هذا المساء ديوان جديد للشاعرة ليلى ناسيمي يحتفي بالدارالبيضاء
مصطفى لغتيري
أخيرا و بعد طول انتظار ، تسنى لنا أن نكحل أعيننا بالأضومة الشعرية لليلى ناسيمي .. هذه الأديبة االتي تقطر عشقا لمدينة الدارالبيضاء ، حتى أن القصيد لا يستقيم بين يديها إلا مضمخا بعطر هذه المدينة و أجوائها ..ففي ديوانها الجميل ، تنشد الشاعرة ليلى ناسيمي أغنية عاشقة لمدينة البيضاء، و كأني بها منشغلة إلى أبعد الحدود لكي ترصع جبين البيضاء بقصائدها الجميلة هاته .. هكذا يمكن للمتلقي أن يستنتج دون طول عناء أن الشاعرة اختارت تيمة المدينة/ مدينة الدار البيضاء لتؤطر بوحها الجميل على امتداد قصائد الديوان، تقول الشاعرة:
أبواب مدينتي لم تفتح إلا على وهم
والنوافذ مشرعة على الألم
يصاعد أنين أحجارها
ربما...
رق له نجم في السماء
فانشطر حصى
كالدمع في المقل
وعلى صخورها انفرط عقد العمر
فلم يخلص لي منه جمع و لا لم.
هي البيضاء إذن تكللها الشاعرة بتاج القصيد ، و وحده المحيط الأطلسي الشاهد على عمق العلاقة بين الشاعرة و المدينة ، فلا يتردد في مشاركة الشاعرة ليلى ناسيمي احتفاءها بالدار البيضاء ، تقول الشاعر:
وحده كان
يجثو عند قدم المدينة كل مساء
يشاطرني بكمي
خرساء
أتلقى
منه العزاء
و حين تحس الشاعرة ليلى ناسيمي أنها لم ولن تعطي البيضاء حقها - هي التي خبرت تفاصيلها و عاشت مع أصناف مختلفة من سكانها رافقت إلى حين أثريائها و تقاسمت الرغيف مع فقرائها ، و اطلعت بعمق على أسرار منبوذيها ، و اجتمعت بمثقفيها و أدبائها - فإنها لا تأنف من استدعاء سيدة الحكي " شهرزاد" لعلها تسعفها في نسج الحكاية، تقول الشاعرة:
شهرزاد
يا شهرزاد
يحملني إليك رحيلي الأخير
على بساط من نور و نار
أستبسل في ذكراك
أوقد الشموع
و أشعل أعواد الند
و أترقب
وحين تغوي شهرزاد لعبة الحكي و تندمج مع شاعرتنا في تسلية البوح ، يتسلل شهريار خفية ، يتربع في قلبه امل الحصول على عسل الحكاية و متعتها ، بيد أن شهرزاد - مدفوعة برؤيا الشاعرة الحداثية- تنتبه لما يعتمل في نفس شهرازاد ، فترفع عقيرتها محتجة ،منبهة إياه إلى أن الزمن غير الزمان، تقول الشاعرة :
مولاي
تحاول أن ترقى بي أسوار الحلم
سدى تحاول أن تخترقني
سهما في حالات سهوي
سدى تقرر مولاي
أني ملك يمينك
أني بعض يقينك
اليوم نتشارع
لقد غمدت نصل
الشك في يقيني
وتستمر ليلى في عزف سمفونيتها الجميلة ، ليضوع أريجها في شوارع البيضاء و أزقتها ، وتستعيد هذه المدينة - من خلال هذه القصائد- بعض من حقها الذي غبنت فيه زمنا طويلا ، إذ أنها ارتبطت في الأدب-لردح من الزمن- بأوصاف قبيحة ، كانت - في رأيي- نتيجة لأحكام سطحية منبهرة ، لأن من وسموها بتلك الأوصاف لم يتسن لهم الغوص في عمقها الجميل ، بل توقفوا منبهرين ومذعورين عند المظهر الخادع.. وها هي ليلى ناسيمي بهذا الديوان الجميل تنصف مدينة الدار البيضاء بل تتوجها أميرة لا كل الأميرات
.