مدارات
مدارات
مدارات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مدارات


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 التغذية الفكرية المتبادلة ومصلحة الشعب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
د. تيسير الناشف




عدد المساهمات : 45
تاريخ التسجيل : 01/02/2008

التغذية الفكرية المتبادلة ومصلحة الشعب Empty
مُساهمةموضوع: التغذية الفكرية المتبادلة ومصلحة الشعب   التغذية الفكرية المتبادلة ومصلحة الشعب Empty4/9/2010, 18:50

التغذية الفكرية المتبادلة ومصلحة الشعب

د. تيسير الناشف




على الصعيد العربي القطري أو القومي العام يجب توخي إرضاء أكبر عدد ممكن من الأطراف المعنية عن أي نشاط من النشاطات في شتى المجالات، وعلى وجه الخصوص المجال السياسي. والمجال السياسي هو المجال الذي فيه يوجد من يمارس التأثير ومن يمارَس التأثير فيه. وذلك لأن عدم رضى طرف من الأطراف من شأنه أن يكون عامل عرقلة عاجلا او آجلا لتحقيق هدف النشاط. عدم الرضى هذا هو خميرة الاختلاف والخلاف والعرقلة بمرور الوقت. ينبغي عدم غض الطرف عن الآثار السلبية التي تترتب على القيام بنشاط لا تقره الأغلبية الكبيرة من الناس. تجب مراعاة وجهات نظر الجميع أو الأغلبية الساحقة أو الأغلبية الكبيرة عن طريق الحوار الهادف الى التسوية والحلول. ووجوب مراعاة رأي طرف من الأطراف ينطبق على الدولة وعلى الساحة الإقليمية والساحة الدولية. إن صغر حجم دولة من الدول أو قلة عدد سكانها أو ضعفها الاقتصادي ينبغي ألا يكون مسوغا لإهمال موقف تلك الدولة. فمثل تلك الدولة جزء من كل ولذلك لا يكتمل الكل دون حضور ذلك الجزء ومشاركته.

ومما له صلة بهذا الموضوع اعتبار وحدة المصلحة العربية. مما من شأنه أن يسهم في توطيد أساس هذه الوحدة وفي تعزيز أساس العمل العربي المشترك وفي تعزيز المفاهيم التي تصب في اتجاه توحيد الكلمة العربية أو تنسيق العمل العربي هو أن يعتاد العرب على المحافظة على المكاسب التي حققوها في مجال العمل المشترك على طريق التوحيد او التعاضد السياسي أو الثقافي أو الاقتصادي العربي. لقد استغرق تحقيق ما حققوه في هذه المجالات سنوات كثيرة. وفي حالة نشوب خلافات بين دول عربية لسبب من الأسباب ينبغي ألا يأتي هذا الخلاف على الأخضر واليابس وألا يؤدي إلى القضاء على المكاسب الصغيرة أو الكبيرة التي حققوها خلال سنوات كثيرة أو قليلة. ينبغي للعرب أن يتعلموا أن يحافظوا - حتى عند نشوب خلافات بينهم - على المكاسب التي حققوها في مجال العمل المشترك، وأن يعتادوا على جعل ما حققوه - حتى لو كان قليلا - في منأى عن اختلافاتهم أو خلافاتهم الآنية، وألا يجعلوا مكاسبهم التي حققوها سابقا رهينة لمقتضيات خلافاتهم الراهنة. ما حققوه ينبغي أن يكون مدماكا قائما في صرح وحدة الصف أو العمل المشترك. بعبارة أخرى، ينبغي ألا تؤدي الخلافات إلى عودة الأطراف الفاعلة العربية إلى المربع الأول من بناء وحدة الصف والكلمة.

ومما من شأنه أن ييسر تحقيق رص الصف العربي القيام بالتنشئة على ثقافة الحوار في شتى المجالات. والحوار وسيلة من وسائل توصيل الأفكار على نحو غير عنيف. ومن شأن ثقافة الحوار أن تخفف حدة التأزم السياسي والاجتماعي، مما يقلل احتمالات اللجوء إلى العنف. ويفتقر المجتمع العربي على الصعيد القطري والصعيد العام إلى قدر كبير من ثقافة الحوار.

ومما له صلة بالافتقار إلى ثقافة الحوار وجود قدر كبير من النزعة الفردية وضعف أسلوب العمل بروح الفريق. عن طريق ذلك الأسلوب يمكن القيام بالعمل على نحو مشترك ومتضافر بما فيه فائدة الجماعة. وعن طريق الحوار تمكن معرفة المصالح المشتركة ومعرفة وسائل تحقيقها. وعن طريق الحوار يمكن إبراز نقاط الالتقاء والاتفاق وإعطاء نقاط الاختلاف والخلاف أهمية أقل وتمكن مراعاة وجهات النظر المختلفة والمصالح المختلفة ومراعاة القاسم المشترك الأعظم والاتفاق على العمل انطلاقا من ذلك القاسم. عن طريق إشاعة ثقافة الحوار يمكن التوصل إلى حلول توفيقية، مما يفضي إلى إرضاء قسم أكبر من المعنيين في سياق اجتماعي معين.

ومن طبيعة المجتمع البشري أنه توجد فيه مصادر سلطة مختلفة رسمية وغير رسمية أو حكومية وغير حكومية في شتى مجالات النشاط والوعي البشريين: مجالات الاقتصاد والثقافة والتوجه. وفي كل المجتمعات تتباين هذه السلطات بعضها عن بعض في مدى قوتها وتأثيرها. وما زالت السلطة الحكومية أو الرسمية منذ آلاف السنين تمارس تأثيرا أقوى من التأثير الذي تمارسه سلطات غير حكومية. والمجتمعات البشرية، وعلى وجه الخصوص مجتمعات بلدان العالم النامي، تفتقر إلى صيغة أو آلية فاعلة تؤدي وظيفة التغذية المتبادلة بين كل السلطات الكائنة. ومن شأن وجود هذه الآلية أن يعني تبادل التغذية بين مختلف فئات وشرائح المجتمع. ويمكن لهذه التغذية أن تتم عن طريق إقامة علاقات بين اصحاب السلطات، وتشكل هذه العلاقات وسائل نقل الرسائل ذات المضامين المختلفة بين أصحاب هذه السلطات، وعلى وجه الخصوص بين أصحاب السلطة الرسمية وأصحاب السلطات غير الرسمية وفئات الشعب. وعن طريق هذه العلاقات، وخصوصا العلاقات الأقوى والأكثر دواما وكثافة، لا بد من أن يتم قدر من المراعاة النشيطة للآراء والمصالح المختلفة. ومن مصلحة المجتمع والدولة أن تتوفر هذه الآلية.

وإذا لم توجد هذه الآلية حدثت انسدادات في قنوات نقل الرسائل تؤدي الى الضغط. وبهذه الانسدادات لا يجري تدفق الرسائل قتبقى الرسائل التي من المفترض أن تنقلها هذه القنوات حبيسة في الصدور، مما يؤدي إلى التأزم الاجتماعي والاستقطاب واضعاف أسس التماسك الاجتماعي وتقوية مصادر التفسخ الاجتماعي.

ومن طبيعة نشاط المجتمع البشري أن يحاول كل فرد أن يضمن مصلحته وأن يحصل على حصته من الرضى أو الاكتفاء الذي يوفره السياق الاجتماعي والاقتصادي والسياسي. وليس المقصود بالرضى الرضى المادي فحسب ولكن الرضى المعنوي والنفسي أيضا. ويدور التنافس بين أفراد وفئات داخل المجتمع على المصالح التي يمكن تحقيقها. وأحيانا يكون تقاسم المصالح آنيا، حاصلا في وقت واحد، أي أفقيا من الناحية الزمنية. وفي الحقيقة أنه يمكن تصور تشاطر المصالح عموديا من الناحية الزمنية، أي تقاسم المصالح خلال فترات زمنية. ومن شأن التنشئة على قبول مفهوم تحقيق المصالح على الطريقتين، أي في فترة زمنية واحدة وفي فترات زمنية، الواحدة تلو الأخرى، أن تخفف حدة التنافس بين مختلف فئات المعنيين بتحقيق تلك المصالح.

وللتناول الصحيح للظواهرالاجتماعية بالمعنى الأوسع القائمة يجب أن يقر الناس بحقيقة هامة جدا، هي تعدد الأبعاد للظواهر وتعدد العوامل في إيجادها وبالتالي تعدد العوامل المفسرة لها. والتناول الذي لا يراعي هذه التعددية يكون تناولا ناقصا وذلك لأن من طبيعة أية ظاهرة اجتماعية أن تتعدد أبعادها وأن تتعدد العوامل الموجدة والمفسرة لها. وعلى أساس تبني مفهوم تعددية العوامل المفسرة للظاهرة تجب الإحاطة بكل العوامل ليكون من الممكن التفسير الكامل للظاهرة. ولا مفر من أن تشمل هذه العوامل البُعد الزمني التاريخي والبعد الجغرافي والبعد القِيَمي والقانوني والمصلحي، وأن تشمل ظروف المحيطين الداخلي والخارجي.

وفي تفسير الحالة العربية يجب ان يكون للموقع الجغرافي العربي مكان هام جدا في تفسير هذه الحالة. فالوطن العربي، لكونه ملتقى القارات الثلاث، مطمع للدول الغربية. ولكونه ملتقى القارات الثلاث وقعت فيه معارك كبيرة في التاريخ بين دول غربي آسيا مثل إيران والدولة العثمانية ودولة المماليك في مصر ودول أوروبية، منها روسيا القيصرية والدول التي شنت منها الحملات الصليبية. ولم تتعرض دول أخرى، ليست لديها ميزة الموقع الجغرافي هذه، لهجمات سياسية وعسكرية وثقافية مثل ما تعرضت له دول العالم العربي. وبالتالي كان تأثر تلك الدول بتلك الهجمات أقل من تأثر أراضي العالم العربي.

تتوفر لدى العرب على المستوى القطري والمستوى العربي العام مؤسسات علمية ومؤسسات أبحاث تتناول الحالات والمشاكل الاجتماعية العربية بالمعنى الأوسع، أي الحالات والمشاكل الاقتصادية والسياسية والثقافية والتربوية والنفسية والتاريخية. غير أن هذه المؤسسات غير كافية من الناحية الكيفية. وتقل في العالم العربي مؤسسات العلم والأبحاث التي تأخذ في نهجها بمنهج تعددية أبعاد الظاهرة وتعددية العوامل الموجدة والمفسرة لها. عن طريق الأخذ بهذا النهج يتعمق الفهم للحالة القائمة المتسمة بالضعف ويتعزز الفهم لطبيعة العلاقات بين الأفراد والفئات وتكون الاستنتاجات أكثر توازنا وواقعية.

ولتحقيق نهوض المجتمع لا يكفي إنشاء مؤسسات البحوث وإجراؤها للبحوث ولكن من الضروري أيضا أن تعمم وتعزز في المجتمع قيم حمل استنتاجات تلك المؤسسات محمل الجد، ووضع الاستنتاجات السليمة الصحيحة موضع التنفيذ واعتبار تلك الاستنتاجات لبنة في مدماك الصرح الاجتماعي المرغوب في تشييده.

وفي فكر العرب - شأنهم شأن الشعوب الأخرى - مجموعة من مثل وقيم ورموز تراثية وقومية ومذهبية كثيرة تتشابك بعضها في بعض. وتشكل هذه أساس التيارات والحركات الاجتماعية والفكرية بمختلف ألوانها. ومن شأن الوصف والتحليل أن يبينا أن هذه التيارات والحركات الاجتماعية والفكرية لن يلحقها ضرر إذا ما أوصلنا التحليل الموضوعي إلى أن قسما من هذه المجموعة عبارة عن وهم، وإلى أن إزالة التخلف وتحقيق النهضة يتطلبان التخلي عن قسم من هذه المجموعة. بيد أن الناس المعتادين على قبول مكونات هذه المجموعة قد يعادون من يقول بذلك وقد يحاربونه. ولذلك يقل من يتناول هذه المسألة بالبحث والتحليل الجريئين.

ومما من شأنه أن يشجع على تناول مكونات هذه المجموعة بالدراسة والتحليل هو الانطلاق من الاعتقاد بتاريخية رؤية الظواهر الاجتماعية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
التغذية الفكرية المتبادلة ومصلحة الشعب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مدارات :: مدارات متفرقة :: مدار المقالات-
انتقل الى: