بطاقة حبّ لغزّة
مــــن
الفضاء الثقافي التونسي ببئرالحجار
و فضاء المدينة حبّي
انّه مساء السبّت الثالث من شهر جانفي 2009-
المكان هو الفضاء المذكور أعلاه ، مع الفرحة التي انتابتني ، أحسست
بغصّة في الحلق : ليت هؤلاء الأطفال لم يأتوا في هذا العصر ...
ليت هؤلاء الزّهور لم يزهروا الان و هنا ، في زمن النكبات و الدّم
أطفال تتراوح أعمارهم بين الثلاثة أعوام و الحادية عشر ، هم فعلا
بعمر الزّهور ، كان الشاعر الهادي الدّبّابي ، يحاول أن يدخل عقولهم
البريئة ، لماذا نقف نحن دقيقة صمت اجلالا لأطفال غزّة ...
هم اخوتكم في مثل أعماركم و أصغر و أكبر ، يموتون هناك في فلسطين
و في العراق ، أتعرفونها ، هناك من همهم بنعم و هناك من ظلّ ينظر
في الفراغ ، لطفولته أن تسرح به حيث الأمان ، هذا المهرجان الذي امتدّ
منذ 30 و 13 ديسمبر من العام الفارط و حتّى هذا المساء 3 جانفي 2009
هي أيّام حاول فيها هذين الفضاءين القيام بعمل تحسيسي ، تضامني مع الأطفال و من
الأطفال و قد نجحت التظاهرة فعلا و توّج العديد من الأطفال في الرّسم
و تصميم المعايدات و ورشة العمل الحرّ و الكلّ كان موجّها إلى غزّة أرض
الكرامة و العزّة ....
كان أصغر الأطفال ، بلال عمره ثلاث سنوات ، نابغة ، رسم غزّة كما
هي في عقله الطّفل ، ستشرق شمس غزّة ، ستشرق شمس غزّة ...
يا خويوتي القلب موضام
نبكي على حد غايب
لاش في برّْ الأسلامْ
لا عزّوا صغيرْ وْ لا شايب
رايْ ليكْ يا ساكنْ الوديانْ
وعدة منْ وعداتْ العقَلْ سالبْ
عودْ الكْرَمْ علاشْ ينذَمْ
وارْضْ البورْ علاشْ يحرثوها
وارضْ الرجالْ الصّناديدْ
علاشْ العلوجْ ايجوها
كانت هذه الكلمات المهذبة من التراث التونسي من طرف مخرج المسرحيّة " البدوي"
الطاهر عبيد و بصوت الفنانة القديرة التي حملتني إلى سهول و فيافي
الكاف بصوتها الرقراق " زكية الجريدي" و تساءلت فعلا :أرض الجود
و الكرامة لمَ تداس هكذا ...
ووجدتني أعود لعالم الطفولة و البراءة مع الطفلة " لبنى النبّولي"
ذات الاحدى عشر ربيعا وهي في عزفها المنفرد على البيانو ، تحاول
ايصال أغاني فيروز الينا و قد نجحت في ذلك أيّما نجاح و لكن المفاجأة
الحقيقة كانت مع سيف السرايري ذو السادسة عشر ربيعا أو أكثر بقليل
كنت أسترجع ألحان فريد الأطرش و أسرح مع نغمات نصير شمّة و هو
يمزج الدبكة العراقية بايقاع غربي ، و كان كلّه على العود " الله بالخير
يا مدينة بغداد " هي نغمة عراقية ، كان من المفروض أن يصاحبه فيها
كمنجاتي و لكنه أبدع فعلا في موسيقاه ، قال لي : كنا دائما ننهي الوصلة
بالنشيد الوطني العراقي ...
ولولا الحزن و أخبار الاجتياح البرّي لكانت من أحلى الأمسيات البريئة
و الحالمة ، فشكرا للفضاءين المذكورين و للشاعر الهادي الدبّابي و الشاعرة
و الرسّامة الأكثر جنونا التي عرفتها تركية النّاقة و لمدير الفضاء الثقافي ببئر
الأحجار ، الفنان اكرام عزوز على كلّ شيء...
كم أنا سعيدة بأطفالنا ، أكبادنا و هم يتلمسون طريقنا بعفويتهم و أحلامهم
يا ربّ يكون الغد لهم جميعا من المحيط إلى الخليج
و تبقى غزّة الحلم و الكرامة مضويّة على الدّوام