا إليه فنتكدّس فوق صدره الواسع ويشرع في معابثتنا عضّا وذغدغة
وتقبيلا وشمّا..
كان فتى في الثمانين متوهجا بالأحلام يفتض الحياة كل يوم
حبا وعملا وغراسة وسعيا.
همس في أذني مرّة : أحمد..أنت لست مجرد حفيد..بل أن صديق
ومستودع سرّ..إحفظ عن جدّك : المرآة تحب الرّجل الذي ترتاح عينها وهي تنظر إليه
فلا يربكها بنظرة أو حركة أو كلمة وهي تمارس طُقس التملّي..تماما كالغزالة التي
تنتبه وتضطرب إذا أحسّت أحدا يقترب وهي تشرب من النّبع..لا تنتظر مني أن أكون جدّا
باهتا يثقل المحيطين به بالنّصائح بمناسبة وبغير مناسبة وكأن الزّمان قد أستأمنه
على أسراره.. إن الساعات والأيام والفصول خير موجّه للرجل اللّبيب ومن لا يلبّي
نداء الحياة في قلبه وعقله لن يلبي أي نداء آخر لأنه كمن يُنادَى من مكان سحيق..
بل أنا صديقك المعتزّ بصداقتك لأنك المستقبل وبي رغبة عظيمة أن أحياه من خلالك..
أنا خبرة الماضي وشوق الآتي وأنت تطلّع الحاضر وقوّة المستقبل.. شوقي بداية قوّتك
وقوّتك تاج شوقي ووالدك جسر بيننا..
أهداني مرّة صقرا جميلا وقال لي: اعتن به وأكرمه وحافظ
على مواهبه فيك: التّحليق عاليا، محبّة الآفاق البعيدة، حدّة البصر، قوّة المنقار
عنوان الإصرار على الحياة والتمسّك بها، صلابة المخالب عنوان الثبات والتوازن..
حظّا سعيدا يا عزيزي.. ولا أذكر أنه قال لي شيئا بعد ذلك..
****************
شهادة الشاعرة سليمى السرايري
فقرة عن انتشاري على شبكة النت
منذ فترة
ليست بالقصيرة وأنا انشر على شبكة الأنترنت بشكل عام بما فى ذلك المنتديات
والمجلاّت الثقافيّة العديدة. ومع مرور الوقت اكتشفت أن هذا النشر حقق لى انتشارا
لا بأس به خاصة في البلاد العربية. لكن بالمقابل حرمني من متابعة القراءة الورقيّة
بانتظام والتي اراها ضروريّة وهامّة جدّا.. أعتقد أن كلمة نشر إلكترونى تعنى شبكة
الأنترنت بشكل عام بحيث تصبح كتاباتك متاحة لعدد اكبر من القراء بشتى المستويات،
ان المتابعين هنا تتفاوت مستوياتهم الثقافية وتختلف مشاربهم وقناعاتهم الفكرية
والدينية وكثيرا ما نصطدم بقراء ومتابعين لا يحسنون الحكم على النص او قراء لا
يتقنون كتابة اللغة العربية وهي لغتنا الأم ، التي يفترض فينا كلنا ان يكون لدينا
المام بها ، ولا اقول تخصص هذه النوعيات كثيرا ما تثير في النفس عوامل عدة ، منها
على سبيل المثال ، التحفز للرد على القارئ والمعقب ، لكن السؤال وهو : هل اذا عقبت
عليه سيفهم ما اريدُ ايصاله له ، ام سيعتبرهُ انتقاصا من قدره وفهمه وهنا يحدث ما
يشبه الإرتباك والتردد في النفس ثم في كثير من الأحيان الإحجام عن الرد رغم أنه
يوجد قراء والردود على النصوص متاحة .
والقراء
الذين ننتظرهم بعد كل ولادة لنص من نصوصنا، القراء المدركون .
وأرى انه يجب
اختيار المنتديات الجيّدة والجادة للنشر بعيدا عن المواقع التي تهتم بأشياء اخرى
كثيرة وغير نافعة للمبدع.
بالنسبة لى فالكتابة هى هوايتي المفضلة بعد الرسم..واصداري مجموعتي الأولى
المعنونة "أصابع في كفّ الشمس" لا يعني أني ارغب في الإحتراف فالكتابة
عندي هي هواية فقط وستبقى كذلك حتى وان تطوّر مستواي الأدبي.
************
طفلة تشتهيها المشانقُ
بقلم : سليمى السرايري
مَنْ يَسْرِقُ وَمْضَةً مِنَ الضِّياءِ
وَيُعَلِّقُ جُرْحَهُ فـي قِرْطِ الْقَمَرِ
إِذا ما تَضاعَفَتِ الْعَتْمَةُ؟
مَنْ يَـحْمِلُنا بَعيدًا ، فَكُلُّ الأَرْصِفَةِ سهام طائشةٌ؟
مَنْ يَرْسُمُ خُطانا فـي الْـمَدى
وَيُزْهِرُ شَجَرًا أَزْرَقَ فـي الْـمَمَرِّ؟
كُلُّ النواقيس التي تدق الغبار أنتَ
وَصَمْتُكَ تَرْميمٌ لخطى المنسيينْ..
****
سَيُعَرِّشُ الرَّبيعُ فَوْقَ صَدْرِ الأِشْتِهاءاتِ
يَمْنَحُكِ سماء خفيفة ونجوما تبكي
وَالنَّوارِسُ سَتَأْتـي مِنْ بَيْتِها الْوَرْدِيِّ
يا طِفْلَةً تخرج منها الظلالٍْ
قولي لي كَيْفَ أَجْتازُ الْـحَريقْ؟
*****
آهٍ أَيَّتُها الراكظة فوق أصابع الريح
هَلْ ننجو من شرك القلب المريضٍ؟؟
هٰذا الْـمَكانُ جُرْحٌ قَديمٌ نَهَبُ لَهُ دَمَنا وَشَجَنَنا
نَهَبُ لَهُ جَـميعَ قَصائِدِنا الْـمُتَّشِحَةِ بالمكان الذي يأتي منسحباِ
أقصد الطفلة التي تصب الحدائق في بعضها وتلهو بنزق العشاقِّ
هٰذا الْـمَكانُ الذي يشد الارض من طرفيها كقوس الفراغَ،
كَيْ تَعْبُرَ حَيْرَتُنا الْأَبَدِيَّةُ
الطَّواويسُ لَيْسَتْ كُلُّها جَـميلَةٌ
******
سَأُنادي الْغُرَباءَ الَّذينَ رَحَلُوا إِذَنْ
سَأُنادي كُلَّ السُّفُنِ الَّتي أَبْحَرَتْ
وَأَبتكرُ بَحْرًا آخَرَ لِسَفَرِنا الْقادِمِ
*****
وَيَأْتِـي السَّفَرُ يَتَحَسَّسُ الظَّلامَ
وَكَأَنَّ كُلَّ الْـمَرافِئِ حَـمَلَتْها الرِّيحُ إِلى شُرْفَةٍ مُشَرَّعَةٍ
على غُرْبَتِنا
يَقولُ الشَّارِعُ و الموتى القدامى و الطفلة التي تسكن المرآة الحجرية قرب
النهر
خُذونـي مَعَكُمْ
لا بَرْقٌ وَلا مَطَرٌ يُغْريني بِالْبَقاءِ
لا قيثارَةٌ تَعْزِفُ وَحْدَتي دونَ أَناشيدِكُمْ
وَيَأْتي السَّفَرُ مِنْ قَلْعَةِ السِّنْدِبادِ
يَـحْمِلُ فـي حَقيبَتِهِ حِكاياتِ الْعُشَّاقِ الَّذينَ قُتِلوا
وَاغْتالَتْهُمْ الملاحمٌ
لَـمْ يَعُدِ الشَّارِعُ يشاغب حواس آخر الليل.
********
امْرَأَةٌ تَنْتَظِرُ فـي عُرْيٍ، الزَّمَنَ الرَّمادِيَّ
مَنْ أَنْتِ أَيَّتُها الْبَلُّورِيَّةُ الَّتي تَشْتَهيكِ الْـمَشانِقُ؟؟
وَالْوَجَعُ يَـخْنُقُ فَراشاتِكِ الْـمُلَوَّنَةَ
ما زِلْتِ رَغْمَ طَعَناتِ الْـخَناجِرِ الصَّدِئَةِ
تُراقِصينَ الْـجَمالَ
تَهَبينَ أَلْوانَكِ الْقُرْمُزِيَّةَ لِلسُّكونِ
لَكِ ما تَرْغَبينَ أَيَّتُها الطِّفْلَةُ الْغَريبَةُ
لَكْ نَجْماتٌ تَـجوبُ عَتْماتِكِ
لَكِ مَطَرٌ يَمْلَؤُكِ
لَكِ جُرْحٌ وَوَجَعٌ يَئِنُّ
وَزَوْرَقٌ يَـحْمِلُكِ إِلى الشَّمْسِ
آآآهٍ يا سَليلَةَ قَرْطاجَةَ
دَعي الْأَزْهارَ تَنْمو عَلى ضِفافِكِ
دَعي أَلْوانَ قَوْسِ قُزَحٍ تَلِجُ قَسَماتِكِ
لا شَيْءَ يُباغِتُكِ غَيْرَ غُبارِ الطُّرُقاتِ النَّائِمَةِ
****
يا امْرَأَةً تَسْكُنُ كَهْفَها الْأَزَلِـيَّ
تَعْبَقُ مِنْها عُطورُ الْبَرْبَرِيَّاتِ
أَساطيرُها تَتَجَدَّدُ مِنْ اِشْراقَةٍ جَديدَةٍ
يا امْرَأَةً تَـحْمِلُ قيامة أخرى يبعث فيها العشاق و الذين – ماتوا خلف
أعمارهم-َ
هَلْ تَعْبَئيِنَ بِما خَلَّفَتْهُ الْـحَرائِقُ؟؟
قُولـي أَيَّتُها الشَّفَّافَةُ
مِنْ أَيْنَ تَلِجُنا الرِّياحُ
وَحْدَكِ تُعانِقينَ الْـحُلُمَ
وَوَحْدَكِ تُطَرِّزينَ شَراشِفَ الْقَصائِدِ
يا امْرَأَةً يَـحُطُّ الغيوم على كفها
تَسقط بين خطوط يديها نبوءة العرافين حين يكتحل البحر بالغرقى و مهرجان الملحِ
****
قولي كَيْفَ كانَ صَمْتُكِ مُدُنَ ياسَمينٍ
وَصَبْرُكِ قَناديلَ مُضيئَةً
يا امْرَأَةً تَـمْنَحُ كَفَّها أُغْنِيَةً مُقْمِرَةً
لِلْعابِرينَ
لِلْحَزانى
لِكُلِّ الَّذينَ غادَروا عَلى عَرَباتِ الْوَجَعِ
قولي كَيْفَ زُيِّنَتِ الْـمَدائِنُ؟
وَجُعِلَتِ الشَّوارِعُ الْـمُقْفِرَةُ مَـمْلَكَةً؟
سَتَطيرُ إِلَيْكِ الْقَصائِدُ
اَلْفِعْلُ وَالْفاعِلُ وَالْـمَفْعولُ
و تشيعك الكمنجات .....
****
يا امْرَأَةً مَليئَةً بِالصَّبْرِ
تُنادينَ بِكُلِّ الْأَسْماءِ
الْغَريبَ الَّذي رَحَلَ
وَالْـجَميلَ الَّذي مازالَ يَزْرَعُكِ قَرَنْفُلَةً
غَرِّدي يا كُلَّ الطُّيورِ
وَارْتَفِعي فـي كِتابٍ بِلا فَواصِلَ
لَكِ ما تَشائينَ
مِنْ شِعْرٍ
مِنْ نَثْرٍ
مِنْ قُبُلاتِ اللَّيْلِ
وَمِنْ دَهْشَةِ الصُّبْحِ
لَكِ نَجْمَةٌ فـي جَنوبِ الْبِلادِ
وَرَعْشَةُ سَيْلٍ فـي أَصابِعِ الْـحَبيبِ
هَيَّا يا امْرَأَةً لا تَقِفُ عِنْدَ نُقْطَةِ الْوَجَعِ
عَلِّمي الرِّيحَ حِكْمَةَ القلق.
****************
شهادة الأديبة جليلة بن أحمد
و من الأنترنات ما فتن
الأنترنات كانت بالنسبة لي كلمة مبهمة ’ عالما يصعب علي أن أفهمه أو أن ألجه
... كنت كلما احتجت إلى معلومات أعود إلى مكتبتي ... لأبحث في كتبي ... أو أقصد
المحل العمومي للأنترنات أين أحاول إفهام المسؤول هناك عما أبحث عنه من معلومات
أحتاجها ...
و هو أمر يحرجني ... إلى أن عرض على بعض أصدقائي فكرة أن أنشر مقالا لي على
شبكة الأنترنات ... كان الأمر بالنسبة لي لا يصدق: أنا ... مقالي على الأنترنات
... أنا ... سيقرأ الناس مقالي ... و ساعدني صديقي على نشر المقال ... و كنت
له آنذاك شاكرة ..و لكني اليوم ممتنة له جدا ... فقد فتح بصيرتي على عالم سحري
فاتن ... عالم إكتشفت فيه ما أصبو إليه من حرية البحث
و جمال الصورة و تنوع المواضيع من أدب و ثقافة و فن
و سياسة و قانون و حتى الألعاب ...
نشرت مقالي الأول على الأنترنات ... و كنت فرحة جدا ... فقد إنتشر الخبر سريعا
بين أصدقائي و زملائي
و حتى لدى تلاميذي ... و قد فتحت زميلة لي الحاسوب الموجود بقاعة الأساتذة
بالمعهدلتطلع زملائي طيلة يوم كاملعلى مقالي ... كانوا جميعا يقرؤون مقالي ... و
لكن ردود فعلهم كانت متباينة مختلفة : فمنهم من أرسل لي رسالة إلكترونية ( إيميل )
و هنأني و منهم من تفاجأ بقدرتي على الكتابة ... و منهم من إكتشف في حبي للأدب ...
و منهم من تساءل : كيف كتبت ؟ و لماذا كتبت ؟ و ماذا كتبت ؟ كيف نشرت ما كتبت ؟ و
لماذا نشرت ما كتبت ؟ إزدادت علاقتي ببعض زملائي توطدا
و أصبحنا نتراسل عبر الإيميل .
و قد هنأني بعض تلاميذي و أرسل لي –عبر الإيميل – رسائل مشجعة ... فمنهم من
كان فخورا بي ... و منهم من إكتشف في جانبا آخر كان بالنسبة إلي جديدا و غربيا و
هو البحث عن التميز و الإبداع و تمنى آخرون أن يقرؤوا لي مقالات أخرى ....
كما إطلع بعض أصدقائي خارج الوطن على مقالي
و فرحوا به كثيرا و قدموا في شأنه النصح و النقد
و التشجيع على مواصلة الكتابة و أصبحت مشهورة في كل مكان فجأة و بدون مقدمات
... و دون أنا أخطط لذلك ...
و لعل من أبرز الطرائف التي حصلت لي مع أول مقال نشرته هي أن بعض أحد أصدقائي
ظن أني حصلت على أموال طائلة كأجر لي على المقال الذي نشرته ... لأنه لا يعلم أن
حبي للكتابة و للأدب أكبر و أرقى و أسمى عندي من المال ... و أن الكلمة أبقى من كل
أموال الدنيا ... فالكلمة كنز لا يفنى ... هي شجرة طيبة لا يصيبها الفناء ... لا
تهرم و لا تهزل ... فكلمتي و كتاباتي هي زيتونة صامدة أمام الرياح ... زيتونة لا
تنكسر ... لا تذل
و لا تهزم ... زيتونة جذورها متشبثة بالأصالة ترتوي من معين لا ينضب هو معين
اللغة الأصيلة المقدسة ...
و فروعها رانية إلى التفتح تؤصل للغة حديثة راقية ... زيتونة مملوءة ثمار
مكتنزة عبرا و حكما و بديعا و بيانا ... تهب القارئ سحرا و تزيده أملا و حبا
للحياة و تهبني نجاحا و إشراقا و حياة ... فأنا بالكتابة أحيا ... أولد من جديد
أكتبه يزيد صباي إيناعا .
و بنشر نصوصي اليوم على الأنترنات إزددت حبا للكتابة و إزددت إفتتانا
بالأنترنات ... فنصوصي تقرأ في كل مكان ...تقرأ مباشرة بعد نشرها و رسائلي تصل
بسرعة عبر الإيميل إلى كل أصدقائي أينما كانوا ..
فللأنترنات إذن فضائل عديدة ذلك أنها جعلت من عملية التواصل بين الكاتب و
القارئ أمرا يسيرا فالمعلومة و الفكرة توزعان بسرعة ...وهذا ما يشجعنا على
نشر أفكارنا و آراءنا فنطلع الاخرين على قدراتنا و مواهبنا وثقافتنا ونثبت
وجودنا ...
ولهذا التواصل السريع مع الأخر ايجابيات فهو يعود بالنفع أولا على
الأديب والكاتب التونسي و على المتقبل( الأخر الغربي مثلا) بأن يثري معلومات
هذا وذاك وينمي معارف وثقافة كل منهما ... ويسهم في تقليص
الهوة القائمة بينهما.خاصة و أن الأدب كما يقول المسعدي هو
"رسالة الانسان إلى أخيه الإنسان" رسالة تتجاوز كل الحدود
لتؤصل لحوار بين الحضارات قائم على معرفة كل طرف
بثقافة وهوية الأخر.
ومن فضائل الانترنت أنها لا تيسر على الكاتب نشر كتابه فقط بل
كذلك تيسر له عملية تنقيحه :فهو لا ينتظر طبقة جديدة لمؤلفاته
حتى ينقح معلومة أو يصلح خطأ الرقن مثلا بل يمكنه القيام بكل ذلك في الإبان هذا
بالإضافة إلى إمكانية تحيينه بموقعه الالكتروني بالإضافة معلومات
جديدة أو قصائده أو أقاصيصه الأخيرة...
للانترنت إذن فضائل عديدة فضائل جعلتني افتتن بها
و اعشق الإبحار على الانترنت وأفكر في مزيد دراسة علوم
الإعلامية و الانترنات خاصة إني أصبحت شغوفة جدا بفنون الانترنات
وضروبها المختلفة.. حكايتي مع
الانترنات هي حكاية بدأت باكتشاف فإعجاب فخوف فموعد مع التجربة فشغف
فإبحار في عوالم
مختلفة...هذه إذن حكاية عشقي للانترنات وافتتاني بها...
و الحكاية مازالت متواصلة طالما أن الإبحار مستمر لا ينتهي ولا ينقطع
ولا يتوقف وطالما آن الوصول محال.
***********************
قصائد الشاعرة جليلة بن أحمد
ليلة
السكون يعم المكان
لا أنام
و أنا بين مد وجزر الأحلام
تهدهدني الأمواج
يغويني البحر
ليتني
في
أحضانه
أنام
وسن
حين كنا في الجنة
كنت ترفرف
حولي
مزقزقا
حتى تنام
حين نزلنا الأرض
صرت
موجة أسابقها
فتسبقنا
الأحلام
حلم
من ألق الحلم
من ثمالة الذاكرة
من حرقة الوجع
طائرا ورديا
انبعثت
لتحيا
في ...
رحيق الشفاه
يقظة
لبست أحلى حللي
تزينت بأذكى الأطايب
امتطيت صهوة الموج
وحين غنيتك يومياتي المكتوبةعلى الشطآن
اصعدنا...
بين جدائل الشمس
يقين
أنت هنا وهناك
تمضي
بين جفون سكرى
تحلم
كل ليلة
و أنا هنا
شهوة ثملة
تذوب فيها
وتمضي
كجارية مهداة
ليوم وليلة
إشراق
مبتسمة أجيؤك
فتبددني شهريار
وتلقيني
زهرة ذاوية
على الرصيف
أنتشي
من روائح بنزين السيارات
من ضربات الأقدام تدوسني
من أشلائي الرثة
فيشرق صباي
و ألهو مبتسمة
ولا...
أجيؤك
فقدان
(كانوا اربعة أصدقاء تعرضوا لحادث سير لم ينج منه الا صديق لي)
رنينا...رنينا
هاتفك يرن
لا تجيب
ثلاثة
أنت رابعهم
تمرحون
تنثرون الحب زهرا
تسابقون الموج
تضيؤن مع الشموع
كل ليلة
تراقصون الأحلام
تركضون خلف بالونات ملونة
تطيرون مع الريح
وتهبون الحياة...
عادوا ثلاثة
شموعا منطفئة
وعدت رابعا
ذات ليلة
حزينا
لقيتك هذا الصباح
وحيدا
عمرا جديدا
وهبتك الحياة
*****
فصل في قراءة جمرة التراب
شرف الدين بوغديري
-1- البدء الآبد:
في البدء
للأرض احتفاء بالهيولى
وفي البدء
للأ رض احتفاء الأقيانوس بالصّدى
و بالنّار والماء
في البدء
يتنزّل الأثير الآبد
في تفاصيل الينابيع
وفي موجات النّدى
وفي البدء
للأثير احتفاء
بعواصف المدى
في البدء
اختلاف اللّيل عن النّهار
واختلاف اللّيل إلى النّهار
وفي البدء
مجيء الغسق من فلق الورى
.....أيّ فلق يشظى ؟!...
وأيّ غسق يعتّم النّهى؟!...
تأتي العناصر في البدء جذلى
وصفوة وصفا.../
وتمازج "اللّيزر" و "النّووي"
أو تمازج شحن الهباءات في الذّرى....
فإذا الأعاصير...
انفجار في المدى
وإذا الأعاصير...
خلخلة لحدود الأقاليم
ولحدود المنتهى
.......................
وإذا الأعاصير طوفان وردى
-2- التّراب الّذي تحته ماء:
ينظر الشّاعر في المدى المطلق
ويغنّي:
"التّراب فوقه سماء"
لكنّه يغفو في حلمه الّلازوردي
ويسهو عن الفضاء الأقرب
والأرحب
فينهال عليه الثّرى
وينزلق في هيولى الماء
الآن والهنا...
في البدء الآبد أبدا
الماء.../
من الأدنى إلى الأقصى
يروي العناصر...
وتخوم المنتهى
الماء.../
سيولة وليونة
ورطوبة ويبوسة و شظى
الماء.../
سلسبيل الحياه
والنّار منه/ المعدن الأكرم.
يجانسني الماء
فتجانسني العناصر
ويحضرني الرّواقي الآبد
لمّا يتطرّف الخلّ الجاحد
وفي ومضة من صمد
يهتف بي:
أن استقم كما يأمرك الواحد
لكنّ الخوارق تعصف بي
فيستبدّ بي السّائد.
التّراب تحته ماء
قال الرّواقي العائد
والقبس../.من جمر التّراب
يستضيء به الزّاهد
...............................
تميد بي الأرض
فأرى..../ كأنّني على لهب من جمر التّراب
أو من تراب الجمر
أو كأنني..../ عصف يذريه المارد
ويباغتني شيخي الوهّابي
على هيأة الوالد الرّواقي
وكان ثملا بالورديّ من المباهج
وكنت......
في جمع من مريديه
فيهتف مهيبا في الجمع:
" ألا فتفرّقوا في سبل الحقّ
كما تفرّقتم في سبل الرّزق....
ثمّ...اتّحدوا."
ويحتجب عنّا
في أفق من مراتب التّفاضل
ويذرنا...
في فوضى الحداثة
هباء...
لا يجمّعه الواحد.
وفي لحظة...
من صمد الوقت
ومن صرد الفضاء السّمت
يسائلني...
شجر الخيزران
عن دفء الرّبيع...
وعن شظى جمر التّراب
في مفاصل الخروف الوديع.
وعند تجلّي الانوجاد السّهروردي
يحضرني أبوذرّالغفاري
شاهرا سيفه على شبح الفقر
على شبح الظّلم
ويهتف في الملأ الخاشع
أمام الجبروت:
أيّ تطبيع تنشدون
وتنشدون!؟
أيّ تطبيع!؟
أيّّ علف تعدّون للقطيع!؟
لا!...لا!...
لا!... للتّنازل عن حقوق الأرض
لا!...للتّنازل عن حقوق المتعبين
لا!...لا!...
لا!...للتّطبيع
لا!...للتّنازل عن حقوق العزّل
المستضعفين:
من شيخ هرم
وامرأة ثكلى
وكهل حذر
وشابّ مستبسل
وطفل ورضيع
أيّ تصالح بين ذئب
وخروف وديع!؟
**********************************************
توصيات الملتقى الثاني لأدباء الأنترنات بتونس
يجدّد الأدباء المشاركون في الملتقى الثاني لأدباء الأنترنات المنعقد بمدينة
بن عروس يومي 28 و 29 ماي 2010 والذي نظمته المندوبية الجهوية للثقافة
والمحافظة على التراث ببن عروس دعمهم لهذا الملتقى والساهرين
عليه ويوصون بما يلي :
* ضرورة إحداث لجنة متابعة لكلّ المنشورات الأدبية التونسية على شبكة
الأنترنات وذلك لأنّها تعتبر جزءا لا يتجزّأ من الإبداع الوطني .
* يسجلون باِرتياح صدور القانون الخاص بالملكية الأدبية ويدعون إلى
ضرورة تطبيقه في جميع مجالت النشر بما فيها مجال النشر الإلكتروني .
* يدعون وزارة الثقافة والمحافظة على التراث في تونس إلى إحداث موقع واب ليمثل
مدوّنة شاملة للإبداع الأدبي التونسي حتّى يكون مصدرا أساسيا في الاطلاع و لبحث.
* يدعون الأطراف المسؤولة إلى التخفيض في التكاليف الخاصة بالإيواء عند إنجاز
موقع واب خاصّ بالأدباء مع الحرص على ضمان حقوقه الأدبية واسترجاع نسب الفائدة من
استغلال هذا الموقع سواء كان قراءة أو طباعة أو استنساخا .
*يلفتون نظر الأدباء الشبان خاصة إلى ضرورة ترشيد النشر الإلكتروني عموما
وخاصة في المجال الأدبي حتّى نتجنّب الاِستسهال والتسرّع ونبتعد أكثر ما يمكن عن
الإسفاف والرداءة .
*يوصون بإحداث صحيفة أدبية إلكترونية تونسية تكون مرآة للحركة الأدبية بما
فيها من تنوع وتعدد وتهدف إلى التعريف بالأدب التونسي ليكون حاضرا في المشهد
الأدبي العربي و العالمي .
* يدعون إلى إحداث جائزة وطنية تعنى بالأدب الإلكتروني وتسند لصاحب أحسن موقع
يعرّف بالأدب التونسي .
وإذ يأمل المشاركون في الملتقى الثاني لأدباء الأنترنات بتونس أن تعمل الجهات
المسؤولة على تحقيق هذه الأحلام المشروعة فإنّهم يدعون المنظمين والمشرفين على هذا
الملتقى إلى ضرورة الحرص على التفكير والإعداد للملتقى الثالث الذي سينعقد خلال
السنة القادمة نظرا لما لمسوه من حسن التنظيم وحرفية في الإعداد خلال الدورتين
الأولى والثانية وهو ما يؤكد نجاح هذا الملتقى وإشعاعه على الصعيدين الوطني
والعربي والذي سيكون خير دافع لاستمرار هذا الملتقى
بن عروس في 29 ماي 2010
المقرّر
محمد كمال السخيري
يتخلل الملتقى لوحات من معرض الفنانة لمياء جنويز الذي
نظمته بالمكتبة الجهوية بمدينة بنعروس على هامش الملتقى
منها : لوحة الربيع / القدس / شهريار /
*****
*نتقدم بالشكر الجزيل إلى الآنسة فريال فريقة التي ساعدتنا في تنسيق هذا الملف