مدارات
مدارات
مدارات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مدارات


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 عدنان الصايغ و نهاية الشعر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فوزي الديماسي
روائي و ناقد



عدد المساهمات : 30
تاريخ التسجيل : 13/02/2009

عدنان الصايغ و نهاية الشعر Empty
مُساهمةموضوع: عدنان الصايغ و نهاية الشعر   عدنان الصايغ و نهاية الشعر Empty14/2/2009, 12:44

عدنان الصايغ و نهاية الشعر

فوزي الديماسي / تونس

للشعر بهجته و سطوته ، و للشعر أريجه و بريقه و سحره ، هو الرسم بالكلمات على حد تعبير نزار قباني ، و هو طلاسم و رقص متقن بالمفردات ، و هو رديف النصوص المقدسة في تأرجحه بين الهنا / الآن و الهناك / المفارق ، محايث له مغاير في آن من حيث المرجع بمفهومه اللساني ، فشتان بين خطاب مصدره عالم الغيب و آخر عالم الشهادة مصدره ، و لكن الجامع بينهما أنهما خطابان مفارقان لا يندرجان

في خانة الكلام بمفهومه اللسانـي ، فالشعر خطاب تحسبه سحرا و ما هو بذلك ، و إنما هو لغة مطرزة و منمقة و متأنقة مجايلة لليوميّ و لما وراءه ، و للهامشيّ و لما وراءه و للشعبيّ و لما وراءه ، ذلك هو الشعر في أبسط تجلياته و ذلك ما تفتقده نصوص عدنان الصايغ في غير منعطف و في كثير من النصوص حيث جاءت قصائده عارية من كلّ شعرية ، تغلب عليها صفة التقريرية و تعوزها الإنشائية حتى باتت نصوصه و لا نعمّم مقاطع نثرية حاملة من حين لآخر إشارات تحمل على فنّ الشعر القائم على التلميح لا التصريح ، و الشعرإيحائي ، لا إيحاليّ لأنّ الإحالة و التصريح أشياء ليست منه في شيئ ففي قصيدته الموسومة بعنوان " أبواب " و نعتنا إياها بالقصيدة هو من باب التفاؤل ، إذ الإنشائية أي العنصر الأساسي في العملية الشعرية غائب بامتياز حتى أنّ كلامه المحمول عنوة على فن النظم جاء في حلة ركيكة متينة الصلة بالنثر بل إنها لم تبلغ في كثير من أجزائها درجة النثرية :

أطرق بابا
أفتحه
لا أبصر إلاّ نفسي
بابا
أفتحه
أدخل
لا شيء سوى باب
آخر
يا ربّي
كم بابا يفصلني عنّي

فالأسطر هنا عبارة عن تراكيب إسنادية فعلية قصيرة و بعض متممات على حد تعبير النحويين ، احتلت لها محلات في التوزيع البصري للقصيدة و هو في الحقيقة توزيع لا يخضع لإستراتيجية نحوية و شعرية و لا يراعي المقاطع و المعاني ، فأيّ شعرية هذه التي تنسحب على متمّم نحويّ لا محلّ له في التركيب النحوي فلا إنشائية ذات خطر و لا شعرية نحوية فهل من إنشائية في كلمة " بابا " المحتلة سطرا شعريا برمّته ؟ فالأسطر في هذه القصيدة جمل خبرية تحمل معانيها في ظاهرها و في بعض الأحيان ترد الكلمات شاحبة وخالية من كل شعرية كما في قوله " أدخل " و قراءتها لا تتجاوز عتبات السطح ، إذ النص و خاصة النص الإبداعي يقرأ قراءتين من خلال خطه الأمامي و من خلال خطه الخلفي كما ذهبت إلى ذلك جوليا كريستيفا أو هي لعبة " الميتالغوي " علـى حد تعبير الناقد التونسي مصطفـى الكيلانـي ، فغيـاب التكثيف و الاختزال جعـلا من النص الممهور بعنوان " أبـواب " لعدنان الصايغ من ركيك النثر أقرب و به ألصق ، و لو عرضنا القصيدة كلها باستثناء السطر الأخير " كم بابا يفصلني عنّي " على محك علم البلاغة لتهاوت كلها ، و انحدرت نحو عميق الغياب و سحيقه ، و ذلك لخلوّها ممّا يجعل من النص الشعري نصا شعريا يعكس فيه المبدع بلغة مكثفة رؤيته و رؤياه ، ولولا مراوغة السطر الأخير لأفق القارئ لقلنا ما هكذا يقد الشعر يا عدنان !!
أمـّـاّ عن قصيدته المنشورة تحت عنوان " رقعة وطن " فهــي الأخرى لم تشذّ عن سابقتها ، و غرقت بدورها في التقريرية و المباشرتية :

ارتبك الملك
و هو يرى جنوده
محاصرين
من كل الجهات
و المدافع الثقيلة تذك
قلاع القصر

لو جمعنا هذه الأسطر في شكل فقرات على طريقة النثر " ارتبك الملك و هو يرى جنوده محاصرين من كلّ الجهات و المدافع تذك قلاع القصر " فهل من شيء يوحي بشعريتها ، و ما يميّزها عن النثر العادي ليحشرها صاحبها في خانة الشعر ؟ فهل من استعارة أو كناية أو تورية تشفع لهذه الأسطر النثرية الباهتة و الخاوية ، و قد قيل في المدونة النقدية القديمة " الشعر أحلاه أكذبه " و الكذب في هذا الباب ليس بمعناه الأخلاقي و إنما بمعناه الفني ، فهل أتت هذه الأسطر بخارق ؟ أم جعلت الحقيقة مجازا ؟ أو قربت بعيدا أو جمّلت قبيحا ؟ ثمّ إنّ الأسطر المشار إليها هي جملة واحدة تركيبها الإسنادي " ارتبك الملك " و اللاحق بها من الأسطر متممات للتركيب جاءت فـي شكل تراكيب ظرفية تفيد الزمانية و هل تقسيم المتمّم أي التركيب الظرفي إلى مقاطع مختلفة في الطول يعد من باب فعل الشعر ؟؟ و يحقق بالتالي شعرية النص ؟؟ و هل من مقاييس ها هنا اعتمدها الشاعر لتقطيع الجملة إلى مقاطع و توزيعها بصريا حسبه ، أم أنّ العبث و اللاّإستراتيجية هو الأساس الوحيد في التقسيم ، و مثل هذه الشواهد كثيرة في شعر عدنان الصايغ و نذكر منها على سبيل الذكر لا الحصر قصيدة :

و كيف ارى الصحب
من غيبوا في الزنازين
أو كرشوا في الموازين
أو سلّموا للتراب
إنها محنة - بعد
عشرين -
أن تبصر الجسرغير
الذي قد عبرت
السماوات غير
السماوات
و الناس مسكونة
بالغياب ..

إذن يمكن لهذه النماذج الثلاثة أن تقوم دليلا على هشاشة العملية الشعرية لدى عدنان الصايغ طالما أنها لم تبلغ درجة النثرية حتى ، و كم من نثرتجده أشعر من الشعر بكثير و يحتكم إلى صور شعرية على غاية من الروعة و الصنعة و ذلك هو الإبداع الحق بقطع النظر عن المواضيع التي يتناولها و تحضرني هنا شعرية السرد و بلاغته عند طه حسين و جبران خليل جبران ، فالوعد الحق لطه حسين نعدّه من أجود الكتب أسلوبا و طرحا و رغم ذلك لم يحمله النقاد على فن الشعر رغم أننا لو قمنا بتوزيعه بصريا حسب كتّاب قصيدة النثر الحاليين لاستوى كتابا شعريا بامتياز .
و إذا سألت أحد كتّاب قصيدة النثر - و التسمية هنا بالنسبة إلينا إجرائية – عن مدى شعرية ما يكتبون توسلوا بالموسيقى الداخلية التي لم نجد لها أثرا في الأمثلة الثلاث ، فالحروف و المقاطع و الأصوات لم تنسجم مع السياقات التي يكتب من خلالها الشاعر عدنان الصايغ ، فالمقاطع و الأسطر في قصيدته " رقعة وطن الواردة في سياق استهزائي بدت الأصوات - على حدّ تعبير درس الصوتيات - فيها شاحبة و خالية من نبرة الاستهزاء و يحضرني هنا مثال لأبي الطيب المتنبي يصف فيه معركة من معارك سيف الدولة بقوله " و القنا يقرع القنا " فتسمع من خلال الأصوات و الكلمات و الجمل قرع السيف للسيف و حرارة المعركة و هذا ما لم نجده لدى الشاعر في الأمثلة المشار إليها و بذلك جاءت قصائده نصوصا نثرية عادية موزعة توزيعا بصريا هامشيا لا يمكن بأيّ حال من الأحوال حمله على فنّ الشعر .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
عدنان الصايغ و نهاية الشعر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» نهاية اليمة
» رحلة بدون نهاية
» قصيدة\ حسرة خاجيك____للشاعر عدنان ابو اندلس
» فيزويولوجيا الانحراف : شيزوفرينيا والغوص في الفراغ0 عدنان ابو اندلس
» على وقع المطر قصيدة لمحمد منير ترجمة حميد عدنان

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مدارات :: مدارات نقدية :: مدار النقد-
انتقل الى: