منير مزيد يفتح نوافذ عالمه الشعري ليلة 2/9/2009 بالفضاء الثقافي بير الأحجار بالمدينة العربي بتونس العاصمة

جاءني العندليب من بغداد باكيا
أعطيتُه قيثارة
صمت
دموعُه بَدأتْ تَغنّي :
" تاج الشوك فوق جبينه
وفوق كتفه الصليب
دلوقت يا قدس ابنك زي المسيح
غريب غريب...."


توقفت هنا بالذات و الغربة تنضح أنفة و كبرياء من قلبِِ شاعر وترسم جغرافيّة الفقد و الحنين

أنا و صديقي
مختلفان جدا
صديقي مناضل
يرعد
ولا يهطل
يحلم بتحرير العالم
من تيتان العولمة..

أما أنا رجل عادي
و بسيط
أحلم بأن لا أرى
البراعم تموت من العطش


و كيف تكون أحلام رجل عاديّ جدا حدّ الفداحة مثل الشاعر الانسان الفلسطيني قبل و بعد القصيدة منير مزيد ،

هذا الذي ينسل من ومضة خاطفة كي يستكين إلى قلب أنثاه الحبيبة أو يسكن إلى جذع لغة تسّاقط حروفها من

قلمه مكانا مكانا فتمتدّ أصابعه إلى طعام الأنبياء " الهندي" سلطان الغلّة كما نسمّيه بالتونسي أو طعام الأنبياء

كما يسمّيه منير مزيد ، ربما لن أكون ناقدة جيدة بل أكيد أنا الان ناقدة فاشلة جدّا ، لن أبحث في أعماق القصيدة و

و لا مكوّناتها و لا انتماؤها الجنسيّ ، عفوا ربّما تثير هذه اللّفظة بلبلة رمضانية و تتهم بالخروج عن قوانين القبيلة

أصرخ بأعلى الأصوات
من أنا
ومن جاء بي إلى هنا
لأهب دمي لأحزان النساء
وجسدي لجوع التراب


يصرخ الشاعر الانسان بما فيه من انتماء إلى فلسطينه الحبيبة القريبة البعيدة و الأقرب إليه من نبضه بالقلب

أين هو من سندريلته الوحيدة ، المتوحّدة بحلمه وواقعه ، قد يرشحونه أو قد يهبونه جائزة نوبل ، لكنّ الجائزة الأكبر

التي ينتظرها منير مزيد هي متر يزرع فيه أحلامه و شجرة يعلّق على كتفها حزنه و يستظل بروحها من التعب

و الحزن...

كنت أنوي كتابة أشياء أخر و أنا ألج عتبة هذا النّصّ لكن و الحقّ يقال وجدتني أهوم حولي و حول القصيدة و

تسكنني أقحوانة من أعلى الجليل أو برتقالة من سهل حيفا و قد تلبّست بي وجوه و صخرة ترنو إلى أكفّ الأنبياء

و تغتسل بدموع طفل، من دنس الخيانة
...
حبيبتي
إن لم تكُن الأغنيةُ ثورةً
تَهزُّ عرش السلطان
ماذا عساها أن تكون ...؟
أما القصيدة قطرةُ ندىً
تحمل عبق الأرض
وعطر الحبيبة
وفي قلبها أعاصير....



هكذا القصيدة تتحوّل إلى وطن يسكن إليها الشاعر حزينا و هائما في ظلال حرفه لعلّها تدركه الحبيبة الوطن أو

الوطن الحبيبة ، لا فرق بين الحبيبين سوى طلقة من قلم موعود بالولادة...

قد لا يعجب ما كتبته البعض و قد يقولون هذه قراءة انفعالية لقصائد أو لشاعر بحجم الوطن و لكن ما لمسته من

منير الانسان جعلني أدخل أبوابه دون خوف أو ووجل فقط هي كلمة أحسستها فأطلقتها من عقال قلمي و مشيت
حبيبتي
حين أموت
لا تبك
أقرائي قصائدي
الزهرة تموت
ويبقى عبيرها يفوح
في الأجواء

نعم الخلود كل الخلود للشعر و الشاعر و لوطن الشاعر بكلّ حرف يقايض حبّة رمل يسكنها جسده المتشقق

بمعانقة حبيبته فلسطين ، وحدها من تطفئ عطشه للبكاء و على ترابها يصبح منير مزيد طفلا يلعب بالتراب و

يخفي يديه في ابتسامته الخجولة كي لا تفاجئه القدس متلبّسا بحبّها في وضح العشق

العالم شاحبٌ وضائع
أمام عينيي
أَنزلقُ إلى غابةِ الصمت المقدس
أبحث في مياهه الدفينة
عن رؤيا الأنبياء
لـ أطهو سيرة الحلم...


هكذا كان اللقاء بالشاعر الفلسطيني الفلسطيني حدّ فلسطين بالفضاء الثقافي بير الأحجار في ليلة رمضانية

تزيّنت بثلة من الأولين الأولين من الشعراء التونسيين جاؤوا يعانقون فلسطين من خلال حرف دامع و حزين لكن

الوجع و الحنين لم يمنعهم من أن يكون الحبّ هو ديدنهم و الحبّ هو مطلبهم ، حبّ الكلمة و حبّ الوطن و حبّ
فلسطين

حبيبتي
لن أترك النوارس تنام أبدًا
قبل أن يرسوَ الحلمُ على شواطئِك
ويعود آخرُ عصفورٍ إلى عشه


نعم سيعود كلّ عصفور إلى حضن سندريلتك الحبيبة أيها الشاعر

نعم فحقّ العودة لكلّ فلسطيني هو المطلب المقدّس عند الشاعر منير مزيد

يريد وطنا و زيتونة و رائحة خبز و مائدة تجمع أصابع أمّه و هي تدعو الكون للصّلاة...

حلم
ينمو بين أشجار اللوز و الزيتون
يرضع من نهد قصيدة
رماها الله
على جبال الليل
لا أحد يراها بكامل سحرها
إلا أنا...

اطلالة باذخة من مبدع مميز أخي فيصل

يا رب تتكرر أعراسنا و لا تنتهي