مدارات
مدارات
مدارات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مدارات


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 نزار قبّاني نبيّ الزّيف

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فوزي الديماسي
روائي و ناقد



عدد المساهمات : 30
تاريخ التسجيل : 13/02/2009

نزار قبّاني نبيّ  الزّيف Empty
مُساهمةموضوع: نزار قبّاني نبيّ الزّيف   نزار قبّاني نبيّ  الزّيف Empty14/2/2009, 12:42

نزار قباني نبي الزيف

فوزي الديماسي / تونس
جريدة العرب

لا يزال موضوع المرأة أرضا خصبة للدارسين ، ولا يزال الإختلاف يطبع كلّ المقاربات ، فالجميع طرائق قددا و الأصوات على تعدّدها و تنوّع مشاربها لم تبلغ بعد قرنين من الزمن موقفا موحّدا على جميع الأصعدة ، حتّى الشعر لم يجنح لوحدة الموقف و مسّته لعنة الإختلاف
و من الأدباء - دون تخصيص جنساني - من خرج دفاعا عن المرأة ، ومنهم من ذرف شعره على أطــــــلال المقــاصيـر و ليالي البلاطات ، و فريق آخر أخذ من هذا و ذاك و آمن بالوحدة الإنسانية و ذلك أضعف الإيمان .
و نزار قباّني من اللذين سخّروا حياتهم للدّفاع عن المرأة أو هكذا أراد أن يوهمنا ، وشتان بين الدعوة و الممارسة ، فالفرق بيّن في شعره ، فنزار الشاعر ليس هو نزار المنظّر حيث تشظّت الرؤية لديه و تلبست بالفصام و تنازعها في ذلك الطبع و التطبّع و قد غلب الطبع و انتصرت كلماته في جل قصائده للذكورية ، وصوته الشعريّ لم يتطابق وجهه مع قفاه . إذن لم تظهر المرأة في شعره بزيّ يخرجها من خانة موضوع للرغبة و الشبقية و التبعية للذكر بل خرجت علينا في جلّ قصائده بالوجه الذي عهدناه في قصائد امرئ القيس و ابن أبي ربيعة و غيرهما و فضل قباني كمن لا فضل له هنا حيث جاءت قصائده تنويعا على قصائد الغزل السابقة . و للتدليل على انتصاره للذكورية انظر قوله من ديوانه – قصائد متوحشة –
ارجع إلي فإن الأرض واقفة
إنما الأرض فرّت من ثوانيها
ارجع فبعدك لا عقد أعلّقه
لمن جمالي ؟ لمن شال الحرير ؟ لمن
ضفائري أربيها
ارجع كما أنت صحوا كنت أم مطرا
فما حياتي أنا إن لم تكن فيها
و يدعي الشاعر نزار قباني أنه مؤسس جمهورية المرأة ، وأنه هو من أخرجها من ظلمة المقاصير إلى نور الحرية ، و أنه المدافع عنها ككيان له هويته الجنسانية و الأنطلوجية بامتياز ، و المتتبع لشعره في العديد من منعطفاته يكتشف عكس ذلك ، فبئس الجمهورية التي عمقت هامشية المرأة . والصورة صورة عرجاء تلك التي صدرها الشاعر لقرائه ، صورة تؤسس لسيطرة الخطاب الذكوري و احتوائه لفعل القول لحظة تصويره للمرأة لا كذات لها ما يميزها عن الذات الذكورية بل كجسد / سلعة ، كما أن الصورة القبانية لا تزيد المرأة إلا تجذرا في تربة الضعف والإرتكاس و التبعية ، و ينزل قوله بها إلى قيعان أرض الشبق و اللذة و الرغبة .
إذن نزار قباني خطاب بطركي بامتياز يقطر شرقية ، و يصّنف المرأة ذات التصنيف الذي دأبت الأدبيات الذكورية على التبشير به سواء السابقة منها أو اللاحقة ، فالمرأة / السلعة هي الغالبة على شعره عكس ما ينادي به في حواراته و تدخلا ته ، فشتان في عديد المناسبات بين رؤيته و شعره .
يقول نزار قباني :- يضعونني في زجاجة الحب ….. و يختمونها بالشمع الأحمر ، هذا تحديد ساذج للحب ….. فالذي يحب امرأة يحب وطنا … و الذي يحب وجها جميلا يحب العالم . و لكن بلادي لا ترى الحب إلا من ثقب الإبرة . لا تراه إلا من خلال جغرافية الجسد -
كلام أنيق و كلام يتنكر صراحة للخطاب الشعبوي الماضوي ، و يعكس رؤية تجاوزية للخطابات الذكورية المتخشبة ، و ينمّ عن نظرة ناسفة في الآن نفسه للمرأة / المتعة ، كما تدل قولته هذه على بعد نظر في تناول موضوع المرأة ، لا كموضوع رغبة بل كذات واعية ومدركة لحدها و حدودها، و قد جاء تنظيره قولا منصفا يخرج المرأة من دائرة الجسد المحمول على شبقية ما ، وينفي عن شعر الرجل – أي قباني - بطركية الخطابات الأدبية السائدة ، كما يرفع المرأة من دونية باتت لصيقة بها إلى عهد غير بعيد ، هكذا يتبادر للذهن لحظة قراءة هذه القولة ، لكن حين تتفحص شعر قباني يخرج عليك من بين شقوق النص رجلا شرقيا حد النخاع ، ذلك الرجل المجبول على أبوية مجحفة ، لحظتها ترجع القهقرى لتقلّب كلمات نزار ، فتكتشف كلما توغلت قول الزيف و زيف القول ، أليس هو من ادعى إنشاء جمهورية المرأة ؟ وجعل من الحب شيئا مباحا و خبزا يوميا بعدما كان حبيس المحبسين ، محبس الذكورية و محبس الممنوع ، وأنه هو من ارتقى بالمرأة من سفح السكونية و الدونية إلى قمة الإعتراف بها كذات بعيدا عن خطاب المقاصير المضمخ بالإيروتكية و المختزل للمرأة و المغيب لجانبها الإنساني و أليس هو من أنقذها من الزج بها في خانة المرأة / الوليمة ؟ أليس هو القائل :
أنا في الحب صاحب معجزات
جئت للعاشقين بالآيات
كان أهل الغرام قبلي أميين
حتى تلقوا كلماتي .
نبوة زيف ، و زيف نيوة يبشر بها الشاعر ، لأنه من الذين نظروا للمرأة من خلال جغرافية جسدها ، ومن ثقب الإبرة تعامل مع الحب كقيمة انسانية رفيعة ، ونبوته هذه لم تحرر المرأة من أنياب الخطاب الذكوري كما ادعى ، بل رسّخ صورة المرأة / الجسد والمرأة / الغواية ، و بذلك كان شعره في علاقته بتنظيراته كمن يحمل في أحشائه أسباب فنائه وبذور نهايته . والمتتبّع لشعر نزار يظفر في عديد المناسبات بأبيات أو قصائد موغلة في الشّبقيّة المتناغمة مع المرأة / الوليمة و لعلّ قوله :من ديوانه – أشعار خارجة عن القانون -
هل سنبقى سنة أخرى على هذا السرير
نتعاطى الشاي و الزبدة و الجنس …. على نفس السرسر
إنني أحفظ جغرافية النهدين يا سيدتي عن ظهر قلب
وانا اعرف كالتلمبذ أخبار الحضارات التي قد نشأت بينها عن ظهر قلب
وانا أعرف
طعم العرق المالح يجري من مساماتك
و الجرح الطفولي على ركبتك اليسرى
و هذا الوبر النامي على سلسلة الظهر كأسلاك الحرير و الدبابيس التي ترقد في شعرك
فشعره هذا يفنّد مزاعمه في القولة آنفة الذّكر ، و يعزّز دونيّة المرأة و بطركيّة الخطاب الشعريّ ، فصورة المرأة في هذه الأبيات ملطّخة بالشيقيّة إلى أمّ رأسها ، فهي ذات الصورة المتلبّسة بشعر امرئ القيس و عمرو بن أبي ربيعة وغيرهم مّمن صوّروا المرأة لحظة دعة و إنتشاء ، فأين هنا صوت المرأة الباحثة عن صوتها في زحمة الأصوات الذّكوريّة الطاغية ، و هل من صدى لبعض الأصوات الخافتة المنادية من هنا و هناك لجلب انتباه الصوت الشرقيّ الشمولي المحتكم إلى رؤية آحاديّة الجانب و كليانيّة في آن ، ولا نظنّ أنّ الشاعر نزار قباني بقوله هذا صحّح الصورة المشوهة و أعاد للمرأة رياديتها المفترضة كما لانظن أن بهذه الصورة المصدرة ستنحت المرأة لها كيانا و تكون بذلك
قطب المعادلة الوجودية – أنثى / ذكر كما لا نظن أن التوغل في مواضيع ممجوجة أخلاقيا سيحرّر المرأة من أغلالها ، فأيّ صورة يقدّمها الشاعر لقرّائه غير الشّبق و التغزّل العاري من كلّ جماليّة .
وقد تصوّر نزار في مواضع أخرى أنّ الحديث عن أشياء المرأة البسيطة كالمساحيق و أدوات الزّينة يجعل من المرأة ذاتا لها كيانها تعبّر عنه دون تورية أو خوف من السلطة – السلطة بمفهومها الميكرو فيزيائي على حدّ تعبير الفيلسوف بول ريكور - أو الأنا الأعلى المستبطن ، و قد ذهب به الظنّ مذاهب شتّى ولكن شعره كفيل بالردّ عليه:
فالمرأة في شعره بمثابة جنة أبي العلاء المعري و قد يصح تطبيق منهج الإعلاء و التصعيد على قصائد قباني إذا سلمنا جدلا انّ الفنّ عموما و الادب خصوصا لحظة فارقة و غير واعية يصور فيها الفنان مكبوتاته و لانظن انّ الحدبث عن النهد و الساق و الفخذ و المساحيق و فتى الأحلام يمكن أن يؤسس لخطاب أنثوي يستطيع ان تقارع به سنوات من التراكم و عقلية شرقية برمتها و إنما هذا الشعر المحمول على المراة لايحررها بل يزيد في تشييئها و جنسنتها في خانة الجسد / السلعة و ها هو قوله يكون على زيف نبوته شهيدا فانظر قوله من ديوانه – الرسم بالكلمات –
ماذا يهمّك أن أكون ؟
حجر… كتاب …. غيمة
ماذا يهمك من أكون ؟
مادمت أحرث كالحصان على السرير الواسع
ما دمت أزرع تحت جلدك الف طفل رائع
ما دمت أسكب في خليجك رغوتي و زوابعي
ما شأن أفكاري ؟ دعيها جانبا
إني أفكر عادة بأصابعي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
نزار قبّاني نبيّ الزّيف
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مدارات :: مدارات نقدية :: مدار النقد-
انتقل الى: