منبر الحكايات

يحكى أنه كان في كل مسجد من مساجد بلاد الإسلام منبر مزركش صغير ، إلى جانب منبر خطب الجمعة .وكان هذا المنبر مخصصا لقصص القرآن .وكان المصلون يستمعون في أوقات معلومة إلى هذه القصص ،فيتعضون بعبرها ويجددون إيمانهم ...
في أحد الأيام صعد المنبر راو فشرع يحكي الحكاية التالية:
وقف شيخ كبير أمام الخليفة الإسلامي وهو في حالة يرثى لها :
- أيها الملك، لقد أصاب المسلمين يباس وقحط وعمت المجاعة والأمراض والفقر.
رد الملك متأسفا : هذا قضاء وقدر ، و لايمكن لمخلوق ضعيف مثلي أن يرد قضاء وقدر الله.
الشيخ : أيها الملك، أنا لا أطلب منك رد قضاء الله وقدره ، وإنما أطلب منك تلطيفه.
الملك : اللطف من الله وليس من البشر فهو اللطيف ولكن كيف ألطف بهؤلاء الرعاع ؟
الشيخ :عفوا أيها الملك ، فكلمة هؤلاء الرعاع احتقار للمسلمين والمؤمنين.
الملك : أتزن كلامي بميزان اللغة الفاسد ؟
الشيخ :بما أنكم قلتم اللغة،فلنعد النظرفي معنى: "بيت مال المسلمين"
الملك : لاتقل بيت مال المسلمين ، بل قل بيت مال الله. ودخول وخروج الدينار والدرهم يتم بمشيئة الله وليس بمشيئة المسلمين .
الشيخ : لا، بيت مال المسلمين : فهم الذين جاهدوا و استولو على الأراضي وفرضوا الخراج والجباية وهم من ساهم بالزكاة والصدقة حتى امتلأهذا البيت . و اليوم، هم ونساؤهم وأطفالهم في حاجة ماسة لهذا المال .
الملك : هذا باب من أبواب البدعة ونهاية البدعة النار والنار مثوى للكافرين.
الشيخ: لكن ...
الملك : انكشح أيها العجوز ، وإلا أمرت بقطع رأسك ...
ما كاد الراوي أن ينهي هذه الحكاية ، حتى طوق المسجد بالشرطة والجنود وكسر منبر الحكايات . ومنذ ذلك اليوم أصبحت الحكايات الممنوعة تروى في الساحات العمومية .

شكر وتقديرللاستاذ الكبير