الشاعر العراقي علي عطوان الكعبي... في ضيافة المقهى؟؟
2 مشترك
كاتب الموضوع
رسالة
فاطمة الزهراء المرابط عضو
عدد المساهمات : 10 تاريخ التسجيل : 13/10/2009
موضوع: الشاعر العراقي علي عطوان الكعبي... في ضيافة المقهى؟؟ 27/10/2009, 18:18
الشاعر العراقي علي عطوان الكعبي... في ضيافة المقهى؟؟ - الحلقة 49 -
قلم يجمع بين الشعر والبحث والحوار، ينتقي الكلمة بعناية فائقة لينسج نصوصه الإبداعية، بساطته وتواضعه الأدبي والاجتماعي دفعني إلى محاولة اكتشاف هذه الذات المبدعة عبر الحوار التالي...
بعيدا عن عالم الشعر والصحافة من هو علي عطوان الكعبي؟
إنسان يحب الحياة بمقدار ما يستطيع أن يبعث في تفاصيلها لمسة إبداعية هنا وهناك. على أنني مؤمن أن الشاعر يولد بفطرتين، هما فطرتا الخلق والشعر، حيث أن الثانية تعمق بي مفاهيم الأولى، لذا لا أمتلك قدرة الفصل بينهما، ولست استطيع قراءة فطرة الكينونة بعيدا عن فطرة الشعر، إذ غالبا ما اهتدي إلي من خلال القصيدة التي ارسم بها وفيها زاوية الرؤية وصولا إلى ما ابتغي وأريد. وإذا كان من الصعب فصل إنسان ما عن أشيائه التي يعيش بها ، فمن الأصعب أن نفصل شاعرا عما يحيا به. لذلك فقراءة علي عطوان الكعبي بعيدا عن الشعر والصحافة، لا تختلف عن قراءته قريبا منهما ؟
كيف جئت إلى عالم الكتابة والشعر بشكل خاص؟
حين نعترف أن للكتابة سحرا لا ينتهي بنا عند إلحاحها المباغت، ندرك أن لا كيفية تتشكل بها، فهي ذات خاصية تتجاوز إمكانية انطلاقها من مثابة محددة في الكيف، إنها هاجس مؤتلق في الذات قيض له كم معرفي متراكم.. وحيث أن الشعر لا يخرج عن هذه الدائرة في غوايته التي تجتذب فتنة الكلمات، و سحره الذي لا يخضع لمنطقية الأشياء فهو إلا خر لا يسلم قياده لخاصية الكيف أيضا .. استطيع أن أشبه الكتابة والشعر كالثمر في الشجرة ناتج عن نسغ صاعد من أعماق الشجرة.
في ظل الظروف السياسية التي تعرفها العراق حاليا، هل مازالت تحتفظ بنفس المكانة الأدبية التي كانت عليها في الماضي؟
يقول هوغو أنك قد تستطيع أن تسحق إنسانا لكنك لن تقتل فيه الإرادة.. وما تعرض له الشعب العراقي من أحداث بلغت درجة من القسوة التي لم يتعرض لها شعب آخر غيره فقد عانى مدة تجاوزت ثلاثة العقود من الحروب المدمرة التي قادتها الدكتاتورية.. ولكنه ظل شعبا صابرا خلاقا. فالشعب الذي يمتلك عمقا حضاريا وتراثا إنسانيا تكون لديه، بقدرة الاستحضار، قيمة إضافية للتصدي ورغبة عارمة في الحياة إذ يجعل من هيمنة الأحداث لديه عاملا مضافا للإبداع . والعراقي هو الذي يذهل الحدث ، لذلك فالمبدع العراقي لم يزل ممسكا بجذوته الإبداعية الممتدة من المتنبي مرورا بالجواهري والسياب، وليس انتهاء بآخر مبدع يشكل طينته المتوهجة الكامنة في زوايا ذاته لخلق أيقوناته المدهشه.
ما طبيعة المقهى في العراق ؟ وهل هناك مقاه ثقافية؟
لا يرتبط وجود المقهى بميزته المكانية ولا بحدوده المادية المرسومة، بل يرتبط وجوده بكونه فضاء خلاقا تتم في مساحته المعنوية ممارسات إنسانية فاعلة، من خلال قدرته على التعدد والتنوع في احتواء الأنشطة السياسية والأدبية والثقافية والاجتماعية، فلم يكن مكانا للتسلية وضياع الوقت، كما يتصور البعض ذلك، بل كان للمقهى في العراق حضور فاعل ومتميز على امتداد طويل من الزمن اتخذ شكل المظاهرات وأصوات المعارضة التي تحتفظ بصورتها ذاكرة المقهى والإنسان العراقي على حد سواء ، فضلا عن النقاشات الحادة حول ضروب الحياة المختلفة. وإذا كان المقهى يمثل العلاقة الحميمة بين المكان والإنسان، فقد مثلت المقاهي العراقية تلك العلاقة خير تمثيل وجسدتها خير تجسيد في اتصال تبادلي يمنح الإطلاع على الكثير من شؤون الحياة ليتواصل عبرها الإنسان مع المجتمع .
أما عن المقاهي الثقافية في العراق ،فهي كثيرة ولها ثقلها النوعي في حياة المثقف والأديب العراقي ، ويكفي أن نشير هنا إلى مقاه مهمة منها مقهى الزهاوي التي تعود ملكيتها للشاعر العراقي جميل صدقي الزهاوي ،وما كان يدور فيها من نقاشات حادة في الأدب والثقافة ،وخصوصا بين الشاعرين الزهاوي والرصافي ،كما هو معروف ،كما لا يبتعد عن هذا ما كان يدور في مقهى حسن عجمي التي كان من روادها الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري والسياب والبياتي وغيرهم من مفكري ومثقفي العراق، ولا ينتهي الحديث عند هاتين المقهيين ،بل هناك مقهى الشابندر التي يرتادها الكثير من أدباء العراق ومثقفيه بشكل مستمر حيث يتم فيها تبادل الآراء والنقاشات حول المستجدات في الأدب والثقافة والحياة تواصلا واتصالا ، ولعل من المفرح أن هذه المقاهي لم تزل قائمة حتى الآن تحتضن روادها ، فهي معلم بغدادي يزوره المثقفون والأدباء من شتى البلدان عند قدومهم إلى العراق ،لقربها من شارع المتنبي ،شارع الثقافة في العراق كما يسمى.
هل تشارك الكثير من الأقلام العربية التي أكدت على أن هناك علاقة وطيدة بين المبدع والمقهى؟ و هل هناك علاقة بينك وبين هذا الفضاء؟
ربما لم يأخذ مكان في علاقته بالأديب، سعة وامتدادا ، كما أخذ المقهى. فقد ارتبط المقهى بذاكرة الأديب الإبداعية ليس من خلال كونه الحيز المحدود بمساحة جغرافية فحسب، بل من خلال كونه معنى أكثر شمولية وأهمية كمكان إبداعي.. حيث مثل المقهى ومازال فضاء خلاقا يتم فيه التلاقح الفكري والثقافي بين رواده من الأدباء والمثقفين، وطالما شهد صراعات فكرية وأدبية كانت تدور بين جدارنه بين هذا الشاعر وذاك أو بين هذا الكاتب وذاك ، كالذي كان بين الزهاوي وخصومه في معاركه الأدبية المعروفة، التي كان الكثير منها يتم في( مقهى الزهاوي )، مقهى الشاعر ذاته. فضلا عما يمثله المقهى من عمق حي في ضمير المبدع إذ ينعكس ذلك، في كتابات الكثيرين في المؤلفات والآثار الإبداعية. ولم أكن أنا ببعيد عن هذا المكان والحاضنة ،وما زلت اذكر لقائي الأول بالمقهى منذ بواكير الوعي الثقافي والأدبي حيث كانت انطلاقتي إلى عالم الشعر.. فلست أحسب أن أديبا لم تحمل رائحة كتبه عطر المقهى أو لم يتزود هو من عبق المكان ..
هل سبق وجربت متعة الكتابة على طاولات المقهى؟ وهل هناك اختلاف بين الكتابة بالمقهى و الكتابة في فضاءات أخرى ؟
مع أن الكتابة عندي لا تخضع للاستدعاء الآني، لأني مؤمن بلحظتها المفاجئة وخاصيتها المباغتة، إلا أن الكتابة في المقهى لها ميزتها الخاصة التي تفرضها ظروف آنية معينة.. وقد جربت أنا الكتابة في المقهى منذ أن تعرفت إلى هذا الفضاء الذي يتصف بخصوصيته الجميلة..في رأيي أن الكتابة في المقهى غالبا ما تميل إلى ذلك اللون الذي تغلب عليه روح الوعي الذي ولا يحتاج الأديب معه أعمال الفكر وإطالته، لان جو المقهى لا يمنح مساحة من التأمل الهاديء الذي ترتبط فيه الكتابة باللاوعي ككتابة الشعر مثلا ،نظرا لاختلاف الحركة وإيقاعها المتغير السريع داخل المقهى.
ماذا تمثل لك: العراق،الصحافة، الطفولة؟
العراق: حين يتوحد الإنسان بالأرض في امتزاج كلي، تتخذ الأشياء نبض الوطن .. وهكذا امتزج العراق بنا أرضا ونبضا، نحمله بعضا فيحملنا كلنّا، نكون به بالقدر الذي يتجاوزنا هو به .. هو يدركنا أينما نكون وقد لا ندرك كلّه حين نكون به.. هو قلب أمي في نبضه ووجه أبي في ملامح سمرته..
الصحافة: عالم مثير وجميل وهو أقرب إلى الحرفة منه إلى الإبداع ، يأخذ من المبدع الكثير، حين يجعله منشغلا بديناميكية يومية مستمرة يتخلى المبدع مكرها لضغطها عن عالمه الإبداعي الآخر، بل وربما انشغل عن مشروعه بكامله .
الطفولة: كون مفتوح الآفاق .. نمارس فيه فوضويتنا المطلقة حين نكون سلطة عليا لا تخضع معها لقانون أو عرف، إذ لا حكم علينا في هذا الكون إلا حكم البراءة والعفوية.. الطفولة سر مدهش نتلمسه ونحن نحمله معنا حين نغادر زوايا نبضه مجبرين على المغادرة.. فنتلمسه فينا حين نكون كبارا.
كيف تتصور مقهى ثقافيا نموذجيا؟
ما من نموذج يقوم إلا بتوفر عناصر قيامه، وهذا شيء لا يحتاج إلى إثبات أو برهان لأنه بديهي مسلم به، وبناء على ذلك لابد من توفر وسائل قيام المقهى النموذجي بدءا من اختيار المكان ، فللمكان تأثير كبير في إشاعة أجواء معينة تساعد على استقطاب رواد في النوع وليس في الكم . كما يجب أن يتميز القائمون على المقهى بمهنية عالية من ذوي الخبرة. كل هذا سيمنح المقهى أن تكون مكانا بديلا للكثير من الأماكن والقنوات الثقافية، لأن له خاصية تميزه عن غيره بأنه يشيع قدرة الاسترخاء والتفكير بصوت عال..
محمد منير مؤسس
عدد المساهمات : 1898 تاريخ التسجيل : 23/01/2008 العمر : 59
موضوع: رد: الشاعر العراقي علي عطوان الكعبي... في ضيافة المقهى؟؟ 28/10/2009, 17:47
أختي العزيزة فاطمة الزهراء
أهلا بحواراتك معنا هنا وأهلا بما ترسمه يدك من فواصل
حوار ممتع كما هي حواراتك دائما
لك مني كل التقدير والاحترام
مع مودتي الأخوية
تحيتي
..
فاطمة الزهراء المرابط عضو
عدد المساهمات : 10 تاريخ التسجيل : 13/10/2009
موضوع: رد: الشاعر العراقي علي عطوان الكعبي... في ضيافة المقهى؟؟ 30/10/2009, 17:02
الاخ محمد
اشكرك على الاهتمام والمرور من هنا دمت بالف تألق مع تحياتي الخالصة
الشاعر العراقي علي عطوان الكعبي... في ضيافة المقهى؟؟