مدارات
مدارات
مدارات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مدارات


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 تامل نفسك.....ايها التراب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
انعنيعة احمد
عضو
انعنيعة احمد


عدد المساهمات : 22
تاريخ التسجيل : 22/02/2011

تامل نفسك.....ايها التراب Empty
مُساهمةموضوع: تامل نفسك.....ايها التراب   تامل نفسك.....ايها التراب Empty25/5/2011, 01:36

جلست انتشي سيجارة في كل اطمئنان وارتخاء.واستمع لموسيقى حب لموسيقيين ومطربين كبار هشمت عضا مهم مدافن الموت البعيدة.كان الدخان يغو ص بي في معابد التأمل لأتفقد أحوال المكان.كنت اتامل عبث الوجوه وأتساءل عن انسحابها من هذا العالم في هدوء.هي أسئلة تنسيني كل عذاباتي وتشظينني إلى أجزاء بلورية دافئة آتية من أعماق التاريخ.
إذا ما أكملت سيجارتي الأولى،كنت اتابع الصمت في أخريات وأناوبها بجرعات قهوة سوداء تستدعي كل غائب من سحر النسيان على نغمات العصور.ركبت التاريخ وأمرته بالجري في الاتجاه المعاكس.كنت اركض فوق قبورهم ،واجري فوق كومة ملابسهم.كانوا يجرون ورائي بأعين مشدوهة وأفواه مفتوحة.وأنا أمر عليهم كنت أتفقد أحوالهم.كانت مشاهد طفولتهم تومئ بطفولة متأخرة .كانوا يجرون وراء التاريخ بنعال بلاستيكية .كانوا يصطادون الحيوانات بأصابع حافية تنقل الحجارة إلى أعلى والعرق يتهاطل على جبينهم وقت الهجير .كانت وجوههم مليئة زغبا يحميهم من تعالي الغبار على رؤوسهم ويقيهم لحيف القر في الأوقات الباردة.رأيت من أجدادي الملوك والأنبياء...والفقراء والمساكين ....
..كانت أدخنتي تدور في دوائر وتندثر في الهواء.دوائر كانت تحاور نهدا كان قد انتحر على حبل المروج وهو يعلو بكل هلامية جسده الذي افتتن بنار نشوتي لكنه نهب مدينتي القديمة.نهد كان يمتص كل حبات المطر الباردة ويحولها الى انهار تجوب الشوارع والأزقة منذ تاريخ قديم.وهي انهار كانت تمخر أجساد كثيرة لتصنع منها ذكريات مزركشة بكل ألوان الطيف.نعم،إنها ذكريات ترتل نشيد الأجسام العارية وهي مستلقية على فراش التاريخ.كانت قطراتها تحمل إلي الكثير من الموتى،الكثير من الحروب،والكثير من النسيان....

في جو من السكنية والرتابة ،استلقيت مهزوما بعض الوقت.كان الصمت قد أطبق على المكان بعد أن انتهى كلامي.كان كلاما يخترق الحدود في حركية تمليها عليه كلماتي الحرة والطليقة التي تنفلت لكل التأويلات و تحول كل حلم إلى كابوس، وكل يقظة إلى ضياع.كنت أحس في تلك الساعة أني مهزوم، أني متعب جراء عطشي الشديد وملح خبزي الذي أسرى الجوع في كل أحشائي.
وبعد غفوة قصيرة مر التعب ، وأفصح القلق عن الوجود، ولم يبق في ذهني إلا امرأة كانت تتنفس في ظلي مستلقية تنادي مرآة مكسورة تعكس خيالا يتحرك في دجى عوالمي لا ترصده غير الشياطين.عجبت لهذه المرأة . كانت تنادي نعشا يمتطي حلم ظلمة سراب لاينته.كانت أنثى، تفنن الخياط في صنع ملابسها، أو بالأحرى كانت فتاة علمت الخياط فن القص والرتق .كانت شيطانة في سلوكياتها. هندس الجسد جمالها، وأسكتت فراغاته وتضاريسه إحساساتي.
رجعت إلى نفسي أتفقد ذاتي، فوجدت جسدي نعشا لروحي. وتبين لي أن الوقت قد حان لأملا حياتي صداعا ،وغواتا. أتخلص به من وقع الفراغات التي بدأت تنخرني و تقتل في إحساساتي.وعندها خرجت من منفاي، من جسدي الميت، لألج جسدا أخر حيا، جسدا يتوالد، جسدا يضيء الفضاءات المعتمة، جسدا ينبع دما، ويحول صحرائي إلى واحة تزهر نخيلا.ندمت وقتها أني أجرمت في حق الكثير من أبنائي .أولاد نسيت التفاصيل في قتل جوارحها، وسيل دمها الأبيض على صحراء كان أبطالها السهر والزهو وصدح الليالي.
كان ذلك منذ 20 عشرين سنة مضت،حين ركبت فرسا جامحا، وهمست في أذنيها أن تكسح بي الرمال دون كبوة.تركت جياد الليالي منهكة وسرت اختفي راقصا من ربوة إلى ربوة دون إرهاق لراكبتي.كنت أتظاهر بالخوف من استلقائي فوقها ،لكني كنت أتلذذ مساحات جلدها والتحم بظهرها أثناء ركضها، وانصهر في تقاسيم صدرها عندما تستلقي على ظهرها لتبرز تضاريس هويتها.وبعد عام أو عامين ،وبعد أن تعبنا من تأجيل يقظة الصباح ،حين يتكرر الحب مثنى وثلاث ورباع تحت اشتهاء المطر.قرر قلبينا طرد الأنهار الضائعة من حياتنا،وسرنا نتلذذ سرا تحت صراخ الصغار. كنت ابدو ذلك اليوم رجلا ساحرا أحاكي الشياطين في ملائكيتها .ولكن الضعف الذي كان قد تسرب الي كاد ان حياتي للخطر والهلاك حتى ، ويخيب مسعاي.
انه إحساس يشري شاعري كان يفتح لي طريقا كبيرا من اجل تمجيدي كانسان دون يشير الى الهموم التي سأنغمس فيها فيما بعد.اتخذت فيه المستقبل كنقطة بداية ،ثم تسللت عبر الحاضر لأجسد واقعه في قراءة عكسية.لم أتمكن من تغيير حكايتي على الرغم من اني أجيد السرد.انها حكاية لم تعجبني انا الراوي،فكيف تعجب الآخرين؟لان أنسجتهم الفكرية لا تقدم الا صورا بدلالات خفية تفرض علي انا وحدي حصارا يستحضر العديد من الرموز المقيتة.
نعم،إن أناي قد تحول إلى وليد جديد قادر على المسير قدما منتصب الرأس،وأصبحت انا نهاية وتحول ابني الى بداية.اني ألان أعيش مسرحية كائن يكبو حصانه على حافة نهر التاريخ المتجمد .بعد أيام فقط،سأصاب بالدهشة والذهول لما سيحصل لجسدي المالح .سيصبح جسدا مهزوما تزكم رائحته الأنوف وتترصده جهنم بنشوة جائع وهو كله خراب في خراب وقد فقد كل هندسيته الجمالية. لكنني لن استسلم.سأوقظ كل أشيائي التالفة،واخترق الحدود الجغرافية لأخلخل رتابتي الساكنة.وسأعري على كل طحالب الصمت في بحر التاريخ .لن اسمح في مدائني الفاضلة .وسأجعل من أنهارها الظمآنة ومن رماد فسيفسائها مواضيع مطلقة بلغة تهرس كل دلالات مفردات موتي القديمة .نعم،سأعود بناءها بعرق جبيني تحت أنين الآم مخاض إبداعاتي.إنني في حقيقة الأمر،اكتويت بإغراءاتي الحياتية الشيطانية،وبعد ثمرت وأصبحت قادرا على تشريح كل عذاباتي ،سيفقدني عالمي الوردي كل توازناتي النفسية والفكرية والإنسانية،ثم يغتالني.
انعنيعة احمد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تامل نفسك.....ايها التراب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» وجع التراب
» الرسم على التراب
» ادريس ايها القديس
» ايها المارون بين الكلمات العابرة
» زهره الحسيني...... ايها الواحه

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مدارات :: مدارات سردية :: مدار القصة-
انتقل الى: