مدارات
مدارات
مدارات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مدارات


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 عذريّة قصة قصيرة حمادي بلخشين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حمادي بلخشين
عضو



عدد المساهمات : 15
تاريخ التسجيل : 12/11/2010

عذريّة قصة قصيرة حمادي بلخشين Empty
مُساهمةموضوع: عذريّة قصة قصيرة حمادي بلخشين   عذريّة قصة قصيرة حمادي بلخشين Empty27/11/2011, 10:10

عذريّة


ــ 1 ــ



ـــ لقد قال بالحرف الواحد" لن أكون فخورا بابنتي إذا ظلّت محتفظة بعذريّتها حتّى الزّواج"

ـــ بالله عليك أهكذا قال؟

ـــ أجل لقد قال" لن أكون فخورا بابنتي إذا ظلّت محتفظة بعذريّتها حتّى الزّواج"

ـــ هل يمكنك مدّي بأي دليل مادّي يثبت قولك؟

حين هممت بالردّ على صديقي سامح مبروك المحامي وصلنا صوت غليظ:

ـــ و أنا أيضا " لن أكون فخورا بابنتي اذا ظلّت محتفظة بعذريّتها حتّى الزّواج!"

حين التفتنا الى الوراء، طالعنا وجه معروف لشابّ من أبناء بلدتنا كان قد فقد عقله من جرّاء التعذيب الهمجيّ الذي تعرّض إليه من قبل زبانية داخليّة بن عليّ، الرئيس الهارب الى مضارب آل سعود... بمناسبة ذكر السعودية اليكم آخر نكتتين أفاق حسني مبارك مرعوبا من نومه، سالته زوجته سوزان: اللهم اجعله خير! قال: عشت كابوسا مروعا.. فقد رأيت أمامي لوحة كتب عليها:ابتسم، قالت له سوزان مهوّنة: ده موش كابوس يا ريّس، فالإبتسامة فأل خير! ردّ عليها مبارك مكتئبا: كان مكتوبا على اللوحة: ابتسم، فأنت في السّعودية!!! على ذكر فرعون مصر المخلوع، قيل لمبارك و هو ينقل الى إقامته الجبرية قل لشعبك كلمة وداع على الأقلّ فأجاب: ليه، هو الشعب رايح فين؟!!


.. كان الشاب يدور حول نفسه مردّدا تارة:

" و أنا أيضا لن أكون فخورا بابنتي اذا ظلت محتفظة بعذريّتها حتّى الزّواج"و تارة أخرى:

" أهلكني الله و أهلككم معي و لا رحمنا اذا افتخرت بابنتي ما ظلت محتفظة بعذريتها حتى الزّواج"و تارة ثالثة:" ذبحني الله ذبح النعاج و أصلاني الله صلي الدّجاج و جعلها تأبيدة بلا إفراج، اذا افتخرت يوما بابنتي ما احتفظت بعذريتها قبل الزّواج!"ممّا اثأر ضحكنا و ضحك من كان حولنا، بقدر ما أثار إستياءنا لما عرف عن الشابّ في سالف عقله من حسن خلق و أدب لا لكونه أستاذ لغة عربية فحسب بل بسبب إنحداره من عائلة محافظة ذات تاريخ نضاليّ ضدّ الإحتلال الفرنسيّ الغاشم.. و قد طفق الشاب يهتف و يصخب بشكل أزعج من كان قد ضحك من قوله، و لمّا يزل الشاب في دورانه حول نفسه و ترديد مقال الممثل التونسي توفيق الجبالي و بصيغ اخرى مختلفة و اشد طرافة، حتى اقبل عليه نادل ــ رأيته لأول مرّة ــ حاول إخراجه بالقوّة لكنه أستقبل بركلة محترفة طوّحت به بعيدا، و فيما كان النادل يلملم ما تبعثر من كرامته و يجمع بعض عملات معدنية سقطت من جيبه، ظهر صاحب المقهى وكان كهلا قميئا ثم اقترب بكل ثقة من الشاب وهو يقول مهدّدا:" اسمع ثامر.. لئن لم ترحل حالاّ. فسأخبر الوالدة بما أحدثت من شغب"، و لم يكد الرجل ينهي كلامه، حتى خرج الشاب كقط أليف، و ان لم يكفّ عن الترديد، و لكن بصوت خافت، و كمن يحدّث نفسه" لن أكون فخورا بابنتي ...!




ـــ 2 ـــ



ما ان توارى الشاب عن أنظارنا، حتى ناديت النادل و رجوته مدّي بسندويتش من شرائح الدجاج وبعض المايونيز، مع زجاجة من ماء معدني، لأنني قرّرت المكوث في المقهى بعد انصراف جليسي، لإنهاء مقال كنت قد شرعت في كتابته قبل إزعاجي من قبل صديق طفولتي المحامي سامح مبروك.

حين انصرف النادل سألني صديقي سامح مبروك مجددا:

ــ هل لديك ما يثبت قول الرجل.

ضحك صديقي سامح مبروك المحامي ثم اضاف مستدركا:

ـــ أعني هل لديك ما يثبت قول "الرّجل إن صحّ التعبير!:

ضحكت بدوري من "الرّجل إن صحّ التعبير!" تلك، لأنها كانت من بنات أفكار محمّد مزالي رئيس وزراء العهد البورقيبيّ البائد، و قد استعمل مزالي هاته الصيغة المضحكة من اللّمز و التشكيك في الرّجولة، في مذكراته التي كتبها في منفاه الفرنسيّ، في معرض حديثه عن خليفته رشيد صفر الذي تآمرعليه و ألّب عليه بورقيبة و زوجته حسب ما جاء في روايته مما دفعه الى الفرار من تونس بجلده.


ــ أجل، فما صرّح به الرجل ـ ان صح التعبير ـ ! منشور في مجلة روز اليوسف المصرية.

ــ في أي عدد؟

ـــ في عدد السبت الفارط.

ـــ و في أي اطار و بأي مناسبة صرح بذلك؟

ـــ حدث ذلك أثناء ندوة صحفية جرت في فضاء " التياترو" بتونس العاصمة أعقبت عرض فيلم" غشاء البكارة الوطني"hymen national – malaise dans l`islam للمخرج جمال مقني
ـــ لكن هذا الفيلم و كما هو معلوم، لم يتمكّن من الحصول على فرصة للعرض في مهرجان أيّام قرطاج السينمائية في فترة حكم زين العابدين بن علي.

ـــ نعم يا أستاذ.. و أزيدك من الشعر بيت... فقد تمّ منع عرض الفيلم المذكور، لأن القائمين على التظاهرة قالوا انه إهانة صريحة للشّعب التونسيّ.

هم صديقي بالكلام غير انني بادرته مقاطعا:

ـــ لكن مخرج الفيلم (و شلة من فاقدي الغيرة و الشرف) قد استغل الفراغ السياسي و الإداري الحاصل بعد فرار بن عليّ، كي يشهر عورته السينمائية على الشعب التونسي و قد صرّح المخرج جمال مقني...


لم أكد أكمل اسم مخرج الفيلم، حتى روّعنا برأس الشاب المعتوه تبرز من نافذة مفتوحة كنّا الى جوارها.. تطلع الينا الشاب المعتوه ثم ركز نظره علي، سائلا إياي بين قهقهتين باديتيّ الجنون:
ـــ من القائل و ما المناسبة؟

كنا نراقب الشاب المعتوه بذهول حين تابع:

ـــ " لن أكون فخورا بابنتي إذا ظلّت محتفظة بعذريّتها حتّى الزّواج"!"

ـــ هيا أجبني من القائل و ما المناسبة؟

كانت مفاجأة ظهر الشاب من الشباك بعد ان أخرج من الباب قد عقدت لساني عن الجواب، حين أقبل النادل بمائنا المعدني و سندويشي الملفوف بعناية، و قد كان ظهوره كافيا لإختفاء الشاب من حيث فاجأنا.



ـــ 3 ـــ



بعد انصراف النادل الذي ساعدنا في نقل مشروباتنا الى طاولة آمنة من فضول الشاب المجنون، سألني صديقي سامح مبروك المحامي

ـــ قلت لي ان المخرج جمال مقني قد صرّح..

ـــ نعم فقد صرح مؤيدا ما قاله الممثل المسرحيّ توفيق الجباليّ بالحرف الواحد" اذا ظلّت ابنتي عذراء حتى زواجها، سأعتبر أنّني لم أحسن تربيتي لها..

قاطعني صديقي سامح مبروك المحامي معلقا

ــ اذا رحم الله والد فريدة م!

ــ من فريدة ميم هذه؟

أجابني جليسي بين ضحكتين عاهرتين:

ـــ عشيقة لي حسنة التربية!.. هيّا أكمل لي تصريح جمال مقني

ــــ اذا ظلت ابنتي عذراء حتى زواجها، سأعتبر أنني لم أحسن تربيتي لها، لأني أفترض أن تكون متسعة الأفق و متفتحة"



صاح صديقي سامح مبروك المحامي بأشد من صياحه الأول:

ـــ أي دخل للتفتح و إتساع الأفق في عذرية فتاة من عدمها؟

ـــ ...

ـــ لا شك أن اللئيم كان يقصد "مفتوحة الفخذين و واسعة المدخل!!

حين بلغ صديقي سامح مبروك المحامي هذا الحد من البذاءة صرفته عني بلباقة ثم انكببت على مقالي.



ـــ 4 ـــ



بعد حوالي ساعة و نصف غادرت المقهى، حين وصلت الى حيث ترسو سيارتي، و بعد فتح بابها و تخففي من حافظة مقالاتي و أوراقي، شعرت برغبة ملحة في افراغ مثانتي، لأجل ذلك رجعت على أعقابي ملتمسا من النادل الذي كان يهمّ بانزال الستائر الحديدية السماح لي بقضاء حاجتي..


ـــ 5 ـــ


كانت راحلتي تسير بي ــ هذا لحسن حظي ــ سيرا وئيدا، حين فوجئت بيدين غليظتين تمسكان برقبتي ثم تضيقان عليها الخناق مع صوت كالرعد يشق صمت الليل:

ـــ من القائل و ما المناسبة؟

رغم صعوبة محنتي، فقد كان من اليسير عليّ رفع قدمي عن دواسة السرعة لتقف السيارة تماما.. كنت أكابد سكرات الموت، حين استمر الشاب المعتوه امتحانه" " لن أكون فخورا بابنتي إذا ظلّت محتفظة بعذريّتها حتّى الزّواج"!"

ـــ أجبني من القائل و ما المناسبة؟

ـــ....!

ـــ لأخنقنّك يا لعين أو لتأتيني بسلطان مبين!

خفف عني قبضته بعض الشيء ثم استمر موضحا:

ــ و السلطان في القرآن الكريم هو الدليل!
لحسن حظي أيضا، فقد تمكنت بفضل ذراعين مطلقتي السراح، من التسلّح بمفكّ براغي كان في متناول يدي، ثم شرعت في غرزه في ظاهر يد الشاب الذي كف يديه عني وهو يصيح متألما ثم تاليا لقوله تعالى!:

ــ و الذين يؤذون المؤمنين و المؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا و اثما مبينا!

صحت بالشاب الجريح و قد ذهلت تماما عن جنونه

ــ عن أي أثم و عن أي بهتان تتحدث يا هذا و قد شرعت في قتلى؟!

ـــ يا أحمق الم يبلغك قول سيف الله المسلول احرص على الموت توهب لك الحياة!

ـــ أي حياة كانت ستوهب لي وقد كدت تزهق روحي؟ لولا أن..
ـــ الرجوع الي الحق فضيلة اعذرني أستاذ غابت عني هذه!
ـــ ثم بأي حقّ تعرضني للقتل؟

تجاهل الشاب سؤالي، سألني بدوره:

ــ من القائل و ما المناسبة؟

ـــ القائل هو ممثل تونسي و المناسبة:عرض فيلم قبيح.

ـــ هل لك مدّي بعنوان بيت هذا الممثل؟

ـــ لا علم لي بعنوان بيته!

صكّ الشاب وجهه بيد دامية ثم رفع رأسه متسائلا:

ـــ يا ربي يا ربي، من يرفع عن هذا الأخ المؤمن عار بقاء ابنته عذراء، اذا اصر هذا الغبي على عدم افادتي بعنوان بيته!


اقترب الشباب مني ثم شرع يرجني بيده السليمة كل ذلك و هو يقول:

ـــ هيا اخبرني بعنوان بيته!

كنت أبحث عن جواب لائق لسؤال غريب، حين اتسعت عيناه سائلا:
ــ لعلك أنت القائل؟

ـــ انا شخص متدين و لا يعقل لمن كان..

قاطعني مكذبا:

ـــ ليس عليك سمات الصالحين!

ـــ قلت لك انا شخص متديّن و لا يمكنني أن أتلفظ بكل هـاته
الوساخة ولو في مجلس خاص لصديق او صديقين مقربين، فكيف أصرّح بها للعالمين!

ردّ عليّ مكذبا:

ـــ وكلّ يدّعي وصلا بليلى

و ليلى لا تقرّ لهم بذاكا!

ـــ أرجوك دعني اذهب، فورائي شغل ينتظرني الليلة و غدا صباحا ثم انني أعدّ لسفر ضروري .

ـــ اذا في تعطيلي لك كل جزيل الأجر و مضمون الثواب.

ــ ماذا تقصد؟

ـــ سيمنعك احتجازي لك من كتابة تقرير أو تقريرين لمخابرات بن علي تسيل بهما دم مسلم.

ـــ ما أدراك بأنني من مخابرات بن علي؟

ـــ سيماهم في وجوههم!

ـــ لقد ولى عهد بن عليّ بعد هروبه الى السعودية.

ـــ كلكم تردّدون نفس الكذبة !

ــــ انظر الى صور بن عليّ الممزقة و تماثيله المكسورة و مقراته الحزبية المجتاحة و قصور حاشيته المنهوبة و ما تكتبه الصحف من شتائم و ما تبثه الإذاعات الرسمية و المستقلة من نشر مخازيه و ما يعرضه التلفزيون المحلي و العالمي من قبائح عائلته و عائلة زوجته ليلي الطرابلسي!

ـــ أنت كذّاب أشرّ، فلو انتهى عهد بن علي كما تزعم، لحوكم مثل الرئيس المصري حسني مبارك الذي رأيته بعيني اللتين سيأكلهما الدود و التراب في قفص!


رغم مأساوية الموقف، فقد وجدت نفسي أضحك بل أقهقه من حقيقة بديهيّة تمكّن مجنون من الوصول إليها، رغم ذلك وجدت نفسي أردّ عليه:

ـــ كان في إمكان الشعب التونسي محاكمة بن علي كما يحاكم حسني مبارك، لولا هروب بن عليّ الى السعودية.

ـــ لقد ذهب فعلا الى السعودية و لكن في زيارة رسمية!
ـــ بل ذهب اليها فارّا بحريته و أمواله المنهوبة.

ـــ لو ذهب إليها فارّا كما تزعم، لأرجعه خادم الحرمين في نفس الطائرة مكبّلا بالأصفاد لينال جزاء خيانته للأمة و الدين و لجميع التونسيين.
ـــ ..!

ـــ فما كان لخادم الحرمين الشريفين أن يتستّر على مجرم هارب من العدالة!


كنت أهمّ بإفادة الشاب المجنون بان خادم الحرمين الشريفين قد تستّر أيضا ( بعد تستّره على بن عليّ) على الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، وقد قصف الأخير شعبه و ما زال يقصفه بالطائرات الحربية و مدفعية الميدان و راجمات الصواريخ و قذائف الهاون، و ذلك حين آواه و ردّ إليه الحياة بعد أن عالج جراحه القاتلة، عوض ان يسقيه سمّا زعافا يورده المقابر، قبل أن يرسله الى اليمن الجريح لإكمال ما بدأ من جرائم، غير انني خشيت تكذيب آسري المجنون لي مما يزيد طينتي بلّة.

ــــ ما حدث في حقيقة الأمر هو مجرد بالون إختبار أطلقه بن علي ليمتحن ولاء التونسيين.

ـــ ...؟!!

ــــ و سيعود بن علي بعد أيام قليلة، ليملأ تونس رعبا كما ملئت في غيابه أمنا.

ـــ ...!؟

ـــ ثم ليجمع الآلاف من أجهزة الكاميرات الخفيّة التي زرعها في زواية كل شارع، و في ركن كلّ فضاء مأهول من التراب التونسيّ، ليحاسب كلّ من مزّق له صورة، أو حطّم له تمثالا، أو وجّه له شتيمة.

ـــ يا اخي اتركني و حالي فورائي شغل و سفر!

ـــ لن اتركك تذهب حتى توافيني بعنوان الممثل أو لأزهقن روحك!
ـــ كيف و أنا أجهل عنوانه.

ــــ اذا أنت هو القائل" لن أكون فخورا بابنتي إذا ظلّت محتفظة بعذريّتها حتّى الزّواج"!" ما دمت تتستر عليه.

ــــ والله لست انا القائل.. أهلكني الله ان كنت أنا القائل، ثم أتقتل رجلا اطرد من العمل و أوقف مرتين بسبب كراهيته لبن عليّ؟

ـــ و ما أدرني بأنك قد طردت من العمل بسبب كراهيتك لبن علي
ـــ و من أدراك بالمقابل انني عميل لبن علي!

ــــ الرجوع الى الحق فضيلة... وهذه ايضا غابت عني!

سكت آسري قليلا ثم سألني:

ـــ كيف تريدني أن اصدق بانك من ضحايا نظام زين العابدين بن عليّ، و قد رأيت بعيني هاتين اللتين سيأكلهما الدود و التراب

ـــ ...

ـــ رأيت محمّد جغام يصرّح بأنه كان هو ايضا من ضحايا نظام زين العابدين بن عليّ!

ـــ ...

ـــ على الرغم من كونه كان وزير داخلية زين العابدين بن علي!
ـــ ...؟!!

ــــ و قد علقت كالذبيحة في عهده!!
رغم مأساوية الموقف، وجدتني أقهقه ثانية، فما قاله الشاب المجنون صحيح مائة بالمائة!، و ما غاب عنه أدهي و أمرّ، فمنذ أسابيع قليلة منح الرهيب محمد جغام وزير داخيلة السفاح بن عليّ ، بمعية وزير داخلية آخر لبن علي ايضا تأشيرة العمل لحزب جديد سمياه "حزب الوطن" كانا قد أسّساه مؤخرا!!

ـــ أليس هذا أمر يجنن و يخرج المرء من عقله!!

ــــ فعلا أخي الأمر يجنن!!

ـــ ثم الم يبلغك اغتصاب الناشط السياسي الشاب أسامة العاشوري من قبل شرطة بن علي و في عهد "الثورة المباركة" كما تزعمون كذبا.


كنت مطرقا إجلالا لما كان يصدح به المجنون الحكيم حين استمرّ محاجّا:

ـــ فلو هرب بن علي حقا و كما تزعم و تزعمون كلكم، لحوكم وزراء داخلية بن علي و أركان دولته كما يحاكم الآن الحبيب العادلي وزير داخلية مصر!

ـــ...!!!؟؟؟

ــــ و لو فرّ بن علي دون عودة، و كما تزعمون ، لما تجرأ شرطي خسيس على انتهاك عرض مواطن تونسي فاضل و مشهود له بالنشاط السياسي.

ـــ صدقت و لكن أرجوك دعني اذهب يا أعقل العقلاء فما تفعله سيجلب لك غضب الله و سخطه.


ـــ لن أدعك تذهب حتى توافيني باسم الممثل، أو ترشدني الى ابنتك حتى أقوم معها بالواجب لأجعلك تفتخر!

ـــ يا أخي أنا أجهل تمام الجهل مقرّ سكني الممثل، كما أنني أعزب و لا يمكن ان أصرّح بنظير ما صرّح به ممثل بوهيمي ساقط، ثم انظر الى لحيتي، فأنا رجل مؤمن!

ـــ لن تخدعني لحية مشوشّة مثل لحيتك، فللتّيس ايضا لحية أطول و أجمل من لحيتك بكثير!

ــــ ...؟

ـــ ثم لعلّها لحية جيفارية أو ماركسيّة.

كنت أبحث عن دليل آخر يقنع مجنونا أعياني أمره حين فاجأني آمرا:

ــ أنزل سروالك!

ـــ ماذا تقول؟

ـــ أنزل لي سروالك بقدر ما تظهر لي عانتك!

ــ و لم؟

ـــ أن كنت محلوق العانة فقد ألقمتني حجرا و أقمت عليّ الحجة!

ـــ ...؟

ـــ فالمتدينون يحلقون عاناتهم في كل جمعة!

ـــ ...

ــ و في سقف زمني اقصاه اربعين يوما.

ـــ ...

ـــ كما تأمر السنة النبوية المطهرة بذلك!

ـــ اتهتك ستري و تكشف عورتي.

ـــ لا أبالي ما دامت الضرورات تبيح المحظورات!

ـــ ألا يكفيك خلو ابطي من الشعر، للتحقق من مصداقيتي؟
ـــ الرجوع الي الحق فضيلة و هذه أيضا غابت عني يا أستاذ.. فأرني إبطك!!


رغم تحقّق الشاب المعتوه من وجود شعيرات لا يتعدّى طول الواحدة منها ثلاثة ملميترات، فقد أبى عتقي:

ــ دعني اذهب، فورائي أخت مريضة و أم عجوز.
ـــ لن أدعك تذهب فكم من حالق لعانته و ابطيه و هو ألعن من ابليس!


ما ان ذكرت الأمّ، حتى خطرت لي وصفة سحرية ما كانت لتغيب عنّي كلّ هذه المحنة، لأجل ذلك نظرت في عيني الشاب المعتوه ثم صحت به :

ـــ اسمع ثامر، والله العظيم.. لئن لم تنزع عني حالاّ. فسأخبر الوالدة بما أحدثت من شغب و بما سبّبته لي من أذى و بما عرضتني إليه من خطر الموت.

حينذاك بادر معذّبي إلى فتح باب سيارتي ثم الإنسلال منها كقطّ أليف، دون أن ينبس ببنت شفة.. غير أنني قربته اليّ ثم أخرجت مرهما داويت به جرحه، ثم وضعت عليه لاصقة طبيّة قبل أن أتركه حامدا الله على السلامة!



ـــ 6ـــ



بعد أسبوع من الحادثة، و بعد يوم واحد من رجوعي الى أرض الوطن و فور تعرّفي على قفا سمينة لا يمكن ان تكون لغير سامح مبروك المحامي، أستدبرت صديقي مطوقا إيّاه بذراعيّ هامسا في أذنه:

" من القائل و ما المناسبة؟!"


فور تبادل التحيات الروتينية، أفادني صديقي سامح مبروك المحامي بشيء كبير من الحزن، بمصرع الشاب المجنون ثامر عمراني.. حدث ذلك بعد يومين من سفري، فقد أقدم شرطي على إطلاق النارعليه بعد أن شهد بعينه مصرع زميلين له بيد الهالك، وقد أفادت والدة الشاب القتيل بان وحيدها كان يعيش ايام رعب عصيبة سبقت مصرعه بسبب اعتقاده بان الشرطة تجتهد في ملاحقته كي تسوقه الى زنازين الداخلية لأنه لم يصرّ ــ رغم أخذ إفادته و لمرات عديدة مأخذ الهزل ــ على التبليغ ثم الحصول على محضر محرر من قبل الشرطة و معرّف الإمضاء من قبل بلدية المكان، عن شبّان خمسة شاهدهم بأمّ عينيه اللتين ستأكلهما الدود و التراب، و هم يدوسون ثم يبصقون
على صورة قياسيّة للرئيس زين العابدين بن عليّ كانت ملقاة على قارعة الطريق!


أوسلو 5 أكتوبر 2011

ملاحظة: كل الأسماء التي وردت في القصة لأناس حقيقيين ما عدا اسم صديقي المحامي و اسم الشاب المجنون
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
عذريّة قصة قصيرة حمادي بلخشين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أرب قصة قصيرة حمادي بلخشين
» استسلام قصة قصيرة حمادي بلخشين
» لحية، قصة قصيرة، حمادي بلخشين
» ضحية قصة قصيرة حمادي بلخشين
» تطيّر قصة قصيرة حمادي بلخشين

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مدارات :: مدارات سردية :: مدار القصة-
انتقل الى: