حوار مع الشاعر والقاص المغربي محمد منير
حاوره : عبد الله المتقي
" نبض الكلام " : هو اسم الاضمومة الشعرية الأولى الصادرة مؤخرا للشاعر والقاص المغربي محمد منير، عن دار عالم السحب بتونس .
نبض الكلام ، قصائد خاطفة وخفيفة ، بيد أنها نصوص مثقلة بملح المرأة ، بأطياف الحلم ،وباللغة الفاتنة ، وبعشق البياض ....أما محمد منير ،فإنسان موغل في بساطته ، كائن رقمي ، وشاعر يحلم بقصائد متواضعة كما تفاصيل حياته ، وفي هذا الحوار حديث عن القصيدة الومضة ، الأنثى ، الحلم و... كلمة أخيرة.
- من أنت ؟
مفاجئ هذا الأنت الموجه إلى هذا الأنا .. فلا أملك أمام هذه الفجائية إلا أن أقول: كائن بحري يسكنه الترحال وتحاصره الجبال كلما انتفض هاربا صوب البحر، اعشق البياض وأجد لذتي في فض بكارته بالسواد الساكن يدي وأن أمارس عليه شبقية فواصلي وان أجعل منه سرير أحلامي الغير منتهية .. فلا استطيع إلا أن أبوح أن محمد منير كائن بحري مصلوب وسط صحراء.
- العالم كبير وتكتب القصيدة الومضة ؟..
لأن الومضة هي ما يأسرني كلما سافرت في البياض بقلب حالم و مشاكس لي .. فمهما كان العالم كبيرا فهو في الأصل أضيق في النقش.. الضيق هنا بمعناه الفلسفي الواسع لا غير .
- " نبض الكلام " متى ؟ وهل ينبض الكلام ؟
اللغة جسد كل منا يشكله على طبيعة أنامله الحبرية، إما لغة متداولة أو طارئة أو سالبة للعين .. اللغة جسد قد يفتنك ويغريك ويسلبك صمتك القابع فيك.. ومادامت اللغة جسد.. فلابد لهذا الجسد من قلب .. ولا حياة لقلب بدون نبض.
- أصدرت ديوانك بتونس ما سر هذا التهريب ؟
كثيرا ما نقرن لحظة الكتابة بالولادة ، فالمرآة الحامل قد تعي من خلال عملية العد تحديد الشهر الذي ستضع فيه مولودها ، لكنها لا تستطيع أن تحدد بالتدقيق اللحظة و المكان لهذه الولادة لأنها من الأمور الغير مضبوطة زمنيا و" نبض الكلام " لم يركب قوارب الموت أو شاحنات التهريب اليومي للضفة الأخرى وإنما وهو في ترحاله شده المخاض بالشقيقة تونس فكانت الولادة هناك على أيد أمينة يسرت له ولادة طبيعية وفي فضاء معقم إبداعيا ، فالحمد لله أنها لم تكن ولادة قيصرية
" لا تخذليني
فالقلب ما هوي إلاك
لا تقتليني " ص 52
- ما قصتك مع هذه المرأة ؟
من منا ليست له حكاية مع امرأة ما.. امرأة تسكنه، امرأة تهادنه مرة.. امرأة تشاكسه مرة.. امرأة تخنق أنفاسه في أخر.. قد نحاول مرارا التخلص منها، حتى أن فينا من حاول جميع أشكال القتل المعنوية معها بدون جدوى، لأنها الطرف المقابل لنا ونحن طرفها الأخر.. بطبيعة الحال أن تكون لي معها حكاية لأنها فيأخرى الأمر أنا.. هذه الأنا التي تتحول عبر القصيد / القصيدة .. وهنا أشير أن أكثرنا لا ينطق القصيدة إلا بصيغة المؤنث.. ألا تختزل المرآة في القصيد/ القصيدة ؟
- " يسري بي
على مفترق الحلم
وجه حبيبتي
الهاربة " ص 48
ماسر هذا الحضور للحلم في قصائدك ؟
الحلم جزء من تركيبتنا اللاشعورية وهو بوابة من من بوابات الحياة الغير مرئية للعيان .. فلا أحد يستطيع أن يمحوه من داخله..ألا تتفق معي أن بالحلم بنيت الحضارات.. و أن كل ما نحن فيه من تطور و من اكتشافات كان منبعها الحلم.. أليس الحلم هو شكل من التخيل بمعناه الإبداعي.. ؟
- " لم يبق من العمر إلا دقائق للحلم "
ما حلمك و أنت في الدقائق الأخيرة، قبل الرحيل ؟
ربما لن يتركني الموت حينها للإجابة عليك ....
- بعد ركوبك مغامرة"مدارات" الرقمية ، كيف تقيم الآن هذه المغامرة؟
لم تأتي تجربة مدارات إلا بعض تواجد دام لستة عشر في متاهات الشبكة العنكبوثية وانخراطي في مجموعة من المنتديات العربية والتي كانت في اغلبها منتديات شرقية ، فقلت لم لا اركب مغامرة المنتديات بطعم مغربي فكانت مدارات الملتحقة ببعض التجارب المغربية الأخرى مثل منتدى العشرة و جامعة المبدعين المغاربة و ميدوزا و شبكة منتديات مطر ، مدارات رغم بساطتها استطاعت أن تجمع شمل مجموعة من المبدعين المغاربة و العرب وان تكون قناة تواصل مع عدة مواقع ومنتديات أخرى ، فتجربة منتدى مدارات لم تكن تجربة عابرة بل أعطت مجلة مدارات الالكترونية و التي تشق طريقها في عالم النت الثقافي الإبداعي .
أما بخصوص تقييمي لا اخفي عليك أن التجربة المغربية في النشر الالكتروني - المقصود هنا النشر الإبداعي – مازلت في بدايتها لم ننراكم فيها ما يتطلب تقييما عميقا لكن هناك بعض الملاحظات الطبيعية و التي تخص غياب المهارات الرقمية عند بعض الساهرين على هذه القنوات الرقمية ، فنحن مازلن نحتاج إلى الكثير من الممارسة وكثير من القنوات الرقمية .
- كيف تقيم تجربة النشر الالكتروني في مقابل النشر الورقي؟
النشر الالكتروني خدمة متطورة في مجال الترويج الإبداعي عبر العالم الافتراضي وهو نافذة تمكن المبدع بالإطلالة على العالم من خلال دقائق معدودة ، كما أن التقنيات الرقمية الحديثة أعطت للنشر الالكتروني مجموعة من الميزات الجميلة لكن بالمقابل بقى النشر الورقي بقيمته العاطفية و العلاقة الحميمية التي تربط بين القارئ و الكتاب الورقي .
فالنشر الالكتروني لا يمكنه أن يأخذ مكان النشر الورقي رغم أنه في متناول الجميع يكفيك أن تكون لديك بعض المهارات الرقمية لتنشر الكترونيا .. ومهما زادت تكاليف النشر الورقي تبقى حاجتنا إليه الدائمة .
- تحدث الشعراء والغاوون طويلا عن وظيفة القصيدة،أنت كيف تراها؟
لم لا نقلب الكفة و نقول علينا الحديث عن وظيفة الشاعر، أليست القصيدة هي التي تكتب الشاعر ؟
فالشاعر كلما خرج عن طوعها كان حرا ، يراقص فضاءات الحرف بانسيابية .. فالقصيدة حلم لامنتهي تتلبس بالشاعر في لحظة لا يجد نفسه فيها إلى الغوص معها في عوالم قد تكون زرقاء مرة وأخرى حمراء القصيدة وجه حالم لمملكة يسكنها الحرف.. وجه يتشكل مع السرد كلما وجد في نفسه الرغبة في الحكي .. القصيدة كانت في البدء و في البدء بحثت لها عن متلبس لها بين الكائنات فلم تجد لها جسد أمن غير متلبس الإنسان، سكنته وتشكلت به، كلما تغيرت خطواته على هذه الأرض تغيرت معه، منحها مسكنا روحيا فمنحته الحلم الأزلي
- بماذا يتهم محمد منير محمد منير؟
أن يترك البحر بلا فوضى ، أن لا يلطخ موجه بفواصله الهجينة ، ففوضاه عبثية وحبه للبحر فيه من القسوة ما يهجر نوارس قلبه المسالمة .
- كلمة أخير
هل لك أن تمنحني متسعا للهروب إلى وحدتي، فقد اشتقت إلى صمتي الحالم في دواخلي .. فدعني لك مني السلام.. كل السلام .