سيرة شاعر عائد الآن من لحظة جنون

(1)
كضفيرة مبللة بندى ليلة يقضّ صمتها بدرٌ اكتمل وجْهُهُ الآن ..
كعاشقين اغتسلا تواَ بماء الشهوة .. ارتقيا سرير التوحد ..
كمدينة لا ينام العمر فيها إلا قُبل فجر هارب من الإسفلت..
كشعبان البوقي لحظة توسد رصيف القاهرة وخطا في الحلم
ألآ نص يجمعنا في بياض الأرض كالحب..
كالنيل المقسمة عيناه على نافذتين مطلتين على وهج الصحراء..
كهاني الصلوي كلما اختلطت عليه رنات هواتفه الخلوية ..
أجدها الآن مختلطة رؤاي في الحلم.
(2)
كطفل انفلتت من فمه الحلمة :أماه
اصرخ في الشارع العام ساعة انسل من أمامي الباص
وفي كفيه أوراق العمر..
كمحفظتي السوداء التي عشقت النيل وأقسمت ألا تعود معي
تركت ظلي هناك يراقب خطو سالم
ورفقة لي في الجنون.
(3)
ها وحدي الآن
اطوي غيمة على غيمة
أراها البلاد تقترب مني
كي أرسم على وجهها بضع أحرف من اللقاء
وأتوسد صدرها مغنّيا للأحبة الذين تركت خلفي ..
للنيل أن يحرس خطوهم..
أن يروي القصيد بماء كنت أودعته إياه
وأنا أمشي والسيد على رصيف وجهه
في اتجاه شارع التحرير.
ها وحدي الآن
تتساقط على صدري
خطاي من قصر طازا
إلى مقهى زهرة البستان
ومن المطعم اليمني إلى زهرة الميدان
كم كنت وحيدا في رؤاي
كم كنت قاسيا على قلبي ساعة تركت ساحة الميدان
ومضيت اجر أحرفي صوب بلادي .
(4)
ها وحدي الآن
ارتب ما بقي لي من ضحكات
أودعَها في صدري سالم
وغاب في زحام المدينة
لم يترك لي متسع للقبلات
ولا لمسة كف تدفئني في رحيلي ..
هكذا هربت مني المدن
نقشتني قصيدة على جوازي المفقود
وبالأحمر كتبتني
على باب السفارة
متسكعا يستجدي هوية
ورسما للبيانات .
(5)
كجندي بلا ذخيرة يراقب حدود وطن مشرعة للعابرين
كقارب صيد قديم يغازل عوامة للرقص الشرقي
كعبد الرحمان حين اعتذر عن ضياع أشياء لي في الشارع العام
كابتسامة الزعزعي في زحام خان خليلي
وغناء الصحب في مقهى الفيشاوي
واختباء سميرة في عباءتها القطرية
وبحة جلاصي وهو يرتل ما تيسر من أناشيد الأطلس .
أجدني الآن وحيدا في عودتي للبلاد.

رتلتنا القاهرة منشورا يأبى الانصياع للمواقيت الهاربة

لا يستجدي الذاكرة أبدا ... بل يسكنها دونا عن كل الملامح

.

كل الود أيها المسافر في الصحبة الوفية

كجندي بلا ذخيرة يراقب حدود الوطن المشرعة للعابرين

ياااااااااااااااااااااااااه محمد

كيف لك أن تنثر الملح على الجرح فتورق أحلام المكان

هي الأمكنة تسكنك بعنف العبارة وهي الوجوه تلون لوحاتك أيها الرسام الشاعر

كلما أرخت لها الأمكنة ازدادت بهاء و كلما قرأت لك تذكرت كازا حين يحرقني شوقي

لتكن رسول الأمكنة بدون منازع

و لتسكن الحروف إلى قلبك الواجف كي تورق أكثر فأكثر

هل للقصيد ان يستوعب المرحلة؟؟
هل للقصيد ان يفي للذي كان؟؟
هل للقصيد ان يساعد الذاكرة على ترتيب كنوزها ؟؟
هل للقصيد ان يتبيس بلحظة الجنون؟؟

» فــــــــــــ لحظة جنون ـــــــــــي
» ذات جنون
» رشفة من جنون
» سيرة جدار
» أغنية شاعر حزين