مدارات
مدارات
مدارات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مدارات


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 ومضات دامسة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد بشار
عضو



عدد المساهمات : 10
تاريخ التسجيل : 05/02/2008

ومضات دامسة Empty
مُساهمةموضوع: ومضات دامسة   ومضات دامسة Empty2/1/2010, 21:46

ومــضـــات دامــســة



الأولى

الساعة تشير إلى الواحدة زوالا، فتحت باب الشقة، ألقت بجثتها كاملة غير منقوصة على أقرب أريكة بالبهو، لقد كانت في حاجة ماسة لأخذ كثير من الراحة قبل تغيير ملابسها وتناول الغذاء. السفر في الجو القائظْ مرهق جدا. ستنام قدر ما يحلو لها، لن يزعجها أحد
مادامت الدار فارغة إلا منها. طفلها عند عمته منذ أسبوع ، من يوم سفرها لعيادة
والدتها المريضة، وزوجها في متجره ولن يعود قبل السابعة مساء
.
وهي تستعد للاستلقاء على إحدى أرائك البهو للظفر بقيلولة، منت بها جسدها منذ امتطت تلك
الحافلة المتهرئة التي أقلتها من مسقط رأسها، تناهى إلى سمعها صوت موسيقى خافتة
ينبعث من غرفة النوم. عندما دلفت الغرفة كانت المبارزة قد انتهت واللاعبان، زوجها
وإحداهن، يستعدان لمغادرة ساحة النزال
. حملقت فيهما بنظرة فيها شيء من الدهشة والاستغراب وكثير من الحقد والغل دون أن تحرك ساكنا، أما هما، من هول المفاجأة، تسمرا لثوان في مكانهما كتمثالين، بعدها طأطآ رأسيهما وانسحبا ذليلين كمن ضبطا في حالة تلبس بفعل مشين .
بصقت بعنف على سريرها الذي احتضن منذ لحظات زوجها والغريبة، ثم عادت إلى البهو واجمة متثائبة لتتمدد على أريكة وتنام. بمجرد ما استيقظت أخرجت هاتفها من حقيبة يدها وركبت رقم الزوج׃
- يمكنك أن تعود أيها النذل، الجبان، لقد سامحتك، فقط من أجل طفلنا
أطلقت ضحكة طويلة مدوية حمولتها مزيج من الحسرة والسخرية، بعدها طوحت بالهاتف بعيدا وهي تردد بأعلى صوتها׃
- الوغد، يحسب نفسه ذكيا وهو يربي طفلا لم ينجبه...


الثانية

طرقات قوية ومتتالية على باب الشقة، هب مسرعا ليفتحها وينقذها من كسر بدا له محققا.
– كمال ! ماذا يحدث ؟ لم كل هذا العنف ؟ هل اعتقلوا أحد الإخوان؟
– ياريت ! إن الخطب أعظم ᷂ ودلف إلى الداخل وكامل جسده يرتعد والشرر يتطاير من عينيه∙
أغلق الباب وتبعه وهو يخمن، أي خطب أقسى من اعتقال أحد أفراد الجماعة في ظرفنا هذا∙ عاكسه خياله في التوصل لجواب مقبول ومنطقي خصوصا وحالة صديقه كانت تنذر بحدوث واقعة خطيرة
قبل أن يفتح فاه ليستفسر استرسل كمال في الكلام بصوت مرتفع وبشكل هستيري ׃
– الداعية! الإمام! الورع! ياله من زنديق! ينهى عن الفواحش ويأتيكبائرها
– من تقصد ؟ الشيخ!
– قل شيخ الدعارة ،شيخ الضلال∙ لقد أبصرته اليوم بالمطعم يجالس شابة جميلة شقراء متبرجة∙ يأكلان البيتزا ويتسامران في تناغم تام. اللئيم!
- أقلت شقراء وجميلة؟ أعوذ بالله منك ومن سوء ظنك، يالك من أهوج
! مثلك من يفتح الأبواب مشرعة أمامهم لاتهامنا بالإرهاب᷂ كان عليك أن تستفسر قبل
أن تكيل التهم∙ إن الشيخ يا كمال في مهمة دعوية᷂


الثالثة

جلس كعادته في مقهاه المفضل، وهو يهم بفتح الجريدة، رن هاتفه النقال.الرقم المبين على الشاشة لا يعرف صاحبه، لم يفكر قطعا أن يكون لهذا الرقم صاحبة∙ من يكون إذن هذا الذي يطلبه ؟ ضغط على الزر׃
- ألو
- أنا المتيمة أيها الأنيق وأغلقت السكة على صدى ضحكة تفيض غنجا ودلالا وموسيقى.
لم يلبس الحادث أكثر من حجمه. هو لا يتيم إلا زوجته ولا أنثى غيرها تهتم به. أما
الأناقة فلم تشكل أبدا أحد هواجسه أو اهتماماته. خلص قطعا إلى أن المكالمة خاطئة.
من ستجري وراء رجل مثله في الخمسين ؟ أعاد الهاتف إلى جيب معطفه وشرع في القراءة.

في اليوم الموالي، في نفس المكان وفي نفس الساعة، رن الهاتف. مرة أخرى رقم آخر غريب، بعد تردد ضغط على الزر׃
- ألو
هي نفسها ׃
- كيف حالك حبيبي الأنيق ؟ ثم أغلقت السكة على صدى تلك الضحكة دون أن تمنحه فرصة للاستفسار.
ليئد في المهد هذه المصيبة المفاجئة المجهولة العواقب التي بدأت تؤرقه، اتخذ قرارا بالتخلص من هاتفه رغم أهميته الحيوية.
بعد حوالي أسبوع على المكالمة الثانية وبينما هو مستغرق في القراءة، في نفس مقهاه، لدرجة الاندماج دون اكتراث باللغط المحيط به، بتر تركيزه صوت جر كرسي بقربه. رفع عينيه
عن الجريدة ليجدها تجلس بجانبه. من؟ بنت جاره القاصر
.
جحظت عيناه وفغر فاه، وكمن أدركه البكم فجأة، لم يسعفه لسانه على النطق. وقف، ألقى بالجريدة على الأرض وأطلق ساقيه للريح دون اتجاه معين أمام استغراب وفضول زبناء المقهى.

2009الرباط أكتوبر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ومضات دامسة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ومضات
» ومضات
» ومضات...
» ومضات
» ومضات 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مدارات :: مدارات سردية :: مدار القصة-
انتقل الى: