نورالدين بوصباع عضو
عدد المساهمات : 19 تاريخ التسجيل : 19/09/2009
| موضوع: الديك الأحمر 26/10/2009, 10:28 | |
| الديك الأحمر الأوراق كعادتها مزهوة ببياضها لن تصفر ولو جفت كل الأقلام، والمساء على غير عادته قانع بغربته كل مساء، وحتى الريح فوق عادتها تجدف بالهبوب وجه العاصفة دون أن توقفها.. هذا المساء لن ألعب دور البطل بل الضحية، كأي ضحية يقع في الشباك فالقلب مدمى بالجراح ، واليدان ملطختان بدم ديك أسود ذبحته مغمض العينين قربانا على صحتي بعدما زرت لالة شميشة ونصحتني بأن أفعل ما طلبته مني وإلا فمفعول السحر لن يزول مني بالمرة..لست أدري هل أصبحت إنسانا غبيا لا يملك ولو ذرة عقل، حبة عقل يميز به بين ما ينفعه وما يضره.لا أعلم كيف انجررت بل انبطحت طيعا، أعمى وراء كلامها دون أن أدري! أقول بملء فمي والكلمات تتزاحم على أطراف لساني أنا من فرطت في عقلي عندما عشقتها بجنون، عندما أحببتها من كل أعماقي..كل عام وأنت حبيبتي..أمانينا لا زالت صغيرة والهم لم يكبر بعد..كم يتقطع قلبي ألما..يتشظى حبات قرنفل فوق رأسينا، لكن أين أنت يا رأسي !..أين أنت أيها المساء المرتجى، ثم أنت أيتها القسوة النابتة في خسف الكلمات ألا تليني قلبها نحوي، أرنو إليك حبيبتي بعينين ذابلتين، تائهتين، وأنت تتكلمين في وجهي حانقة: -" انت ف راسك الدغل" -" الدغل!" -" ليلة البارحة رأيتك مع..." أقاطعها محتجا ورذاذ اللعاب يتطاير من فمي كحمم ملتهبة: -" مع من شفتيني!" -" شوف انت مع من كنت!" -" كنت مع راسي" -" شوف أو كان!" هل أكذب نفسي وأصدق كلامها! ومن تكون حتى أصدقها! شهرزاد، لالة شمش الضحى، لالة زينة أو زادها نور الحمام هكذا طبعها مذ تعارفنا، تتلذذ حين تحترق أعصابي، فأهيج كثور في الطرقات أرغد وأزبد..أهيم على وجهي أبحث عنها في شرفات البيوت المهجورة، وأزقة المدينة المنسية..تيفلت كم من عاشق ضاع في ربوعك..فقد عقله..أصبح له نصف عقل..طار عقله.. العقل سقط في غيبوبته الأوراق عافت خضرتها المساء وجه أخر يحتمل البكاءالعقل أعدل قسمة بين الناسلكني أنا لماذا أصبحت حيوانا، بهيمة لا حول لها ولا قوة..في فمي لجام تجرني منه حبيبتي كيفما تريد، تركلني، ترفسني، تشتمني، لكنها لا تعطيني قبلة إلا حين تريد..أظل مستسلما لفورة غضبها، مطأطئ رأسي في خنوع، كمذنب ، كقط ظريف، كغنيمة باردة... -" اسمع أولدي أنت محروقة ليك الشرويطة"-" الشرويطة!"تحدجني أمي بنظراتها الحانية تتوسلني:-" خاصك ادير الفاسوخ على صحتك"-" الفاسوخ!"-" باش تبطل السحور"على الأوراق خطوط حميمية..أشياء تذكرني بلا أشياء ..وله يسقطني في الجنون..مساء غائم يريني وجهه الكئيب كي أزيد غما وكمدا..أروح أحدق في الفراغ ، والأفكار تتناسل في دماغي، لماذا يحاول الإنسان السيطرة على حياة الأخرين واستعبادهم!ثم لماذا تستعدي علي هذه المجنونة هواجسي ووساوسي الخبيثة، ليكن الله معي، رأسي يكاد أن ينفجر وقلبي أن يتمزق كلما فكرت في فحولتي المغتصبة... -" انت مثقف"-" لواه أنا قاري ف الظلام..أش غادي ندير بهاد الثقافة، أنا أريد فحولتي"تبتسم لالة شميشة في وجهي ابتسامة فاترة:-" انت مربوط فيك التقاف"تصمت قليلا وكأنها تحدث نفسها حديثا عميقا، ثم تواجهني قائلة:-" والمربوط دواه اصعيب"يقف الشعر في رأسي هلعا، وتموج بي الأرض جيئة وذهابا:-" اصعيب!"-" إلى ابغيتي تبرا خاصك.."أقاطعها والدموع توشك أن تخونني:-" أشنو خاصني!"-" حاجة وحدة"-" وحدة!"-" اتجيب ليا دم فروج اكحل"ماذا سأفعل في هذا المساء الذي لا يشبه أي مساء كلما عفرت وجهي بين راحتي، وتهيأت لأتذكر ما حل بي من مصيبة، وجدت رأسي وراء قفاي..عيناي تتلصان دون أن تدري على من ستقعان..تفاريج أصابعي يندلق منهما العرق دافئا على الورقة البيضاء..غريب هو هذا البياض كالثلج ، لكنه لم يثلج صدري المضطرم.كل شيء أمامي غارق في سواده..في قتامته.لا يكاد يفتح لي شهية ولو للبكاء ..هل سأبكي أخيرا كامرأة..النساء هن من تبكين أما الرجال فلا..آه لست متيقنا إن كان الرجال يبكون غاللي قلبو اهشيش هو للي تيبكي ،أما أنا فقلبي من حجر..أستغرب لما تجمعني الصدفة بأشباه رجال ذوو شوارب مفتولة، ووجوه فظة، وأصوات جهيرة ، فنتجاذب أطراف الحديث عن عالم النساء، أستغرب لما أرى في قسمات وجوههم من توجس وذعر ، كانوا جميعهم يتكلمون بتحفظ وربما يصمتون ..لست أدري لماذا يصمتون وأبقى أنا أتحدث وهم ينصتون لكلامي بشغف، تفور الدماء في عروقي حين لا أجد أحدا منهم يشاطرني الرأي..أشياء تافهة كانوا يتراءون لي ..حيوانات مسخت في هيئة بشر..كل واحد فيهم واش موكلاه امراتو..زنطيط الفار لمعدوي ،أولامخ الضبع ،أو لا سبرديلة ..والغريب أنب حين لا أجد أحدا يتجاوب معي في الحديث ، أصمت فتراهم يمطرونني بوابل من النظرات الحانية دون أن يتكلموا ربما كانوا يسخرون مني ومـن حـديثي " أومالك ماشفتيش راسك انت للي محروقة ليك اشرويطة"... هذا المساء الريح لم تهدأ بالمرة، أجد صعوبة في الإمساك بها، هذه المرة ما يؤرقني أهم من التربص لها وراء جدران الليل ،وزوايا العتمة، ثم أيضا طلب لالة شميشة بأن أحضر لها دم ديك أسود ليس السبب وراء سهري حتى هذه الساعة المتأخرة من الليل، وبداية تسلل أشعة الشمس إلى غرفتي بل ما اقترفته يداي من جريمة نكراء ، وأنا أذبح ديكي الأحمر بعدما أزعجني كثيرا صياحه الآتي من فوق السطوح في كل مرة أحاول فيها معرفة السر ..سر التداوي بدم ديك أسود... نورالدين بوصباع-تيفلت/المغرب | |
|
فتحية الهاشمي الادارة و التنسيق
عدد المساهمات : 1899 تاريخ التسجيل : 23/01/2008
| موضوع: رد: الديك الأحمر 26/10/2009, 20:14 | |
| هذه الكتابة بالذات تستهويني و أجد فيها ضالتي و لكن لن أقول أكثر من ذلك الان لأنني سأعود للنص حتما سأعود له غدا باذن الله و اقرأه بترو بوركت أخي نورالدين
| |
|