الدورة التاسعة للملتقى الوطني للمبدعات العصاميّات في التعبير التشكيلي بالمنستير/ تونس
تونس" جريدة الوسط اليوم الفلسذينية " فوزي الديماسي:
تحت اشراف السيد وزير الثقافة و المحافظة على التراث التونسي ، و برعاية من المندوبية الجهوية للثقافة و المحافظة على التراث بالمنستير ( الساحل التونسي ) نظّم المركب الثقافي بمدينة المنستير الدورة التاسعة للمبدعات العصاميّات في التعبير التشكيلي . وهذه الفعالية الثقافية الوطنيّة باتت محطّة مهمّة في المشهد الثقافي الوطني و خاصة التشكيلي ، باعتبارها نافذة على فنّ التعبير بالألوان
و الملتقيات المختصّة في هذا الفنّ قليلة على امتداد الوطن وبذلك أصبح المركب الثقافي بالمنستير منارة في هذا المجال ، و من جهة اخرى يعدّ تخصّص هذا الملتقى في ابداعات المراة و خاصة العصامية أمرا يحسب للقائمين على هذه الفعاليات التي أصبحت تمثّل وطنيّا محطّة سنويّة يطّلع من خلالها عشّاق هذا الفنّ على ىخر ما انتجت المبعات .
التشكيليّات العصاميّات أكّدن على امتداد تسع دورات بما لا يدع مجالا للشكّ على جميع الاصعدة بأنّ الفنّ بمختلف فروعه هو موهبة او لايكون ، امّا الدرس الاكاديمي و العمل الاكاديمي فلن يصنع بمفرده فنّانا إذا غابت الإستعدادات الفطريّة . و قد ساهم هذا الملتقى من موقعه في نشر ثقافة الفنون التشكيليّة في ربوع المحافظة كما عرّف بأسماء لفنّانات لولا هذه المحطّة لكان التعرّف على انتاجاتهنّ امرا عسيرا . و بهذه المناسبة الثقافية المتميّزة شهد المركب الثقافي أنشطة متعدّدة انطلقت بورشات " فضاءات التعبير التشكيلي الحر" منذ صبيحة يوم الجمعة 06 فيفري 2009 و قد أشرف الفنان علي البرقاوي على ورشة الفسيفساء وورشة اللون والمفردات التقنية بإشراف الأستاذ سامي بشير وورشة النحت والتعبير الثلاثي الأبعاد ويشرف عليها الأستاذ سفيان سليم. كما افتتح عشيّة ذلك اليوم السيد وزير الثقافة و المحافظة على التراث معرضا جماعيّا بعنوان "أبعاد و رؤى جمالية" في فضاء المركب الثقافي
كما شهدت سهرة الخميس 05 فيفري 2009 تنظيم لقاء مع المبدعات تحت عنوان " البحث عن الذات من خلال تعدد الإبداعات والصيغ التشكيلية . و في سهرة الجمعة 06 فيفري 2009 قدم الفنان إبراهيم العزابي مداخلة بعنوان " من الهواية إلى الاحتراف" عرّج فيها على تحديد مفهوم الفنان العصامي و قد جاء على لسانه تعريفا بالعصامية :" ذلك لفنان الذي لم يقم بدراسة أكاديمية" كما أكّد في معرض حديثه على " أن الدراسة الأكاديمية لا يمكنها أن تصنع فنّانا، غير أنه يُحبّذ أن يكون الفنان دارسا يجمع بين الموهبة و الدراسة " و قد عدّد في هذا السياق بعض التجارب التونسية في هذا المجال مثل الفنان بغدادي شنيتر القادم من الجنوب التونسي و الممارس لمهنة تزويق الأحذية وإلى جانب ذلك كان يرسم مواضيع تتعلق بمشاهد الطبيعة و الحياة الريفية
و في مرحلة لاحقة اتخذ من الصور الشمسية المتضمنة لمجموعة شخوص في ذكرى عرس مثلا ليرسمها بكل أحاسيسه، وهذا ما جعل البغدادي يتميّز عن غيره في الرسم العفوي ، كما تتطرق المداخل إلى الحديث عن أشهر فنانة عصامية في تونس و هي محرزية الغضاب و هي من عائلة فنيّة مثلما أكد العزابي مضيفا بأنها ترسم الحياة اليومية بعفوية كبيرة و بمقاييس قريبة شيئا ما من الصحة و لعلّ ما جعل رسومها مقبولة لدى المتلقّي هو امتلاكها لقدرة التكوين فوق المساحة، و كل لوحة لدى محرزية الغضاب لها مضمونها الخاص، فهي تحكي ظرفا معيّنا أو حدثا أو قصة خياليّة أو واقعية. كما عرّج في حديثه عن تجارب الفنانين العصاميين على الفنان الذي يعتبره رمزا لما وصل إليه العصاميون وهو نجيب بلخوجة الذي لم يتلق أي دراسة أكاديمية في الفن لكنه كان عارفا بخبايا الرموز والخط والهندسة، و يضيف العزابي بأنّ بلخوجة كان عصاميّا وقد كان يتنقل بين أوروبا وتونس و توصّل إلى ابتكار لغة خاصة به باستناده إلى المشاهدة والمطالعة والتحليل. أمّا عمار فرحات فيعتبره العزابي من أشهر وأهمّ رواد الرسم في تونس وقد استوعب التقنيّات المختلفة بالممارسة وبموهبته وشغفه بالفنّ تمكّن من خلق عالم خاص به نجد فيه العفوية و القوة و الدقة. و كان له طريقته الخاصة في التكوين حيث نجد عشرات اللوحات يرتكز فيها التركيب على كيفية وضع ثلاثة أشخاص من الشخوص فوق مساحة، كما يعمد إلى وضع مجموعة كبيرة من الشخوص فوق مساحة ويجد لها الحلول في البناء و التلوين. ومن بين الرسامين الذين فرضوا فنّهم أيضا الفنان الناصر بالشيخ الذي درس تاريخ الفن والجماليّة لكنه لم يتلق تكوينا أكاديميا في الرسم. وكذلك لطفي الأرناؤوط. كما تطرق في جانب من مداخلته إلى تجربة الفنان الراحل علي الرياحي الذي مارس التلحين دون أن يكون له أيّ تكوين فيه لحّن على السليقة وقدّم عديد الألحان الجميلة التي مزجت بين الطابع التونسي والنغم الشرقي. كما كان للمداخل وقفة مع تجربة النحات الطيب ابن الحاج أحمد. وختم مداخلته بسؤال يفتح الباب واسعا لمداخلات أخرى في التجربة العصامية في تونس حيث قال: " إنّ سؤالنا هو: كيف نمر من الهواية إلى الاحتراف؟ إن كنّا نعلم أن العصامية هي الاعتماد على النفس في الدراسة والتكوين والممارسة فما هو مفهوم الاحتراف؟.
و في حفل الإختتام تمّ تكريم المشاركات وتوزيع اللمسة العصامية التي كانت هذا العام من نصيب كلّ من: أمال التونسي ومريم حدوسة وعائدة الكشو وسعدية جرادي وزهرة فرحات أثّث هذه الامسية الفنان محمود فريح مصحوبا بتخته " فرقة السباب للموسيقى العربية بالمنستير"
2009-02-09
الرئيسية 