مدارات
مدارات
مدارات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مدارات


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 قصة بعنوان ( طفل بصحن هريس) وفاء عبد الرزاق

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
وفاء عبد الرزاق
أديبة



عدد المساهمات : 5
تاريخ التسجيل : 05/12/2008

قصة بعنوان ( طفل بصحن هريس)    وفاء عبد الرزاق Empty
مُساهمةموضوع: قصة بعنوان ( طفل بصحن هريس) وفاء عبد الرزاق   قصة بعنوان ( طفل بصحن هريس)    وفاء عبد الرزاق Empty9/12/2008, 00:06


(طفلٌ بصحن هريس )



ليت كل التراب يصبح عشباً وليت الرمل قمحا .

ثلاثة أطفال وامرأة، ثلاث بنات وعويل، أربعون هيكل عظمي وصحن ُرزّ، ألف رمقٍ ٍ بقطرة ماء.
مثلما يحدث مع أي شاعر حين يبحث في " كوكل" عن عنوان يحتاجه كنتُ أبحث في جهاز الكومبيوتر خاصتي عن وجوه نساء عراقيات، حقاً كنت بحاجة لأم .
لا أريد أية أمّ بل أمـِّي الشجرة، وجدت يدي غاصت في بحر البحث ، موقع يفتح لي صدر جدة مسنّة أرفضه ، لا أريد أية جدّة بل أريد جدتي السنبلة .
موقع يفرش لي بيت خالة بعباءة ووشم، لا أريد أية خالة بل أريد خالتي النخلة، موقع يفتح لي قلب عَمـّة أرفضه لا أريد غير عمَّتي القمحة .
رفضتُ الخالات والعمـَّات، رفضتُ كل النساء المتشحات بالسواد المرتديات جوعهن والمتبرِّجات بزينتهن رفضت كل ما يدعو للأنوثة وصرخت :
- أريدكِ أنتِ أمــِّيَ الأرض .
بحثتُ عنها كثيرا وليتني لم أفعل . أعرف فضول يدي الجادّة حين تشتعل بالبحث عن فضيحة كونية أو عن فضيحة إنسانية .
ليلتها لم أعرف نفسي، مَن أنا ومَن أكون، ليلتها أصبحتُ سماءً تثرثر دموعها وتنتحب .
لستُ نائمة لكن لابد من أخذ قسط من الراحة، كيف أعتذر لصديقتي عن عدم حضوري دعوتها لوليمة عشاء مع زوجات كبار شخصيات البلد .
تغلـَّب عليّ التعب والإرهاق والقهر ونمتُ نصف ساعة، بعدها صحوت مسرعة أستعد لأكون بوجه مطليّ بالأبيض والأحمر، يعني أخدع نفسي قبل خداعهن لي بحُلي براقة وقلوب طريـَّة وعقول تافهة، لا أجمع حاشا لله فبعضهن لهن هدوءاً وحشمة .
ارتديتُ ثوبا ونزعته ارتديتُ رابعاً وخامسا، لم أكن راغبة بالبهجة لكن ما العمل للضرورة أحكام .
بداخلي خيبة ثقيلة، هذا واضح من فتور ابتسامتي في وجه مضيـِّفتي والحاضرات، ضحكتُ معهن لمُزَح ماجنة اخترقتني سكاكينها وسخرتُ من شفتي بسبب طاعتها لتوافه الحياة .
ثلاث ساعات كدهر، أنقذتني الخادمة وهي توشوش لسيدتها، لم ندر ما قالت لكن فهمنا من دعوة السيدة لنا إلى العشاء .
ما شاء الله عامر البيت بأهله أزادكم الله من خيره، قلتها بصدق نيـّة لأنِّني أحب السيدة وأحترم مواقفها الإنسانية .
دارت الشوَك والملاعق وكؤوس العصير وتسابقت الأيدي بما لذ وطاب. إلاَّ أنا تجمدتُ بمكاني حين شاهدت هيكلاً عظميَّاً لامرأة من أفريقيا حبا على طول المائدة خائر القوى يدور حول الأواني ولا يقوى على مد عظام يده لتتسابق مع الجميع .
لاحظتْ المضيـِّفة صحني دون أكل أخذته لتصبَّ من القوزي على الرز المحمـَّص والمعطر بالزعفران، سحبتُ الصحن من يدها بقوة :
- لا أريد لحم الخروف، أدركتُ غلطتي وقدمتُ عذرا يقنع الجميع بارتباك معدتي من اللحم . رأيت طفلة لبنانية مشويِّة محمَّصة محاطة باللوز والفستق، قلت في نفسي:- لا حول ولا قوَّة إلا بالله .
لكن السيدة لم تتركني لحالي رضختُ لإصرارها وقبلت منها صحن "شاورمة" بالخضار والبطاطس، حين غرزتُ الشوكة نبتتْ شريحة من لحم كف مهروس بقذيفة وقعت في سوق شعبي في بغداد .
ذكرتُ ربـّي وكدتُ أفرغ ما بمعدتي رغم فراغها، شعرتُ بمغص شديد يهرس أمعائي .
هم يضحكون ويتبادلون ورق العنب والدجاج ، غريب أمرهم ألم يروا ألأطفال انتشروا في المكان ازدحموا حولي وحولهم، لماذا أنا فقط أراهم هل هذا عقاب لي كوني تفرجت على صورهم في الكومبيوتر ؟
جلستْ صديقتي المضيـّفة بمحاذاتي : اليوم أنتِ على غير عادتك ألم يعجبكِ طبخنا ؟
خجلت: حاشا لله يا عمري، معدتي مرتبكة اليوم وهذا من سوء حظي .
- إذا سأجلب الهريس .
لجم فمي كلامها بينما هي برقـَّتها ملأت الإناء"بالهريس"وقدمته لي .
تجمع الأطفال كلهم حولي وصارت المائدة شاشة كومبيوتر، هنا طفلٌ مشويّ، هنا رضيع يسبح بالمرق ، هناك مسنٍّ ينام بصحن الفاكهة ، لحم طازج خرج توه من المحرقة، من النار، من القذائف، من الأنقاض .
انتبهتُ للمضيـّفة تهز كتفي : تفضلي والله أطيب هريس .
الملعقة بيدي اليمنى وباليسار الصحن ، طاولة الطعام جهاز كومبيوتر، شاشات تلفاز، لم أذق الهريس، لمستُ في أطراف الملعقة ريش نسر شاهدته في إحدى الصور يتربص لموت طفل أفريقي حبا زاحفا على رأسه قاصداً خيمة الإغاثة ، عاينتُ موضع إناء الهريس على الطاولة رأيت الطفل ذاته خرج منه وانكبَّ على أطراف الإناء غير قادر حتى على لحس إصبعه، نظر إليَّ بعين ساح منها سائل الهريس، ونصف عين مملوءة بالحبِّ غير المهروس .
صرختُ مفزوعة، ركضتْ خلفي مديرة المنزل ورشَّتْ على وجهي ماء الورد : هل اطلب الطبيب ؟
- لا أنا بخير .
اعتذرتُ للسيدات والمضيـّفة، كنّ يتناولن الحلويات والشاي، قلتُ ربما استسيغ طعم الحلوى، رفعتُ غطاءً من الفضة وضِع على صينية فضيـّة أيضاً ، فزعتُ، ما هذا ؟ عيون بالقـَطر ؟ امرأة جميلة دنت من الصينية وملأت صحنها عيوناً بالقـَطر .
وقت شاهدتْ استغرابي خيـِّل إليها أني أراقبها، وخشية الحسد أرجعت اثنتين قائلة :
أحب لقمة القاضي كثيراً ضعيفة أمامها أضرب الرجيم عرض الحائط لو وقعت بيدي.
يبدو كانت تبرر لذاتها وليس لي .
اكتفيتُ بشرب الشاي ارتشفه على مهلي ، بعد برهة دخل الخدم يدفعون عربة الكيك، قالت السيدة عملنا لكم اليوم أطيب كيك واشترينا الزيت الفلسطيني كي نأكل براحتنا، أشارت إليَّ: الزيت الفلسطيني لا يُربك المعدة .
التفَّ الجمع كله حول الكيك، مديرة المنزل فتحت التلفاز لتنعم السيدات بالكيك والموسيقى .
لا أدري ما سمعتُ وما عرضه التلفاز، صدحت الموسيقى وعربة الكيك دارت من واحدة لأخرى وأنا .
أنا وحدي أغنِّي أغنية القمح والسنابل، وأعاتبها .
مثلما للحفل طموحه في ترفيه النفس والمعدة لي طموحي الخاص.
( لا أطمحُ إلاَّ لمعاتبةِ قمح الإنسانية على كفره )





..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فتحية الهاشمي
الادارة و التنسيق
فتحية الهاشمي


عدد المساهمات : 1899
تاريخ التسجيل : 23/01/2008

قصة بعنوان ( طفل بصحن هريس)    وفاء عبد الرزاق Empty
مُساهمةموضوع: رد   قصة بعنوان ( طفل بصحن هريس)    وفاء عبد الرزاق Empty9/12/2008, 00:22

الغالية وفاء

من فرحي بوجودك هنا معي لم اتم قراءة النص

دخلت كي احييك ايتها البهية و سأعود للنّص

مرّة أخرى

أردت الاحتفاء بك أولا

مع كل الحب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سامي البدري
مشرف
سامي البدري


عدد المساهمات : 199
تاريخ التسجيل : 11/11/2008
العمر : 64

قصة بعنوان ( طفل بصحن هريس)    وفاء عبد الرزاق Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة بعنوان ( طفل بصحن هريس) وفاء عبد الرزاق   قصة بعنوان ( طفل بصحن هريس)    وفاء عبد الرزاق Empty9/12/2008, 09:45

العزيزة وفاء

اهلا بك في مدارات

وشكرا لهذا النص الممتع رغم وجعه


مودتي واحترامي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
وفاء عبد الرزاق
أديبة



عدد المساهمات : 5
تاريخ التسجيل : 05/12/2008

قصة بعنوان ( طفل بصحن هريس)    وفاء عبد الرزاق Empty
مُساهمةموضوع: رد عل قصة طفل بصحن هريس   قصة بعنوان ( طفل بصحن هريس)    وفاء عبد الرزاق Empty9/12/2008, 21:52

الحبيبة الاستاذة فتحية

كل الشكر لك غاليتي
وانا في داري بينكم
كل عام ومدلرات بالف خير
كل عام ومدارات زاهية بمبدعيها ومشرفيها
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
وفاء عبد الرزاق
أديبة



عدد المساهمات : 5
تاريخ التسجيل : 05/12/2008

قصة بعنوان ( طفل بصحن هريس)    وفاء عبد الرزاق Empty
مُساهمةموضوع: رد على قصة طفل بصحن هريس   قصة بعنوان ( طفل بصحن هريس)    وفاء عبد الرزاق Empty9/12/2008, 21:56

اخي الكريم سامي البدري


كل عام وانت بخير

اشكرك على ودك ودخولك الوليمة الغتية الفقيرة المؤلمة
معك حق هي مؤلمة لكني قصدت نشرها الان لعلنا نتذكر الجياع في كل بقاع العالم ونحن نستعد لولائم العيد

بمحبة اشكرك واعادك الله كل عام بالسعادة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فتحية الهاشمي
الادارة و التنسيق
فتحية الهاشمي


عدد المساهمات : 1899
تاريخ التسجيل : 23/01/2008

قصة بعنوان ( طفل بصحن هريس)    وفاء عبد الرزاق Empty
مُساهمةموضوع: رد   قصة بعنوان ( طفل بصحن هريس)    وفاء عبد الرزاق Empty20/12/2008, 15:58

العزيزة الغالية على قلبي وفاء

أيتها الأصيلة و أنت سماء تثرثرين بكلّ هذا النّحيب و تمطرين بكلّ هذه الوجوه المتؤلّمة

و العيد ، يودعنا لحزن يودعنا للظى اللهب و الحرب

تألّمت كثيرا و رغم الرعب و الخوف و الحزن قرأت بمتعة الملتاع كل هذا البذخ اللغوي

عزيزتي أن نكتب عن قضايانا لا يبيح لنا الاسفاف أبدا هذا ما نجحت فيه يا وفاء

بامتياز...

رائعة في حزنك

رائعة في تناولك

مع كلّ الحبّ يا غالية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصة بعنوان ( طفل بصحن هريس) وفاء عبد الرزاق
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» جديد وفاء عبد الرزاق بالفرنسية
» المبدعة العراقية وفاء عبد الرزاق بيننا
» * من مذكرات طفل الحرب * للعراقية وفاء عبد الرزاق
»  الى وفاء عبد الرزاق ,,,,,,هل استطيع أن اراك قمرا كما كنت؟؟ ___فهد عنتر الدوخي
» اهلا باخي عبد الرزاق السوداني في مدارات

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مدارات :: مدارات سردية :: مدار القصة-
انتقل الى: