قصة بقلم القاص عبده رشيد
في
هذا الصباح الضبابي،سحب كثيفة مظلمة غطت السماء,حجبت نور الشمس ومنعت
اشعتها الدافئة مداعبة بشرة وجهه الشاحبة. وحيدا في الغرفة,لا زال يغط في
نوم عميق,يمتص طول الليل والوحدة القاتلة.لقد زاد سوء الاحوال الطقسية ذلك
الصباح من ليله المظلم الطويل ومنحه سويعات اضافية من النوم ومن الهروب
!...
كان لا يزال نائما ,اذ بهبة هواء عليل تتسلل من شقيقات النافذة لتستقرعلى
جسده النحيل وتدفعه بلطف الى الاستيقاظ .حالما نعسانا, رفض ان يفتح
عينيه.تقلب..,والتف داخل البطانية مثل الدودة في الشرنقة.انه كان يعيش
حلما ورديا.يكتشف لاول مرة سحر الحلم وطعم الخيال,يتخلص من قيوده ومن اهات
العزلة والوحدانية.عبر فقاعته الشفافة الناعمة استطاع ان يتجاوز حدود
سريره الحديدي البارد الصدئ, ويتعدى ويخترق حدود الزمكانية...
لم يعد وحيدا,لقد تخلص نهائيا من عزلته ومن عالمه الحقيقي القاتم الذي
يكرهه,انه يشعر بالحب والدفء في عالمه الجديد,انه يعيش الان حياة مخملية
,محاطا باجمل الحسناوات في اجمل الروضات..,في الحلم استطاع ان يحقق علاقات
حميمية..,في الحلم استطاع ان يطلق العنان لجوارحه..,في الحلم لاشئ يكبح
جماح حواسه. راى.., سمع.., شم.., تذوق.., لمس..,تمتع بحواسه كلها في اجساد
وارفة جيئت على مقاس رغباته الخاصة...
كل شئ جميل في هذا الحلم, جمال ومتعة حتى الاشباع ,بيد لازال يخالجه احساس
فريد ,شئ ما بداخله لم يتحرر بعد ولم يتبينه.شئ ما يناديه من اعماق النفس
..! صوت خفي يهمس له من دواخل النفس ونوازعها ,ينطلق لسانه ويفصح عن
مكنونه ,انه بحاجة لامراة تحبه ويحبها, امراة واحدة تملا عطفه وحنانه
,امراة واحدة فقط تملك كيانه ,لا حاجة له بكل اولائك النسوة . تنبري واحدة
من عدم وتقول له:
" انا هي تلك المراة التي تبحث عنها ... انا حبك ومكتوبك .."
تضمه برفق الى صدرها, يسري دفء حضنها في جسده كله وامواج تترا من العواطف
الجياشة تجتاح بدنه, توقظ الساكن الراقد وتحيي فيه الروح والعظام .يحس
لاول مرة بالسعادة تغمرقلبه. يفتح عينيه على نور الشمس الساطعة.يبتسم لها
وللحب ...