مدارات
مدارات
مدارات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مدارات


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 حديث مع صديقي البحر ..

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
محمد منير
مؤسس
محمد منير


عدد المساهمات : 1898
تاريخ التسجيل : 23/01/2008
العمر : 59

حديث مع صديقي البحر .. Empty
مُساهمةموضوع: حديث مع صديقي البحر ..   حديث مع صديقي البحر .. Empty21/2/2010, 02:04



و للحكي بداية

كلما حاولت أن أجد لي طريقا آمنة لخطواتي، أجدني في منتصف الطريق متعثراً، مستوقفاً من لدن حجرات، كانت قد بدت لي في أول المسير صغيرة..
أنا لا ارغب في طريق وردية أو منبسطة إلى منتهاها .. كل ما أحتاجه ألا تتزاحم فيها العثرات، أن تكون لخطوي آمنة.
كم هو مؤلم تشابك الخطوات .. كم هي حارقة للأقدام هذي الأرض العطشى للخضرة ، الفاقدة لطعم الحياة .. كم أنا متعب فيها.. لا أجد غير سراب يترامى في عيني هنا و هناك.
قد أبدو للرائي أنني لا أجيد إلا لغة البكاء و أن لي مع الحزن عهدا أزليا ، وللقائل أن يقول أنني و الحياة في خصام دائم ، لكنني كم مرة اختلست من حضنها سويعات فرحة ، خلسة منها امتطيتها و كانت لي معها رقصات ، رغم أنها كانت عابرة و منفلتة مني عشتها رغم أنف مرارتها.
لا تسألوا هنا من المسافر بكم عبر هذي الفواصل المستقطعة من نقش ذات لم تسلك بعد طريق الانتشاء الحياتي الآمن.. فالأهم من السؤال هو أن تكون للحكاية منتهى، ألآ يبقى مبتداها معلقا في صدر حاكيها، ساكنة فيه، باقية في دمه تأكل من حبيبات همسه المنخفض، الحارقة لكل منفلت باسم فيه.

(1)

لمَ تواسي المدينة ظلها الحزين ؟ قال ..
كان يعرف أن الأزقة التي استقطعت سنوات من خطواته وتسكعاته ، لن تبقى على عهدها معه ..
وكان يعلم أن المسافة بينه وبينها اتسعت وتتسع الآن أكثر في دواخله .. لكنه استغرب، كيف تسرق نوارس عابرة ظله منها وهي على حافة العمر تتفرج ..
هكذا أعلن للموج وهو يقرع كأس نديمه الصامت إلا من دندنات يرسلها للبحر الرمادية أمواجه بفعل المطر المتساقط هذا المساء ، لم يكن يعلم أن جلوسه هذا المساء لمقارعة الكأس سيفتح في دواخله جرحا قديما كما أن صمت نديمه المفاجئ ترك لأفكاره متسعا للإبحار بعيدا في دواخله والرجوع به إلى سنوات خلت ..
هو يعرف أنه لا يستطيع إخفاء عواطفه كلما انتفض اسمها أمام عينيه ، وتسرب من دواخله بعض من نقوشاتها القابعة فيه .. وتراقصت قربه أخبارها المنقوشة على مساحات بيضاء هنا وهناك.
يعرف أنه لم يعد قادرا على الصمت وامتطاء زورق الابتعاد ، فكل نوارس البحر المحلقة حوله تقرئه فواصلها .. كل آهة تطلقها الأمواج على صخر الشط تذكره بخطوه معها.. كل الصخر في صمته يهمس له باسمها .
كم تؤلمه مدينته هذه التي وزعته بين أزقتها وشوارعها وكان له فيها فتوحات ومقالب كثيرة ..
- لم أعد افرق بين الزقاق والزقاق..
يهمس لنديمه وهو يمد له كأسه الفارغة، ويزيد في همسه له.. يخبره أن كل شيء تغير حتى طعم هذا البحر الذي صاحبهما لسنوات لم تعد رائحته كما كانت، هولا يدري من الذي تغير ، أهذه المدينة أم هو من شاخ نبضه و لم يعد يرى الأشياء كما كان يراها من قبل ..
- ربما.. ربما أنا من لعبت به الأعوام
.. يصرخ في هذه الأمكنة وهو يعب كأسه بعنف.. ويغيب .

(2)

اعذريني ..
إن لم اعد أجيد لغة الحب..
ولا رقص الشفاه ..
ولا ارتعاش العيون.
اعذريني ..
إن يدي بللها جفاء اللمس ،
وصدري امتلأت رئتاه بالصمت..
بهذا يرسم على وجه الموجة التي تتراقص أمام رجليه والكأس الفارغة من أخر قطرة صبها له رفيقه الغير مبالي بما يدور في رأسه..عشر سنوات مرت على سفرها المفاجئ وهو لم يفهم بعد لمَ كان ذاك السفر القاتل، عشر سنوات لم تكفه كي ينسى أنها تركته رغم أنفه عشر سنوات لم يتعلم منها إلا البكاء في وجه البحر واحتساء الكؤوس تلو أخرى.
البحر وحده من يعرف ترجمة صمته ، من يثور في وجهه ويعري عن أحزانه المتشابكة في دواخله .. فكم تكفيه من سنين كي يعيد ترتيب أوراق عمره المتبقية له
، كم تكفيه من كأس ليفرغها في جوفه على مرأى الموج كي تهدأ نار صدره الحارقة.
- أراك نسيت كأسي فارغة..؟
يقول لنديمه المنغمس في لف لفافة دخان معطر بالقنب الأخضر.. كم تمنى لو أن البحر تعطر بالنبيذ وعانقه لأخر مرة وابتلعه في أحشائه..
النديم غير مبال بكلامه ينفض عن سوأته ما علق بها من خز الصخر .. يقف وكأنه أول مرة يرمق فيها صاحبه مهموما ..
- أش بيك العيان ..
هو فهم من وقوف نديمه واستفساره أن ساعة الوصول قد التحقت بنديميه وأن عليه أن يتحمل جل توابعها الآن.
- لا شيء صاحبي .. فقط كنت ارتب أبيات قصيدة خوف من أن تنفلت من رأسي كما فعلت مرارا معي.
- خلينا من لقوافي و تقرقيب السوارت .. أصاحبي ديما أنت غير تخشي الكاس الأول ف جوفك و تتغيب .. بغيت غي شي نهار نديع معاك نشوفك فين تتوصل ..ألطيف لعفو منك .. تريكت لبكا ونويه .. هاك جر ليك شي جرة راه جوان سم وقاطع أبازين ..
تمنى لو أن نديمه ما نطق، لو بقي على حاله كما كان من قبل.. الآن عليه المراوغة والتلاعب بالكلمات كي لا يعلم أنه كان هائما فيها ..لم يكن معه بقدر ما كان غائبا عنه نديمه..
- شفت أنت شي نهار غادي يطير ليك لفريخ وتصبح بحال الروبيو ولد الزنقة 14 .. عرفتيه ولا نفكرك فيه .
- كنعرف آصاحبي .. شكون اللي تيسرح أنا ولا أنت
- أنا يعميه أبا الزين ..
تختلط الأوراق بينهما وتتزاحم الكلمات المخمورة وتتشابك الاياد هنا وهناك ويكون للبحر كلمته الفاصلة في مد موجه عاليا على الصخرة حيث يقعدان ليتبلا معا بللا يبعدهما عن الشط في اتجاه الشارع العام .

منتهى الخطو

استقبل الحلم الصامت من نافذة قلب لم يعد للنبض فيه أي نشيد للخطو.. أتوضأ بماء عينيه كي أصلي له على سجادة الجسد ركعتين .. تلو ركعتين .. وأخرى أعدها نوافل للعشق متى حضر.
لم يعد لي إلا أن انقش للصمت اغتبته وان أتيه في تفاصيل الحكاية وأي حكاية هي وأي منتهى هو.. ان تفقد صوابك بجرة كؤوس تلك هي القصة التي لن تنتهي على مجرى حياتك وأن في البوح لذة الغوص في دواخلك ذاك هو الصواب الفاقد لغته في صمت الطريق المتقطعة فيها أنفاسك ، ماعساك تقول لهما ساعة يسألاك عن ليلك ونديمك الذي لا يفقه في العمر إلا لغة الكأس ولفافات من القنب الأخضر.. أسرع خطاك أيها المبلل بماء البحر ، أسرع كي لا تسقط مرة أخرى في الحكي و مبتداه....


..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فتحية الهاشمي
الادارة و التنسيق
فتحية الهاشمي


عدد المساهمات : 1899
تاريخ التسجيل : 23/01/2008

حديث مع صديقي البحر .. Empty
مُساهمةموضوع: رد: حديث مع صديقي البحر ..   حديث مع صديقي البحر .. Empty21/2/2010, 20:50


صدقا وجدتني أعانق زرقة الموج و أسمع كلماتك أو أسترق السمع لبوحك

أو بوح الكاتب فيك أو الشاعر أو الرسام تداخلت في عيني كل الأجناس و أنا

أقرأ مقارعتك للبحر واستحضارك لماض حاضر في الزرقة و في الذاكرة

أرجو ألآ تنقطع عن الكتابة في هكذا شكل

فعلا سررت كثيرا بما قرأته هنا

محبتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
حديث مع صديقي البحر ..
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» صديقي الحركي
» إلى صديقي الذي لم أنعم بلقياه /حسن حجازي
» ألف مرحبا بك صديقي الرائع الشاعر التونسي محمد علي الهاني
» حديث السفينتين : سيرة ولاد الجهنمي
» حديث الأعين

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مدارات :: مدارات سردية :: مدار القصة-
انتقل الى: