مدارات
مدارات
مدارات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مدارات


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 تطلع لمصالحة وجه المرآة: حلم

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
سامي البدري
مشرف
سامي البدري


عدد المساهمات : 199
تاريخ التسجيل : 11/11/2008
العمر : 64

تطلع لمصالحة وجه المرآة: حلم Empty
مُساهمةموضوع: تطلع لمصالحة وجه المرآة: حلم   تطلع لمصالحة وجه المرآة: حلم Empty26/3/2009, 03:04

تطلع لمصالحة وجه المرآة: حلم

(قراءة في قصيدة " قد تجيء مريم " للشاعرة سليمى السرايري)

سامي البدري

دائما ثمة وجه آخر للمرآة، (مرآة الذات في مواجهة نفسها)، يتطلع – (هو ام الذات؟) لمواجهة وجهه وتفحص تضاريسه في الوجه الملتبس (بوضع دفع الذات) لنفسها الى ذروة مواجهة غير مشتهاة! وفي طريق (الانحدار) الى هذه المواجهة تمحور السؤال حول نفسه وبمواجهتها: في مواجهة أي صخرة انا: الصوت ام شغفه؟!
جدير بالذكر هنا ان الناص في هذه المواجهة هو شاعرة – سليمى السرايري على وجه التخصيص – ومن هنا يأتي تحفزنا لمراقبة ادق تفاصيل هذه المواجهة، لانها – الذات الناصة – ستكون بمواجهة مرآة أكثر (انغلاقا) واقل احتكاكا مع وشوشات صدفتها!
في مرآة ذات الانثى في (قد تجيء مريم)، يكون اول مسامير النص لتثبيت (فردانية) الذات الانثى ومركزيتها... وأيضا سابقيتها بفعل الوجود وعمادتها لفعل خلقه، بحسب طرح الدكتورة نوال السعداوي: (الانثى هي الاصل).
قد تجيء مريم، العنوان المحرض، ورغم حرص الناصة على دفعه كدال (غير مشاغب)، الا انها شحنته بسيل تشفيري واشاري يدافعان عن استحقاقات فردانية الانثى وحقها في تثبيت وجودها على خارطة يسعى الذكر للتفرد برسم معالمها.. فثمة شحذ ايصالي بين احتمالية وتحقيقية حرف التحقيق (قد) الذي اتخذت منه الشاعرة ( تساؤلية مضمرة الملامح )، لولادة (ذاتية) و (إرادية) وبعيدا عن تدخل الرجل الذكر والمتسلط..، استنادا الى الرمز الاكليروسي (مريم العذراء) الذي حملته بنيتها الاشارية الدالة على هدفية النص ومغزاه.. ففي المروث الديني ان مريم العذراء قد حملت بعيسى، وعلى خلاف السنة الطبيعية، من دون تدخل الرجل الذكر الملقح، وهي اشارة تتمسك بها الناصة على ارادية الفعل اولا، وعلى قدرة الانثى على فعل الحفر الذاتي ثانيا.
وكاجراء انتاجي، للحفريات الاشارية النص، الشاعرة تنتقي القبض الاسطوري لقصة مريم – ببعديه الالحكائي والديني - كاداة شحن وتوسيع لذاكرة ومخيلة المتلقي، وايضا لاستدراجه الى ساحة كشفها التي فخخت بشبكتها مساحة النص الاشارية والايحائية.
وكاختيار مرآوي لذات الانثى – نموذج مريم العذراء القادرة على فعل الولادة (انتاج فعل الخلق الذاتي) بذاتها – تتوقف الشاعرة السرايري في مواجهة أكثر وجوه المرآة جدلية: الانا الجواني الممسكة بخيوط الرغبة في الفعل..، وهو اهم عناصر قيام النص او فعل ارتكابه.
وبهذا الاختيار (العنوان) تكون الشاعرة السرايري قد حققت اهم مقومات القصيدة: تحديد وجهة حقلها الدلالي مكثفا في العنوان، الذي يمثل المدخل الاختزالي لمديات النص وحقوله.
تبني الشاعرة السرايري عالم رؤيتها لقضية سؤال الكينونة على متكأ تقابلي يقوم على التضاد بقلب (معادلة المألوفات) الى موازنة تزاوج بين الميثيولوجي والديني عبر مزاوجة اسطورة اله الخصب في الاسطورة البابلية تموز (أدونيس)، ولكن بعد تجريده من احتكار فعل الخلق او التخصيب، والمورث الديني المتمثل ب (قصة مريم العذراء) التي امتلكت ارادة الفعل عبر فعل (التخصيب الذاتي)..

لست من نساء "اورشليم"
لأبكي على تموز
عند بوابة الهيكل الشمالي
أنا هنا منذ الأزل

فهي من البداية ترفض فعل الندب والتحسر (عادة النساء – كاحساس بالضعف وشعور بالنقص) وتتمسك بوجودها الكينوني كفاعل مسؤول أمام ذاتها وامام الآخر (الرجل) المنازع والرافض والمجابه لهذا الانفلات.، ولكن هذا لايعني الغاء هذا الآخر أو الاستغناء عنه، بل وضعهفي مواجهة (مرآة نفسه) ليتعرف على حدود (قامته) وتلمس حقيقة تضاريسها ومعطياتها... وكل هذا – الذي تقترحه الناصة – بلغة الحب غير العدائية (على الضد من موقفه العدائي) ودون أحكام مسبقة..

أنا هنا منذ الأزل
أهيئ أكاليلا وقوارير
بزيت قدسي
لعلّك تأتى
الاها
أو نبيا
أو ملكا
فتهبني مفاتيح الأرض
لأسس مملكة جديدة
للخصب للكائنات

وكل هذا من أجل ما تعجز عنه انت: منح الحياة!

وارسم على سماء المدينة
شعارات أخرى للحبّ
فكلّ الترانيم، لا تزيل
ما علق فينا
من بغاء مقدّس

عدم التنصل هذا من مسؤولية المشاركة الفعلية، ومقاسمة هذا الآخر، رغم طغيانه وتنصله من مسؤولية إقتراف (البغاء المقدس)، وهو فضاء مفتوح للقبول والاستعداد للحوار والمناغمة؛ وهو رهان مبطن على سحب بساط المكابرة من تحت أقدام هذا الاخر من دون إشعاره به كفعل تقويضي لا وهام سلطات الحق الالهي: سيفه المسلط .... على رقبة من... لنتساءل للحظة مع لا وعي شاعرتنا السرايري!!! هل على رقبة الانثى فعلا؟

وتسألني
من أين أتيت؟
أنا من بقايا السّلالات القديمة
ورثت عن أسلافي
الرقص ....والغناء
بهيكل الملك
أنا إمرأة الوقت الراحل
والقادم
أسكن القلاع
استحمّ بألبان النوق
في بركة من الضوء

هذا الاستطراد التوصيفي، نجح في اتمام رسم صورة إقتراح الشاعرة دون الاخلال بمعايير النص الفنية؛ وهذا من شواهد تمكن الشاعرة من أدواتها وقدرتها على إستخدامها بحذق، وأيضا هو كشف عن شجاعتها في نقل صورة صادقة عما تنقله صورة (مرآتها) بامانة وشفافية: ما في المرآة أنا وهذه صورة أناي (أنا) المحدقة في نفسي
عن قرب! أنا لن انكر شيئا من ثنياتها وتعرجاتها: امراة الوقت الراحل والقادم... حلمي السيادة على (غريمي الذي ينازعني على عرشي)... هذا الآخر الذي لن يكتمل احساسي بسيادة كينونتي من دونه... غريما ومنازعا!

ليس يساورني ندم
كلّما وزّعوا دمي ، نبيذا
فوق التلال

هل هذا تسليم؟ كلا! بل هو تقرير حال ليس الا واعتراف باستمراره لحين تغيير خارطة ما نقش في الالواح المنسية من ذاكرة غريمي!

قد تتألق الهة المطر
قد يعانقني نجم
على وجهي، قد يسقط ضياء
وقد تجيء مريم
في جرّتها مياه ساخنة
لتزيل لعنة الجدب مني
فأتّخذ من التراب حرفا
أخبّأ فيه طفلي
لينبت من جديد
عندما تكبر عناقيد الضوء
في جسدي
وترشح وردا وماء

هذا الاطناب في ايضاح الصورة، هو محاولة من الشاعرة للاحاطة بكافة زاويا المرآة (الذات)، وايضا هو اعتراف منها بزوايا الضعف التي جسدتها المرآة أمامها؛ ولعل ابرز وجوه هذا الاعتراف هو حنينها الى غريزة الامومة الذي لن تستطيع دفعه، (كتهمة) على وعائيتها لدفق تسلط الذكورة فيها، وكنقطعة ضعف فيها، كونها تمثل عملية إختراق لها في ادق مفاصل خصوصيتها التكوينية والذاتية!
في المقاطع التالية تبذل الشاعرة محاولة اخرى لتزيين صورة (المرآة) وخلع المعنى عليها، محاولة منها للتصالح مع واقع الحال، فسيولوجيا وسيسيولوجيا.
مثل هذا التطلع يستوقفنا لمواجهة السؤال: من اين تأتي صورة المرآة (مرآة الذات)، من عيوننا المحدقة في انفسنا أم مما تعكسه المرآة من حواشي صورتنا المنعكسة على وجهها الصقيل؟ بمعنى ان المرآة تعكس، من ضمن ماتكسه حواشي وظلالا مرافقة لصورنا... فهل مفروض علينا ان نأخذ بكامل المشهد المعكوس ام نجتزأ منه ما يوافق الصورة التي نريد؟
ان ختم السرايري لنصها بحلم التحليق والطفو فوق ارهاصات الصورة التي عكسها وجه المرآة، هو مجرد اقتراح، تركت لنا الشاعرة حرية التحديق فيه عن كثب فقط... اما فيما يخص اختياراتنا لتضاريسه فالامر متروك لما نراه نحن في وجه المرآة ... وايضا لقدرتنا على مواجهته واختياره.


قد تحيء مريم

لست من نساء " أورشليم"
لأبكي على تموز
عند بوّابة الهيكل الشمالي
أنا هنا منذ الأزل
أهيئ أكاليلا وقوارير
بزيت قدسي
لعلّك تأتى
الاها
أو نبيا
أو ملكا
فتهبني مفاتيح الأرض
لأسس مملكة جديدة
للخصب
للكائنات
وارسم على سماء المدينة
شعارات أخرى للحبّ
فكلّ الترانيم، لا تزيل
ما علق فينا
من بغاء مقدّس
وتسألني
من أين أتيت؟
أنا من بقايا السّلالات القديمة
ورثت عن أسلافي
الرقص ....والغناء
بهيكل الملك
أنا إمرأة الوقت الراحل
والقادم
أسكن القلاع
استحمّ بألبان النوق
في بركة من الضوء
ليس يساورني ندم
كلّما وزّعوا دمي ، نبيذا
فوق التلال
قد تتألق الهة المطر
قد يعانقني نجم
على وجهي، قد يسقط ضياء
وقد تجيء مريم
في جرّتها مياه ساخنة
لتزيل لعنة الجدب مني
فأتّخذ من التراب حرفا
أخبّأ فيه طفلي
لينبت من جديد
عندما تكبر عناقيد الضوء
في جسدي
وترشح وردا وماء
قد تمنحني العذراء
عصارة نخلة سامقة
أنتبذ من فيئها
عتبة قصّية
لأشرب نخب الغابرين
وألمح حدائقا في السماء
مظلّلة بشحوب حبيبي
والغياب
فتطول المسافات
أهجس في سرّى
كيف نعبر أحزاننا
وكيف نمنح الليل ومض جنوننا
لتسطع نقطة النور
تضيء ما بأنفسنا
هناك في المدى
ترقص نجمة
وترشق دروبنا وردا وياسمين
ثمّ تغفو بين كفين
وأبصرني على جدار العمر
أنحت الوقت
وفي أرض الموعد
أزرع ترجّعي
حتّى أينعت عناقيد الإنتظار
في يديّ
وصار للقمر أصابعا
على كفّها تقتات روحي
حبيبات ضوء
فتزهر دمائي بين العتمة والنور
ويرتفع الطلع
حيث الكواكب
وفي الكواكب أغنية تهاتفنا
تهدي لنا بدايات النهار
فنزداد إتّساعا
بين الأرض والبحر
ونحلم
نحلم
أن تكون لنا أجنحة
لنعانق طفل لنا ...في الأفق
والسماء هناك، خلف الضباب
تطلّ على وجوهنا الخائفة
فنرحل في الفصول
نرسم مركبة لنعلوا
نرسم مملكة
ووطن
نرسم نخلة ثابت، تتسلّقنا
وتنتهي المسافات عندنا
كلّما كبرنا في الغربة
تتسع البلاد بدمعتنا
فخذني حبيبي إلى الضوء
لا شيء الأن يعيد لي نجمة
احرقتها طقوس، الأغريق
هيّا، لنغني إلى آخر المحطّة
قد نزلت آلهة الحبّ
وبللت شفاهنا بالقبلات
قبل أن نعود معها إلى السماء ...
لا شيء حبيبي يخلّدنا إذن
سوى، أصابع تحفر التاريخ
على آنية من خزف
لا شيء حبيبي الآن يبكي علينا
سوى رائحة التراب
بعد المطر .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سليمي السرايري
مشرفة
سليمي السرايري


عدد المساهمات : 247
تاريخ التسجيل : 08/07/2008

تطلع لمصالحة وجه المرآة: حلم Empty
مُساهمةموضوع: الرد   تطلع لمصالحة وجه المرآة: حلم Empty1/4/2009, 00:18

سامي البدري...صديقي الناقد..

فاجأتني دراستك لنصّي (قد تجيئ مريم)
وقد تجيئ من مريم كلّ هذه الرموز التي حمّلتني مسؤولية
أخرى على عاتقي وهي :
لا للنّزول عن مستوى معيّن
بل الصّعود الى الأعلــــــــى.
سيّدي النّاقد..القدرة على تحمّل الجدب موقف انساني صامد
..قويّ..شجاع...وصبور.
والخصب وجه آخر للمرأة وللرجل..وحفر
في ذات الإنسان عموما..
فالخصب شيئ نابع من الجمال وليس بالإنجاب ققط.

الارض والمرأة
:

كلاهما الأم الحقيقيّة للخصب..وإن عرّجت في البداية على
(تموز) (ادونيس) اله الأرض أو الخصب فهذا في الحقيقة
لأبدي غايتي للإنفتاح والتّحرر أحيانا... وأحيان أخرى التّحفّظ
الى أقصى الحدود إشارة الى (مريم العذراء).
صديقي النّاقد..دراستك وجهة نظر عميقة ..
وقدرة على تحليل أدقّ التّفاصيل وإن كانت نظرة خاصّة
يختلف عليها الاخر.
شكرا مرّة أخرى لإضاءة قصيدة تبحث لها عن وطن من نور.
سلمت لنا صديقنا سامي البدري
احترامي وتقديري.

التوقيع الشمعة
تطلع لمصالحة وجه المرآة: حلم 647836image
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تطلع لمصالحة وجه المرآة: حلم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مدارات :: مدارات نقدية :: مدار النقد-
انتقل الى: