كل صباح يأتي .. يلامس الجدران ..يدقـق النظر في الأبواب .. ينشد أشعاراً منكوبة الحروف مختـلة الوزن.. الداء يرتع في ملابسه .. سخر الدهر من عمره .. يدب ويدب في مشيته .. يخطو.. يتوقف .. يطيل النظر.. يخرق الأرض بعينيه مدة من الزمن .. يحمل يديه إلى السماء.. يقرأ تجاويف الفضاء .. يطلق أنـفاسه بين الضباب ..فــــيبقى قلبه معلقاً بين السماء والأرض ..
يستأنف السير وهو يمضغ أحزانه الداخلية .. يتمرغ في متاهة شقاء أسود .. والجوع الخانق يشد على بطنه ..
الناس يمرون ..لا يتوقفون .. قلوبهم يابسة .. جيوبهم فارغة ... بكى .. وماذا غير أن يبكي ..؟
استأنف السير .. رياح قوية جاءت على حين غرة.. تقاتـله وتنازعه على المكان .. المعركة غير متكافئة .. الأشجار ترقبه .. لعابها يسيل مرارة .. لمت الأزهار عطرها .. حلقت الأطيار على علو شاهق .. الزمن يبكي ..ينتحر أمامه .. غيــر نغمته .. اهتز المكان واختنق فخلف من ورائه جثة هامدة ..؟