مدارات
مدارات
مدارات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مدارات


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 قصة قصيرة: حالة شغب

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
عبد الهادي الفحيلي




عدد المساهمات : 93
تاريخ التسجيل : 05/02/2008

قصة قصيرة: حالة شغب Empty
مُساهمةموضوع: قصة قصيرة: حالة شغب   قصة قصيرة: حالة شغب Empty7/2/2008, 00:05

حالة شغب





وهو يمسك بمعصمي بقوة ويسحبني وراءه مثل لاشيء, كان الجيران ينظرون إلي في إشفاق. كنت أنظر إليهم من وراء الدموع وأنا أطير في الهواء. هو يلعن دين أمي وربها وربي أيضا.
- حشومة عليك أصاحبي.
- وا سمح ليه غير هاذ المرة.
كانت هذه العبارات تعترض طريقنا وأنا مجرور إلى وجبة تعذيب دسمة.
- ما سوق حتى واحد. كل واحد يديها في راسو.
هكذا كان يرد ولا أحد يجرؤ أن يخلصني من قبضته الجبارة؛ أنا الفرخ الذي لا يزن أكثر مما تزن ريشة.
لا أذكر أنني أتيت شيئا يستحق كل غضبه ذاك. كان جبارا لا يتسامح بسهولة. كان يربيني بطريقته الخاصة "جدا". "العصا خارجة من الجنة اللي كلاها يتهنى", كان يقول دائما وهو يتطلع إلي في نشوة المنتصر عندما يكون قد انتهى من "تربيتي" وأنا أغالب الألم والقهر. لكنني لم أكن أنتهي من الشغب الذي كان يثير غضبه علي.
كان يشرح لي أنه يحبني ويبتغي مصلحتي -ولذلك يضربني- عندما يكون مزاجه رائقا, فيعطيني درهما أو أقل منه ويشرع في سرد ما لا نهاية من الكلمات التي لم أكن أسمع منها إلا القليل جدا وأنا أرسم مشاريع صرف ذلك المبلغ. كان يعطيني النقود باستمرار فأنسى قسوته علي رغم هزالة المبالغ. كان سخيا معي. حتى في عنفه ضدي كان كذلك. مرة كاد يقتلني؛ رفعني إلى أعلى من رأسه وخبطني على أرض البيت. عندما فتحت عيني بعد فترة لا أدري مقدارها, أتاني وجه أمي من وراء الضباب منكبا علي وعيناها غارقتان في بحر من الدموع. أحسست بألم فظيع في كتفي. لم أجده عندما أفقت. ضمتني أمي بقوة إلى صدرها. صرخت. كان كتفي ملتهبا. أخذتني إلى رجل طمأنها أنني لا أشكو من كسر في كتفي. ربطها بضمادة وعدنا إلى البيت. في الطريق اشترت لي حلوى طويلة الشكل منقوعة في العسل كنت أعشقها بجنون. نسيت ألمي وأنا آكل على مهل حتى أستمتع بها أطول وقت ممكن.
عندما عاد إلى البيت في المساء متأخرا استقبلته أمي بوابل من الشتم والدموع. صفعه أبي بقوة وحنق وهو يصرخ في وجهه: أتريد أن تقتل أخاك؟ لم يحرك ساكنا ورأسه مطأطأ إلى الأرض. لو يذرف بعض الدموع؟ فرحت كثيرا للصفعة. طرده أبي فخرج ولم يعد تلك الليلة إلى البيت.
كنت لا أزن كثيرا. "بحال إلى ما كاتكولش النعمة", كانت تردد أمي. كنت قريبا إلى الأرض لكني كنت أعيث فيها فسادا: أقرع أجراس البيوت وألوذ بالفرار. أتعارك مع أترابي في الحي. أهرب من المدرسة مع بعض من "العفاريت الصغار" ونذهب إلى الأسواق المجاورة لنتفرج على "الحلقات" ونسرق الخضر والفواكه. أجذب ثياب "بابوبكر" وأهرب وهو يرغي ويزبد ويعري شيئه ويمسك بأي شِخص تصل إليه يده ليشبعه ضربا وسبا ومشاغبو الحي -صغارا وكبارا- يصفقون ويرددون: بوبكر يشطح لينا.
بابوبكر هذا أمسكني مرة وحملني من عنقي حتى انقطع الهواء عني وأحسست بعيني قد خرجتا من محجريهما. أعتقني أخي الأكبر بمشقة. لأيام استمر عنقي يؤلمني. كنت مارا بقربه لامباليا. كان شيخا كبيرا ما زال يملك بعض فتوة وغلظة. جن في غفلة منه. صار أضحوكتنا. لم يجن دفعة واحدة. نحن -عفاريت الحي- من نقل جنونه إلى السرعة القصوى عندما اكتشفنا السبيل إلى تهييجه. مجرد شد ملابسه يثير كل الشياطين في دمه.
- هاذاك الشيطان؛ كانت تناديني أمي.
كثيرة هي المرات التي كدت أموت فيها بين يدي أخي الأكبر.
- نتا بحال المش عندك سبع أرواح؛ كانت تقول أمي.
كنت أحس بالزهو. سرعان ما كنت أنسى فظاعة التعذيب عندما أخرج من البيت وألتقي رفاقي في الدرب.
كنت أتمنع عن الموت رغم أن جسدي الصغير –على ما يبدو- لا يمكن أن يتحمل صنوف العذاب تلك خاصة من أخي.
عندما أوصلني إلى البيت فتح الباب وقذفني مثل كرة صغيرة من المطاط. أغلق الباب.سحب حزام سرواله الغليظ . لف طرفه على يده وشرع يجلدني وأنا أصرخ وأستنجد "بعار الله وبعار والديه". كان بركانا من الغضب. لم يكن أحد في البيت. الحزام يهوي على كل ركن في جسدي. أتلوى من الألم ودموعي طوفان حقيقي. كان يصرخ وهو يجلدني ويرفسني بقدمه بين الفينة والأخرى: هاذ الشي اللي بقى ليك مادرتيهش. كنت أصرخ مستغيثا: غير هاذ المرة. ماعمرني نعاود.
عندما تعب ارتمى على أقرب سرير وهو مايزال ممسكا بحزامه ويسب عروقي وجذوري. تكومت في ركن وأنا أنتفض مثل دجاجة مذبوحة. بعد لحظات انفرج الباب عن وجه أمي. وقعت عيناها علي في تلك الحالة فسألته:
- آش دار ثاني أوعدي؟
- سوليه هو يقول ليك؟
- آش درت أ لمزغوب؟
- ............
- قول لي آش دار أولا غير قال ليك راسك دير فيه هاذ الحالة؟
- هاذاك راه غايسفطك للحبس أو لا السبيطار. راني لقيتو شاد دري صغير ورا الحايط ديال المدرسة أو منزل ليه سروالو أو......................
- ....................
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الحمري محمد

الحمري محمد


عدد المساهمات : 55
تاريخ التسجيل : 04/02/2008
العمر : 60

قصة قصيرة: حالة شغب Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة قصيرة: حالة شغب   قصة قصيرة: حالة شغب Empty7/2/2008, 20:13

الاخ سي عبد الهادي
انا كقارئ مغربي لا اجد صعوبة في ادماج لهجتنا ضمن نصوص سردية.
هذا أمر فيه حديث طويل.
ما رأيك ايها الفاضل في هذه المسألة؟
الا ترى انه بقدر ما يقترب نصك من قارئ مغربي,قد بالقدر نفسه يبتعد عن قارئ لا يستوعب
الانزياح اللغوي للهجتنا؟
مع محبتي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبد الهادي الفحيلي




عدد المساهمات : 93
تاريخ التسجيل : 05/02/2008

قصة قصيرة: حالة شغب Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة قصيرة: حالة شغب   قصة قصيرة: حالة شغب Empty7/2/2008, 23:00

"الحمري محمد"]الاخ سي عبد الهادي
انا كقارئ مغربي لا اجد صعوبة في ادماج لهجتنا ضمن نصوص سردية.
هذا أمر فيه حديث طويل.
ما رأيك ايها الفاضل في هذه المسألة؟
الا ترى انه بقدر ما يقترب نصك من قارئ مغربي,قد بالقدر نفسه يبتعد عن قارئ لا يستوعب
الانزياح اللغوي للهجتنا؟
مع محبتي.



أخي الكريم محمد الحمري
عندما أكتب لا أضع صورة لقارئ معين أمام عيني. أنا أكتب وكفى. لا أدعي أنني محترف ومستواي جيد ولكني أكتب. حتى بعض إخواننا غير المغاربة يدمجون لهجاتهم المحلية ضمن نصوصهم ولا يمثل لي ذلك أي إشكال.
كنت ألتقي ببعض العرب وكنت أصر على التواصل معهم باللهجة المغربية لأنهم بالمقابل كانوا يصرون على الحديث معي بلهجاتهم.
أظن أن النص يملك مفاتيح مغاليقه ضمنيا بغض النظر عن مسألة اللهجات تلك. هذا رأيي الشخصي.
تحياتي الممزوجة بالود.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فتحية الهاشمي
الادارة و التنسيق
فتحية الهاشمي


عدد المساهمات : 1899
تاريخ التسجيل : 23/01/2008

قصة قصيرة: حالة شغب Empty
مُساهمةموضوع: رد   قصة قصيرة: حالة شغب Empty11/2/2008, 15:48

فعلا أخي عبد الهادي النصّ يمتلك مفاتيحه و أنا لا أجد صعوبة في فهم اللهجة المغربية و ذلك من سياق النص و أنا أكتب اللهجة التونسية كذلك في نصوصي و قد لاقت رواجا كبيرا فاللهجة المحلية أو اللغة الثالثة تكون ضرورية في مواضع معيّنة و لا يمكنها الا هي أن تبلغ المقصود
هذا حسب رأيي طبعا ...

مسكين هذا الطفل المشاغب و مسكين الأخ الأكبر عليهما مهمة صعبة .
نص استمتعت بقراءته كثيرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبد الهادي الفحيلي




عدد المساهمات : 93
تاريخ التسجيل : 05/02/2008

قصة قصيرة: حالة شغب Empty
مُساهمةموضوع: رد على الموضوع   قصة قصيرة: حالة شغب Empty12/2/2008, 23:25

الأخت الأديبة فتحية
مسرور جدا بمرورك كما باتفاقك معي في الرأي.
هناك أشياء لا يمكن التعبيرعنها بالفصحى, تحتاج إلى اللهجة المحلية لتحتفظ ببريقها.
هذا رأيي الشخصي المتواضع.
تحياتي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصة قصيرة: حالة شغب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قصة قصيرة: شأن ما
» قصة قصيرة جدا / جنة تحت قدم أم
» قصة قصيرة جدا / جنة تحت قدم أم
» حالة احتضار باهتة...
» قصص قصيرة جدا

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مدارات :: مدارات سردية :: مدار القصة-
انتقل الى: