مدارات
مدارات
مدارات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مدارات


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 إدانة النزعات الفردية، والاحتجاج على الواقع

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ركاطة حميد




عدد المساهمات : 23
تاريخ التسجيل : 11/02/2008

إدانة النزعات الفردية، والاحتجاج على الواقع Empty
مُساهمةموضوع: إدانة النزعات الفردية، والاحتجاج على الواقع   إدانة النزعات الفردية، والاحتجاج على الواقع Empty29/9/2008, 17:56

إدانة النزعات الفردية، والاحتجاج على الواقع
"عندما يطير الفلاسفة" نموذجا .
الجزء الأول(1)

لم يكن صدفة أن أقرأ بعض نصوص هذه المجموعة، التي أثار انتباهي عنوانها المفتوح على كثير من الاحتمالات، كما أن النصوص التي انتقيتها قصد الدراسة والتحليل بعد قراءتها، تحمل أكثر من دلالة، ومضامينها، وأبعادها، يضيق بها فضاء النصوص .. ولعل المغامرة في ثناياها قد تفتح لنا هامشا لتعقب بعض الإشارات أو الومضات المساعدة على فك طلاسم ذلك التحليق، وسوف نتناول كل من النصوص التالية :
أخلاق الكلاب، ص (17) مالك المدينة، ص (27 ) متر على مترين، ص ( 49)

بالنسبة للنص الأول "أخلاق الكلاب" كتب بطريقة تثير الدهشة، ويضعك أثناء القراءة على محك السؤال المؤرق، ويدفعك إلى التهام ما تبقى من سطور بحثا عن خلاص أو مخرج، أو جواب مقنع … وقد تضحك أولى الجمل "الكلاب مخلوقات غدارة" ص (17) وهو عكس الراسخ.
في كل الثوابت حول هذه المخلوقات، فالسارد يكذب! أو يشكك .. يوهم .. ويتمادى في طرحه "في وقت الدهشة تلبس لك جلد النمر، وتعض يدك التي مدت لها بالإحسان" ص (17)
وهذا التحضير الأولي لتقنية القارئ، وإبطال مفعول كل الثوابت، لم يكن اعتباطيا، بل كان مقصودا باعتباره أرضية لبناء أحداث النص، انطلاقا من قصة "قرصانة الكراييبي" منتقدا كاميليو خوسيه ثيلا مؤلفها في كونه أسقط العديد من التفاصيل الهامة وعلى رأسها وجود الكلب [معه] ص 17، فالسارد يتقمص منذ البداية شخصية بطل قصة أخرى، ويعيد تأثيث نصه، بحضور الكلب لأنه محور الحكاية.
ويمكن اعتبار تقنية /منهجية/أسلوب/ التشكيك والمراوغة جمالية مضافة إلى هذا النص المبني على أنقاض قصة أخرى، وكأننا في زيارة موقع أثري "قصصي" رفقة خبير أركيولوجي، يعيد استنطاق حفريات النص وترميمها من جديد، ليصبغ عليها مظهر الواقعية ويدحض مزاعم وتفسيرات أخرى مجانبة للصواب إلى حد كبير.
وبالعودة إلى أحداث النص، نجد أن نزول البطل على أرض الجزيرة كان خاليا من كل مقدمات وأهوال، كان عجائبيا وسحريا، مكتفيا بإخبارنا فقط عما قالته له حبيبته : "مونشا" الجميلة حين أنزلتني أنا والكلب على ظهر تلك الجزيرة الخالية وقالت لي آسفة فلقد خلق قلبي لحياة الترحال والمغامرة، ولم يخلق لحياة الحب "ص 17.
لقد كان النزول إلى أرضية الحكي من متن آخر، ومن مركب "مونشا" اللعوب التي لم ولن تكتف فقط بقلب رجل واحد، وحب واحد إعلانا على إبراز الغدر وإعلان نية عدم الإخلاص، والتخلي عن الآخر لحظة الشدة. وهذا الموقف سيتم تصريفه لاحقا من طرف السارد مع كلبه، ونلاحظ أن الحسرة لم تدم طويلا، فسرعان ما تنبه إلى أنه ليس وحيدا أو بدون سند بقوله "لوولف" .. لم يبق على هذه الجزيرة غيرنا يا صديقي ... ساعدني على تخطي هذه المحنة. ص ( )
لم يكن هذا البوح مجانيا، بل كان صادقا، ونابعا من أعماق رجل مهزوم، ولم يكن الرفيق سوى "وولف" الذي يقرأ لغة العينين والإشارات والإيماءات … إنه تحليق خاص وعزف منفرد على آلة وترية يعكس صندوقها رنات لا يتذوق سحرها، سوى المستمع الصامت والهادئ، و "وولف" بصمته استوعب الرسالة، وتذوق عذوبة الرنات الحزينة، استجاب وتعاون "بإخلاص" لكن النظرة الإيجابية إليه لم تدم طويلا .. اقتسمت مع الخائن علبة الشوكولاته وبرميل الماء العذب التي تركتهما لي حبيبتي .. مونشا فرننديث ص (17).
إن إلصاق تهمة الخيانة بالكلب، وتمجيد الحبيبة الخائنة لم يكن بمحض الصدفة، فالسارد لا يزال مقتنعا بحب "مونشا" رغم نبذها وتخليها عنه، وإخلاص الكلب سيبقى دوما خيانة، وهي حالة نبرز انشطارية السارد وإضماره للحقيقة وتلزم القارئ على التزام الحيطة والحذر من إسقاطات أخرى، نظرا لتقلب شخصيته التي تنشطر إلى حالتين/عالمين، متضاربين مطلقا، وبمفاهيمهما المقلوبة أو المعكوسة عن الخير والشر.
فالكلب يقول السارد "ساعدني على إيجاد بعض المحار" ص (17) "ظل ليلته الأولى ساهرا".. "حاول تجرع ماء البحر" ص (18) "ما زال كلبا أمينا يمكن الاعتماد عليه" ص (18) وهي صفات تتنافى بشكل مطلق والعيوب التي أمطرنا بها في مقدمة النص "الكلاب مخلوقات غدارة ومخادعة" ص (17).
ولعل الصورة التي رسمها الأستاذ محمد أيت حنا لشخصية سارده المريضة كانت كفيلة بأن تدهشنا أكثر من خلال آخر مواقفه حيث يقول "ونحن على شفا حفرة من الهلاك نظرت في عيني "وولف" … فرأيت في عينيه معان كثيرة كريهة" ص (18).
إن محاولة قراءة أحاسيس الآخر والحكم على نواياه انطلاقا من مرجعية فكرية خاصة .. مليئة بالشك والحذر، وفيها من سبق الإصرار من يجعلنا نصدق أحيانا ونتماهى مع طروحات السارد في بعض المواقف الحرجة "لم يبق إلا أنا وأنت والجوع، فإما أن تأكلني وإما أن آكلك" ص (18)
إن منطق تسلسل الأحداث يحيلنا دوما على الغلبة للأقوى، احتكاما إلى قانون الغاب، ويضعنا أمام احتمال واحد هو تغلب النزعة الحيوانية (الطبيعة) على النزعة الإنسانية وهو احترام لسيرورة الحياة والمنطق والأشياء … غير أن نهاية النص العاصفة بكل التطلعات قلبت كل الموازين بقول السارد ص (19) "كان لحم"وولف" لذيذا على الرغم من أنني أكلته دون توابل ودون أن أتركه ينضج جيدا لفرط جوعي …؟ وهي نهاية تكرس بشكل سلبي حيوانية الإنسان/وإنسانية الحيوان، وقلب لكل المفاهيم والقيم.
إن هذه النهاية الدرامية هي في الأصل نهاية لكل القيم الإنسانية التي تم تحصينها على امتداد العصور ونذير بالعودة إلى البدايات، واحتفاء بنهاية عصر إنسانية الإنسان، فنهاية "وولف" هي إشارة لنهاية صاحبه الذي سوف يظل بعد انقضاء لحظات الاحتفال بنشوة الانتصار، مترقبا نهايته التي لن تكون أقل درامية من نهاية كلبه، الذي مات دون إحساس كبير بالألم، عكس السارد الذي سوف يموت موتة بالتقيط.
يبرز سلوك السارد، ضيف أفق تفكير الإنسان، وعجزه عن ابتكار حلول ناجعة للنجاة، وبالتالي نزوعه دوما للبحث عن أبسط الحلول، وأقربها إلى تلبية غرائزه، وهو ما عبرت عنه عتبة النص بشكل ساخر جدا، فأخلاق الكل إشارة إلى أخلاق الإنسان الكلب في صوره المتعددة مانشا/السارد، وكل ما يوجد من نماذج بشرية منفصمة على شاكلتها، تحلق في فضاء الوهم والخداع والأنانية، وهو تليق يتم ربطه مباشرة بعتبة المجموعة "عندما يطير الفلاسفة" في إشارة إلى التحليق في عوالم ذاتية خاصة، كما أن السارد في حديثه عن الكلب كان كالفيلسوف المتعب في متاهات الثوابت داحضا إياها لحظة، وأخرى معتبرا إياها مجرد فرضيات في ذهن القارئ، في محاولة لتمرير فكرته الأساسية، وتبريرها بمختلف الوسائل.
النص الثاني : أما في نص مالك المدينة، فينتقد القاص محمد أيت حنا الكيفية التي يتم بها التعامل مع الخبر وترويجه سواء من خلال وسائل الإعلام الرسمية أو فهم مضمونه من طرف العامة، هكذا أعلنها المذيع جافة وبلا مقدمات ص (23) أو في المساجد اعتمادا على مرجعية دينية (تهويل/ربط بالغيبيات/ القدر) ولم تفت خطيب الجمعة الفرصة كي يؤكد أن ………………………
نراها ما هي إلا نتيجة شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، والتفسير العامي للمفهوم، قال بعضهم أن درجة الحرارة ستكون من الشدة، بحيث ستحرق جلد "من خرج من منزله، وزعم بعضهم أن من ينظر إلى الشمس يوم الكسوف يصاب بالعمى الكلي"
إن تضارب آراء الشخوص داخل النص هو تصوير دقيق للواقع بصورة عامة، فالمفهوم العلمي له آليات، وقواعد لإرساله ضمن منظومة خاصة مرسل رسالة مستقبل ( فارز ) لتفكيك شفة الرسالة، وهذه الآلية هي المفتقدة، والغير متوفرة في الواقع، فلو تم تحديد معنى الكسوف علميا وأخطاره، وكيفية التعامل معه كظاهرة طبيعية، لما حدث ذلك اللبس، ولأضحت الظاهرة أمرا عاديا، غير أن الغموض الذي اكتنف تفسير الظاهرة، والهالة التي تم إعطاؤها لها جعلت منها شرا مرتقبا، يجب التواري منه، والابتعاد عنه، واتخاذ كافة الاحتياطات لعدم تلقي شروره وفتكه "أقفلت المتاجر، والمنازل والعيون، ولزم الناس بيوتهم بعدما أحكموا إغلاق الحظائر على الحيوانات … تحسبا لما قد لا تمد عقباه. ص (29)
والصورة الأخيرة لها بلاغة ودلالة كبيرة، نظرا لمستوى الخوف الذي بلغه الناس، وكأن الكسوف وباء سيجتاحهم لا محالة، وليس فقط مجرد ظاهرة من ظواهر الطبيعة الجديرة بالمتابعة والاكتشاف، وفيها متعة، لأنها لا تتكرر إلا بعد سنوات أو أحقاب زمنية، مما حذا بهم نظرا للبس فهم ظاهرته إلى الانزواء وإدخال "بعض الأطعمة التي من شأنها أن تقيهم مغبة الخروج من مكامنهم" ص (29).
وفي مقابل هذا الاحتياط الحذر، والخوف الشديد، وكأننا إزاء ملة تمشيطية، أو في ظل قانون للأحكام العرفية المانع للتجول والقامع لكل تحرك، كان هناك رجل واحد، شكل بالنسبة للآخرين نشازا، وظاهرة متفردة وعجيبة كظاهرة الكسوف نفسها .. وحيدا.. يدرع شوارع المدينة الخرساء … سعيدا لكونه استطاع أن يصل جولته المعتادة بجولة صباحية، يرى المدينة فيها على حقيقتها. ص (29)
إن متعة الفرد في مقابل تعاسة وخوف الجماعة ورعبها، وتلذذه بالتجول في المدينة الفارغة لوحده منحه الإحساس بملكية المدينة، لكونه كان وهو في جولته حرا طليقا، ينتشي بالهدوء، ويرى الأمور على حقيقتها، وكأن المدينة امرأة تخلصت أخيرا من كل مساحيقها الزائفة، وأقنعتها الغريبة الموارية لكل العيوب، واستسلمت روحا، وجسدا طاهرين لرجل تحبه حتى الجنون، كاشفة عن مفاتنها الحقيقية واهبة نفسها له : وهو أمر منحه الإحساس بالتملك والانفراد أو الاستئنار بها لوحده، دون مشاركة الغير "ما أجمل أن تكون مالكا لهذه المدينة كلها، أن تكون لك وحدك" ص (29)
وفي حديثه عن الزلزال، يتطرق السارد إلى وصف رجته وما خلفتها من رعب في أنفس الناس وهم نيام، وما سببته من "تراكض في الشوارع من صراخ … لكن وسائل الإعلام، تعاملت مع الحدث باستخفاف، وعدم الاكتراث : "قال المذيع بأنها رجة بسيطة، لا يعتد لها، لكن الخوف ما زال قائما من وقوع هزات ارتدادية قد تكون عنيفة" ص (30)
وهذا الموقف فيه كثير من اللبس وعدم الوضوح :
بسيطة # عنيفة،وغموض بالشك الناتج عن عدم التوفر على يقينية الخبر، ووثوقيته (المصدر العلمي الراصد للظاهرة وآثارها، وسيرورتها) فالإعلام كهيئة ومؤسسة (أو مؤسسات) لا زال بعيدا كل البعد عما يحدث في البلاد ويعمل بشكل مستقل، وبدون تنسيق مع مؤسسات أخرى، كالمراصد مثلا.
وهذه الصورة الكاريكاتورية فيها من الانتقاد والسخرية، ما يدفع القارئ إلى طرح العديد من التساؤلات عن مدى مصداقية مؤسسات الإعلام والاتصال بالبلاد، وكذا عن دورها في مد المواطنين بالخبر، وبالتالي التساؤل عن مصداقية الخبر "كمعلومة" والتي تظل القنوات تطرحها طوال اليوم من خلال وسائلها المختلفة دون الحديث عن سلبياتها، وتوغلها داخل كل البيوت وفي أعمال الناس.
وبالعودة إلى النص، نجد الناس كالعادة، يتدبرون أمرهم، ويتصرفون وفق اجتهاداتهم، والإنصات لغرائزهم، كثر الإقبال على اقتناء المواد الاستهلاكية، ازدادت الأثمنة، ازداد الإقبال، كثر الشجار والسباب، كثر الإيمان، ازدحمت المساجد، قال الخطيب الشيء الكثير ص(30)، في إشارة إلى حالة الفوضى التي عمت، والخوف من الموت، وارتفاع حدة التوتر … وتيه الناس، وحيرتهم.
إن بلاغة الصورة، وقوتها تضعنا في العمق وتفرض علينا قراءتها من جميع الزوايا.
فارتفاع الأسعار ناتج عن ازدياد الطلب، مما يفسر هشاشة الاقتصاد غير المتوازن في البلاد، وقلة السلع، وتهافت الناس عليها، يولد الشجار والسباب، فالغلبة للأقوى دائما على الاستحواذ على أكبر كمية، في إشارة إلى العقلية المتخلفة، وسوء التربية والتنظيم، وغياب الاتحاد، والتعاون والتآزر وثقافة التكافل الاجتماعي، وضرب مطلق لكل تشبع بالتعاليم والمعتقدات الدينية، مما يظهر الزيف، وحقيقة النوايا وغلبة النزعة الحيوانية لدى الفرد المنافق، فازدحام المساجد، وكثرة الإيمان، ليست مقياسا حقيقيا لإظهار إيمان الفرد، بقدر ما هي إلا صورة تتكرر في مناسبات معينة (شهر رمضان/الأعياد/صلاة الاستسقاء). وهذا التعبد المناسباتي فيه من الأنانية وحربائية العقليات، وتكيفها بأقنعة حسب الظروف، كما تشكل الكوارث فرصة سانحة للمؤسسة الدينية (الخطباء/الوعاظ/المرشدين) لبث الرعب في النفوس،، وتمرير خطابها الذي تصم له الآذان والقلوب في غير ما مناسبة، نظرا لعدم مواكبة منطق خطابها لمتطلبات الحياة، ولاعتباره خطابا دينيا تقليديا لم يطور وسائله ولغته، ومفاهيمه، لجعلها أكثر التصاقا، وتفها لمشاكل الناس.
ونظرا لحالة الهلع والفوضى، والترقب، قرر السكان "البقاء خارج منازلهم في العراء، تحت الخيام، أو تحت السماء" ص(30) منتظرين حلول الكارثة، أو القدر المحتوم، وجها لوجه مع المجهول.
=darkblue][/color]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
إدانة النزعات الفردية، والاحتجاج على الواقع
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» إدانة انزعات الفردية، والاحتجاج على الواقع الدجزء (2)
» الفلسفة و الواقع
» اتحاد كتاب المغرب :إدانة واعلان نتائج
» ألوان الواقع الإبداعي والواقع المعاش

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مدارات :: مدارات نقدية :: مدار النقد-
انتقل الى: