يتكلم العالم على المادة ، و يبني جميع أفكاره على أساسها . لنقل أن سيدنا آدم خرج من الجنة من أجل تفاحة و تطبيقيا التفاحة مادة . أي أن الفكر المادي وجد مع الانسان في العالم الاول قبل خروجه الى العالم الدنيوي ، وسار على منهجه العديد من المفكرين من أبرزهم المفكر و الفيلسوف الفرنسي :"ريبو " مؤسس المدرسة المادية .
و المادة فكر توسع على وتيرة سريعة بعد الحرب االباردة أين أخذ النظام الراس مالي يثبت كيانه على جميع الدول ، حتى التي كانت على خطى النظام الاشتراكي .
و عندما نقول: " دول " نقصد بذلك الشعوب ، و من هنا ننطلق في التفكير حول المادة عند الشعوب ، و لتكن الشعوب العربية أولا .
الشعوب العربية من أبرز الشعوب التي تأسس وجودها على الطبيعة أي على المادة ، لكن بصورة فلسقية راقية الفكر . حيث ربط الشعب العربي وجوده بالمادة من الجهة التجارية وما فيها من جلبة وقار وجاه و زعامة و شرف وسط الاقوام .
لكنه منذ وجوده هو أكرم الشعوب و ما يزال اي ان إرتباطه بالمادة ليس إرتباطا روحيا مقارنة مع الشعوب الغربية قبل ظهور الاسلام و بعده .
وفي ذا المقام ما يستدعي وضع مقارنة بسيطة بين الشعبين و نظرتهما للمادة .
العربي خلق في العراء ، ربط وجوده بالطبيعة و أقلم محياه وفق قانونها ، و كان في تاريخه من أقوى الشعوب و من أشدها حبا للحياة و الزعامة و النساء ، فكانت المرأة عنده مجرد مادة يلهو بها و ينجب منها و يأدها بمنتهى الغاية المادية التي وصل إليها .
و هو من أشد الشعوب عشقا للموت فلا يتهاون في طرح روحه و جسده كرما لأنفته و عروبته و عزته ، ظالما كان أم مظلوما .
الشعب الفرعوني و و الشعوب الغربية عبر جميع الحقل الزمنية ربطت فكرها بالنزعة المادية .
فالشعب الفرعوني أقوى الشعوب اللائي إرتبط تاريخها بالجانب المادي و الروحي ، فلم يفصل الفراعنة عالم الروح عن الجسد ، ذلك ما جعلهم يفكرون في كيفية إبقاء الجسد على دوام الوجود المادي ، وما ساعدهم في ذلك هو تقصي العلوم على شتى أنواعها دون تفضيل ، و اهمها العلوم المادية و والروحية و ما بعد الموت . فكان لهم إكتشاف مادة التحنيط المستعمل فيها مادة الملح .و الهدف منها هو إبقاء الجثث على طبيعتها المادية .
و كانت كليوبترا من الملكات المهتمات بالجانب الجمالي للجسد بإعتباره ضرورة مادية في الحياة الاولى . فسبقها التفكير الى كيفية الحفاظ على جمالها المادي حتى بعد الموت .
أما الشعوب الغربية الاخرى دون إستثناء فإن المادة عندها من الضروريات المؤمنة للحياة ، فكانت نظرتهم المادية قائمة على الطعام و الشرب و الترفيه الذي يشمل النساء كمبدأ اساسي ، فالمرأة في الفكر الغربي منذ الازل هي مادة شيطانية خلقت من اجل المتعة الجنسية فقط . و الذي ما يزال قائما الى يومنا ، و خير دليل و ليس بعيدا
عن هذا المقام موقف الرئيس الفرنسي ساركوزي الذي تنازل لزوجته على : عشرون دقيقة من وقته الثمين أثناء زيارتها بالمستشفى بعد وضها إبنته الثانية ، لأنشغاله بالمكاسب المادية من وراء السيطرة على ليبيا بعد مقتل العقيد القدافي .
و الشعوب الغربية أشرس في حب المادة و الزعامة ، فلا يتوانى الغربي في بيع عرضه و شرفه أو أنفته من أجل مكسب مادي ، يحقق له المتعة التي يريد . كما أنه من أبخل الشعوب فلا تتوقع أن يدفع صديقك الاوروبي وجبة غداء من يوم الى بعد يوم و دون مقابل ، كما لا تتوقع أن يضع في صحن طعامك ما يشبع معدتك ، و من أبخل الشعوب الغربية و أشهرها : الشعب الفرنسي و الشعب الامريكي .
كما أن الغربي حريص على الحياة يخشى الموت كما يخشى الفقر . فمعظم الدول الغربية تاريخها مسجل على أنها دول مستعمرة و أول ما تستعمر في الشعوب الارض ، و أول ما تأخذ منها : حصاد الارض .
الغرب إهتموا بالجانب المادي فأسسو للصناعة التي بدورها تطلبت الى الفكر المادي التكنولوجي و صار التحكم بالشعوب متطورا من خلال غرس ثقافتهم المادية بشكل غير مباشر في حقول أفكارنا العربية و التي أينع نتاجها في عقول أجيالنا العربية . و صرنا نفكر بالتفكير المادي : المهم هو المكسب ؟ كيف لا يهم فالقاعدة الامريكية تقول : "دعه يعمل أتركه يمر " .
لنعترف أن الجانب الروحي مات في بعض شبابنا العربي و دخل الغيبوبة في بعض شبابنا الاخر . فما باتت الاخلاق و لا الانفة و لا الشهامة معيارا للوجود العربي .
و ليكن إعترافا جديرا منا أن نقول للغرب قد نجحتم في تحطيم جزء هام من شبابنا العربي الذي أخذتموه في دوخة الرأسمالية المادية قاب قوسين : إرهاب المادة ، فصار كل شيئ عنده عادي . نزعتم عن خاصرته الحزام و علمتموه لباس الهيب هوب حتى تغطون إنحطاط الاخلاق في حضارتكم الانية تحت شعار الديمقراطية . أكسرتم اليد العربية التي ولدت تحت حدة السيف و حب الصيد أن تأكل المعلب و المجمد ، فلا وقت للعمل و إن كان فهو تحت وطأة نظام إقتصادي مادي يعترف بالمدخل فقط دون إحتساب حقوق الانسانية للفرد العامل ، فهو مادة مستبدلة بمادة نشطة أخرى تبحث عن الجانب المادي حتى تعيش حياة الرهف و عدم التفكير في ما يحدث لها و حولها .
أحسن الغربيون إيلاج فكرهم المادي في عقول شبابنا فراحت النزعة النخوية ، أصبحت المرأة تضطهد و تسرق أمام عين الرجال ولا أحد يثور ، مات الضمير .
أحسن الغربيون تفكيك أخلاقنا و تسميم أفكارنا فالمرأة حرة بعيدا عن الحجاب ، و الرجل يستعبدها حين تكون له مطيعة ، من حقها العمل و كسب المادة و أن تعيش حرة بحرية مدخلها المادي . هذه هي الديمقراطية : أن يصبح الرجل في حياتها مادة حيوانية تنجب بها الاطفال لأنهم ضرورة حتمية في مواصلة الحياة و لأن المرأة العربية ماتزال على إيمانها بمبدأ "الاطفال أنيس دار الدنيا " بلهجة أوضح : مادة طويلة الاجل قد تمحي بها بعض أثار ديمقراطية الشباب . أو الاسلام لم يقدم للمرأة ديمقراطيتها أيها الامريكان ، عفوا : أيها الصهاينة ؟
أحسن الغربيون و تحت إستشارة فقيهة علماء بني صهيون عزل الفكر الروحي عن الفكر المادي عند شبابنا العربي .أين أصبحت المادة أساس الحياة الجديدة ، التي تفتحت على قلة الاخلاق بل إنعدامها . لنفصل في ما يحدث في مجتمعنا العربي قليلا و لنكن مع أنفسنا صرحاء . ألا يسجل الانحطاط الاخلاقي في مجنمعنا أوجه؟
هل كنا نسمع بإنتشار الملاهي الليلية و تسريح أبناءنا و بناتنا للهو فيها ،و حصاد نتائج نزواتهم التي ما جمحت لأننا غلينا في المهور و عسرنا الزواج على أبناءنا ، لأن أعيننا أصبحت ملجمة ترى الجانب المادي فقط لا الاخلاقي .
كل يوم تقريبا نسمع في حكايانا اليومية و نقرأ في منشورات الجرائد ما يفعله الابناء إزاء الابوين أول كل شهر من سرقة معاشاتهم ، و طردهم من بيوتهم .
أخبرني أيها الشاب العربي : أمك حملتك وهنا و وضعتك وهنا ، حملتك تسعة قروء وأنت لها معذب ، بداية بوحمك نهايتا الى وضعك مصارعة لأجلك مخاض الولادة و عذاب الموت ، هل طردتك قبل موضع الولادة ؟ و أنت من فعلت بها كل هذا ؟
أ كنا نسمع بدور العجزة قبلا ؟ أكانت العرب تنظر الى المال و الجاه فحسب ؟ هل إفتخرت العرب بمالها أم بنسبها و نخوتها ؟
المادة في الفكر الاسلامي وسيلة تسسير الحياة يقول : عز وجل جلاله و دام كرمه سبحانه و تعالى : بسم الله الرحمان الرحيم : " المال و البنون زينة الحياة الدنيا "
فلا نستطيع العيش بلا مادة : الخشب مادة و الماء مادة و الجسد مادة ، لكن لا يبعث هذا الى توطين المادة في فكرنا فنصبح عبيدا لها . تقول الحكمة : "المال خادم مطيع و لكنه سيد سيئ " . و تقول الحكمة أيضا : عندما تفقد الثروة لا يفقد شيئ ، و عندما تفقد الصحة يفقد بعض الشيئ ، و لكن عندما تفقد الاخلاق يفقد كل شيئ " .