مدارات
مدارات
مدارات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مدارات


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 المفارقات في القصة القصيرة جدا عند عبد الرحيم التدلاوي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد داني
مشرف



عدد المساهمات : 56
تاريخ التسجيل : 20/11/2009
الموقع : daniibdae.blogspot.com

المفارقات في القصة القصيرة جدا عند عبد الرحيم التدلاوي Empty
مُساهمةموضوع: المفارقات في القصة القصيرة جدا عند عبد الرحيم التدلاوي   المفارقات في القصة القصيرة جدا عند عبد الرحيم التدلاوي Empty30/11/2010, 00:37


من الكتاب الذين يكتبون في الظل قصصا قصيرة جدان والتي لا تخلو من جمالية وفنية، نجد الأديب المبدع عبد الرحيم التدلاوي الملقب ب(حسن العلوي)...
وقد برع الأستاذ عبد الرحيم في فن القصة القصيرة جدا...وقدم نصوصا تتميز بفنية عالية ، تجعل المطلع عليها يدرك أنه أمام قاص متمكن من آلياته السردية...
وقد قدم الأديب عبد الرحيم التدلاوي للمشهد الثقافي الرقمي الكثير من قصصه القصيرة جدا، حيث نشر الكثير منها في منتديات عربية متعددة...وقد اخترنا منها 17 نصا لمجالسته،وهيSadبين زمنين- طارق- مفاجأة- تناثر- أدوار- حسرة- قاتل مأجور- طهارة- عطب- ميل-شمس- مال- حيرة- تطويق- شوق- نتيجة- تسول)... واكتشاف فنيته القصصية..
إن القاسم المشترك بين النصوص القصصية التي اعتمدناها للدرس والبحث، هو البوح عما يجيش في خاطره كمبدع، من تساؤلات، ومحاولة المكاشفة، وانتقاد الواقع، وتعرية المستور...وتكسير الموروث، والإزاحة باللغة إلى عوالم إبداعية لا تخلو من جدة.
فماذا يقول لنا سي عبد الرحيم التدلاوي في قصصه القصيرة جدا...؟؟؟
1- بين زمنين: هو...شخصية القصة ، عاشت لفترة طويلة.. لكن تحت نير الظلم والقهر، والاستعباد، والتسلط.. ولما اندلعت الثورة ، وفرح الناس بما تحمله الثورة من تغيير، وبما تبشر به من احترام كحقوق الإنسان، وتحقيق لكرامته.. وتوفير عد جميل له...فرح بما تحمله الثورة من أحلام ووعود.. وعاش في ظل الثورة.. ولكن عاش بدون لسان، وقد فرض عليه صمت دائم..
2- طارق: صورة مخاض..إذ يقدم لنا الكاتب لحظة ولادة امرأة.. ولشدة الطلق يأخذها زوجها إلى المستشفى.. وبعد انتظار طويل تخبره الممرضة بازدياد مولود ذكر.. يفرح، وتعلو وجهه علامات البشر.. تغادره الممرضة بعدما مطرقته بأن الطاقم الطبي قام بكل المحاولات.. ليبقى بين نارين: هل المولود حي أم ميت...
3- مفاجأة:مشكلة اجتماعية وتربوية تطرحها هذه القصة القصيرة جدا...وهي مزاحمة الأب لأطفاله في مشاهدة التلفاز، بل فرض برنامج معين للمشاهدة.
4- تناثر:شخصية تنظر إلى نفسها في المرآة.. تفزعه الصورة لما لاحظه عليها من مسخ وغرابة...يرقي بالمرآة أرضا، تتناثر مع الأشلاء الأقنعة المكونة لوجهه.
5- أدوار:كيف يتم الحب؟...وتتكون العلاقة؟؟؟ هذا ما نرصده في هذه القصة القصيرة جدا...إذ ظلت الشخصية تنظر إليها وهي ترشف القهوة.. يتابع حركات شفتيها وهما يلثمان الفنجان..
يتقدم نحوها، يخبرها بإعجابه بها رغم فارق السن الذي بينهما...وبعد تردد طويل ، تقتنع به،وتتزوجه..
وذات صباح تجد نفسها وحيدة، بعد أن غادرها الزوج إلى دار البقاء.. وبعد زمن تجده هو نفسه شابا بالمقهى..فأخذت تتابع شفتيه كما كان والده يتابع شفتيها..
-( حسرة:يعود إلى بيته بعدما هدأت نفسه إثر خصام مع زوجته.. يجد البيت مظلما.. يهتز كيانه.. وينقبض قلبه.. بعدما أنار الغرفة، وجد رسالة تخبره زوجته فيها ، بأنها قررت مغادرة البيت.
7- قاتل مأجور:لقطة سينمائية، حيث نقف جانب الشخصية، وهي تنفذ عملية إجرامية....القتل بواسطة بندقية كاتمة للصوت. والضحية: الكلمات.
8- طهارة:كيف يحيا لحظاته آكل مال اليتيم..وسارق المال العام...والمرابي.. لا بد أنه بعد مخاض عسير يفكر في التوبة.. والتكفير عن ذنوبه.. ويحار في الأمر...فيلجأ إلى فقهاء الدولار، يسألهم الفتوى في أمره...ليجد من يفتيه فتوى هي بمقام أعماله وجرائمه ، تريحه...ما دام لكل فتوى ثمنها...
9- عطب:أما زال للأمانة والإخلاص في العمل ، والتفاني فيه وجود في عالم اليوم؟...لقد علبت كل هذه القيم، وكتب على ظهر صندوقها: أشياء سريعة العطب، والانكسار...
10- ميل:يتبادلان النظرات، والابتسام.. لكن عندما يقبل إليها تصدمه المفاجأة.. يجدها بعكازتين...
11- شمس:ماذا يحدث عندما يغمر نور الشمس القلب؟..ساعتها تطرد من جنباته العتمة والظلمة...وينعم صاحبه بالسعادة والطمأنينة... ويتبدد من نفسه الخوف والسواد...
12- مال: أم تفرح بالمبلغ المالي الذي يقدمه لها ولدها ، والذي حصل عليه من عمل لم يحصل عليه إلا بعد مشقة...
صباحا عندما تستيقظ، تجد المبلغ قد تحول إلى غبار، توقظ ابنها وتطلب منه ابحث عن عمل آخر...
13-حيرة: دوخة كبيرة تصيب الشخصية...وتتلبسه نوبة حيرة..إذ يجد أن ذوقه لا ينسجم مع أذواق الآخرين.. الشيء الذي يعرضه للانتقاد والسخرية.
14- تطويق: تقتحم الشرطة بيت الشيخ بعدما ترك مريديه، واختلى في غرفته وحيدا.. لكن لم تجد أحدا بالغرفة غير لباسه،وقصعة مليئة بالماء...
15- شوق:رؤية، تحرك في نفس الطفل أحلاما.. وصورا وأمنيات.. يظن ما رأى تفاحة.. مد يده إليها.. لكنه يتحول إلى رماد.. فما سر هذه التفاحة النارية؟..
16- نتيجة:زوج يقرر القيام برحلة مع زوجته، ليعيد الماضي الجميل، وبعض الدفء والإلف إلى علاقته مع زوجته الذي افتقد زمنا...
يصل إلى المطار... يبتاع تذكرتين، لكن لم يجد زوجته.. م يجد غير تذكرة واحدة، وفي يده الأخرى مفتاح الدار...
17- تسول:ماذا يحدث عندما تتعرض مدينة للفيضان؟...كيف يجابه سكانها هذا الفيضان؟...
الملجأ الوحيد الذي يجده المتضررون أمامهم، هو البلديات والعمالات، طلبا للإعانة من أغذية وأغطية وخيام... فهل يلبى طلبهم؟...أم يجدون الحواجز أمامهم والهراوات؟...
وعندما نتمعن في هذه القصص القصيرة جدا، نتساءل: هل هناك مطابقة ما بين العنوان والنصوص القصصية؟.. هل لخص واختزل العنوان النص القصصي؟...
وحتى نكون موضوعيين جدا.. نجزم بأن العناوين لخصت واختزلت النصوص.. وبالتالي كانت النصوص القصصية تفسيرا وتوسيعا لعنوانها.. وتبيان مضامينها.. وكل العناوين توحي لنا بأن القصص القصيرة جدا التي جاءت مدخلا لها، تحكي عن مشكل إنساني، ووضع اجتماعي، وتربوي محدد...
إن عبد الرحيم التدلاوي يحكي لنا عن انهيار مجموعة من القيم داخل المجتمع.. قيم الوطنية، والحب، والتعاطف، والتعاون، والتضامن.. والمبادئ النبيلة ، والإيمان بها...
بالإضافة إلى تقديمه لنا صورة مقتضبة عن مجتمع يعاني الخلل في كيانه.. خلل يخلخل كل بنائه وتوازناته... فأحدثت فيه التشوهات والمسوخات، وبالتالي غيرت من ملامحه...
وأمام هذا المسخ الذي أصاب المجتمع، وقيمه..أصبح الإنسان فيه يعاني شروخا كثيرة.. جعلته يشعر بالهزيمة.. والاندحار.. والفشل والسلبية.. أمام متغيرات الحياة..
هذا يجعلنا كمتلقين نقف على حركتين هامتين تقوم عليهما القصص القصيرة جدا... وهما:
1- حركة داخلية: من خلالها نكتشف مجريات العلاقات الإنسانية،ومواقف الإنسان الاجتماعية والنفسية والوجدانية.
2- حركة خارجية: ومن خلالها نقف على تقنيات القصة القصيرة جدا ، والتي اعتمدها المبدع عبد الرحيم التدلاوي.
إن الحركة الداخلية التي تؤسس للحركة الدينامية للقصص، نجدها تنبني على المواقف والمفارقات...
صحيح، أن المفارقة من أساسيات القصة القصيرة جدا..يمكن أن تحمل في طياتها السخرية أو الدراما.. إلا أنها توقع غير منتظر.. أو نتيجة عكس المتوقع.. وهذا يكون مقصودا عند القاص لأنه يكسر بالمفارقة رتابة السرد.. كما أنها أمام فقر اللغة ، توفر شيئا من التشويق ، والإثارة من خلال دهشة المتلقي من النهاية غير المنتظرة.. وصدمته بخيبة التوقع، والانتظار..
كما أن هذه المفارقة، تدفع بالمتلقي إلى قراءة النص القصصي الذي يقول شيئا.. لكن عليه قراءة ما وراء النص للوصول إلى ما يوحي إليه القاص...
والسؤال: ما هي المفارقات التي تضمنتها قصص الأديب عبد الرحيم التدلاوي؟...
عندما نقف إلى قصته القصيرة جدا (بين زمنين)، والتي تقول:
"عاش طويلا تحت ظلال القهر والتسلط...
أتت الثورة مبشرة بعهد جديد...
عاش ، ولله الحمد...
وقد سقط لسانه"...
نجد هذه القصة القصيرة جدا تنطوي على مفارقة غير متوقعة، وسخرية شديدة...فهذا المعارض عاش فترة طويلة في عهد تميز بالقهر والظلم،وانعدام الحريات.. والتضييق على المناضلين.. إلى أن اندلعت الثورة التي آمن بأفكارها، وكان يعتقد أنها قامت لتحقق العدالة الاجتماعية، وتحقق طموحه السياسي، والاجتماعي،والنضالي...بما أنها قامت لتضع حدا لكل الممارسات اللاإنسانية...
لكن القارئ يصطدم ، للنهاية غير المتوقعة، التي انتهت بها هذه القصة...إذ جاءت جملة (وقد سقط لسانه) حابلة بكثير من الإيحاءات، وحاملة لكثير من التأويلات... فهل حققت الثورة طموحه؟... أم أن اللاحق كالسابق؟..
هنا يحس بنوع من الإحباط، والخيبة والتذمر.. وبنوع من اليأس.. فلا يجد غير الاعتراض والتمرد..
لكن الثورة كالرحى، تطحن كل من يقف في طريقها.. ولذا كانت آلة القمع أقوى منه.. فكان التضييق عليه.. وإسكاته بالقوة.. ولذا جاء فعل(سقط) بليغا ، ومجيزا...
كذلك في قصته القصيرة جدا(تسول)، حيث نقرأ:"في جو مطير، اهتزت العمارات الاقتصادية، وتراقصت البراريك.. ارتمى الناس في السيول باتجاه البلديات، طلبا لأغطية تبعد عنهم حر البرد...
وضع المسؤولون حواجز...منعا لهم من التسول"...
عندما نقرأ هذه القصة القصيرة جدا،نجد لها ظاهرا وباطنا.. الظاهر أو السطحي هو ما نقرأه.. وهو صورة عادية لكارثة طبيعية، تصيب كثيرا من البلدان والمناطق.. لكن الباطن، هو ما يريد النص أن يقوله.. هو كيف يتدبر المسؤولون نكبة وكارثة طبيعية؟...كيف لبلد في ظل العولمة ما زال يعاني مشاكل سببها البنية التحتية؟...كيف ينظر المسؤولون إلى المواطن ، واعتباره مجرد ورقة انتخابية يحتاجها زمن التصويت والاقتراع؟...
الذي يفاجئنا في هذه القصة، ويصدمنا ، هو نهايتها... فعندما نتوقف على ( منعا لهم)، تحضر الكثير من التمثلات، والتصورات.. والتساؤلات..كذلك كلمة (تسول)، تخرسنا كمتلقين...حيث نتبين اختلاف الرؤية ما بين المسؤولين والمواطنين..الأولين يرون في طلب المساعدة تسولا، والآخرين يرون فيه حقا مشروعا، الدولة والمجالس ملزمة به...وبتحقيقه...وهنا يقع الاصطدام...
هذه المفارقة، وما تمتاز به من توتر، وإدهاش، وصدمةـ تؤدي بنا إلى الضحك.. والابتسامة العريضة.. لما نجد فيها من جو السخرية، والتذمر النفسي...وهذا نراه في القصة القصيرة جدا(مفاجأة)،والتي تقول:
"زاحمت أطفالي على برامج التلفاز، حتى أشاهد بطلتي المفضلة. أذعنوا مكرهين...نظرت إليها طويلا.. كم كبرت؟..."
في هذه القصة ، يقدم لنا الكاتب مشهدا كاريكاتوريا، حابلا بالسخرية، والسوداوية.. حيث نكتشف كيف تمارس الديكتاتورية داخل الأسرة...وبطريقة قصدية.. وقهرية.. وكيف تسلب الإرادات والحريات.. والاختيارات... من هنا نجد أن التنشئة الاجتماعية داخل الأسرة المغربية ، تعتمد على الإذلال،والخنوع، وتكسير الإرادة والهمة...والترويض، والتربية على الاستسلام، والتنازلات...
صورة لا تخلو من سخرية، تجعلنا نستلقي ضحكا ، ليس للموقف، ولكن على السلوك التربوي المعتمد، والذي اختزلته كلمة(زاحمت أطفالي).. مجتمعنا هو صورة لهذه الأسرة...
الأب لم يحترم الأذواق، ولا الاختيارات.. ولا طفولة أطفاله.. وميولهم وحاجاتهم...لأجل ماذا؟... هنا السؤال...
الأمر تافه جدا...وهو أن الأب يريد متابعة بطلته المفضلة...وبالتالي فرض على الكل متابعة اختياره الساذج...ألا يوجد هذا في المجتمع؟...
كما أن بعض قصصه القصيرة جدا، لا تخلو من سخرية وفكاهة مرة...هذا نجده في قصته(حيرة)، والتي تقول:" خرجت بمنامتي والجو ربيعي، يداعب أحلامي بأوتار العشق، لقضاء بعض أغراضي.. فقال الناس: أبالمنامة يخرج الناس؟..
أحسست بالحرج يذوب فرحتي. فعدت إلى المنزل ولبست بذلتي...
فقالوا: تغرب حين تأنق. لقد أصبح مستلبا...
عدت ، وأطلقت لحيتي، وقصرت ثيابي، وخرجت. فقالوا: تشدد. لقد أصبح خطرا...
عدتن ولبست عباءة سوداء، ووضعت عقالا. فقالوا: تمشرق. إنه أصبح رمزا للتخلف...
عدت، ولبست جلبابا، ووضعت على رأسي طربوشا. فقالوا: انظروا إنه مثال التقليدية، بل الرجعية.
عدت، ونظرت إلى كل ملابسي مليا. ثم بحركة غضب أبعدتهما عني، وخرجت. فما رآني أحد..."
هذه القصة عند قراءتها تذكرنا بقصة جحا وولده وحماره والناس،عندما حملا حمارهما على كتفيهما.. والمعنونة(لا يسلم الإنسان من لسان الناس)...
فهي مشابهة له في مضمونها.. وهي تتضمن مسحة من الفكاهة، والكاريكاتورية.. حيث كيفما فعل البطل إلا وجلدته ألسنة الناس..
هذه الفكاهة المتضمنة، تدفع بالقارئ إلى اكتشاف التلميحية، والإيحائية التي توجد وراء السطور... كما توحي بدلالات يقصدها الكاتب من قصته. فبعض الكلمات موظفة بذكاء شديد، مثلSadتغرب- مستلبا-أطلقت لحيتي- قصرت ثيابي-تشد- أصبح خطرا- عباءة سوداء- عقال- تمشرق- رمز للتخلف- الجلباب- الطربوش- التقليدية- الرجعية).
أليس لكل كلمة تأويلها وإسقاطاتها.. ودلالاتها السياسية، والثقافية، والفكرية؟..
هذا كله أعطى لهذه القصص القصيرة جدا غناها وثراها الدلالي، والجمالي، والفني...
وتتجلى هذه التمظهرات الجمالية والفنية في الاقتصاد في العبارة.. والإيجاز في السرد.. ويظهر ذلك واضحا في ابتعاد القاص عبد الرحيم التدلاوي عن كل ما يهلهل الخطاب النثري كنص.. والخطاب السردي كقصة... فلا نجد روابط تقوم بالعلاقات الترابطية والتركيبية بين الكلمات والجمل.. ففي قصته القصيرة جدا (تناثر)، والتي يقول فيها:
"نظرت إلى نفسي في المرآة...
- ما هذا؟..
ضربتها أرضا...
تناثرت أقنعة..."
لا نجد في هذه القصة رابطا واحدا.. بل اعتمد فيها القاص على تقنية الأسطر الشعرية. أي أن الأديب عبد الرحيم التدلاوي ، يجعل الجمل تتتالى وتتابع منطقيا، دون أي واصلات من أدوات العطف والاستئناف، والاستدراك والإضراب، والنفي، وغيرها...
كما أن قصص عبد الرحيم التدلاوي ، اعتمدت الخطاب غير المباشر الحر في أغلبها.. ما عدا بعضها، فقد اعتمدت الخطاب المباشر الحر، كما في قصة(حيرة)..
وجل القصص القصيرة جدا تتضمن الحديث النفسي أو المونولوج الداخلي.. وهو مونولوجات جوانية، تشكل ما ورائية النص.. تتطلب من القارئ نباهة، وتيقظا لاكتشافها ، والوقوف عليها، وتمثلها. كما في قصة (طارق)... فالشخصية في المستشفى يكلم نفسه بعدما أخبرته الممرضة بالأمر...وقصة(مفاجأة) يمكن أن نتخيل حديثا نفسيا للأطفال الذين أرغموا على مشاهدة برنامج مكرهين... وفي قصة (تناثر)، وفي قصة(حسرة) أيضا...
والجميل في بعض القصص القصيرة جدا للأديب عبد الرحيم التدلاوي، هو اعتماده على تقنية قلب المعنى.. كما في قصة (قاتل مأجور) حين وجه القاتل فوهة بندقيته إلى الصدغ، وبدقة أطلق النار.. فكان المتساقط / الميت: الكلمات.
واعتماده أيضا على تقنية التضخيم والمبالغة.. كما في قصته (شمس)، عندما تمكنت الشخصية من سماع طرق ضوء الشمس على باب قلبه، ففتح لها، ليدخل الضوء القلب ويطرد منه العتمة...
وقد غلف تقنيتيه بالعجائبي، والغرائبي، كما في قصته (تطويق)، حيث يقول:
"طوقت الشرطة المنزل كالسوار على المعصم: لا مفر ...
ودع الشيخ مريديه وأتباعه. وذهب إلى حجرته التي يختلي فيها...
اقتحم المكان. ما عثر إلا على لباسه، وقصعته ملئت ماء"...
حيث نجد توظيف الشيخ والمريد والماء من خلال استحضار المتخيل الشعبي وما ترافقه من خرافة...التي تتناقلها الشفهيات، والحكايات الشعبية...
وهذه الغرائبية التي غلف بها عبد الرحيم التدلاوي بعض قصصه مقصودة من طرفه.. لأنه يريد أن يلفت الانتباه إلى خبايا النص.. وما يخفيه من موستور يود القاص كشفه.. وتعريته...وانتقاده...كما في قصته(عطب)، حيث نقرأ:
"وضعوا بصندوق: الأمانة، والإخلاص، والجد..و...
وكتبوا على الظهر عبارة: سريعة العطب"...
فالقيم اليوم تمت مصادرتها.. وتعليبها في صناديق.. وكتب عليها جملة تبين حالتها.. إنها فعلا أمام متغيرات الحياة.. وما مس العالم من تغييرات.. أصبحت سريعة العطب.. والانكسار.. ومن ثم يريد الكاتب تنبيه القارئ إلى حالة التفسخ القيمي والأخلاقي الذي أصبح عليه المجتمع.. والتفسخ الأخلاقي الذي أصبح عليه...
كما نجد في قصته(تناثر):
"نظرت إلى نفسي في المرآة...
ما هذا؟...
ضربتها أرضا..
تناثرت أقنعة..."
فالكاتب اعتمد التورية والاستعارة.. فالوجه أصبح كالمرآة تناثرت القطع، وبالتالي تناثرت الأقنعة.. وهي إشارة من الكاتب، وتلميح منه إلى التفسخ الذي أصاب الإنسان، وجعله يتلون حسب المواقف، ويلبس لكل موقف لبوسه، وقناعه...وبالتالي كثر نفاقه،وكثر تقلبه... وانعدم الصدق من أفعاله وأقواله...
والملفت للنظر أن الأديب عبد الرحيم التدلاوي، قد اعتمد التقصير في نصوصه القصصية، إذ نجد أن قصصه جاءت على الشكل التالي:
- بين زمنين: تتكون من 4 أسطر، و20 كلمة.
- طارق. تتكون من 3 أسطر و16 كلمة.
- تناثر. تتكون من 4 أسطر و11 كلمة.
- أدوار. تتكون من 13 سطرا و106 كلمة(وهي أطول قصة عنده).
- حسرة. تتكون من 5 أسطر و51 كلمة.
- قاتل مأجور. تتكون من 3 أسطر و20 كلمة.
- طهارة. تتكون من 4 أسطر و38 كلمة.
- عطب. تتكون من سطرين و15 كلمة(وهي اصغر قصة عنده).
- ميل. تتكون من 5 أسطر و28 كلمة.
- شمس. وتتكون من 3 أسطر و21 كلمة.
- مال.وتتكون من 5 اسطر و24 كلمة.
- حيرة. وتتكون من 12 سطرا و96 كلمة.
- تطويق. وتتكون من3 اسطر و31 كلمة.
- شوق. وتتكون من 4 أسطر و38 كلمة.
- نتيجة. وتتكون من 4 أسطر و35 كلمة.
- تسول. وتتكون من 5 أسطر و28 كلمة.
هكذا ومن خلال هذه القراءة المتواضعة، نكتشف أديبا برع في فن القصة القصيرة جدا.. واستطاع أن يضع له اسما ومكانة في الأدب القصصي الرقمي...



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المفارقات في القصة القصيرة جدا عند عبد الرحيم التدلاوي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» بنية القصة القصيرة عند عبد السلام جاعة
» القصة القصيرة جدا عند حسن البقالي من خلال( القص تحت المطر)
» القصة القصيرة جدا عند مصطفى لغتيري من خلال(مظلة في قبر)
» صدور العدد الثالث عشر من مجرة حول القصة القصيرة جدا
» القصة القصيرة جدا عند محمد فاهي من خلال (ضفائر الغابة)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مدارات :: مدارات نقدية :: مدار النقد-
انتقل الى: