مدارات
مدارات
مدارات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مدارات


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 في الطريق إلى محاميد الغزلان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مالكة عسال
أديبة



عدد المساهمات : 12
تاريخ التسجيل : 06/11/2009

في الطريق إلى محاميد الغزلان  Empty
مُساهمةموضوع: في الطريق إلى محاميد الغزلان    في الطريق إلى محاميد الغزلان  Empty1/7/2010, 11:46



في الطريق إلى محاميد الغزلان
مقدمة :

المكان فاس ،وبالضبط في محطة القطار، حيث العيون تتطلع إلى الآفاق البعيدة، باحثة في قصر المجهول عن الرفقة ،وخيمة الانتظار مطنبة على الجوانب ،كنا نقتل الوقت بالتفرس في ملامح مدينة فاس وفي وجهها العتيق ،ومرافقها الشهباء المنحدرة من من مناحي الفخر ،والمتوجهة إلى منارة الخلود الشريفة ،كنا نعبث باللحظات ،تارة نؤثثها بأسئلة حرجة ،وأخرى ندسها بغابات كلام ،نُفَصّل على سريرها ،محاجر الأوضاع المفعمة بالغبن ، لفئة جرفت أحلامها سواقي القرارات المسكوكة ،وغيرها أفرغت الأيادي الظلامية رئتيها من الهواء المنعش

في الطريق :

أقلنا السيارات "الأندروفير "تُبحر بنا في شساعة الفيافي، المحنطة بالجبال والهضاب والقمم الصخرية ،ترعش جمالَها أودية وأنهار ،تتسلل من تحت خواصرها غير مبالية ،كانت عيناي زائغتين ،ترمقان إلى خلق طبيعي، سُطّر كيانُه بلبوس متنوع عجيب ومدهش ،كانت الطريق الطويلة تخاتل المنعرجات والكدى والشعاب ،ونحن نخاتل هذا الخلق الزاهي المبهر ،نغرف من بهائه دون استثناء ،...

أزرو :

حطت فراشة أزرو أمام أعيننا بأجنحتها الجميلة ،تطوقها سحنة خضراء من النخيل والعرعار وحب الملوك والتوت ..

تتغنى بحلتها الطبيعية ،التي ألبستها غابةً مخملية بديعة ،تطوق بدهشتها عشقَ الزائرين ،من بين الأغصان تطل أشعة الشمس تلامس جباهنا برفق دافئ ،ونسائم الهواء الهادئة ،تباغتنا بين الحين والآخر بمصافحة وترحيب إكرامي كبير ..

تركنا أزرو يغيب شبحها في مرامي المسافات الشاسعة ،لنطلق العنان إلى أيموزار ...

أيموزار

استوقفتنا على ضاحية الجمال بفستانها الفستقي الفضفاض ،المنقوش بأشجار التوت ..دخلنا فردوسها العظيم فاتحين دون استئذان ،نتطلع إلى هذا الجسد الممشوق برشاقته وبهائه في كنف جنان سامقة ،كانت تتلقفنا لتروي لهفة عطشنا برونقها الرائع ،وسَمعُنا مسنود إلى شقشقة الطيور ،وشدو البلابل ،وحفيف الأوراق ،وطنين النحل ..وبين الهضاب الخضراء تستنبت منازل بأسقفها الهرمية القرموطية تحسبا للثلج ،و من بين الفروع الخضراء تنبثق القمم الشاهقة تلوح بمناديل الحب والتودد ..

إفران

كانت عجلات السيارة تلعق غبار الطريق ،وأعيننا مشدودة إلى هذا السحر الرباني العظيم ،نغرف من التلال والجبال والأنهار والأودية كمشة من المتعة الفيروزية ،نقتل بها رواسب الماضي العتيقة ،وتراكمات الأيام المجحفة ،وعلل الحاضر المتفاقمة ،كنا أحيانا نتساءل ،كيف بنا ،حين نعود إلى أوضاعنا المثقوبة ،ويغوص بريق هذه النزهة الرائعة في تجدد الجراح ؟؟ كانت أطياف الأوجاع تبرق وتختفي، في مرآة هذا الفضاء الجميل ،إفران لاتختلف عن إيموزار إلا لماما ،نفس الملمس تقريبا ...تتقاسمان بهاء الاخضرار ،وروعة هندسة المنازل ،ودفء الجو...فمن أين لك أيها الشقي أن تستمتع بفردوس الحياة والجيب خاو طاو، يئن من الفراغ ؟؟؟..هنا استحضرت قصة الغني والفقير، التي كانت توشح أذهاننا بالأكاذيب :الفقير ينام هادئا مطمئنا سعيدا ،بينما الغني يقضي ليله تعيسا يحصي أمواله ،هههههههه اضحك معي على نكتة التهريج هاته...

جامعة الأخوين

من بين الأدغال نبتت جامعة الأخوين ،وما أدراك ماجامعة الأخوين، بأسقفها الهرمية الشاهقة ،كالعروس بين وصيفاتها ..عرفت كيف تنتقي عرشها على كف هذا البهاء...فلاحت لي أطياف المدارس الشعبية المهمشة المهشمة ،المظللة بالبؤس والنحس ،والتي تداري كسور نوافذها بأحلاس (كارطونية) ،أو قصاصات بلاستيكية ،اتقاء الشمس أو البرد ،فشتان بين المؤسستين ،وبين المكانين ،وبين الطالبين ،وبين "بن كيران" و" بوعزة "على أي فمهما عاش الإنسان لابد له من القبر ،قولة ترددها الألسن ،وبماذا نعيش هذا العمر حتى القبر ؟أليس من حقنا أن نعيشه في الرفاهية مثل خلق الله ؟؟؟فلله في خلقه شؤون ،ولبعض الإنسان في دنياه شؤون ..مشطنا جامعة الأخوين بآخر نظرة ،وأمسكنا بقارات المسافة الشاسعة ،نتلوى بين مطاويها ...والواحات تتقافز أمامنا بنخلها الأخضر ،ومنازلها الأرجوانية ،ننغمس بأعجوبة في سحرها ،فنرشف نبيذها المشتهى ،والسكينة المطلقة تكسرها أحيانا جلبة الراكبين ،أو رنين الهواتف النقالة ...

مدينة الريش

كان الشوق متلهفا إلى رؤية ماوراء حجابها ،وكيف ستكشف صناديق الوقت عن مكنوناتها المتبقية ؟؟؟...نزلنا من السيارات ،لنستحم بماء هذه المدينة المقذوفة بين وجع التهميش ،وتكالب الإقصاء ،كنت أتمعن في جسدها المخدوش،الذي بقدر ماحباه الله من جمال ،بقدر مااختلس منه بعض الإنسان نبيذه المعتق ،ووشحه بعناقيد الثقوب ،..وعلى العتبات راكَم َ سلالات الإملاق ...أما السكان ،فبمجرد ماتتمعن في وجوههم ،تدرك أن نظراتهم الذابلة تخفي خلفها عوالم مليئة بالرصاص ... تناولنا الطاجين المغربي بنكهته اللذيذة ..ثم أمسكنا بناصية الطريق ...

الراشيدية

..كان ثعبان جولتنا كلما مدّ رأسه يتمطط ويتمدد،وحجر الزاوية هو محاميد الغزلان ،نزلنا بهذه المنطقة المطوقة بأهلة الجبال وأقراط التلال،تداهمنا شوارعها العريضة وأسواقها الغناء، التي تنبئ بحضارة تعيشها هذه الرقعة.. وعن قرب تلمسنا بعدا متميزا عما رأيناه من قبل...فرغم بساطتها ،فهي مدينة ترفل في الأناقة بكل ماتستدعيه هندسة المعمار ،ونبل أخلاق السكان ..جبناها رقعة رقعة، نستشف في حرارتها نقاء الهواء وصفاءه ... اقتنينا منها تذكارا ،اعتبرناه جرسا سيدق يوما عالمنا إذا ما تغمده النسيان ..

محاميد الغزلان

أقلنا الحافلة التي كان يسوقها "ميشال " :هذا الجرو الأشقر (قيلت دلعا وليس تحقيرا )الذي يدرك كيف يسعفنا من بوهيميا الطريق ،ووعرة المنحدرات ،كان كلما استفرد به الخطر ،يوقفها ويأخذ في التقاط الصور ،وحين ينتهي يضعها جانبا، وهو يقهقه ...ثم يتفرس في حدائق الجمال المبعثرة هنا وهناك ،حين يخيم الصمت، تمزقه أنفاس النيام وشخيرهم، أو أهازيج وطرب النصرانيات مقلدات في ذلك المغاربة ،مرفوقة بأغاني فرنسية ،وأخرى شعبية مغربية،لم نشعر بأتعاب الطريق ولا متاهاتها الوعرة ،ولا كيف كانت عقارب الساعة تلوي عنق الوقت ليا ..

هاهي محاميد الغزلان تطل من بين الشقوق الصخرية عارية ،متوجة ببهائها الصحراوي ،واحة تربعت على عرش الجنوب الشرقي من المغرب،تحادي ضفاف الجزائر الشرقية والجزء الأكبر منها في أراضيها...
. تحيط بجيدها قلائد من الجبال ، مرشوقة بحافات شديدة الانحدار .وسلاسل من الهضاب ،مرصعة بمجاري بعض العيون ،والآبار...أما تشكيلة سكانها فهو خليط من العرب والأمازيغ ،رضعوا جميعهم من تدي واحد ، قشدة الحب والكرم والمودة ،يضمهم رحم واحد على مواجهة قساوة الطبيعة ،ليستوطنوها جنانَ عدن دانية القطوف ..وعلى الرغم من صغر المدينة فهي كالقصة القصيرة جدا ، شديدة التكثيف ،تعض في جلدها لتخلق منشآت ،ومؤسسات عمومية ،فتسد حاجيات سكانها بطرق فخمة ،نابشة الصخر بأظافرها الطرية لاستخراج الزيت ..

الخاتمة :

ماذا يسعني أن أقول من خلال مادونته عيني ،وما اعتنقته روحي وماجمعته مشاعري من صيد ثمين ،من مناطق زاهية يحجبها بعد المسافة ،وتُغبيها قرائن الجهل بها ، وتقيم بيننا وبينها قلة ذات اليد حواجزَ شاهقة؟؟؟ ،فلا ننعم بجمالها ،ولانبالي بوضعية سكانها ،هل العيب منا أم هي قدرة مشلولة لاحول لها ولاقوة؟؟ ..

أم هو تجاهل وإقصاء وتهميش ،؟؟؟؟؟



مالكة عسال

بتاريخ 30/06/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
في الطريق إلى محاميد الغزلان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الرسالة التي ضلت الطريق في البحر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مدارات :: مدارات سردية :: مدار أدب الرحلة-
انتقل الى: