من كف حواء تدحرجت تفاحة البدء: الكلمة انثى
قراءة في قصيدة (القول قولي) للشاعرة فتحية الهاشمي
سامي البدري
على أسوار الحكاية الاولى، كان الزمن معطلا... او مهملا، ان توخينا الدقة.. كان آدم مازال منتشيا بوجوده، عندما بدأ يفتل أول خيوط أوهام مجده.. كان وحيدا، وللوحدة نصيبها في رسم حدود الخيال. على الجانب الثاني من وجه الحكاية، كانت حواء ترقب اواره بصبر وشهوة ... وحنو ايضا وهي تردد في سرها: الكلمة انثى يارجل، بها ساشكل ملامح خيالك، ومنها سأصنع لك شخصك وتأريخك: فالقول قولي! كما تقول الشاعرة فتحية الهاشمي. مثلما للرجل ادعاءاته فان للانثى ادعاءاتها..، ولكن ميزة الانثى انها لاتنكر توقفها عند مفترق الكلمة، التأريخ، الذاكرة ، وهلوسات ما قبل النوم لتعلن انها جزء من دورة اكتمال الحسابات التي يراوغها آدم ويرفض الاعتراف بوجودها... الا في لحظات الضياع ما بين (السرة والنهد) بحسب توصيف الشاعرة فاطمة بن فضيلة..
من قال
إنّي درّبت كفي
تجتر لمسك
عند افتضاح الظلام
ودلّيت عمري
تمسّك بريح الخزامى
تأرجح
قليلا / قليلا
ها قد أزهر
بكفك
عنّاب شعري
صرت َ الجديلة
لا خطيئة على فاتورة الجسد، بحساب حواء، الا في حدود الدلال والغنج والممانعة (المفتعلة) التي لا يتعدى دورها دور التوابل التي تمنح قرص البيتزا مذاق اشتعاله! وهي جزء من تكوينها الفطري، الواقعي لا الافتراضي، ولها فيه اعتراف وان بطنته احيانا وانكرته احيان اخر!
من قال
اني دربت كفي
تجتر لمسك
عند افتضاح الظلام
صيغة السؤال الموارب محملة باعتراف واضح الهيئة، وان حاول ادغام صراحة ملامحه..
ودليت عمري
تمسك بريح الخزامى
وهذا ليس غير تأكيد على الاعتراف بتدريب اليد اختيارا ورغبة........... وقبل اندلاع الظلام وافتضاح اسراره، من خلف ستارة الخصف!
تأرجح
قليلا / قليلا
ها قد أزهر
بكفك
عنّاب شعري
صرت َ الجديلة
البدائية احد اهم شروط الارتكاب الشعري.. هل يحتاج الشعر الى مرجعية معرفية؟ أشك في هذا.. وهذا ما تؤكده الشاعرة الهاشمي في المقطع السابق، على مستوى التنظير للعملية الشعرية اولا، والفعل القائم ثانيا ، وهذا ما تعبر عنه الشاعرة الهاشمي ب(اعترافها السابق)، على المستوى الايغالي في ربيع معظلة الجسد بقولها..
ها قد أزهر
بكفك
عنّاب شعري
صرت َ الجديلة
في لحظة الايغال في بهجة الجسد، تقرر الشاعرة البوح دون تردد ونفض غبار التراكمات عن اوراق تاريخها الانثوي (هل كان علي ان اقول عن مصيرها الانثوي؟) والاعتراف بكل (اوهامه) كحقائق ومتطلبات فرضها ويفرضها تكوينها كانثى.
من قال
إن القطا
تنقر حبّا من كتفيّ
تستدل على نار البداوة فيّ
تعرف أنى
تعرّيت مني
كي أخصف من رخام يديك
على ما تبقى
قليلا / قليلا
هنا يتحول البوح الى اعتراف تقريري..
تستدل على نار البداوة فيّ
تعرف اني
تعريت مني
كي أخصف من رخام يديك
على ماتبقى
قليلا/قليلا
الشاعرة هنا تستخدم البداوة (كمصطلح شعري) جامع لكل ما يترتب على ما اشرنا اليه بالبدائية او مواجهة الذات بحقيقة الجسد واستحقاقاته التي ينكرها عليها نظام بطريركية الرجل بقيمه المصطنعة.. ، وهذا ما يخص الجانب الفكري، اما على الجانب الفني فان صيغة التساؤل التي تستثمر فضاءاتها واحالاتها، في بداية كل مقطع من مقاطع القصيدة، فانها تأتي كمواربة (انثوية) اخرى، تحاول من خلالها تعليق او تأجيل (اعترافها) برغبتها ، الانثى في الشاعرة، (وهي صفة عامة في حواء – كل حواء أعني) .. الى متى ياحواء الهاشمي؟ سأتجرأ لاجيب أنا: لحين سماعنا لانين الشراشف وهي تلامس عري الانوثة!!
وهل كتمت يوما، شراشف سرير الحب، انينها وهي تلامس عري الانوثة؟ أعتقد ان الاجابة تختصرها لنا الشاعرة فاطمة بن فضيلة بقولها: حين تتوق الانثى تتعرى للمرآة! (قصيدة نورس البلور التي سبق وان كانت لنا بعض كلمة في فضاءاتها) .
العري لغة، أبجديتها شراشف تنزلق الى مهاوي الارتعاش، وأساور من فضة المرايا... اذ تحاور الجسد وتتوق الى عناقه... مهلا!
من قال ان المرايا ليست من زجاج عيني آدم؟
الشاعرة الهاشمي تكاد تحاذي مثل هذا (الافتراض) اذ تقول..
... تعريت مني
كي أخصف من رخام يديك
على ما تبقى... قليلا.... قليلا!!
وهل رخام يدي آدم يخصف على عري الانوثة بغير نظرة الشبق اذ تندلق من عينيه؟
لا أحد يقول غير هذا ياانثى فتحية! لان ما تبقى تحت شراشف سرير الحب لاينطق الا بكلمة نداء واحد: خذني بسورة جنونك يااعصارا اتوق لهزة غضبه لتعيد لاصابعي طعم ملامسة شراشفي!!!
لنبقي شراشف السرير مسدلة على عري تلك اللحظة... ولو للحظة اخرى تعتمل في جسد/نفس/قلب/رغبةحواء..
من قال
اني بدأت الرحيل اليّ
أسريت من باطن كفك
الى قبلة غافية
كطير السنونو
على شفتي
خذها ودعني
كسواد خالك
على شفا شفتيك
أسيل!
ألم أقل لكم ان نبقي شراشف السرير مسدلة للحظة!! من أسقطها يا فتحيةلتواجهنا بعري تلك اللحظة؟ الشاعرة الهاشمي تجيبنا: لحظة التوق في جسدي! انها لحظة بدئي الرحيل اليّ ياآدم!
(اذ) أسريت من باطن كفك... الى قبلة غافية ... أشتهيها!
خذها! خذها! ودعني،
كسواد خالك،
على شفا شفتيك أسيل!
يااااااااااااه يافتحية ما ابهى هذه الصورة! أكاد أقول اني أتذوق الان رضاب هذه القبلة وهو يسيل الى جمرة الرعشة في الجسد!
من قال
اني البحر
وكل الماء تفرع مني...؟ (انثى فتحية لايكفيها هذا)!!
اني الغيوم
اني المطر
واني لما هطلت على ساعديك
أضعت اليك السبيل!
هل ثمة ما يمكن ان أقوله عن حريق الشراشف، اذ يلتهمها اوار ذروة الرعشة؟ هل سمعتم عن مطر يحرق شراشف سرير الحب، وعن هطول يضل بوصلة الجسد؟ هي لحظة غيبوبة... الغيبوبة الكبرى! الغيبوبة في رعشة الجسد او العودة اليه والانصهار فيه! لن ادعي لتفسي القدرة على فك رموز واشارات تلك اللحظة، لاتها تحس وتعاش وتستعصي على كل وصف... انها حالة احتراق واختراق لقوانين فيزياء الممكن واللاممكن وما يجب وما لا يجب وما يستعصي على تفسير انزياحاته... انها لحظة الضياع والسباحة خارج حدود الزمان والمكان... لحظة قطف نجمة من سماء ثامنة معلقة دائما هناك... في سماء سرير الحب وتظلله بحنو حيث لا لغو ولا تأثيم!!!
من قال
أن الشراشف نامت
و أنت معي
كانت تئن / كادت تجنّ
من ملمسي
ألقت بظلها على جسدينا
أضحت من الوجد
هي الفتيلة!
وهذا ما اكدته الشاعرة في هذا المقطع.
من قال
أني اللغة البكر
وائتلاف القوافي
أنا قلت
أنا كل ذاك وأكثر
أنا الحَبّ وطير القطا
و ليل اشتهائك
و شرشف
سال على كاحلي
كقطعة سكّر
أنا البيت / أنا المنفى
و كل الثنايا
تؤدي إليّ
فلا مهرب مني
إلا إليّ
لأنّي البطن و كل القبيلة .....
وها هي الشاعرة تختتم القصيدة بحكمها القاطع وتبنيها لقرار الفعل ببسالة ملكية دون خوف او جل من محظور او محذور خلقته اوهام وأساطير آدم في عزلة ما قبل الخروج وخارج ظل السقيفة: أنا قلت!
من قال
أني اللغة البكر
وائتلاف القوافي... (فقط)
وسأضيف انا القاريء عليها، بحسب قراءتي طبعا..
والكلمة لي!
كان هذا توكيد سابق مني على اعلان الشاعرة وصرختها اللاحقة او بمعنى ادق قرارها..
انا قلت!!!!! والكلمة لي!
أنا كل ذاك وأكثر
أنا الحَبّ وطير القطا
و ليل اشتهائك
و شرشف
سال على كاحلي
كقطعة سكّر
أنا البيت / أنا المنفى
و كل الثنايا
تؤدي إليّ
فلا مهرب مني
إلا إليّ
لأنّي البطن و كل القبيلة .....
الم اقل لكم ان الكلمة انثى! وان تفاحة البدء تدحرجت من كفها! وان كل ادعاءات آدم هي محض أضغاث احلام انكساره على عتبة الغرور الذي صنعته له حواء بارادتها وبرغبة منها؟!لان حواء (الانثى) هي: البطن وكل القبيلة! وان كل الثنايا تؤدي اليها!
ماذا بقي لك ياآدم في ساعة حصارك هذا؟
الهبوط الى جنة حواء ما اقترحه على نفسي، ولغيري ان يختار لنفسه ما يشاء، لان كل الثنايا تقودني اليها، مهما ادعيت لنفسي!!!
القول قولي
فتحية الهاشمي
من قال
إنّي درّبت كفي
تجتر لمسك
عند افتضاح الظلام
ودلّيت عمري
تمسّك بريح الخزامى
تأرجح
قليلا / قليلا
ها قد أزهر
بكفك
عنّاب شعري
صرت َ الجديلة
++++++
من قال
إن القطا
تنقر حبّا من كتفيّ
تستدل على نار البداوة فيّ
تعرف أنى
تعرّيت مني
كي أخصف من رخام يديك
على ما تبقى
قليلا / قليلا
+++++++
من قال
أني بدأت الرحيل إليّ
أسريت من باطن كفك
إلى قبلة غافية
كطير السنونو
على شفتيّ
خذهــــا و دعني
كسواد خالك
على شفا شفتيك
أسيل ...
+++++
من قال
أني البحر
و كل الماء تفرع مني
أني الغيوم
أني المطر
وأني لما هطلت
على ساعديك
أضعتَ إليك السبيل ...
+++++++
من قال
أن الشراشف نامت
و أنت معي
كانت تئن / كادت تجنّ
من ملمسي
ألقت بظلها على جسدينا
أضحت من الوجد
هي الفتيلة ...
+++++++
من قال
أني اللغة البكر
وائتلاف القوافي
أنا قلت
أنا كل ذاك وأكثر
أنا الحَبّ وطير القطا
و ليل اشتهائك
و شرشف
سال على كاحلي
كقطعة سكّر
أنا البيت / أنا المنفى
و كل الثنايا
تؤدي إليّ
فلا مهرب مني
إلا إليّ
لأنّي البطن و كل القبيلة .....