مدارات
مدارات
مدارات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مدارات


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 انفلونزا الكليبات

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فوزي الديماسي
روائي و ناقد



عدد المساهمات : 30
تاريخ التسجيل : 13/02/2009

انفلونزا الكليبات Empty
مُساهمةموضوع: انفلونزا الكليبات   انفلونزا الكليبات Empty14/2/2009, 13:12

انفلونزا الكليبات
فوزي الديماسي / تونس
جريدة الحقائق " الحقائق الثقافية "
نافذة " الإتجاه المشاكس "
15/03/06

بين الفن و الخطل خيط دقيق رفيع ، وبين الإبداع و التهافت أمور متشابهات ، و من بين شقوق المتشابه طلعت علينا في عالم نسميه اليوم تجوّزا عالم الفن آلاف الأسماء و الأغنيات أو هكذا نسميها تفاؤلا و في القلب حسرة على ما فات .
فبالأمس تربّت ذائقتنا على الرحابنة و السيدة فيروز و الصبّوحة و وديع الصافي و صباح فخري و غيرهم من الأهرامات الفنية على امتداد الوطن العربي التي ملأت الدنيا و شغلت الناس إلى زمن غير بعيد ، و كان فنهم علاوة على الإطراب رسالة تنمّي الذوق الفني لدى جمهور المتلقين و تبثّ فيهم رسالات وطنية و قومية و هذا مرسيل خليفة شاهد على صحة قولنا ، و كانت أغانيهم تجمع بين الإمتاع و التثقيف و التعبئة ، و تحضرني هنا أغنية للفنان محمد عبد الوهاب تلك التي يقول فيها ” جايين للدنيا ما نعرف ليه ” أغنية على بساطة كلماتها تطرح قضية وجودية تربّي في الناس فتنة السؤال أو فتنة التفلسف كما يسميها الفيلسوف هايدغار و الفتنة هنا بمعناها الإيجابي ، فالفن الغنائي على أيام كوكب الشرق و نجاة الصغيرة و وردة الجزائرية و عبد الحليم حافظ كان رسالة خالدة تطرح قضايا و تزكّي الناس و تربيهم على قيم الحبّ و الخير و الجمال و الذوق الرفيع ، هذه الأصوات الناطحات السحاب كانت سببا مباشرا في الترقي بالجمهور من خلال ما تصدّره للناس من روائع فنية على جميع المستويات .
و مع عصر الصورة و انتشار وسائل الاتصال من انترنيت و فضائيات خرجت علينا أصوات مشوهة هزيلة تحكي انتفاخه الأسد ، فانسحب علينا نحن جمهور المتلقين مع هذه الفقاقيع الفنيّة قول كوكب الشرق : ” يا فؤادي لا تسل أين الهوى ، كان صرحا من خيال فهوى ” فبات الصوت الشجيّ و الكلمة الراقية و اللحن الرقراق في حكم الديار المهجورة مثلها كمثل طلل درس ، و لم يبق فيها بعدما كانت آهلة بالأحبة سوى ترجيع صدى لأيام خلت .
و دشنت بذلك الكليبات عصر الميوعة و التهميش ، و طفق العراء و الابتذال و الإثارة المجانية يغزون آذاننا و عيوننا و بيوتنا و أخلاق أبنائنا ، إنه تسونامي فنّي أتى على الأخضر و اليابس نسأل الله السلم و السلامة . إنه الطوفان الجارف لكل شيء : للكلمة الجميلة الهادفة ، و للحن الصقيل ، و للأداء الرائع ، و لقيمنا العربية الأصيلة و لمفهوم الحشمة و الاحتشام .
إنه الطاعون ، لقد حلّ بمفاصل الأغنية العربية فأصابها بالترهل و فقدان المناعة و قد بلغ عدد ضحايا ” أنفلونزا الكليبات ” آلاف الآذان و آلاف الأذواق ، و استغربنا لتهاون الوزارات المعنية القائمة على الشأن الثقافي ، إذ أنها لم تنسج على منوال وزارات الصحة فحرقت كل الكليبات أسوة بحرق الفراخ تحسّبا و حفاظا على جمهور المتلقين من سيل جارف لخصوصيتنا الحضارية و الثقافية و الخلقيّة .
ذهبت كل القيم الفنية أدراج الريح ، و غيّر بالتالي طاعون ” انفلونزا الكليبات ” الخارطة الفنية علاوة على المساهمة بالقسط الأوفر في تهديم صرح فّننا و تهميش شبابنا المدجّج بالإنبهار الهدّام . فبالأمس كان مقياس الجودة في عالم فنّي يحترم الكلمة و الأغنية و الجمهور قائما على ثلاث أعمدة لا رابع لها ” الكلمة / اللحن / الأداء ” و اليوم في زمن الإنبتات القيمي و القيمي، في عصر الفضائيات المتبرجة استبدلت الأعمدة بأعمدة أخرى ” العراء / الإغراء / الصخب ” أما الكلمات و اللحن و الأداء أصبحت أشياء لا ذكر لها و نسيا منسيّا ، إن هذا الداء القاتل انفلونزا الكليبات فعل بأذواقنا و قيمنا ما فعله الاستعمار بديارنا و شبابنا، و رغم ذلك لا يزال المتلقي العربي مقبلا على مثل هذا الفن الهابط رغم تيقنه من أنّ الكليبات أو الأغاني المصورة سلع فاسدة قد تجاوزت مدّة صلاحيتها ، نسأل الله العفو و العافية و نطلب من أحد زبانية هذا الفنّ السقيم على لسان هيفاء و هبي ” رجب حوش صاحبك عنّي ” و صاحبه ها هنا هذا الغناء الكريه من عدة زوايا نحصرها في زاويتين : زاوية فنّية و زاوية أخلاقية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
انفلونزا الكليبات
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مدارات :: مدارات متفرقة :: مدار المقالات-
انتقل الى: