مدارات
مدارات
مدارات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مدارات


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 ألوان الواقع الإبداعي والواقع المعاش

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
د. تيسير الناشف




عدد المساهمات : 45
تاريخ التسجيل : 01/02/2008

ألوان الواقع الإبداعي والواقع المعاش Empty
مُساهمةموضوع: ألوان الواقع الإبداعي والواقع المعاش   ألوان الواقع الإبداعي والواقع المعاش Empty28/3/2008, 19:26

ألوان الواقع الإبداعي والواقع المعاش

د. تيسير الناشف

يمكن للمرء (وللمرأة أيضا طبعا) أن يكون مبدعا. ويتطلب الإبداع توفر قدر كبير من سعة الخيال ومن القدرة على التحليق في فضاء العوالم وفي العمق الفكري ومن القدرة على المزج بين الواقع والخيال ومن الحس المرهف وتجربة ومكابدة الحالة. عن طريق الانتقال من المشاهدة والإنصات إلى التجربة والمعايشة والمكابدة يمكن للإنسان المبدع أن يكتشف نفسه وأن يحقق ذاته.
ويمكن أن يتجلى إبداع المبدع في مسارب أو ألوان من النتاجات الإبداعية من قبيل الشعر والرواية والنثر والرسم وكتابة المقال والإخراج السينمائي والغناء والتمثيل والنقد والتصوير. لا غبار على تنوع ألوان النتاج الإبداعي لدى المبدع. وليس ذلك التنوع مؤشرا على ضعف في صفة الإبداع، كما يظن بعض الناس. وتنوع ألوان النتاجات لا ينال من عمق التجربة الإبداعية.
وقد يشاهد المبدع عملا إبداعيا أنتجه غيره، وقد يكابد تجربة شبيهة بتجربة الغير فيأتي المبدع بعمل آخر وقد صيغ صياغة جديدة ونفخ فيه من روحه حياة مختلفة وأحاط ذلك العمل بلمساته الإبداعية المتميزة.
وفي الحقيقة أن ما يزيد من ألوان النتاجات الإبداعية لدى المبدع أوالمبدعة هو شعوره بأن ألوانا معينة من النتاج أكثر صلاحية وأهلية ومناسبة للإفصاح عن الفيض الإبداعي من ألوان أخرى. قد يشعر مبدع بأن نظم قصيدة على وزن الرجز أكثر مناسبة للإعراب عن تجربة الشاعر وعن شعوره الفياض المنطلق المطلق العنان من وضع رواية. وقد يشعر مفكر بأن من الأكثر مناسبة كتابة مقال إذا اعتقد بأن الموضوع الذي سيخاطبه يتطلب تناوله التحليل الهادئ وتوفر المعلومات، أو إذا شعر بأن الموضوع يمكن أن يخاطب على نحوين: مخاطبة تحليلية ومخاطبة شعرية، وبأنه يفضل أن يخاطبه على هذا النحو أو ذاك.
وترفد ألوان النتاجات الإبداعية بعضها بعضا في نفس المبدع. فيد الإنسان في الرسم هي نفس يده في الإنشاء النثري أو النظم الشعري، وهي نفس الأصابع التي ترقص على أوتار العود وتغازل أوتار القيثارة، وهي نفسها الملكة التي تفيض شعرا وفكرا وفلسفة.
وتعدد المسارب الإبداعية يتوقف على شخصية المبدع. فيعض المبدعين يتجسد فيضهم الإبداعي في مسرب واحد أو مسربين، بينما يتجسد الفيض الإبداعي لدى آخرين في مسارب معدودة. وقد تفرض شخصية المبدع أن يتجول في حدائق الإبداع العديدة، يزرع في كل حديقة ما يحلو له أن يزرع من الشتائل أو يقطف من كل حديقة ما يطيب له أن يقطف من الورود الغضة المتنوعة والمختلفة الألوان الباهرة بشذاها العبقري. وقد تفرض عليه شخصيته أن يستعمل في الإعراب عن تجربته الإبداعية أساليب وأدوات محتلفة. وقد يكون ولوجه في مختلف البنى اللغوية والأسلوبية استجابة لنوازع نفسه إلى اكتشاف الممكنات وتحقيق الإمكانات. غسان كنفاني مثلا أبدع في أكثر من لون. وشهد ناريخ الفكر والأدب العالمي مبدعين حلقوا عاليا في سماء الإبداع في مجال واحد ولم تكن لهم حصة كبيرة من الإبداع في مجالات أخرى.
ولكل لون من ألوان الإعراب أو الإفصاح الإبداعي أدواته. ويغني المبدعون أحيانا كثيرة نتاجاتهم عن طريق توظيف أدوات في الإفصاح الإبداعي بألوانه المختلفة. وقد يكون توظيف هذه الأدوات أكثر مناسبة أو أقل مناسبة للون من هذه الألوان، أو أكثر أو أقل التصاقا بلون منها. وقد تشترك عدة ألوان في توظيف أداة من الأدوات. على تفاوت قد يوظف الشاعر أو القاص أو الموسيقي أو الناقد الخيال والإيقاع القوي والصوت والانسجام والشكل والرمز في شعره أو قصته أو نثره أو موسيقاه.
ونفس الإنسان المبدع قد يستعمل قسما من هذه الأدوات أو كلها. قد يعطي نفس الشاعر القافية والوزن الشعري للموسيقى فيه أو لموسيقاه فتتحول تلك القافية إلى قافية موسيقية. وفي نفس المبدع قد يعطي الموسيقي لحن الخلود (وهنا يدور في خلدي المغني العظيم فريد الأطرش رحمه الله) أو لحن الحياة أو لحن الإنسانية إلى الشاعر فيه، فيتجسد لحن الإنسانية في الانفتاح على الوجود، أو إلى الرسام فيه فيتجسد لحن الحياة في شكل عاشقين مولهين أو صورة الإبل وهي ترعى الكلأ على الكثبان الرملية المترامية في شيه الجزيرة العربية، أو إلى الفبلسوف فيه وعندها قد يتجسد هذا اللحن في الإفصاح عن فكرة أزل وأبد الوجود.
ألوان الإبداع هذه في نفس الشخص يمكن أن تتبادل الخبرات أو الخيرات لدى المبدع، وأن يهبّ لون منها لنجدة لون آخر أو ألوان أخرى.
وما يسهم في تعدد ألوان الإفصاح الإبداعي في نفس الشخص هو انفتاحه على أشياء حوله ومشاهدته إياها وتفاعله معها ومعايشته إياها. فمشاهدته لمرأة تبكي زوجها الذي أرداه الرصاص في غزة أو لقلع الجرافات لأشجار الزيتون المباركة في جبال نابلس والقدس الشريف أو لشجرة دوحة تظل نبتة صغيرة وأطفالا جياعا يتامى في أفريقيا المعانية أو إنصاته إلى ألحان النهر الخالد للمغني محمد عبد الوهاب (أسكنه الله فسيح جنانه) وإلى شبابة الراعي وهو يرعى قطيعه على جبال البلقاء تجعله يعايش هذه المشاهد الموحية، ما قد يجعله يندفع لأن يكون مخرجا سينمائيا أو ممثلا أو رساما أو مغنيا أو ملحنا أو شاعرا أو قاصا أو ناقدا أو رساما.
ولا أظن أن ثمة حاجة إلى الغموض في العمل الإبداعي. لا أظن أن الغموض ينم عن العمق الفكري. الغموض ليس دلالة على موهبة الشاعر أو الناثر أو القاص. الغموض نقص في العرض الفكري والعلمي والفلسفي. قد يؤدي الغموض إلى نشوء فوضى في نقل المعاني. وعن طريق الغموض يتم النيل من نقل رسالة الشعر والنثر، ومن أداء الأدب لرسالته، لأن الغموض يعجز عن إرسال الرسالة.
ومما له صلة بالحاجة إلى تجنب الغموض لزوم أن تخاطب النتاجات الإبداعية الأشياء القريبة من مداركنا وقلوبنا وعواطفنا وحاجاتنا والأشياء البعيدة عنها. أحيانا غير قليلة يخاطب نتاجنا الأشياء البعيدة، مهملا الأشياء القريبة التي حولنا من قبيل الإنسان ومعاناته وتعاسته والأم وحنوها والفقراء وجوعهم وحرمانهم والنساء والحاجة إلى تحسين وضعهن الاجتماعي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد منير
مؤسس
محمد منير


عدد المساهمات : 1898
تاريخ التسجيل : 23/01/2008
العمر : 59

ألوان الواقع الإبداعي والواقع المعاش Empty
مُساهمةموضوع: رد: ألوان الواقع الإبداعي والواقع المعاش   ألوان الواقع الإبداعي والواقع المعاش Empty17/5/2008, 16:11



استاذي الجليل تيسير


ان قلائتنا هنا في عوالم الابداع و المبدعين من وجهة نظرك الواصلة

اخذتني الى الغوص كثيرا في مفهوم الابداع و الانفتاح اكثر على القراءات و الدراسات التي

تناولته انطلاقا من كل الزوايا النفسية و الاجتماعية و الفلسفية وووو

شكرا لك سيدي على هذه الاطلالة التي سافرت يها بنا هنا


مودتي


..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ألوان الواقع الإبداعي والواقع المعاش
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الفكر والسياسة والواقع
» ملتقى مطر الإبداعي الأول
» الفلسفة و الواقع
» إدانة النزعات الفردية، والاحتجاج على الواقع
» إدانة انزعات الفردية، والاحتجاج على الواقع الدجزء (2)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مدارات :: مدارات متفرقة :: مدار المقالات-
انتقل الى: