مدارات
مدارات
مدارات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مدارات


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 القصة القصيرة جدا عند حسن البقالي من خلال( القص تحت المطر)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد داني
مشرف



عدد المساهمات : 56
تاريخ التسجيل : 20/11/2009
الموقع : daniibdae.blogspot.com

القصة القصيرة جدا عند حسن البقالي من خلال( القص تحت المطر) Empty
مُساهمةموضوع: القصة القصيرة جدا عند حسن البقالي من خلال( القص تحت المطر)   القصة القصيرة جدا عند حسن البقالي من خلال( القص تحت المطر) Empty6/1/2011, 16:34

لقد شقت القصة القصيرة جدا آفاقا واسعة..وأصبح الطلب عليها كثيرا.. وغامر في رحابها كتاب كثيرون...ومن جملة الكتاب الذين سبروا أغوارها: الأديب حسن البقالي، الذي أغنى الخزانة العربية والمغربية بمجاميع قصصية عدة.
والمجموعة القصصية التي سنسافر من خلالها في عوالم حسن البقالي، هيSadالرقص تحت المطر)..
وأول ما نقف إليه هي المناصات التي ستساعدنا على دخول عالم هذه المجموعة...
1- الغلاف: (الرقص تحت المطر) مجموعة قصصية من حجم 14X20سم...تتكون من 80 صفحة، تتضمن 58 نصا قصصيا قصيرا جدا... وقد صدرت عن دار سندباد للنشر والإعلام بالقاهرة...في طبعة أنيقة..يتصدر غلافها صورة فوطوغرافية لراقصة بالي ، تحمل مظلة...وفي نفس الصورة ضفة النيل...رمز مصر...
وفي أعلى الغلاف، عنوان المجموعة باللون الأزرق العريض، وجانبه الأيسر التعيين الأجناسي وقد كتب رأسيا... وفي الجهة اليمنى اسم المؤلف باللون الأبيض.. وفي أسفل الغلاف توجد أيقونة دار النشر في وسطها طائر الكروان ، واسم الدار وصفتها.
أما الغلاف الخلفي(الظهر)، فقد ثبتت عليه صورة المؤلف، وكلمة الأديب المصري سمير الفيل، وصورة مصغرة للغلاف الأمامي، وأيقونة دار النشر...
2- العنوان: عندما نتوقف إلى العنوان، والذي هو عتبة لدخول المجموعة ونصوصها القصصية... نجده يتكون من ثلاث كلمات(الرقص+تحت+المطر).. وهو يبين حالة وهي الرقص في زمن ممطر ، ومكان تحت المطر...
وهذا العنوان يذكرنا بالشريط الاستعراضي الأمريكي (singin’in the rain)، لجين كيلي.. والذي يؤدي فيه البطل أغنيته ورقصاته تحت المطر...
ومن خلال العنوا ، نتساءل:
- ما علاقة العنوان بالنصوص القصصية المتضمنة في المجموعة؟..
- لم هذا العنوان الاستعراضي؟...
- هل لخص العنوان النصوص القصصية بالمجموعة، وعبر عنها؟..
3- العناوين الداخلية: عندما نتمعن في العناوين الداخلية، نجدها متنوعة التركيب.. فهناك عناوين تتكون من كلمة واحدة، وهناك عناوين تفوق هذا العدد. وهذا يعطينا الإحصائية التالية:
- 32 عنوانا يتكون من كلمة واحدة.
- 13 عنوانا يتكون من كلمتين.
- 4 عناوين تتكون من ثلاث كلمات.
- 4 عناوين تتكون من أربع كلمات.
- عنوانان يتكونان من خمس كلمات.
من خلال هذه العناوين الداخلية، يتبادرنا سؤال عريض:
- ما هي منهجية العنونة في المجموعة؟
- هل سبق النص العنوان أم العنوان هو السابق للنص؟..
- ما هي منهجية الكاتب في الكتابة؟
- هل استطاع التأثير فينا كمتلقين من خلال نصوصه القصصية، وشدنا إليها؟...
إن حسن البقالي ، يمارس تأثيره، وسحره فنيا.. فيشدنا إلى قصصه شدا.. هذا يجعلنا كمتلقين نبحث عن عوالم جمالية وفنية من خلال نصوصه القصصية القصيرة، لنكتشفها، ونلجها..للوقوف على فنية الكتابة عنده.
إن الكتابة عنده فعل لقراءة الوجود.. وهي تركيب جمالي لمجموعة من المكونات الجمالية واللغوية.
4- مضامين المجموعة القصصية: يطرح حسن البقالي في (دمى روسية)، منظوره للإبداع السردي، وكيف تحول من رواية أو من الطول إلى القصر(القصة القصيرة جدا)...وتحول السرد والوصف إلى سطر واحد اختصر الكتابة ومفهومها كله...
وفي (أنا فريديرش مارو أريد...)، يقدم صورة للتعذيب ، والعذاب الإنساني...وكيف أن الإنسان يصح ضحية أهوائه وأفكاره..
لكن ماذا يفعل الإنسان عندما تكشف عرافة غيبه.. وتعري أمامه أسراره.. وتبين له الخبايا.. فلا يجد بدا من قتلها حتى لا يفضح سره...
لكن هذا الإنسان عندما يجد جو البيت قد أصبح ثقيلا..وأن زوجته كائن لا يطاق.. لا يبقى أمامه إلا خيار واحد..أن يضع حدا لحياتها، وبالتالي تنتهي معاناته..
وتشتد المعاناة، ويعلو الضنى .. عندما يتحول العشق إلى كره.. وتتحول رغبة الحب، ولوعة الحنين إلى رغبة في القتل... مفاجأة كبيرة تعيشها الفنانة التشكيلية لحظة رسمها بورتريها لمن تحب... لكنها تفاجأ بظله ينسل من اللوحة، ويطوق عنقها بذراعيه القويتين...
وفي قصة (نجدة)، يقدم لنا الكاتب صورة غريق، يوشك أن يهلك.. لكن في لحظة تنقذه فاتنة من خلال لمسة لنهديها...
ويبين الكاتب وضعا إنسانيا مهزوزا.. نشاهده في المصحات.. حيث ينتظر المرضى طويلا قدوم الممرضة...وعندما تأتي، تدعو المريض آمرة إياه بخفض سرواله، لتغرز في جلده حقنة داعية له بالشفاء...
ويتعمق حسن البقالي في تصوير مظاهر التخلف...والنصب... والاحتيال.. والتي راح ضحيتها الكثير... حيث أمام ظروف نفسية واجتماعية، تلجأ الأنثى إلى فقيه لفك النحس الضارب عليها.. فتجد نفسها في آخر المطاف مغتصبة..
لكن المفارقة العجيبة، هي عندما يدرك الفقيه أن هذه الأنثى التي ضاجعها جاءت لتتصيدهن وتنشر صوره الفاضحة في الأنترنيت...
وينتقل بنا الكاتب إلى وضع آخر،إذ نجد أنفسنا معه في مقصورة القطار.. الشخصية تتفرس جسد الأنثى المقابلة لها...صور وأحلام، وأمنيات تجول بالخاطر..لكن لا يخرج الشخصية من أحلام اليقظة إلا صفير القطار معلنا الرحيل..
وكم يكون المنظر جميلا عندما نجد المكان مفعما بالحب، والغرام.. فكم تسعد الأنثى في لحظات فرحها بكلمات الحب والنسيب...تجعلها عصفورة تطير بجناحين بهيجين.
لكن ماذا تفعل المرأة عندما تجد نفسها عانسا..؟ ..إنها تمني النفس بعريس يدق بابها...وأمام لوحة ماجريت تتمنى لو يسقط المطر رجالا.. لاختارت دستة ووضعتها في جيبها..أو على الأقل تختار واحدا ينقذها من عنوستها...وتفرح بأيامها المقبلة.
ويتساءل الكاتب، هل يمكن للموسيقى أن تزيل الأحقاد؟...أن تصفي النفوس...؟..وتمحو الخصومات؟.. هذا ما حدث عندما وجد الطفل وهو في طريقه إلى الكونسيرفتوار شابين يتشاجران.. فعزف لحنا أوقف شجارهما وجعلهما ينسيان خصومتهما.
ويتهكم الكاتب من سذاجة البعض ، الذي يستبلذ أمه...يلاطفها لتنام ، ليخلو له الجو لمشاهدة القنوات الإباحية...
وكم هو غريب حين يقارن الطفل بين انتفاخ البالون، وانتفاخ بطن أمه...ويسألها عمن نفخ بطنها...فلا تجد الأم إلا التلعثم، والصمت...
ويتكرر حلم الأطفال..فكم هو صعب أن يتحول الحلم إلى أمنية لاستعباد الآخرين...إن الطفلة الحالمة، تسقط أمنياتها ورغباتها في الاستعباد على قطتها التي تأمرها بلحس قدمها.
ويجأ الكاتب إلى التاريخ..ليستخلص منه مشهدا نرى فيه الرشيد يتحول إلى معتد على نفسه ن معلنا الحرب عليها.. وهو يمارس لعبة التخفي...إنه من خلال لعبته هاته يعيش حياتين مختلفتين، وتصبح العبثية الساخرة وسيلة للكاتب ليعبر من خلالها عن السذاجة التي يدبر بها البعض أموره السياسية، والاجتماعية والاقتصادية...
فحينما تجد حكومة نفسها في ورطة كمرض الرئيس، فغنها تقدم للشعب شبيهه.. لكن لا تنطلي الحيلة على الشعب لأنه يدرك الفرق في صدق كلام الرجلين...
ويدين الكاتب بشدة الوصوليين، الذين يراكمون الثروات بأية طريقة.. فماذا يفعل أمثال هؤلاء عندما يتغشاهم القيء؟...إنهم يلفظون كل ما ابتلعوه خلسة...
كما أن الواقع السياسي، وما عرفه المجتمع المغربي من قهر، واعتقال ، وتعذيب، لا يغفله الكاتب.. بل يشير إليه من خلال اعتقال المثقفين والأدباء: كتابا وشعراء...وما مس بعضهم من تعذيب واغتيال...
كما أن المجتمع يعرف كل مظاهر الفساد..يسيطر عليه أباطرة المخدرات، والتهجير السري، وما إلى ذلك.. مما يدمر المجتمع، ويجعله أسير موبقات كثيرة.
وتكبر الفداحة، والاستهتار حينما يهمل الإنسان واجبه...ويتهرب من مسؤوليته...وهذا نجده في الشارع العام، حينما يتعرض المواطن للاعتداء أمام أنظار الشرطة التي لا تحرك ساكنا.
كما لا يتوانى الكاتب في تصوير مظاهر الفساد والدعارة وعالم المومسات.. وينقلنا إلى عالم سائقي الطاكسيات ...والعلاقات القرابة والأمومة، حيث لا يتورع أحد الأبناء في وضع والدته في دار العجزة،وهو الأمر الذي بدأ مجتمعنا يعرف حالات مماثلة لها...
وتصبح العبثية مخيمة ظلالها على القصة كلها ، حين نجد الإنسان يملأ قلبه جفاء، وغلظة...فهذه أم ترمي بفلذة كبدها إلى الشارع لأنها لا ترغب فيه...ولا تشعر بأي عاطفة نحوه...
ويدفع الشر بالإنسان إلى التخطيط لأمور لا يفكر فيها إلا الشيطان.. تنبني كلها على الاستغلال، وجمع الثروات...فكم يكون هذا الإنسان شريرا، عندما يقدم فرصة للعمل في مدينة ما لمجموعة من الناس... يستغلهم كيفما شاء.وعندما يكدس ثروة كبيرة، يغلق المعمل ويطير إلى مكان آخر، ليعيد الكرة مع آخرين وهكذا...دونما وازع أخلاقي أو إنساني...
وكم يكون الصدمة كبيرة حتى لحيوان أبكم حينما يجد في القمامة التي يتعيش منها طفلا رضيعا مرمى به وهو مازال على قيد الحياة...
وهناك سؤال يطرحه الكاتب...ماذا يحل بالنحل الذي يصنع من رحيق الأزهار العسل،عندما يكتسح الإسمنت كل المساحات الخضراء؟...ماذا يفعل عندما يغطي الإسمنت كل المروج ولا تبقى زهرة في المكان؟...أمر صعب جدا سينتج عنه انقراض هذه الحشرة النافعة...
ويقدم لنا الكاتب قصة رومانسية...ماذا تفعل المرأة التي تتوصل برسالة كل مرة تجدها غارقة بالعواطف والمشاعر الجياشة...وتجهل مرسلها...وفي النهاية تكتشف أن مرسلها هو ساعي البريد الذي يقرأ لها كل رسالة تتوصل بها...إنها عبثية تنبي عن ضعف الشخصية، وعدم القدرة على المواجهة...
بل أحيانا يدفع الأمر أشخاصا إلى محبة فتاة دونما قدرة على مصارحتها بالأمر.. فيتعقب خطواتها، ويختلس النظرات إليها من بعيد.. بل يدفع الأمر إلى تقبيل الكأس الذي شربت منه بعد مغادرتها المكان...
- الكتابة من خلال منظوره الخاص:
إن القصص القصيرة جدا التي أمامنا ، نصوص تحمل رؤية الكاتب للوجود.. وللمحيط.. فيها كثير من الانتقاد والإدانة، والفضح والتعرية...
إن الكتابة عنده عمل لا يخلو من جهد.. ومعاناة.. ما دام يرى فيها تعبيرا عن الذات، وتحقيقا لوجود، وفهما لعالم محيط... ورؤية خاصة لواقع ، وتفسير له...
إنه بهذه الكتابة يعيد بناء عوالمه، ويصوغ أسئلتها التي تتشابك في مخياله.
ففي قصة (دمى روسية)، والتي يقول فيها:"لا شك أن الأمر يتعلق بانتهاك فادح لروح الإبداع، أن أسود الصفحات لا لشيء، إلا لأن الناشر ينتظر مني العمل الجديد الذي وعدت به في لحظة حماسة زائدة.
لذلك، وعوض الخمسمائة صفحة الموعودة، سأكتفي برواية من مائة صفحة، بل بقصة قصيرة من ثلاث صفحات... وفي النهاية، لم لا أحصر اهتمامي في قصة قصيرة جدا من سطر واحد، تكون كالتالي:"أخيرا .. كتبت قصة قصيرة جدا""...
إنه يختار كتابة رواية من خمسمائة صفحة.. وهذا ما اتفق عليه مع الناشر.. لكن في ظل عسر الكتابة، يحول مشروعه إلى رواية من مائة صفحة.. ثم تتحول إلى قصة قصيرة من ثلاث صفحات، ليستقر به الحال في كتابة قصة قصيرة جدا من سطر واحد...
لماذا هذا التدرج والتحول؟...
إن عملية الكتابة الإبداعية صعبة جدا...وتتطلب ميكانيزمات كثيرة، وآليات مساعدة...ولذا وجد صعوبة في كتابة رواية من مئات الصفحات. فاستقر به الأمر في سطر واحد...هذا يذكرنا بمقولة الفرزدق(لخلع ضرس أهون علي من قول بيت من الشعر)...ويذكرنا أيضا بما كان يفعله أبو تمام حين كان يتقلب أرضا إلى أن يحضره وحي الشعر...
فالشخصية وجدت صعوبة في كتابة رواية لذا اكتفى بالقصة القصيرة جدا، لانها لم تتطلب منه أي جهد يذكر...فهل هذا صحيح؟...
إن من أصعب الكتابات ، كتابة القصة القصيرة جدا.. لما تتطلبه من الكاتب من نباهة ويقظة، وفنية ودراية بفن القصة القصيرة...وحنكة في الكتابة السردية...
إن الكتابة التي يريد حسن البقالي هي الكتابة الأدبية... التي تقول للقارئ شيئا. وتمده بإبداع يجعله مشدودا إليه..
هذا يجعلنا نستشف انه في كتابته يعي مفهوم الكتابة، حيث تجعله يتساءل:
- هل ما يقدمه للقارئ تتوفر فيه الأدبية؟... وصالح للقراءة؟..
- هل ما يكتبه له حدوده الشكلية والفنية؟.
- هل ما يكتبه لا يربك القارئ، ولا يخل بأفق انتظاره ؟.. ويؤزمه؟..
إن الكتابة عنده تصبح مكاشفة، وتشظية،وانتقادا وتعرية لكثير من الظواهر الاجتماعية، والمظاهر المبتذلة.. وتردي القيم...
إنه في كتابته يستلهم ما يرى وما يقرأ، وما يسمع...
هكذا نجد حسن البقالي في قصته الأولى يبين أنه اختار كتابة القصة القصيرة جدا، ومارس كتابتها داخل كتابة أولى(التشظي)...لأنها تعفيه من الإطالة، والحشو اللغوي الزائد..
لقد جرب الرواية والقصة القصيرة، لكنه وجد في القصة القصيرة جدا نفاذا أكبر ، وإقبالا أكثر... لذا استقر رأيه عليها، فجاءت(الرقص تحت المطر)...
- المكونات الجمالية والفنية:
ترتكز المجموعة القصصية (الرقص تحت المطر)، على مجموعة من الخصائص الفنية ، والجمالية، ومنها:
1- الفكاهة والنكتة: إن حسن البقالي يورد في قصصه القصيرة جدا ، بعض المواقف التي تثير الضحك، لما تنبني عليه من متناقضات، وغريب الأمور...ولا تخلو من فكاهة... ونكتة...
والفكاهة لا تتوقف عند الموقف وحده، وإنما تتوقف أيضا عند نظرة الإنسان إلى الأمور وفهمه ، وتقويمه لها...
يقول في قصته (عصير ليمون وعيون دافئة)"كانت تشرب عصير ليمون وتتحدث إلى جليستها...استغرقها الموضوع كلية..فلم تنتبه إلى طيفه المتواري، خلف حزمة إعاقات نفسية...
ظل يرقبها بعيون مولهة، حتى إذا قامت، هرول إلى كأس العصير يحضنه في رقة غامرة"..
فهذه القصة لا تخلو من فكاهة..ناتجة عن مجموعة من المواقف المضحكة والساخرة في نفس الوقت...وبالتالي نستشف منها فكاهة الموقف والمفارقة...إذ كيف يجتمع الحب والعقد النفسية في شخص لا يقوى على البوح والمصارحة والمواجهة...يجد لذة في لثم وضم كأس شربت منه من يحبها.. وهذا يذكرنا بالعشاق القدامى حين كان العاشق يتغنى بالطلل الذي يذكره بالحبيب، والديار التي كان يسكنها...والمكان الذي كان يقضي فيه نهاره...
ومن القصص التي تضمنت النكتة، قصته القصيرة جدا (لقاء2)، والتي يقول فيها:
"في بهو المصحة التقى طفل وطفلة:
- هل أبوك مريض أيضا؟.
- لا...
أبي مريض جدا وأعمامي يستعجلون موته كي يرثوه...
- هل هو غني؟..
غني جدا لكنه مريض جدا، وسيموت.
- أبي لم يكن غنيا ومات...
- وفيم وجودك هنا؟..
- أزور أمي وألعب في البهو...
- أمك مريضة؟...
- أمي منظفة...هي التي تمسح خراء أبيك..."
في هذه القصة نجد فيها تحويلا للنكتة الشعبية المتداولة في الشارع المغربي، والتي استطاع حسن البقالي مسرحتها،وتحويلها إلى اسكيتش ضاحك، تتخفى فيه النكتة الساخرة، والناقدة...اللاذعة...فهي تقارن بين عالمين متناقضين، وبين طبقتين مختلفتين...وهمين متفارقين...لتنتهي القصة بنكتة ساخرة، تبين حاجة كل طبقة إلى الأخرى....من خلا علاقة تتأس على الاستغلال...
2- السخرية والمفارقة: يعرف جورج لوكاش السخرية بقوله:"وتدل السخرية من حيث هي مكون للجنس الأدبي الروائي، على أن الذات المعيارية والمبدعة تنشطر ذاتين: إحداهما هي تلك التي تجابه، من حيث هي طوية القوى المركبة الغريبة عنها، وتجهد في سبيل جعل محتوياتها نفسها تخيم على عالم غريب، والأخرى هي التي تكتشف الطابع التجريدي لعالمي الذات والموضوع، وبالتالي طابعهما المحدود" ...
ويؤكد الأستاذ جاسم خلف إلياس أن المفارقة تعد تقانة مهمة من تقانات العمل القصصي، إذ تحول التداولي الحياتي إلى معطى لغوي ذي حمولات متزاحمة...
وعند الأستاذ جاسم ،تعد المفارقة لعبة عقلية ذكية من أرقى أنواع النشاط العقلي, إذ هي على الرغم من أنها استراتيجية في الإحباط واللامبالاة وخيبة الأمل؛ إلا إنها في الوقت نفسه تنطوي على جانب ايجابي، فهي سلاح هجومي فعّال، وهذا السلاح هو الضحك الذي يتولد عن التوتر الحاد وليس عن الكوميديا. . وإذا كانت المفارقة تعني في ابسط صورها القصصية جريان حدث بصورة عفوية على حساب حدث آخر هو المقصود في النهاية، أو هي تصرف الشخصية تصرف الجاهل بحقيقة ما يدور حوله من أمور متناقضة لوضعها الحقيقي، فهي تقانة قصصية يهدف القاص من وجودها النصي الخروج على السرد المباشر وهو خروج يبعث على الإثارة والتشويق...
ففي قصته (علاقة)، نقرأ التالي:
"ها هي ذي المرأة مقبلة.. رائحة عطر خفيف مر..والرجل الذي ظل ينتظر لفترة ، هب من مكانه.
يد المرأة تفتح الباب المغلقة، وعينا الرجل تحضنان المجال.
المرأة التي دخلت تنزع جلبابها، تهيئ نفسها ، ثم تدعو الرجل إلى الدخول...رفرفة عين واختلاجة عابرة... هما الآن خلف حجاب...
يفك الرجل أزرار السروال.. فتقبل المرأة بيدين حانيتين.. تغرز الحقنة تحت الجلد المزرق، وتدعو له بالشفاء"...
ففي هذه القصة نجد نوعا من السخرية الدفينة، وتتمثل في رد الفعل للرجل الذي كان ينتظر قدوم المرأة...والتي كانت قادمة في كامل زينتها، يفوح عطرها ويعبق المكان...تدعوه للدخول،رفرفة عينيه واختلاجة عابرة، تبين ما يدور في خلد هذا الرجل من صور وتمثلات...
(هما الآن خلف حجاب...يفك الرجل أزرار السروال)..هنا يتصور القارئ أشياء وأشياء.. ويتوقع أن يحدث شيء ما ، يدل على اختلاجة الرجل العابرة، ورفرفة عينيه، واللتين احتضنتا المجال وما يوجد فيه...
كما أن (فك أزرار السروال)، تجعل القارئ يتصور أن علاقة جنسية ستحدث وراء الحجاب...وأن لذة وشبقية ستتدفق في هذا المكان الخفي...
لكن المفارقة العجيبة، والتي خلقت نوعا من الصدمة والإدهاش ، وخيبة التوقع والانتظار ، هي أن هذه المرأة ما هي إلا ممرضة.. والرجل كان ينتظرها لحقنه...
ونجد السخرية عند حسن البقالي، تتأسس في بعض قصصه على مبدأ المفارقة الضدية... حيث كلما ازداد العالم الواقعي الراهن مفارقات، ازدادت درجة التهكم والسخرية لدى السارد...
وفي قصته السابقة (لقاء2)...نجدها تحبل بالمفارقة والتهكم والسخرية.. فالكل كان ينتظر داخل المصحة، ليس شفاء الأب ولكن موته، ليوزعوا ثروته...وقد كنا كمتلقين نظن أنهم جاؤوا من شفقتهم على هذا المريض لزيارته ومواساته، والتخفيف عنه عناء المرض...لكن المفارقة الصاعقة، والصادمة، والتي خيبت كل توقعاتنا...أنهم ينتظرون موته...
كما نتبين مفارقة أخرى في الفارق الطبقي والاجتماعي بين الطفلين...فالطفلة ابنة هذا الموسر الذي ينتظر الكل موته...لتوزيع ثروته...والطفل ابن المنظفة ينتهي أن تنتهي أمه من عملها...وهو من طبقة فقيرة ، محرومة..
كما أن هناك مفارقة صارخة، وحابلة بالمتناقضات ، وتتمثل في جواب الطفلSadأمي منظفة...هي التي تمسح الآن خراء أبيك)...
وتتحقق السخرية عند حسن البقالي على ثلاثة مستويات:
1- إحداث تقابل بين عالمين، للمقارنة بينهما من حيث الخصوصيات والاهتمامات. كما في قصته القصيرة جدا(جبن) والتي يقول فيها:
"أحس بالجوع...
فأف قصائد عن أطايب الطعام..
أحس بالجوع ثانية..
فتغزل بالشفاه والأرداف والخصور النحيلة...
لكن...
حين أحس بالاختناق...
لم يكتب عن الحرية"...
فالقصة تقابل بين عالمين تعيشهما الشخصية: عالم خيالي تدخله من خلال قصائدها التي تتغنى فيها بأطايب الطعام...وصور الجميلات... وعالم واقعي، تحس فيه بالقهر، والاختناق، والاستعباد.. ولكنه لم يستطع تغييره، أو فعل أي شيء.....لأنه مجبر على الصمت، والخنوع والاستسلام...
2- يتخذ طابع الهجاء، والتهكم من الواقع والمحيط، والفاعلين فيه.. ورصد مفارقات الراهن وتناقضاته... وهذا نراه في قصته(لقاء1)، والتي يقول فيها:
"ذات يوم أفاق كلب العائلة، وبعد أن استرجع للحظة بقايا حلم، جعل يفكر في تاريخه الشخصي، الفاقد لأي مجد..لم يغب عنه أنه صار عزيز العائلة المدلل: الصغير يتمسح به، والكبير يقدم له الأكل، فيما المرأة ترى فيه مرآة لتلاوين حياتها الزاهية..لكن لماذا لا يتذوق طعم السعادة، وكلما نام رأى نفسه يهوي في بئر سحيق؟..
في نفس اللحظة تململ طفل الشارع يستل ذاته من بقايا خدر...وغمس ذهنه في شرطه الوجودي: أكلي فضلات.. وسادتي قطعة إسفلت وبين كل الأزقة والدروب.. من أنا؟..ما أنا؟..
بعد برهة التقى الطفل والكلب في مفترق طرق... الطفل يحلم ببيت يحضنه.. والكلب يمني النفس بالفضاءات الشاسعة.
نظر ك منهما إلى الآخر...فهما بعضهما البعض... ثم سار كل منهما في اتجاه..".
3- غير مباشر، وهو التمرد على السرد الخطي، وبلاغية الخطاب، وتبني سرد قصصي يستند إلى التكثيف والإيحاء، والاختزال والحذف، والاختصار، والمفارقة...كما في قصته( توهان)، والتي يقول فيها:
"بضع نحلات ظلت تحوم في البراري...
لم تكن تتفقد رحيق الأزهار..
ولا كان قفيرها بالقرب...
بل مصنع كيماويات ألهب نومها بالكوابيس وضيع كل الحواس..
بضع نحلات ضيعت لغة الجهات"...
3- التناص: تنفتح قصص المجموعة القصصية (الرقص تحت المطر)، رغم اختزالها الشديد ، على نصوص أخرى غائبة...
ففي قصته(عصفورتان)، نقرأ المقطع التالي:"الأرجح أنه كان يوم عيد، حيث وقعت نسوة المدينة على اتفاق يبشر باستعادة الحياة لشاعرية مفتقدة"...
نجد في هذا المقطع تناصا مع الآية الكريمة(وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا إنا لنراها في ظلال مبين) ....
وفي قصة (نشيد) والتي يقول فيها:
"قال الألف: أنا أول الحروف...
قالت الياء: وأنا مسك الختام...
خلخلت البقية نظام الطابور وشكلت جوقة جعلت تنشد:
"بَ بُ بِ
أباك عروبي
مشى لخيمة
سرق لحيمة"..
لبث الألف والياء وجها لوجه..أصابها برد شديد فطأطأ رأسيهما وانضما إلى الجوقة...واستمر النشيد حتى الصباح"...
في هذه القصة القصيرة جدا، نجد الكاتب حسن البقالي يوظف نصا غائبا هو من الموروث الشعبي.. كان يردده الأطفال في لعبهم في فترة الستينيات... تنديدا بما كان يعرف بطريقة ترانشار في المناهج التعليمية المغربية آنذاك...والتي سارت على منوالها سلسلة (اقرأ) كتاب القراءة الذي قررته وزارة التهذيب الوطني(وزارة التربية الوطنية)، وهي من تأليف المرحوم أحمد بوكماخ...
أما قصة (القصة والسمكة المبعثرة)، والتي يقول فيها:
"ذات أمسية ظليلة ، نضد كاتب قصة الجملة التالية:
" لم يبق من نصيبه في (الشبكة) سوى (سمكة) مبعثرة، ودفع بها إلى الصدور بوصفها قصة قصيرة جدا...لنفترض أن الكاتب يتحدث عن رجل يعتاش من صيد السمك، وأن حظه العاثر أوقعه ذلك اليوم في سمكة مبعثرة لا غير.. وفي هذه الحالة يتوجب علينا ان نقدم جوابا على السؤال: كيف يتبعثر السمك في البحر؟...
أما الافتراض الثاني ، وهو الأقرب إلى العنوان. فالشبكة هنا لا تعدو كونها شبكة للكلمات المتقاطعة في جريدة تداولتها أيدي زبناء كثيرين لنفس المقهى، قبل أن يحين دوره ويصادف آخر الكلمات: سمكة مبعثرة.
يبقى الاحتمال الآخر: هو أن الشبكة ليست شيئا آخر غير الحياة، بل صخبها وتشعباتها وأقدارها الغامضة، والتي لم يكن حظه منها غير التمزق وجروح في الوجدان"...
إن القصة تستحضر قصة القاص المغربي حسن بطال(لم يبق من نصيبه في (الشبكة) سوى (سمكة) مبعثرة)...
ومن خلال القصة يحاول حسن البقالي الدلو بدلوه في النقاش الحاد الذي دار حول هذه قصة حسن برطال: هل ما كتبه يعتبر قصة قصيرة جدا.. ؟..
وقد تضمن تدخله ثلاث افتراضات هي:
1- أن القصة تتحدث عن صياد اصطاد يوما سمكة مبعثرة...
2- أن القصة تتحدث عن شخص يملأ شبكة للكلمات المتقاطعة في جريدة بمقهى.. وعندما تسلم الجريدة، لم يتبق له من الشبكة غير(سمكة مبعثرة).
3- أن القصة تتحدث عن الحياة التي تشبه الشبكة..وأن هذا الإنسان في صراع دائم مع الحياة...ولم ينله منها غير الفتات...
وفي قصته (الرقص تحت المطر)..والتي يقول فيها:
"في محل لبيع المفروشات وقطع الديكور المنزلي، وقع بصرها على اللوحة. رأت مطرا أسود يسقط على المدينة.
اتضح أنه في الحقيقة رجال بنفس السمت، ونفس القبعة والمعطف الأسودين تهمي بهم السماء.
ارتجف جسدها من الانفعال.. ودت لو تتعرض للمطر الجميل، وتضع دستة رجال في الجيب. كلما تنمر أحدهم تضربه بالآخر..لو يسقط واحد على الأقل في يدها تنهي به زمن العنوسة الذي طال، وتفرح بأيامها المقبلة"...
في هذا المقطع نجد الكاتب حسن البقالي وظف تناصين من خلالهما نستحضر نصوصا غائبة.. فالعنوان (الرقص تحت المطر) يجعلنا نستحضر الفيلم الاستعراضي الأمريكيsingin’in the rain ،(نغني تحت المطر) للمخرج : ستانلي دونن، وجين كيلي.. والذي ظهر في 1952....ويتضمن كليب هذه الأغنية الشهيرة، والتي تبين البطل جين كيلي يؤدي رقصاته وغناءه تحت المطر...
كما أن اللوحة التي رأتها الشخصية بمحل بيع المفروشات ، وقطع الديكور المنزلي، والتي تشخص رجالا بمعاطف وقبعات سوداء يسقطون كالمطر من السماء هي للفنان التشكيلي البلجيكي السوريالي رينيه ماجريت، المزداد في 1898، والمتوفى في 1967، والذي يعمد في لوحاته إلى الجنوح نحو تغيير علاقة الإنسان بالواقع وإلغاء الثوابت المسبقة في تلقي العمل الفني، أو المشهد الواقعي بتحويله إلى واقع سحري...
ولذا ثم توظيف هذه اللوحة في القصة ليربط الكاتب بين الواقع والخيال/ الحلم...وليبين مدى الحرمان العاطفي الذي تعانيه هذه المرأة... ومدى الصراع النفسي الذي تسببه لها عنوستها..ولذا مجرد رؤيتها لهذه اللوحة جعل عقلها الباطن يتمنى لو يصبح هذا الوهم حقيقة.. وتسقط السماء فعلا رجالا لتفوز بواحد منهم...
كما أن قصته (الشبيه)ن والتي يقول فيها :"كان الرئيس على أهبة إلقاء خطابه السنوي عبر القنوات الوطنية، حين اكتشف أنه فقد صوته...
رأى الأطباء أنه عارض صحي عابر، وأفتى المستشارون بجاهزية الشبيه لإلقاء الخطاب..
- طبعا إذا وافقت فخامتكم...
ألقى الشبيه- الذي كان في السابق مهرجا – الخطاب بنجاح باهر، هنأه عليه كل رجالات القصر...الملاحظة الوحيدة التي لفتت انتباه الشعب، بصرف النظر عن الإضاءة التي بدت خافتة بشكل واضح، هي الدرجة العالية من الصدق الذي كان ينضح من الكلمات والذي لم يعهدوه في خطابات سابقة"...
هذه القصة ، عندما نقرأها، تجعلنا نستحضر فيلم(الديكتاتور) لشارلي شابلين، والشريط الأمريكي(رئيس ليوم واحد)، والذي اقتبسه المسرح المصري تحت عنوان(الزعيم) من بطولة عادل إمام...
ومن خلال هذا التضمين التناصي، نستشف موقف حسن البقالي من السياسة التي تجعل السياسي يلبس قناعا لكل موقف ، وبالتالي تصبح السياسة فن لباس الأقنعة..إنها حفلات تنكرية.. من خلالها يمد السياسي بالمسكنات للمواطن.. ولذا (الشبيه) كان صادقا في خطابه، لأنه لم يكن يوما رئيسا ، ولا سياسيا...
4- استحضار الشخصيات التاريخية:قام حسن البقالي في بعض قصصه القصيرة جدا، بتوظيف بعض الشخصيات، التي جعلت من قصصه وثائق مهمة...وكتابة تسجيلية...
صحيح أن القصة ، حين "تومئ إلى ما يقع خارجها من نصوص وأحداث ومرويات، فإنها تفتح ميراثا وجدانيا، ومعرفيا مشتركا بين(...)(المبدع) والجمهور.. وتوقظ الذاكرة الوجدانية والجمالية للمتلقي ليبدأ نشاطه في استقبال (القصة) والتماهي معها" ..
إن توظيف هذه الشخصيات جعل منها إشارات ليعبر من خلالها الكاتب عن تصوره للإنسانية والحياة...
ففي قصته (شعرة الرشيد)، والتي يقول فيها:" هكذا تنقل الحكايات الشعبية عن هارون الرشيد صورة الخليفة الذي يسري في ليل بغداد مع وزير وسياف، في هيأة تنكرية. يخالطون الناس ويعيشون وضعيات بالغة الطرافة"...
وكذلك في قصته(سقوط)، والتي يقول فيها:"في ذلك اليوم توفي شاعر مغربي...كنت أقرا رواية عن القمع والتقتيل تحت الحكم الحديدي لواحد من أكبر الطغاة في تاريخ روسيا الحديثة"..
ففي هاتين القصتين نجد الكاتب حسن البقالي يستحضر شخصيات ، ليجعل من سيرتها، وتاريخها عبرة يستند إليها في سياقه العام...فهو ينقلها من زمنيتها الماضية إلى زمنية الحاضر... الشيء الذي يجعل من قصتيه مادة معرفية، ينعكس من خلالها الإنجاز الإنساني في صورة حركية لا تقدس القديم بشخصياته وأحداثه، بقدر ما تتفاعل معه وفق رؤية معاصرة، تعمل على إنتاج دلالات جديدة.. ترتبط بروح العصر.. ومن هذه الشخصيات التاريخية نجد الأنموذج التاريخي ..
وهو في قصته (شعرة الرشيد): هارون الرشيد، ووزيره جعفر البرمكي، وسيافه مسرور...وفي قصته (سقوط)، القبضة الحديدية ، هو ستالين.
وقد شكل حضور هذه الشخصيات في الخطاب السردي عند حسن البقالي ، أبعادا دلالية مهمة، استحضر منها الواقع الراهن، واستكناه أبعاده لخلق حالة فكرية أو نفسية جديدة، تعمل على تعميق دلالات النص القصصي، والانطلاق بها إلى آفاق إنسانية واسعة.
5- الإيقاع: إن عالم حسن البقالي القصصي مشحون بالقلق الإنساني الراهن..أمام صدمة المتغيرات، وقسوة الواقع، وإيقاع الحياة الجديدة...
ومظاهر السرد عنده تتم من خلال ثلاثة عناصر، هي : الإيقاع، والسخرية، والشخصية القصصية...
والإيقاع لا يقوم على التكرار، والتشابه، والتناظر فحسب.. بل قد يقوم على التباين والمفارقة والتناقض.. كما يقوم على الحذف والإثبات، أو الإضمار والإظهار، والسلوك المنحرف.
وقد تجسده ردات الفعل المتشابهة، والمعاملة بالمثل، والحركة المكافئة، والموقف النظير، وأشياء أخرى...
والإيقاع عنصر فني تتشكله الحركة السردية بكامل تفصيلاتها بدءا من اختيار العناوين،وانتهاء بأصغر جزئية تتغلغل في ثنايا السرد، مرورا بالشخصية والحدث، والحبكة، والحوار والحركة.
وعندما نقف إلى قصته(طفل من زماننا)، والتي يقول فيها:
"كان الوقت متأخرا حيث جعل الطفل يربت كتف أمه:
- نامي يا أمي.. فهناك وحش بالجوار لا يحب النساء مفتحات الأعين.. نامي"...
حتى إذا أحس بأنفاسها قد انتظمت، تسلل على أصابع قدميه خارجا إلى الغرفة الأخرى...أشعل التلفزيون، واقتعد الأريكة المواجهة لالتماعات الشاشة، في اليد جهاز التحكم وفي العين ظلال رغبة مكتنزة"...
فهذه القصة، استجمعت وهي الحذف الزمني، والوقفة الوصفية، والمشهد الدرامي، والسرد الموجز...
وحسن البقالي اعتمد فيها بدرجة أولى الحذف الزمني، إذ تجاوز أحداثا كثيرة، واختصر تفصيلات بل قفز عليها لأنه لا يريد أن يثقل بها سرده، إذ لا نعرف ماذا يحدث عندما تستيقظ أمه وتجده يشاهد القنوات الإباحية...
وفي قصته (باكرا يأتي الليل أحيانا)، والتي يقول فيها:
"ازداد قبل ساعات..دبقا وحارا ومزدانا بالغموض، دلته القابلة من رجليه وقالت ضاحكة:
- سيكون لاعبا شهيرا، يغازل الكرة ويفتك بالعذارى...
أما أمه التي ....فلم تكن واهمة بشأن المستقبل...
هو الآن في مواجهة ليل بهيم.. مرمي قرب صفائح الزبالة، وقط أسود شرس يحوم حواليه"...
فهذه القصة توفرت على أشكال الإيقاع.. حيث نجد فيها الحذف. والمتمثل في(أما أمه التي...) بعد اسم الموصول يسكت السارد عن الحكي...ويعوض صمته بالنقط الأربع المتوالية... كما أن النهاية مفتوحة ن قابلة للتأويل ما دام هناك سؤال يطرح: (وماذا بعد؟..).
وعندما نتمعن في جمل هذه القصة، نجدها جملا قصيرة(ازداد قبل ساعات)، حيث تتكون من (فعل+ فاعل ضمير مستتر+ظرف زمان+ مضاف إليه)... كما أن توالي الأفعال ، سرع من حركية السرد.. وحدثها.. فتضمنت (ثمانية أفعال تنوعت زمنيا ، مابين الماضي والحاضر)... وهذا ساهم في تسريع وتيرة السرد، وحقق بذلك إيقاعية النص القصصي...
6- صورة الشعر/القصيدة: لقد حاول حسن البقالي في بعض قصصه الخروج عن الشكلية المعهودة في الكتابة السردية.. وخرق قانونها.. وذلك محاولة منه إعطاء زخم جديد لكتابته... وأيضا تجنب الرتابة التي تنتج عن الاسترسال السردي..لذا عمد إلى شكلية القصيدة الحداثية، وهندستها.. وحاول تطبيقها في بعض قصصه القصيرة جدا...
ففي قصته (حقول الممكن)، نقرأ التالي:
"في الحب يغدو كل شيء ممكنا...
كأن تصيري ساقية وأصير سمكة..
أو تصيري حب رمان وأكون ديكا...
أو تكوني سهما وأكون تفاحة...
في الحلم يغدو كل شيء ممكنا ن حتى الحب..."
ففي هذه القصة، اتخذت الكتابة شكل القصيدة النثيرة.. واعتمدت نظام الأسطر الشعرية... وبذلك انمحت الحواجز والحدود ما بين النثر والشعر..
كما اعتمدت هذه القصة بعض ميكانيزمات الشعر والقصيد.. كالتكثيف، والحذف، والصورة الشعرية، والتكرار...
وهذا نجده حتى في قصة (أمومة) ، والتي يقول فيها:
"كان حلم الطفلة أن تكون أما لقطة صغيرة منمقة بالأبيض والوردي...
تسميها وردة..
وتطعمها...
وتلاعبها...
وبين الحين والآخر تقول لها:
الحسي قدمي...
إن تحتها الجنة"...
كذلك اعتمد فيها شكل القصيدة الحداثية.. وهذا متعمد من الكاتب لأنه خرق بذلك رتابة الشكل الكلاسيكي للقصة العربية.. وكسر به أيضا رتابة السرد ، وخطيته...
7- المسرحةDramatisation: في مجموعته القصصية(الرقص تحت المطر)ن نستشف حسن البقالي المجدد، والتجريبي...وهو عاشق للتجريب ، والجديد،ويتجلى ذلك في اعتماده طرقا متعددة في كتابته السردية...ومن هذه الطرق المعتمدة: مسرحة قصصه...
والمسرحة ، هي تقنية تحويل نص إلى خطاب مسرحي ن عمل بدلالات كثيفة تنفتح على مجالات أبعد من حدود السرد المكتوب ...
وهذه المسرحة ارتقت بدرامية النص القصصي، وخصبت علاماته الدلالية.. وتحول من خطاب سردي إلى خطاب درامي ، تداولي بصري، يمكن أن يحقق المشهدية (التشخيص)..
يقول في قصته (لقاء2):" في بهو المصحة التقى طفل وطفلة:
- هل أبوك مريض أيضا؟.
- لا...
أبي مريض جدا وأعمامي يستعجلون موته كي يرثوه...
- هل هو غني؟..
غني جدا لكنه مريض جدا، وسيموت.
- أبي لم يكن غنيا ومات...
- وفيم وجودك هنا؟..
- أزور أمي وألعب في البهو...
- أمك مريضة؟...
- أمي منظفة...هي التي تمسح خراء أبيك..."
في هذه القصة التي رأيناه من قبل، نجد حسن البقالي ، يعتمد الحوار، والديالوغ في عرض حدث القصة.. وبذلك أخذت شكل مسرحية صغيرة يمكن تشخيصها، وتحويلها من ملفوظ مكتوب إلى كتابة سينوغرافية، ومسرحية تلعب فوق الركح...
وهذا أعطى للقصة بعدها الفني والجمالي، وأخرجها من رتابة السرد، والوصف....
7-- التقديم والتأخير:
تتميز قصص المجموعة (الرقص تحت المطر) باشتمالها على تقنية جمالية ، بلاغية وأسلوبية، وهي التقديم والتأخير.
وقد اعتمد الأديب حسن البقالي هذه التقنية البلاغية لأسباب ،من خلالها غير في ترتيب الجملة الموظفة في قصصه... ومن بين هذه الأسباب، نجد أهمها: هو محاولة شد انتباه المتلقي إلى الأمر الخطير والهام، الذي تتضمنه القصة .. ويضخم من حجمها ، معتمدا على مبدإ التضخيم والتهويل... ملفتا انتباهه إلى الوقوف عند الفكرة المتضمنة، والغوص ما وراء سطور القصة لاستجلاء المضمون الهام الذي يريد إبلاغه إليه.. ولذا عمد في تقديمه للمتلقي على التقديم والتأخير...
ونرى هذا جليا في قصته (أنا فريديريش ماور أريد...) والتي مارس فيها الحذف أولا، ثم التقديم والتأخير ثانية...
وعندما نتمعن هذه القصة ، نجدها تفتتح بجملة فعلية(فتح الباب فبادره القادم من بعيد)..هذه الجملة الفعلية توقفنا على مشهد من خلالها نتبين طارقا يسأل صاحب الدار هل هو المسمى فريديريش ماور.. والذي نشر إعلانا على النت...
ولو حاولنا التمحيص في هذه الافتتاحية ، نجد أنها قد اختصرت كلاما كثيرا.. ووصفا سرديا ، لو أثبته حسن البقالي لاعتبر حشوا، وإطالة زائدة...
ماذا يحدث بعد هذا السؤال؟...
فيديريش ماور يدخل هذا الطارق، يوثقه ، ثم يبدأ في التهام لحمه... والغريب أن الطارق لم يحتج ولم يصرخ، ولم يبد ألما... بل كان ينظر إلى موثقه بود، وامتنان... كأنه يشكره على تعذيبه ، وتقتيله له... وهنا ينبهنا الكاتب بطريقة ضمنية إلى ظاهرة التقتيل الجماعي، وحب الموت،والعذاب، والتعذيب... وهو موقف تتجلى في الماشوسية والسادية...
كما نستشف من خلال القصة ، أن الكاتب ينبهنا إلى أمر عظيم وخطير في نفس الوقت.. مس الإنسانية جمعاء.. وهي عملية التقتيل الجماعي، التي يتم من خلالها قتل آلاف الأبرياء.. والذين يعرفون أنهم معرضون إلى الموت ورغم ذلك يقبلون عليه...
ويمكن التذكير هنا ب(جيم جونز) الذي قاد أكبر عملية انتحار جماعي بمعبد الشعوب، بجونز طاون في 18 نوفمبر 1978... والهجوم على مترو الأنفاق زارينوف بطوكيو من طرف طائفة أوم شينريكيو، بواسطة الغازات السامة... ومذبحة دير القاسم بفلسطين، وصبرا وشاتيلا... وغيرها... من المذابح التي راح ضحيتها مئات الأبياء...
وهذه القصة (أنا فريديرش ماور أريد...)، قد انبنت على التقديم والتأخير.. فنهايتها أصبحت هي مقدمتها، ومقدمتها أصبحت نهايتها... وهذا أعطى للقصة بعدها الفني والجمالي... ودفع بالمتلقي إلى محاولة إعادة ترتيب القصة.
لكن لم قام حسن البقالي بهذا التقديم والتأخير والتغيير في ترتيب القصة؟..
لو كتب القصة كما كان يجب أن تكون..لأصبحت القصة عبارة عن سرد عاد يتضمن خبا... أو تحولت إلى قصة تسجيلية، أو قصة وثيقة(وثائقية)...
ولكنه عمد إلى هذه التقنية ليزيد من بريقها، ويقوي من توهجها.. وينبه إلى أن العالم المعاصر يقوم على التناقض، والمواقف الغريبة والساخرة... وأن الرغبة أحيانا تذهب بصاحبها إلى حتفه وهو يدري ذلك...
وفي قصته (توهان)، نجده أسسها على تقنيتي الحذف والتقديم والتأخير.. وهذا ما جعل القصة تمتاز ببريقها ، وجماليتها وفنيتها...
كيف كانت القصة في الأصل؟...
القصة كانت في مخيال الكاتب على هذا الشكل – ونستسمح الكاتب سي حسن البقالي في هذا التصرف- (بضع نحلات ضيعت لغة الجهات.. وظلت تحوم في البراري، لأن مصنع الكيماويات ألهب نومها بالكوابيس وضيع كل الحواس)...
ولكن قدمها على الشكل الذي أمامنا بالمجموعة.. وبالتالي أصبحت البداية نهاية، والنهاية بداية... لينبهنا كمتلقين إلى أمر خطير طبع الحياة المعاصرة.. وهو هذا التصحر الإسمنتي الذي غزا الأرض... وبالتالي تكاثر العمران، وازدياد النمو الديمغرافي، والتطور العلمي.. ينتج عنه تطور التصنيع...ومن ثمة تلوث البيئة، وانحسار المجال الطبيعي، وانقراض البراري والمروج.. هذا ينتج عنه اختلال طبيعي ، وحيواني وبيئي.. فالنحل الذي كان يتجول بحثا عن الأزهار ليمتص رحيقها ، لم يعد يجد شيئا..كما أن تلوث الهواء والماء والتربة، وما تطرحه المصانع من سموم، وغازات، وكيماويات جعل النحلة تعيش محنة كبيرة، أكثرت من كوابيسها،وتوترها...وهذا سبب لها خللا في جهازها العصبي، فأتلفت الجهات والمكان...وبالتالي لم تعد قادرة على إنتاج العسل..وأصبحت مهددة بالانقراض لانحسار دورها البيولوجي...
8 - الرمز:
نجد الكاتب حسن البقالي يعتمد الرمز في كتابته القصصية .. ففي قصته القصيرة جدا ( نجدة) والتي يقول فيها:
"الشمس ساطعة بقوة، وجسد الماء بض خصيب.. نسيت أني لا أحسن العوم، فارتميت ..
ابتدأت تشنجات الجسد والحركات الفاضحة للهلع الذي حل.. واحتلني ندم طارئ على أشياء كثيرة فعلتها وأخرى كان علي فعلها.. وفي لحظة خلتها الأخيرة.. بدا أن الشمس تودعني بغمزة ساخرة... لكن الفاتنة التي كانت في الماء...ألقمت يدي نهديها فطفوت"...
نجد الكاتب في هذه القصة والتي تبين صورتها السطحية عن مشهد عادي..نألفه بشواطئنا وأنهارنا وبحيراتنا المغربية... وهو الإقبال على العوم والاستمتاع بالماء ، وتعرض المقبل على العوم للغرق...
لكن الكاتب لا يريد هذه الصورة السطحية.. بل يريد عميقها... إنه لتجربته الحياتية، وتمعنه في هذه الدنيا وما تحب لبه من تناقضات.. يجد أن الإنسان المعاصر في صراع دائم مع الحياة.. أحيانا تقهره محنها. فيغرق أو يكاد يغرق.... ولكن أحيانا تلين ن وتعطف في يديه.. فيطفو ، وفي طفوه يتمتع بالحياة الدنيا الفاتنة...
هكذا هي الحياة، ولذا نجده يرمز في هذه القصة للإنسان وشقائه، بهذا البطل الذي وقف أمام الماء وبه رغبة في خوض غماره... والانتعاش به.. ورمز للدنيا بالبحر أو النهر أو البحيرة(الماء).. وللسعادة وفتنتها وملاذها بالمرأة ومفاتنها .. ورمز للحياة والسعادة بالطفو والتمسك بنهد الدنيا (المرأة.)..رمز لحبه لهذه الدنيا وتعلقه بها.. وبفتنتها...
وفي قصته (حجرة نوم)، والتي يقول فيها:"سقطت في يدي تفاحة ن فشطرتها نصفين: واحد أبيض والآخر أسود.. ثم انحشرت بينهما ونمت...
منذ مئات السنين وأنا نائم.. بين الشخير والشخير أفتح عينا واحدة أرقب إزهار حقول الآخرين، وأنتظر من يوقظني..ني...نيني..".
في هذه القصة القصيرة جدا، يمكن أن نتبين الرمزية الموظفة فيها.. إن الأرض كروية الشكل تقريبا(إهليجية).. الجهة المقابلة للشمس تكون في حالة إضاءة( نهار)...والجهة الخلفية تكون في حالة إظلام (ليل)... ولذا نجد الكاتب يرمز إلى الأرض بالتفاحة، ويرمز إلى النهار بالنصف الأبيض ، وإلى الليل بالنصف الأسود...فالأرض خاضعة لزمان دقيق، ومحدد.. وهو تعاقب الليل والنهار، وتعاقب الفصول الأربعة.. والكائنات كلها خاضعة لهذا التعاقب، ومتكيفة معه...
وعندما نقف إلى قصته( كلمات)، والتي تقول:"1- وضعت الكلمة خلف الكلمة وكونت قطارا من الكلمات .. كان قطارا ضاجا بالأصوات فلم يركبه أحد..
2- وجد نفسه يتنحى جانبا كي يفسح الطريق... الفكرة المارة بدت خطيرة جدا فخشي أن تدهسه.
3- في تلك الليلة .. رأيت نهر اللغة جف من ماء الأبجدية.. فصعقت...
4- أتلفوا العلامات وقالوا: شق طريقك...
....................................................
ها إني أحث الخطى تدفعني الريح إلى الهاوية"...
في هذه القصة القصيرة جدا.. نجد الكاتب حسن البقالي يوظف فيه أيضا الرمز.. فهو يطرح لنا فكرة ثقافية يعانيها الكتاب اليوم.. وتتعلق بعالمهم الإبداعي وعلاقتهم بالمتلقي... إنها تتضمن سؤالا: لم نكتب؟ ولمن نكتب؟.. ومن يقرأ ما نكتب؟..
إنه ينبهنا إلى أمر خطير، ومعضلة ثقافية أصبحت تهدد اليوم الإبداع.. وتضعه في مفترق الطرق.. منبها وبشدة إلى أزمة التلقي، والقراءة التي أصبحت ميزة العصر...
إن الكتابة تجربة ومغامرة محفوفة بالمخاطر... لا توصل إلا إلى الهاوية.. ولذا الكاتب أمام هذا الموضوع الخطر، التجأ إلى الرمز ليكون أكثر تأثيرا، وأكثر فاعلية مما لو كانت كتبت كتابة مباشرة...
فنجده يرمز للكتابة/ الجملة بالقطار، والحاملة للفكرة والموضوع والمعنى... ولقوتها ووهجها يرمز إلى ذلك بالضجيج والصخب والصوت... ولكن لا أحد يقرأ ذلك.. ولا نقد يساير هذه الكتابة.. ويقيمها...
وأمام تجاهل المتلقي ، يلجأ الكاتب إلى الصمت والتوقف قليلا.. لكن هوس الإبداع يدفعه إلى استئناف الكتابة... لكن الذي يصدمه هو انه يرى كتابات بدأت تستشري محتلة مواقع مهمة .. خالية من أي إبداع ، ومن أي فكر ... وقد رمز إلى ذلك بنهر اللغة ، وجفافه.. ونضوبه من ماء الأبجدية... وهذا ما أضفى على القصة بعض الجمالية، والدلالة التي لا تخلو من فنية...











الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
القصة القصيرة جدا عند حسن البقالي من خلال( القص تحت المطر)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المفارقات في القصة القصيرة جدا عند عبد الرحيم التدلاوي
» القصة القصيرة جدا عند محمد فاهي من خلال (ضفائر الغابة)
» 4- القصة القصيرة عند عبد الله المتقي من خلال(قليل من الملائكة)
» حفل توقيع الرقص تحت المطر لحسن البقالي تغطية عبد الحميد شوقي
» بنية القصة القصيرة عند عبد السلام جاعة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مدارات :: مدارات نقدية :: مدار النقد-
انتقل الى: